المكتب الفني - أحكام النقض - مدني
السنة 57 - صـ 359

جلسة 12 من أبريل سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ شكري العميري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، سامي الدجوي، محمود العتيق نواب رئيس المحكمة وأشرف دغيم.

(73)
الطعن رقم 5878 لسنة 75 القضائية

(1) تأمين " نطاق عقد التأمين ". عقد " بعض أنواع العقود: عقد التأمين ".
عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية. مؤداه. التزام المؤمن له بصدق الإقرارات والبيانات التي يقدمها للمؤمن. الغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر. أثره. بطلان التأمين. التزام المؤمن له بإحاطة المؤمن بجميع البيانات اللازمة لتمكينه من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته وإبلاغه بما يطرأ أثناء العقد من ظروف من شأنها زيادة تلك المخاطر إخلاله بذلك الالتزام. أثره. بطلان عقد التأمين.
(2) حكم " عيوب التدليل: القصور في التسبيب: ما يعد كذلك ". دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة: إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري ".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسبابه الواقعية. مقتضاه. بطلانه. مؤداه. التزام المحكمة بنظر أثر الدفاع المطروح عليها وتقدير مدى جديته لتقف على أثره في قضائها. قعودها عن ذلك. أثره. قصور.
(3) تأمين " التزامات المؤمن عليه ". عقد " بعض أنواع العقود: عقد التأمين ". دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة: إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري ".
تمسك الشركة الطاعنة أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله بطلان عقد التأمين لقيامه على غش من مورث المطعون ضده لإدلائه ببيانات خاطئة عن حقيقة حالته الصحية وتقديمه شهادة صادرة من جهة عملة تفيد إصابته بفشل كلوي قبل إبرام عقد التأمين وحصوله على أجازات مرضية رغم إقراره أن حالته الصحية جيدة. دفاع جوهري. عدم تناول الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ذلك الدفاع إيرادًا وردًا. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التأمين باطلاً، فالمؤمن له ملزم بإحاطة المؤمن عند التأمين بجميع البيانات اللازمة لتمكينه من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته وقد يكون ذلك عن طريق الإجابة على أسئلة محددة في طلب التأمين حيث يسأل المؤمن له عن حقيقة ما يدلى به من بيانات، فإذا كان البيان قد جعله المؤمن محل سؤال محدد ومكتوب فإنه يعتبر جوهريًا في نظره ولازمًا لتقدير الخطر المؤمن منه وعليه أن يبلغ المؤمن بما يطرأ أثناء العقد من ظروف من شأنها أن تؤدى إلى زيادة هذه المخاطر ويترتب على الإخلال بهذا الالتزام أن يقع عقد التأمين باطلاً.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طُرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا.
3 - إذ كانت الشركة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله بطلان عقد التأمين لقيامه على الغش لأن مورث المطعون ضده (المؤمن له) قد أدلى للشركة الطاعنة عند إبرام عقد التأمين ببيانات كاذبة خاطئة عن حقيقة حالته الصحية عند طلب التأمين وركنت في إثبات دفاعها إلى شهادة صادرة من جهة عمل مورث المطعون ضده تفيد بأنه كان مصابًا بالفشل الكلوي قبل إبرامه عقد التأمين معها وحصل على إجازات مرضية لهذا السبب رغم أنه أورد بإقراره أن حالته الصحية جيدة ولم يسبق إصابته بهذا المرض، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التفت عن تناول دفاع الشركة الطاعنة ....... إيرادًا وردًا مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه فضلا عن الإخلال بحق الدفاع بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ....... لسنة 2003 مدني محكمة أسيوط الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى له مبلغ خمسة عشر ألف جنيه والفوائد، وقال بيانًا لذلك إن مورثه ....... كان قد أبرم مع الشركة الطاعنة وثيقة تأمين على الحياة في 1/ 8/ 2001 برقم ....... قيمتها خمسة عشر ألف جنيه تدفع للمطعون ضده - باعتباره المستفيد الوحيد - عند وفاة مورثه، وإذ توفى الأخير في 9/ 1/ 2002 وأصبح مبلغ التأمين مستحقًا له فقد طلب من الشركة الطاعنة الوفاء له به إلا أنها رفضت متعللة بأن مورثه كان قد قدم لها عن عمدٍ - عند تقديم طلب التأمين - بيانات كاذبة عن حقيقة مرضه، فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا فيها، وبعد أن أودع تقريره قضت بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغًا وقدره (15600) جنيها. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ....... لسنة 79 ق. س أسيوط وبتاريخ 6/ 2/ 2005 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي فيها بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاعٍ مؤداه بطلان عقد التأمين لقيامه على الغش لأن مورث المطعون ضده قد أدلى عند إبرام عقد التأمين مثار النزاع ببيانات كاذبة بشأن حالته الصحية وأخفى حقيقة ما يعانيه من مرض وإذ أقر بأنه يتمتع بصحة جيدة رغم ثبوت أنه مصاب بمرض الفشل الكلوي قبل إبرام عقد التأمين وهو ما أقرته جهة عمله، وأثبته الخبير المنتدب في الدعوى بتقريره، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق هذا الدفاع ولم يتناوله إيرادًا وردًا ولم يدل بدلوه فيه رغم أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التأمين باطلاً، فالمؤمن له ملزم بإحاطة المؤمن عند التأمين بجميع البيانات اللازمة لتمكينه من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته وقد يكون ذلك عن طريق الإجابة على أسئلة محددة في طلب التأمين حيث يسأل المؤمن له عن حقيقة ما يدلى به من بيانات، فإذا كان البيان قد جعله المؤمن محل سؤال محدد ومكتوب فإنه يعتبر جوهريًا في نظره ولازمًا لتقدير الخطر المؤمن منه وعليه أن يبلغ المؤمن بما يطرأ أثناء العقد من ظروف من شأنها أن تؤدى إلى زيادة هذه المخاطر ويترتب على الإخلال بهذا الالتزام أن يقع عقد التأمين باطلاً , وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة , إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا. لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله بطلان عقد التأمين لقيامه على الغش لأن مورث المطعون ضده (المؤمن له) قد أدلى للشركة الطاعنة عند إبرام عقد التأمين ببيانات كاذبة خاطئة عن حقيقة حالته الصحية عند طلب التأمين وركنت في إثبات دفاعها إلى شهادة صادرة من جهة عمل مورث المطعون ضده تفيد بأنه كان مصابًا بالفشل الكلوي قبل إبرامه عقد التأمين معها وحصل على إجازات مرضية لهذا السبب رغم أنه أورد بإقراره أن حالته الصحية جيدة ولم يسبق إصابته بهذا المرض، الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التفت عن تناول دفاع الشركة الطاعنة آنف البيان إيرادًا وردًا مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه فضلا عن الإخلال بحق الدفاع بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.