جلسة 12 من مايو سنة 2014

برئاسة السيد المستشار/ زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مهاد خليفة, على نور الدين الناطوري, ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة وياسر جميل.

(28)
الطعن رقم 20221 لسنة 83 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيب. تسبيب غير معيب"
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة على نحو كاف يتحقق به حكم القانون. لا قصور.
مثال.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله وتناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. حد ذلك؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه.
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحًا محددًا.
نعي الطاعنين في عبارة مرسلة مبهمة بعدم اتفاق أقوال الشاهد الثالث مع الشاهد الثاني في الوقائع موضوع الشهادة. غير مقبول.
(4) استدلالات. إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت قد عرضت على بساط البحث.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
الاختلاف على وقت وقوع الجريمة. لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطق الحكم واستدلاله.
(6) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة.
(7) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بالتفات المحكمة عن الدفع ببطلان الاعتراف. غير مقبول. ما دام الحكم لم يستند لدليل مستمد منه في قضائه بالإدانة.
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي لزومًا لإجرائه. غير مقبول.
مثال.
(9) سلاح. قانون "تفسيره". إثبات "خبرة". سرقة. إكراه. ارتباط. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة الأشد". حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة والمششخنة. ماهيته؟
مجرد قول الشهود أن المطعون ضده كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة أو ضبط مظروف فارغ مما يستخدم على هذه البنادق. غير كاف لاعتبار السلاح مششخنًا. علة ذلك؟
إدانة المطعون ضده بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن لا يجوز الترخيص بع وإنزال مواد العقاب المقررة لها قانونًا دون ضبط السلاح المستخدم في الجريمة وفحصه فنيًا. خطأ في تطبيق القانون. وجوب أخذه بالقدر المتيقن في حقه وهو إحراز سلاح ناري ومعاقبته بالمادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 والجدول رقم (2) الملحق به. إعمال الارتباط في حق المطعون ضده ومعاقبته بعقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه ذات العقوبة الأشد. أثره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أنه وأثناء عودة المجني عليه - سكرتير نيابة قسم..... - إلى سراي النيابة بعد حضور الجلسة بمحكمة قسم.... ومعه القضايا أرقام......, ......, ......, ...... جنح ......, مستقلاً السيارة قيادة الشاهد الثاني وبرفقته الشاهد الثالث, اعترض الطاعنون طريقهم بسيارة كانوا يستقلونها, وأشهر الطاعن الأول في وجهه بندقية آلية وأجبره على النزول من السيارة مهددًا إياه بإطلاق النار عليه إن لم يمتثل, ولما حاول المجني عليه مقاومته تعدى عليه الطاعن الثاني بمطواة قرن غزال كان يحملها, فأوقعوا الرعب والخوف في نفسه وشلُّوا مقاومته وأجبروه على ركوب سيارتهم وانطلقوا به, ثم ألقوا به في الطريق بعد أن استولوا منه على القضايا المذكورة وهاتفه المحمول ولاذوا بالفرار. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات, ومن أقوال ضابط المباحث وتحرياته, ومن تقرير الأدلة الجنائية, وهي أدلة سليمة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, وأورد الحكم مؤدي أدلة الإثبات على نحو كاف يتحقق به حكم القانون, ولما كان ذلك, وكان فيما أورده الحكم فيما تقدَّم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها, وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله, أو تناقض راوية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه, وما دام لم يركن إلى تلك التفصيلات في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها, هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحًا محددًا, ولما كان الطاعنون لم يكشفوا عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثالث مع أقوال الشاهد الثاني في الوقائع موضوع الشهادة, وجاءت عبارتهم في هذا الشأن مرسلة مبهمة, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول.
4 - لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية, ما دامت قد اطمأنت إلى جديتها وصحتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
5 - وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان الاختلاف على وقت وقوع الجريمة على النحو المشار إليه بأسباب الطعن - بفرض حصوله - لا أثر له في عقيدة المحكمة, ولا في منطق الحكم واستدلاله, فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
6 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها, فإن النعي على الحكمة التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن الثالث للتدليل على عدم تواجده على مسرح الجريمة يكون غير مقبول.
7 - لما كان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم, ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعترافات المدعى ببطلانها, وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وتقرير الأدلة الجنائية, فإنه لا محل لهذا الوجه من الطعن.
8 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات, وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُلِيَت, ولم يثبت أن الطاعنين قد اعترضوا على ذلك, فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلَب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه.
9 - لما كان معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر, المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل, وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور, وهو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة, دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه, وهي مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح من الداخل بواسطة أحد المختصين فنيًا, لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة, حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق, وتطبيق القانون على الوجه الصحيح, فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن المطعون ضده كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة, أو ضبط مظروف فارغ عيار 7.62 × 39 مما تستخدم على هذه البنادق. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح, بالطريق العام, وإحراز سرح ناري مششخن "بندقية آلية" لا يجوز الترخيص له, وعاقبه بالمادتين 314, 315 من قانون العقوبات, والمواد 1/ 1, 2, 6, 25 مكرر/ 1, 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم من الجدول رقم (3) الملحق به, وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط, ولم يجر فحصه فنيًا, ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المشخخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور, فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ المطعون ضده بالقدر المتقين في حقه, وهو أنه كان يحرز سلاحًا ناريًا, ويعاقبه بالمادة 26 من القانون سالف الذكر, والجدول رقم (2) الملحق به, ولما كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه, مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة, بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق المطعون ضده ما تقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن المشدد خمس سنوات, وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة لسرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات, وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد, فإنه لا جدوى من النقض والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين في قضية الجناية .... بأنهم: 1 - سرقوا ملفات القضايا أرقام....., ......, ......, ...... المملوكة للنيابة العامة وكذا الهاتف الجوال لـ/ .... "سكرتير نيابة قسم....." وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استوقفوه بالطريق العام حال عودته إلة سراي النيابة من جلسة نظر تجديد حبس المتهمين في تلك القضايا بمحكمة .... وأشهر المتهم الأول في وجهه سلاحًا ناريًا "بندقية آلية" مهددًا إياه بالقتل إن لم يمتثل لأمره بتسليمهم القضايا سالفة الذكر وما أن رفض حتى ضربه الثاني بسلاح أبيض "مطواة" ثم ألقوه عنوة إلى داخل سيارتهم وفروا بها هاربين وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شلِّ مقاومته والاستيلاء على المنقولات سالفة الذكر حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة للشدِّ من أزرهما وقد ترك ذلك الإكراه أثر الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق.
2 - قبضوا على المجني عليه سالف الذكر واحتجزوه داخل السيارة قيادتهم وحرموه من حريته فترة من الزمن هددوه خلالها بالقتل وذلك بدون أمر أحد الحكام المختصين وفي غير الأحوال التي تصرِّح فيها القوانين واللوائح.
3 - استعملوا القوة والعنف والتهديد مع المجني عليه سالف الذكر حال كونه موظفًا عامًا "سكرتير نيابة قسم....." لحمله بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو الحفاظ على ملفات القضايا آنفة البيان بأن أشهر المتهم الأول في وجهه سلاحًا ناريًا "بندقية آلية" وهدده بالقتل وضربه الثاني بسلاح أبيض "مطواة" فأحدثوا إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق لإجباره على تسليمهم تلك القضايا لكونهم من ضمن المتهمين فيها وقد بلغوا بذلك مقصدهم حال حمل المتهمين الأول والثاني للأسلحة سالفة.
4 - استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف والتهديد ضد المجني عليه سالف الذكر وذلك بقصد ترويعه وتخويفه بإلحاق أذى مادي به للتأثير في إرادته بغرض السطوة عليه وإرغامه على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو الحفاظ على ملفات القضايا التي أوكل بحفظها بأن أشهر المتهم الأول في وجهه سرحًا ناريًا "بندقية آلية" مهددًا إياه بالقتل مطلقًا منه عيارًا ناريًا في الهواء ليحول دون نجدته وضربه الثاني بسلاح أبيض "مطواة" فأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة للشدِّ من أزرهما قاصدين من ذلك تعطيل تنفيذ القوانين بسرقة تلك القضايا المتهمين فيها وقد كان من شأن ذلك الفعل والتهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه وتعريض حياته وسلامته للخطر حال حملهم للأسلحة السالف بيانها وقد ارتكبت الجرائم محل الاتهام السابق بناء على ارتكابهم لتلك الجريمة.
5 - المتهم الأول: أ - سلاحًا ناريًا مششخن "بندقية آلية" مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. ب - أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري السالف حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
6 - المتهم الثاني: أحرز سلاح أبيض "مطواة قرن غزال" بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول والثاني والرابع والخامس وغيابيًا للثالث والسادس في ...... عملاً بالمواد 137 مكرر أ/ 2, 1, 151, 152, 280, 282, 314, 315, 375 مكرر, 375 مكرر أ/ 1 من قانون العقوبات, والمواد 1/ 1, 2, 6, 25 مكرر/ 1, 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978, 101 لسنة 1980, 165 لسنة 1981, 6 لسنة 2012 والبند رقم (5) من الجدول رقم "1" والبند (7) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول المعدل, مع إعمال المادة 32 من القانون الأول بالنسبة للمتهمين الأول والثاني بمعاقبة كل منهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه.
فقرر المحكوم عليهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض .....إلخ.
كما قررت النيابة العامة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ......إلخ.


المحكمة

أولاً: بالنسبة للطعن المقدَّم من المحكوم عليهم..... و..... و..... و.......:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون, ومن ثم يتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح, بالطريق العام, حالة كون اثنين منهم يحملان أسلحة, والقبض على المجني عليه وحجزه في غير الأحوال المنصوص عليها في القانون, واستعمال القوة والعنف مع موظف عام لحمله على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته, ودان الطاعن الأول أيضًا بإحراز سلاح ناري مششخن "بندقية آلية" لا يجوز الترخيص بها, والطاعن الثاني - أيضًا - بإحراز سلاح أبيض "مطواة قرن غزال" دون ضرورة شابه القصور في التسبيب, والفساد في الاستدلال, وران عليه الإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى, وأدلة الثبوت عليها ومؤداها, والتفت عن الدفع بانتفاء أركان الجريمة, وعوَّل على أقوال الضابط وشهود الإثبات رغم تناقضها, وأحال في بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني رغم الخلاف بينهما, وعوَّل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها, وعدم صلاحيتها دليل إدانة, وأورد بمدوناته أن الحادث وقع الساعة 15: 4 مساء يوم....... على خلاف الثابت في الأوراق من أنه كان الساعة الواحدة ظهرًا, والتفت الحكم عن المستندات المقدمة من الطاعن الثالث ودلالتها على عدم تواجده على مسرح الجريمة, كما التفت عن الدفع ببطلان اعترافات الطاعنين لكونها وليدة إغراء, وقضى بالإدانة دون سماع شهود الإثبات, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أنه وأثناء عودة المجني عليه - سكرتير نيابة قسم..... - إلى سراي النيابة بعد حضور الجلسة بمحكمة قسم.... ومعه القضايا أرقام......, ......, ......, ...... جنح ......, مستقلاً السيارة قيادة الشاهد الثاني وبرفقته الشاهد الثالث, اعترض الطاعنون طريقهم بسيارة كانوا يستقلونها, وأشهر الطاعن الأول في وجهه بندقية آلية وأجبره على النزول من السيارة مهددًا إياه بإطلاق النار عليه إن لم يمتثل, ولما حاول المجني عليه مقاومته تعدى عليه الطاعن الثاني بمطواة قرن غزال كان يحملها, فأوقعوا الرعب والخوف في نفسه وشلُّوا مقاومته وأجبروه على ركوب سيارتهم وانطلقوا به, ثم ألقوا به في الطريق بعد أن استولوا منه على القضايا المذكورة وهاتفه المحمول ولاذوا بالفرار. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات, ومن أقوال ضابط المباحث وتحرياته, ومن تقرير الأدلة الجنائية, وهي أدلة سليمة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, وأورد الحكم مؤدي أدلة الإثبات على نحو كاف يتحقق به حكم القانون, ولما كان ذلك, وكان فيما أورده الحكم فيما تقدَّم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها, وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله, أو تناقض راوية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه, وما دام لم يركن إلى تلك التفصيلات في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون في غير محله. ولما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها, هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحًا محددًا, ولما كان الطاعنون لم يكشفوا عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثالث مع أقوال الشاهد الثاني في الوقائع موضوع الشهادة, وجاءت عبارتهم في هذا الشأن مرسلة مبهمة, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية, ما دامت قد اطمأنت إلى جديتها وصحتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - , وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان الاختلاف على وقت وقوع الجريمة على النحو المشار إليه بأسباب الطعن - بفرض حصوله - لا أثر له في عقيدة المحكمة, ولا في منطق الحكم واستدلاله, فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها, فإن النعي على الحكمة التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن الثالث للتدليل على عدم تواجده على مسرح الجريمة يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم, ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعترافات المدعى ببطلانها, وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وتقرير الأدلة الجنائية, فإنه لا محل لهذا الوجه من الطعن. ولما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات, وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُلِيَت, ولم يثبت أن الطاعنين قد اعترضوا على ذلك, فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلَب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه, لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: بالنسبة للطعن المقدَّم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة في القانون, ومن ثم يتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتي السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح, وإحراز سلاح ناري مششخن "بندقية آلية" مما لا يجوز الترخيص به, خالف القانون وأخطأ تطبيقه؛ ذلك بأن الحكم أعمل في حق المطعون ضده ما يقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات, إلا أنه لم يُنزِل عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي عقوبة إحراز السلاح الناري المششخن "بندقية آلية" الذي لا يجوز الترخيص به.
لما كان ذلك, وكان معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر, المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل, وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور, وهو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة, دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه, وهي مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح من الداخل بواسطة أحد المختصين فنيًا, لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة, حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق, وتطبيق القانون على الوجه الصحيح, فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن المطعون ضده كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة, أو ضبط مظروف فارغ عيار 7.62 × 39 مما تستخدم على هذه البنادق. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح, بالطريق العام, وإحراز سرح ناري مششخن "بندقية آلية" لا يجوز الترخيص له, وعاقبه بالمادتين 314, 315 من قانون العقوبات, والمواد 1/ 1, 2, 6, 25 مكرر/ 1, 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم من الجدول رقم (3) الملحق به, وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط, ولم يجر فحصه فنيًا, ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المشخخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور, فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ المطعون ضده بالقدر المتقين في حقه, وهو أنه كان يحرز سلاحًا ناريًا, ويعاقبه بالمادة 26 من القانون سالف الذكر, والجدول رقم (2) الملحق به, ولما كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه, مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة, بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق المطعون ضده ما تقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن المشدد خمس سنوات, وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة لسرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات, وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد, فإنه لا جدوى من النقض والإعادة, ويكون الطعن المقدَّم من النيابة العامة على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.