جلسة 3 من سبتمبر سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ وجيه أديب نائب رئيس المحكمة.
وعضوية السادة القضاة/ سمير سامي ومجدي عبد الرازق نائبي رئيس المحكمة وعادل غازي وحسام مطر.

(64)
الطعن رقم 9529 لسنة 4 القضائية

(1) جريمة " أركانها ". خطأ. قتل خطأ. رابطة السببية. حكم " بيانات حكم الإدانة " " ما يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه. تسبيب معيب ".
حكم الإدانة. بياناته؟
الخطأ. هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية.
حكم الإدانة في جريمة القتل الخطأ. ما يلزم لصحته؟
مثال للتسبيب المعيب في حكم صادر بالإدانة بجريمة قبل خطأ.
(2) محكمة النقض " سلطتها " " نظرها الطعن والحكم فيه " " نظرها موضوع الدعوى ". نقض " الطعن للمرة الثانية ".
نقض الحكم للمرة الثانية وصلاحية الدعوى للفصل في موضوعها دون حاجة لتحديد جلسة أخرى. أثره: تعرض محكمة النقض لموضوع الدعوى. أساس ذلك؟
(3) محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى ". خطأ. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر عنصر الخطأ ". قتل خطأ.
تعلق المجني عليه بمقطورة الجرار قيادة المتهم وسقوطه أسفل عجلتها محدثة إصابته دون أن يراه المتهم. مقتضاه: انتفاء الخطأ من جانب المتهم وامتناع مسئوليته عن الحادث.
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل خطأ.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على مجرد قوله " المحكمة تطمئن إلى نسبه الاتهام للمتهم أخذًا من أقواله بمحضر جمع الاستدلالات من تعلق الطفل وسقوطه أسفل المقطورة وهو ما يؤدي إلى ثبوت الخطأ في حق المتهم لعدم اتخاذه الحيطة والحذر عند قيادته لمركبة داخل المدينة وتأخذه المحكمة بجريمته "، لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها، وأن يشير الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وهو بيان جوهري اقتضته شرعية الجرائم والعقاب، وإلا كان قاصرًا وباطلاً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للمركبة وكيف أنه كان من شأن هذه القيادة التسبب وفي وقوع الحادث، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث، واثر ذلك على قيام رابطة السببية ليتسنى من بعد بيان مدى قدرة المتهم قائد المركبة في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي وقوعه، وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية، كما خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن، فإن الحكم يكون مشوبًا بعيب القصور في التسبيب والبطلان، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
2 - لما كان الطعن مقدمًا لثاني مرة، وكانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها، فإن المحكمة تعرض لموضوع الدعوى عملاً بحقها المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007.
3 - لما كانت واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق تتحصل فيما ورد بمحضر الضبط من أنه قد وردت إشارة من المركز بوقوع حادث جرار زراعي بناحية ...... نتج عنه إصابة طفل صغير يدعى/ ........ وتم نقله للمستشفى بمعرفة الأهالي وقد توفى متأثرًا بإصابته، وبسؤال المتهم/ ....... قائد الجرار الزراعي قرر بأنه أثناء سيره بالشارع أمام ....... بجرار بمقطورة بسرعة عادية سمع صوت صراخ فتوقف وعلم من الأهالي أن الطفل المجني عليه كان متعلق في المقطورة من الخلف فانزلقت يده ووقع تحت عجلة المقطورة من الخلف وحدثت إصابته، وأضاف بأنه لم يشاهد المجني عليه أثناء تعلقه بالمقطورة ولم يصطدم به وأن المجني عليه هو الذي انزلقت يده، وبسؤال/ ...... - والد المجني عليه - قرر أنه أثناء وجوده بالمنزل أُبلغ من الأهالي بأن جرار زراعي خبط ابنه بالطريق وأنه توفي نتيجة الحادث، وبسؤال/ ..... - والد المتهم - قرر بأنه لم يشاهد الحادث وإنما سمع من الأهالي أن المجني عليه أثناء تعلقه بالعربة الخاصة بالجرار انزلقت يده وسقط أسفل العجلات، وثبت من التقرير الطبي للمجني عليه إصابته بجرح رضي بفروة الرأس والجبهة ووجود نزيف من الأنف والفم والإذن وأن سبب الوفاة صدمة عصبية شديدة بسبب نزيف المخ من اصطدام الرأس والجبهة بجسم صلب، وثبت من المعاينة لمكان الحادث وجود بقع صغيرة من الدماء خلف مكان وجود الجرار، كما أثبت بالرسم الكروكي لمكان الحادث وجود المجني عليه قبل نقله للمستشفى خلف مقطورة الجرار، ومن حيث إن المحكمة تطمئن إلى تصوير المتهم للواقعة إذ لا يوجد في الأوراق تصوير آخر للحادث، وهو أنه حال قيادته للجرار تعلق الطفل المجني عليه بمقطورة الجرار من الخلف فانزلقت يده ووقع تحت عجلة المقطورة من الخلف وحدثت إصابته، وأنه لم يشاهد المجني عليه أثناء تعلقه بالمقطورة، وهو ما يدل على أن المتهم لم يشب مسلكه ثمة خطأ، ويؤيد ذلك ما جاء بالمعاينة والرسم الكروكي لمكان الحادث من وجود آثار دماء خلف مكان وجود الجرار. وأن مكان وجود المجني عليه قبل نقله للمستشفى كان خلف مقطورة الجرار، فضلاً عن أن الأوراق قد خلت من أي تصوير آخر للواقعة، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وإذ انتفى الخطأ امتنعت المسؤولية، ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى أن الحادث لم يكن للمتهم يد في حصوله أو في قدرته منعه من جراء مسلك المجني عليه، ومن ثم تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه، ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى المدنية، فإن المحكمة وقد انتهت إلى عدم ثبوت ركني الخطأ ورابطة السببية بينه والنتيجة، المستوجبان لمساءلة المتهم جنائيًا عن جريمة القتل الخطأ التي أُسندت إليه، فٍإن الدعوى المدنية التابعة لها والمسندة عليها تكون على غير أساس، ومن ثم فإن المحكمة تقض برفضها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: 1 - تسبب خطأ في وفاة المجني عليه/ ...... بأن قاد الجرار الزراعي بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فاصطدم بالمجني عليه محدثًا إصابته المبينة بالأوراق والتي أودت بحياته. 2 - قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر.
وادعى/ ..... - والد المجني عليه - مدنيًا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
ومحكمة جنح ..... الجزئية قضت حضوريًا بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني واحد وخمسين جنيه تعويض مدني مؤقت.
فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة ..... الابتدائية – مأمورية ...... الاستئنافية - قضت غيابيًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وعارض المحكوم عليه في هذا الحكم، وقضت ذات المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون جنح النقض - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة
ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت بقبول ورفض وتأييد.
فطعنت الأستاذة/ ........ المحامية بصفتها وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والبطلان، ذلك بأنه لم يستظهر عنصر الخطأ بما يوفره في حق الطاعن، وأغفل الإشارة إلى مواد القانون التي حكم بموجبها، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على مجرد قوله " المحكمة تطمئن إلى نسبه الاتهام للمتهم أخذًا من أقواله بمحضر جمع الاستدلالات من تعلق الطفل وسقوطه أسفل المقطورة وهو ما يؤدي إلى ثبوت الخطأ في حق المتهم لعدم اتخاذه الحيطة والحذر عند قيادته لمركبة داخل المدينة وتأخذه المحكمة بجريمته "، لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه الاستدلال بها وسلامة مأخذها، وأن يشير الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وهو بيان جوهري اقتضته شرعية الجرائم والعقاب، وإلا كان قاصرًا وباطلاً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للمركبة وكيف أنه كان من شأن هذه القيادة التسبب وفي وقوع الحادث، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث، وأثر ذلك على قيام رابطة السببية ليتسنى من بعد بيان مدى قدرة المتهم قائد المركبة في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي وقوعه، وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية، كما خلا من ذكر نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعن، فإن الحكم يكون مشوبًا بعيب القصور في التسبيب والبطلان، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
لما كان ذلك، وكان الطعن مقدمًا لثاني مرة، وكانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها، فإن المحكمة تعرض لموضوع الدعوى عملاً بحقها المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق تتحصل فيما ورد بمحضر الضبط من أنه قد وردت إشارة من المركز بوقوع حادث جرار زراعي بناحية ...... نتج عنه إصابة طفل صغير يدعى/ .......... وتم نقله للمستشفى بمعرفة الأهالي وقد توفي متأثرًا بإصابته، وبسؤال المتهم/ ...... قائد الجرار الزراعي قرر بأنه أثناء سيره بالشارع أمام ....... بجرار بمقطورة بسرعة عادية سمع صوت صراخ فتوقف وعلم من الأهالي أن الطفل المجني عليه كان متعلق في المقطورة من الخلف فانزلقت يده ووقع تحت عجلة المقطورة من الخلف وحدثت إصابته، وأضاف بأنه لم يشاهد المجني عليه أثناء تعلقه بالمقطورة ولم يصطدم به وأن المجني عليه هو الذي انزلقت يده، وبسؤال/ ...... - والد المجني عليه - قرر أنه أثناء وجوده بالمنزل أُبلغ من الأهالي بأن جرار زراعي خبط ابنه بالطريق وأنه توفي نتيجة الحادث، وبسؤال/ ..... - والد المتهم - قرر بأنه لم يشاهد الحادث وإنما سمع من الأهالي أن المجني عليه أثناء تعلقه بالعربة الخاصة بالجرار انزلقت يده وسقط أسفل العجلات، وثبت من التقرير الطبي للمجني عليه إصابته بجرح رضي بفروة الرأس والجبهة ووجود نزيف من الأنف والفم والإذن وأن سبب الوفاة صدمة عصبية شديدة بسبب نزيف المخ من اصطدام الرأس والجبهة بجسم صلب، وثبت من المعاينة لمكان الحادث وجود بقع صغيرة من الدماء خلف مكان وجود الجرار، كما أثبت بالرسم الكروكي لمكان الحادث وجود المجني عليه قبل نقله للمستشفى خلف مقطورة الجرار، ومن حيث إن المحكمة تطمئن إلى تصوير المتهم للواقعة إذ لا يوجد في الأوراق تصوير آخر للحادث، وهو أنه حال قيادته للجرار تعلق الطفل المجني عليه بمقطورة الجرار من الخلف فانزلقت يده ووقع تحت عجلة المقطورة من الخلف وحدثت إصابته، وأنه لم يشاهد المجني عليه أثناء تعلقه بالمقطورة، وهو ما يدل على أن المتهم لم يثبت مسلكه ثمة خطأ، ويؤيد ذلك ما جاء بالمعاينة والرسم الكروكي لمكان الحادث من وجود آثار دماء خلف مكان وجود الجرار، وأن مكان وجود المجني عليه قبل نقله للمستشفى كان خلف مقطورة الجرار، فضلاً عن أن الأوراق قد خلت من أي تصوير آخر للواقعة، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وإذ انتفى الخطأ امتنعت المسؤولية، ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى أن الحادث لم يكن للمتهم يد في حصوله أو في قدرته منعه من جراء مسلك المجني عليه، ومن ثم تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى المدنية، فإن المحكمة وقد انتهت إلى عدم ثبوت ركني الخطأ ورابطة السببية بينه والنتيجة، المستوجبان لمساءلة المتهم جنائيًا عن جريمة القتل الخطأ التي أُسندت إليه، فٍإن الدعوى المدنية التابعة لها والمسندة عليها تكون على غير أساس، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفضها.