المكتب الفني - أحكام النقض - مدني
السنة 57 - صـ 748

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين حامد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ درويش مصطفى أغا، على محمد إسماعيل، نبيل أحمد عثمان نواب رئيس المحكمة أشرف عبد الحي القباني.

(139)
الطعن رقم 2396 لسنة 76 القضائية

(1 - 3) التزام " انقضاء الالتزام: المقاصة القانونية ". إيجار " إيجار الأماكن " " حظر تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار " " أسباب الإخلاء: الإخلاء لتكرار التأخير في سداد الأجرة: المنازعة في الأجرة ". حكم " عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون ".
(1) تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة الموجب للإخلاء. شرطه. سبق استعمال المستأجر حقه في توقى الإخلاء بالسداد. مقتضاه. المحكمة التي تنظر طلب الإخلاء للتكرار منوط بها دون غيرها التحقق من إساءة المستأجر لاستعمال هذه الرخصة بالسداد بعد رفع الدعوى الموضوعية السابقة. مؤداه. لهذه المحكمة بحث توافر شروط الإخلاء في الدعوى الموضوعية السابقة سواء من حيث صحة التكليف بالوفاء أو وجود أجرة غير متنازع عليها في مقدارها. علة ذلك.
(2) للمالك تقاضى مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين. م 6 ق 136 لسنة 1981. بطلان كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لذلك. التزام كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة برد ما تقاضاه.
(3) تمسك الطاعن بتقاضي مورث المطعون ضدهم - المؤجر - مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وأن المطعون ضدهم مدينون له بما تقاضاه مورثهم منه بالزيادة. مؤداه. تمسكه بالمقاصة القانونية للحكم بالإخلاء. وجوب الفصل في هذه المنازعة قبل الفصل في طلب الإخلاء لعدم سداد الأجرة. اطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع والرد عليه بما لا يواجهه رغم جوهريته. خطأ.
1 - النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 على أن " فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكمت عليه بالإخلاء أو الطرد حسب الأحوال " يدل على أن تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة الموجب للحكم بالإخلاء، لا يتحقق إلا إذا كان المستأجر سبق له استعمال حقه في توقى الحكم بالإخلاء بالسداد، ذلك أن المشرع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - قصد بالنص سالف البيان منع المستأجر من التسويف في سداد الأجرة المرة تلو الأخرى فتكرار استعمال هذه الرخصة بغير مبرر هو وحده الذي يحمل معنى المماطلة والتسويف في مفهوم المادة سالفة الذكر. مما مقتضاه أن المحكمة المرفوع إليها طلب الإخلاء للتكرار هي وحدها دون غيرها المنوط بها التحقق من إساءة المستأجر لاستعمال الرخصة التي خوله المشرع بالسداد بعد رفع الدعوى الموضوعية السابقة متفاديًا بهذا السداد وحده إخلاءً حتميًا بما يقتضيه ذلك من بحث توفر شروط الإخلاء في الدعوى السابقة سواء من حيث صحة التكليف بالوفاء أو وجود أجرة مستحقة غير متنازع في مقدارها لأن هذه العناصر إذا لم تكن قد أثيرت بين الطرفين في دعوى الإخلاء الموضوعية السابقة وفصلت فيها المحكمة بصفة صريحة وكانت لازمة لقضائها فإنها لا تكون محلاً لقضاء سابق حائز لقوة الأمر المقضي من شأنه أن يغنى المحكمة المطروح عليها دعوى التكرار عن نظرها أو يمنعها من ذلك سواء كانت تلك العناصر قد أثيرت ولم تنظرها المحكمة أو نظرتها ولكنها غير لازمة لقضائها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز لمالك المبنى المنشأ اعتبارًا من 30/ 7/ 1981 أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين بالشروط التي نصت عليها المادة السادسة من القانون 136 لسنة 1981 ويقع باطلاً بطلانًا مطلقًا كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لنص المادة المذكورة ويلزم كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة له بردها إلى من أداها، فضلاً عن الجزاءات الأخرى والتعويض عملاً بنص المادة 25 من ذات القانون.
3 - إذ كان البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 6 ق القاهرة - الذي اتخذه الحكم المطعون فيه سندًا للتكرار - أنها رفعت بطلب الحكم بإخلاء عين التداعي من الطاعن لتأخره عن سداد الأجرة، فنازع الأخير فيها إلا أن المحكمة التفتت عن الفصل في تلك المنازعة اكتفاءً بتوقي الطاعن للحكم بالإخلاء بسداد الأجرة المطالب بها، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن عاد في الدعوى الحالية للمنازعة في قيمة الأجرة وطلب ندب خبير لتحديدها وتمسك بتقاضي مورث المطعون ضدهم مقدم إيجار مقداره عشرة آلاف جنيه متجاوزًا مقدم إيجار السنتين الجائز استيفاؤهما قانونًا والذي تأيد بأقوال شاهديه في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف، ومن ثم يكون المطعون ضدهم مدينين بالمبلغ التي تقاضاه مورثهم من الطاعن بالزيادة عن مقدم إيجار السنتين الأمر الذي ينطوي على طلب بإجراء المقاصة القانونية بين هذا الدين الواجب الأداء وبين دين الأجرة المستحقة للمطعون ضدهم قبل الطاعن توقيًا للحكم بالإخلاء ويتعين على محكمة الموضوع أن تحسم هذا الخلاف قبل الفصل في الدعوى، وإذ اطرح الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه هذا الدفاع على سند أنه إما أن يكون هذا الدفاع قد أثير في الدعوى السابقة ومن ثم ليس له الحق في إثارته في الدعوى الراهنة أو أن تكون مجرد منازعة لا تستشعر المحكمة جديتها ولا تعتبرها مبررًا يجيز له التأخير في سداد الأجرة وهو ما لا يصلح ردًا على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - إن ثبت - وجه الرأي في الدعوى بما يعيب الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم ..... لسنة 2004 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من العين المبينة بالصحيفة وتسليمها لهم لتكرار امتناعه عن سداد الأجرة. وجه الطاعن دعوى فرعية إلى المطعون ضدهم بطلب الحكم بإثبات تقاضى مورث المطعون ضدهم مبلغ عشرة ألاف جنيه مقدم إيجار يخصم بواقع خمسين جنيهًا شهريًا، وندب خبير لتحديد القيمة الإيجارية لعين التداعي. حكمت المحكمة بالطلبات في الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 9 ق، وبتاريخ 18/ 1/ 2006 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بطلب ندب خبير لتحديد أجرة عين التداعي، كما طلب إثبات تقاضى مورث المطعون ضدهم مبلغ عشرة آلاف جنيه مقدم إيجار والذي تأيد بأقوال شاهديه أمام محكمة الاستئناف في التحقيق الذي أجرته، غير أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع ورد عليه بما لا يواجهه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 على أن " فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكمت عليه بالإخلاء أو الطرد حسب الأحوال " يدل على أن تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة الموجب للحكم بالإخلاء، لا يتحقق إلا إذا كان المستأجر سبق له استعمال حقه في توقى الحكم بالإخلاء بالسداد، ذلك أن المشرع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - قصد بالنص سالف البيان منع المستأجر من التسويف في سداد الأجرة المرة تلو الأخرى فتكرار استعمال هذه الرخصة بغير مبرر هو وحده الذي يحمل معنى المماطلة والتسويف في مفهوم المادة سالفة الذكر، مما مقتضاه أن المحكمة المرفوع إليها طلب الإخلاء للتكرار هى وحدها دون غيرها المنوط بها التحقق من إساءة المستأجر لاستعمال الرخصة التي خوله المشرع بالسداد بعد رفع الدعوى الموضوعية السابقة متفاديًا بهذا السداد وحده إخلاءً حتميًا بما يقتضيه ذلك من بحث توفر شروط الإخلاء في الدعوى السابقة سواء من حيث صحة التكليف بالوفاء أو وجود أجرة مستحقة غير متنازع في مقدارها لأن هذه العناصر إذا لم تكن قد أثيرت بين الطرفين في دعوى الإخلاء الموضوعية السابقة وفصلت فيها المحكمة بصفة صريحة وكانت لازمة لقضائها فإنها لا تكون محلاً لقضاء سابق حائز لقوة الأمر المقضي من شأنه أن يغنى المحكمة المطروح عليها دعوى التكرار عن نظرها أو يمنعها من ذلك سواء كانت تلك العناصر قد أثيرت ولم تنظرها المحكمة أو نظرتها ولكنها غير لازمة لقضائها، وأنه يجوز لمالك المبنى المنشأ اعتبارًا من 30/ 7/ 1981 أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين بالشروط التي نصت عليها المادة السادسة من القانون 136 لسنة 1981 ويقع باطلاً بطلانًا مطلقًا كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لنص المادة المذكورة ويلزم كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة له بردها إلى من أداها، فضلاً عن الجزاءات الأخرى والتعويض عملاً بنص المادة 25 من ذات القانون. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 6 ق القاهرة - الذي اتخذه الحكم المطعون فيه سندًا للتكرار - أنها رفعت بطلب الحكم بإخلاء عين التداعي من الطاعن لتأخره عن سداد الأجرة، فنازع الأخير فيها إلا أن المحكمة التفتت عن الفصل في تلك المنازعة اكتفاءً بتوقي الطاعن للحكم بالإخلاء بسداد الأجرة المطالب بها، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن عاد في الدعوى الحالية للمنازعة في قيمة الأجرة وطلب ندب خبير لتحديدها وتمسك بتقاضي مورث المطعون ضدهم مقدم إيجار مقداره عشرة آلاف جنيه متجاوزًا مقدم إيجار السنتين الجائز استيفاؤهما قانونًا والذي تأيد بأقوال شاهديه في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف، ومن ثم يكون المطعون ضدهم مدينين بالمبلغ التي تقاضاه مورثهم من الطاعن بالزيادة عن مقدم إيجار السنتين الأمر الذي ينطوي على طلب بإجراء المقاصة القانونية بين هذا الدين الواجب الأداء وبين دين الأجرة المستحقة للمطعون ضدهم قبل الطاعن توقيًا للحكم بالإخلاء ويتعين على محكمة الموضوع أن تحسم هذا الخلاف قبل الفصل في الدعوى، وإذ اطرح الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه هذا الدفاع على سند أنه إما أن يكون هذا الدفاع قد أثير في الدعوى السابقة ومن ثم ليس له الحق في إثارته في الدعوى الراهنة أو أن تكون مجرد منازعة لا تستشعر المحكمة جديتها ولا تعتبرها مبررًا يجيز له التأخير في سداد الأجرة وهو ما لا يصلح ردًا على هذا الدفاع رغم إنه دفاع جوهري قد يتغير به - إن ثبت - وجه الرأي في الدعوى بما يعيب الحكم ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.