المكتب الفنى - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 470

جلسة 4 من أبريل سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمر بريك، فرحان بطران، عبد التواب أبو طالب ومحمد سعيد نواب رئيس المحكمة.

(55)
الطعن رقم 42103 لسنة 75 القضائية

(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب ".
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك ؟
(2) إعدام. محكمة النقض " سلطتها ". نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده ". نيابة عامة.
قبول عرض النيابة العامة للقضية بمذكرة بطلب إقرار الحكم الصادر بالإعدام دون إثبات تاريخ تقديمها ولو تجاوزت الميعاد المقرر قانونًا. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد برأي النيابة العامة.
(3) ترصد. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". سبق إصرار. قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد بالسم مع سبق الإصرار والترصد.
(4) إثبات " اعتراف ". إكراه. دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف ".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه.
تقدير صحة الاعتراف وصدوره وليد إكراه من عدمه. موضوعي.
اطراح الحكم الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه واطمئنانه لصحته ومطابقته للحقيقة والواقع في منطق سائغ وتدليل مقبول. أثره ؟
مثال.
(5) رابطة السببية. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية. موضوعي. حد ذلك ؟
الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه. لا يقطع رابطة السببية. ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية.
مثال لتدليل سائغ في استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابة المجني عليه وبين وفاته.
(6) استدلالات. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع ببطلان القبض ". قبض. مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم ".
الواجبات المفروضة قانونًا على مأموري الضبط القضائي. ماهيتها؟
لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها ويسألوا المتهم عن ذلك. المادة 29 إجراءات.
استدعاء مأمور الضبط للمتهمة وسؤالها بسبب اتهامها في جريمة قتل عمد. حقيقته. طلب حضور. لا يعد قبضًا.
(7) إثبات " بوجه عام ". بطلان. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع ببطلان القبض ". قبض. نقض " المصلحة في الطعن ".
بطلان القبض. لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط. لها أن تعول على الاعتراف اللاحق للمتهم. مؤدى ذلك: انتفاء مصلحة الطاعنة من الدفع ببطلان الضبط.
(8) إثبات " بوجه عام ". إعدام. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". قتل عمد. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
ثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها. لا يشترط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة. للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها. دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبسًا بها.
دفاع الطاعنة بخلو الأوراق من دليل يقينى ضدها يفيد ارتكابها الواقعة. موضوعي.
(9) إثبات " بوجه عام " " شهود ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
حق المحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر. حد ذلك ؟
المنازعة حول قوة الشهادة وأن المجني عليه لم يسأل قبل وفاته. جدل موضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
(10) إثبات " بوجه عام ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنة. تعقبها في كل جزئية من جزئيات دفاعها. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(11) جريمة " أركانها ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي ".
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
مثال لتدليل سائغ في استظهار نية القتل.
(12) حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار ".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ في التدليل على توافر ظرف سبق الاصرار.
(13) ترصد. حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ".
تواجد المتهمة بالمسكن محل الواقعة بالاشتراك مع زوجها المجني عليه المقيم فيه معها وكون ما بدر منها من أفعال مغاير لفعل الانتظار والمكوث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد. مؤداه: عدم توافر هذا الظرف في حقها.
مثال لتسبيب معيب في التدليل على توافر ظرف الترصد.
(14) إعدام. ترصد. سبق إصرار. ظروف مشددة. عقوبة " العقوبة المبررة ". قتل عمد. نقض " المصلحة في الطعن ".
إدانة الطاعنة بجريمة القتل العمد بالسم. كفايته لإنزال عقوبة الإعدام عليها. ولو أخطأ الحكم في استظهار ظرف الترصد. علة ذلك ؟
حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار. إثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
(15) جريمة " أركانها ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". قصد جنائي. قتل عمد.
وقت توافر القصد الجنائي في جريمة القتل. هو وقت إتيان الجاني لفعله المادي دون وقت تحقق النتيجة الإجرامية. العبرة بتوافر نية القتل وقت ارتكاب فعل الاعتداء على الحياة. لا عبرة بانتفائها بعد ذلك أو وقت الوفاة.
مثال.
(16) بطلان. حكم " بطلانه " " بيانات التسبيب ". محكمة النقض " سلطتها ".
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة. لا يترتب عليه بطلان الحكم. حد ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح خطأ الحكم الوارد على مواد العقوبة التي أنزلها على
المتهمة. المادة 40 من القانون 57 لسنة 1959.
مثال.
(17) إعدام. قتل عمد. حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
1 - لما كانت المحكوم عليها وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنها لم تقدم أسبابًا لطعنها فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدها مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريًا بإعدام المحكوم عليها، دون إثبات تاريخ تقديمها، بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون - المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصَّل واقعة الدعوى في قوله: " وحيث تتحصل واقعة الدعوى حسبما استقتها المحكمة من التحقيقات وما دار بجلسة المحاكمة ومطالعة سائر أوراقها من أنه بتاريخ .... من .... سنة .... وأثر خلافات زوجية نشبت بين المتهمة " ...... " وزوجها المجني عليه " ...... " وسوس لها شيطانها فكرة الخلاص من زوجها فعقدت العزم وبيتت النية على قتله عمدًا وتدبرت أمر ذلك في هدوء وروية حيث رسمت وترسمت خطتها الإجرامية بتدبير محكم منظم بكل الممكنات العقلية اللازمة لتنفيذ جريمتها التي لا تقرها الأديان السماوية ولا القوانين الوضيعة وفي تاريخ سابق على الحادث توجهت إلى أحد محلات العطارة لشراء وسيلة تنفيذ جريمتها مبيد حشري (التيمك) والمعروف للكافة (بسم الفئران) والذي تحفظت عليه فترة من الزمن داخل حقيبة يدها الجلدية إلى أن هداها تفكيرها المسموم إلى دسه خلسة وسط الطعام الذي كان يفضله زوجها (سندوتش مسقعة) رغم علمها السابق بأن هذا المبيد الحشري قاتل بطبيعته في الحال إذا ما تناوله أحد الأشخاص ولكن إمعانًا في إجرامها وشدة كيدها لزوجها تمكنت من دسه له وسط طعام الغذاء والذي التهمه لشدة جوعه وحبه لهذا النوع من الطعام قاصدة من ذلك قتله عمدًا فأحدث الأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي عبارة عن هبوط التنفس والقلب نتيجة تناول هذا المركب الكارباماتي العضوي من المبيدات الحشرية (التيمك) والذي نجم عنه وفاة المجني عليه، وقد اعترفت المتهمة تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بسبق تجهيزها للمبيد الحشري (سم الفئران) في تاريخ سابق على الحادث واحتفاظها به فترة من الزمن إلى أن تحينت لها الفرصة وقامت بوضعه داخل الطعام الذي كان يشتهيه زوجها والذي قدمته له قاصدة من ذلك قتله وذلك للخلف العائلي القائم بينهما ولتصالحه مع زوجته الأولى التي كان على خلاف سابق معها ولخوفها الشديد منه على زوج نجلتها المتزوجة حديثًا خشية اتهامه له في واقعة سرقة نقوده ومنقولاته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ". وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم ومن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة وما أثبته تقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وكذا المعاينة التصويرية للجريمة وحصَّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليمًا له أصله الثابت من الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - وخلص الحكم إلى إدانة المتهمة بالجريمة المنصوص عليها في المواد 330، 331، 332، 333 من قانون العقوبات.
4 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المحكوم عليها واطرحه في قوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمة لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي واقع عليها وأنه لا يطابق حقيقة الواقع حيث إنه مملى عليها فهو غير سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن اعتراف المتهمة كان وليد إرادة حرة واعية ودون أي إكراه مادي أو أدبي أو غش أو تدليس أو وعد أو وعيد واقع عليها من أحد من رجالات الشرطة أو النيابة العامة خاصة وأن المتهمة لم تقل بأنها تعرضت لأى نوع من الإكراه منذ فجر التحقيق معها بمعرفة النيابة العامة كما لم يثبت للسيد وكيل النيابة المحقق ثمة ملاحظة أو أية إصابات بجسدها تنبئ من قريب أو بعيد عن تعرضها لمثل هذا الإكراه وجاءت قالة الدفاع مرسلة وعارية الدليل وقصد بها التشكيك في صحة هذا الاعتراف والذي هو عنصر من عناصر الاستدلال ويخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي اطمأنت إلى صحته ولا ينال من ذلك مجرد عدول المتهمة عنه وإنكارها للواقعة بجلسة المحاكمة إذ للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهمة في أية مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إلى صحة هذا الاعتراف سيما وأنه جاء مطابقًا لحقيقة الواقع ومتفق مع ماديات الدعوى وما قرر به شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية والمعمل الكيماوي والمعاينة التصويرية للواقعة , ومن ثم تضحى قالة الدفاع ببطلان الاعتراف وعدم مطابقته لحقيقة الواقعة لا يساندها واقع أو قانون وجاءت مرسلة لا دليل عليها في الأوراق وبعيدة عن محجة الصواب مما يتعين الالتفات عنها ورفضها ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع , وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه , ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها , وكان الحكم المعروض - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المتهمة لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
5 - لما كان الحكم قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابة المجني عليه التي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته بقوله: " وحيث إنه عن قالة الدفاع بانقطاع رابطة السببية بين فعل المتهمة والنتيجة لتداخل عوامل أجنبية أخرى منها الإهمال في علاج المجني عليه بالمستشفى مما نجم عنه وفاته فهو غير سديد ذلك أن المقرر قانونًا أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالعمل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله الذي أتاه عمدًا ويكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية أخرى غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله ونتيجته إذ هو كان عليه أن يتوقعها وقت ارتكاب فعله، ولما كان الثابت من الأوراق وأقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه والذي تطمئن إليه المحكمة والذي قطع بأن وفاة المجني عليه تعزى إلى التسمم الحاد لتناوله مركب كارباماتي عضوي من المبيدات الحشرية (التيمك) (سم الفئران) وما أدى إليه من هبوط بالتنفس والقلب فضلاً عن أن أوراق الجناية جاءت خلوًا من أي دليل تطمئن إليه المحكمة ينبىء من قريب أو بعيد عن وجود إهمال في علاج المجني عليه بالمستشفى أو مجرد تداخل عوامل أخرى غير مألوفة من شأنها أن تقطع علاقة السببية أو كانت هي سبب الوفاة وأن قالة الدفاع جاءت مرسلة لا دليل عليها وقد عجز عن إثباتها رغم أنه هو المكلف بالإثبات، ولو كان جادًا في دفاعه لطلب ضم أوراق علاجه من المستشفى واستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في ذلك، ولما كانت المحكمة تطمئن كل الاطمئنان إلى توافر علاقة السببية بين فعل المتهمة المتمثل في وضع المادة السامة سالف الذكر في الطعام الذي تناوله المجني عليه والنتيجة المتمثلة في وفاته بسبب تناوله لتلك المادة القاتلة بطبيعتها إذا ما تناولها أحد الأشخاص وينجم عنها نتيجة مألوفة توقعتها المتهمة ومن ثم تضحى قالة الدفاع بانقطاع رابطة السببية لوجود إهمال في العلاج وتداخل عوامل أخرى غير مألوفة كانت سببًا في وفاة المجني عليه لا يصادفها واقع أو قانون وجاءت بعيدة عن محجة الصواب مما يتعين الالتفات عنها ". لما كان ذلك، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها , ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه، وكان ما ساقه الحكم - على ما سلف بيانه - يسوغ اطراح دفاع الطاعنة بانتفاء علاقة السببية , وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخى فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية - وهو ما لم تزعمه الطاعنة - ومن ثم يكون الحكم برىء من أي شائبة في هذا الخصوص.
6 - من المقرر أن الواجبات المفروضة قانونًا على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وان يقوموا بانفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأى كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغة إليهم أو التي شاهدوها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المعروض أنه عرض للدفع المبدى من الطاعنة واطرحه تأسيسًا على أن الشرطة أُبلغت بالحادث واتهام المتهمة بارتكابه وعليه قام مأمور الضبط القضائي باستدعائها لسؤالها فاعترفت بما نسب إليها ومن ثم حرر محضرًا بالإجراءات وتم عرضها على النيابة التي تولت التحقيق معها حيث اعترفت بما نسب إليها من اتهام، ومن ثم فاستدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعنة كان بسبب اتهامها في جريمة قتل عمد، ولا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليها بالحضور دون أن يتضمن تعرضًا ماديًا لمن تم استدعاؤها يمكن أن يكون فيه مساس بحريتها الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن في حالة تلبس، فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض.
7 - لما كان الحكم المعروض قد عول - ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت - على اعتراف الطاعنة بتحقيقات النيابة، وكان بطلان القبض - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعنة فيما تثيره من بطلان الضبط تكون منتفية.
8 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها , ومتى رأت الإدانة، كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبسًا بها , ومن ثم فإن ما يثيره المدافع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة من خلو الأوراق من دليل يقينى ضدها يفيد ارتكابها الواقعة، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب , وبذلك يكون الحكم بريئًا من أية شائبة في هذا الخصوص.
9 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المعروض قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للشاهد " ...... " وكذا ما أدلى به الأخير إلى " ...... " وعول على ما نقله كل منهما عن الآخر , فإن ما أثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة من منازعة حول قوة شهادتهما خاصة وأن المجني عليه لم يسأل قبل وفاته يتمخض جدلاً موضوعيًا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنة ولا عليه أن يتعقبها في كل جزئية من جزئيات دفاعها، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها , ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعنة بشأن أقوال الشاهدة " ...... " لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الحكم المعروض قد استظهر نية القتل بقوله: " وحيث إنه عن نية القتل فلما كان المقرر قانونا أن جريمة القتل العمد تتميز بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وتلك المسألة أمر خفي لا تدرك بالحس الظاهر إنما تدرك بالظروف والأسباب المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وحيث لما كان ما تقدم، وكانت المتهمة قد وسوس شيطانها فكرة قتل زوجها عمدًا بالسم لتصالحه مع زوجته الأولى التي كان على خلاف معها ودائب الشكوى منها للخلافات الزوجية التي قامت بينهما ولخوفها الشديد على زوج ابنتها المتزوجة حديثًا خشية اتهامه له في واقعة سرقة نقوده ومنقولاته حيث توجهت في تاريخ سابق على الحادث إلى أحد محلات العطارة وقامت بشراء مبيد حشري (سم فئران) وقامت بدسه خلسة وسط أحد الأطعمة التي يشتهيها زوجها ويحبها (سندوتش مسقعة) وقدمته له رغم علمها السابق بأن المادة المدسوسة سامة وقاتلة بطبيعتها إذا ما تناولها أحد الأشخاص , ولما كانت تلك الأفعال لا تصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصدًا , ومن ثم فإن نية القتل تضحى متوافرة في حق المتهمة سيما وأنها اعترفت صراحة بتحقيقات النيابة العامة بأنها كانت تنوى قتل المجني عليه بسبب الخلف العائلي بينهما ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافيًا وسائغًا في استظهار نية القتل، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن غير سديد.
12 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنة في قوله: " وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فلما كان المقرر قانونًا أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال فظرف سبق الإصرار يتطلب القانون لقيامه توافر عنصرين أساسيين أولهما نفسي ويعني أن يكون الجاني قد أمعن فكره فيما هو عزم عليه ورتب وسائله وتدبر عواقبه ثم أقدم على فعله بعد أن زال منه الغضب وثورة النفس وهذا العنصر يمثل في الواقع ذاتية الإصرار وثانيهما زمني وهذا يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة في ذهن الجاني وعزمه عليها وبين تنفيذها وقد أبرزت المادة 231 من قانون العقوبات هذا العنصر في قولها إن الإصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل ومقدار هذه الفترة الزمنية رهن في كل حالة بما يحقق العنصر الأول أي بما يهيىء للجاني حالة من الهدوء النفسي بما يقال إنه ارتكب الجريمة بعد تدبر وتروٍ وبعد أن زال عنه هياج النفس واضطرابها، ومن ثم فإن هذه المدة قد تقصر وتطول تبعًا للظروف الملابسة، وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المتهمة قد عقدت العزم وبيتت النية على قتل المجني عليه والتخلص منه وتدبرت أمر ذلك في هدوء وروية في تاريخ سابق على الحادث حيث رسمت وترسمت تنفيذ جريمتها النكراء بأسلوب محكم منظم بكل الممكنات العقلية حيث توجهت في تاريخ سابق على الحادث إلى أحد محلات العطارة وقامت بشراء المبيد الحشري (سم الفئران) وتحفظت عليه فترة من الزمن داخل حقيبتها الجلدية حتى تحين لها الفرصة لتنفيذ جريمتها دون أن يشاهدها أحد وقامت بشراء أحد الأطعمة التي يشتهيها زوجها (سندوتش مسقعة) وبعدها دست السم القاتل بطبيعته فيها وقدمته له الذي التهمه لحبه الشديد لهذا النوع من الطعام ولشدة جوعه مما نجم عنه هبوط بالتنفس بقلب المجني عليه مما كان سبب في وفاته ومن ثم يضحى ظرف سبق الإصرار بعنصريه النفسي والزمني متوافرين في حق المتهمة ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف الترصد بقوله: " وحيث إنه عن ظرف الترصد والذي يتمثل في تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه والترصد ظرف عيني مشدد وصفته لاصقة بذات الفعل المادي المكون للجريمة ويكفي توافره في حق المتهم تربصه للمجني عليه وترقبه فترة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى الاعتداء عليه ودون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد في مكان خاص بالجاني نفسه، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهمة تربصت لزوجها المجني عليه داخل مسكنها وترقبته فترة من الزمن لحين عودته إلى منزل الزوجية وحددت يوم أجازته الذي سيقضيه معها لتنفيذ جريمتها التي عقدت العزم وبيتت النية على ارتكابها بعد أن تدبرت أمر ذلك في هدوء وروية وذلك عندما طلب منها المجني عليه أن تعد له طعام الغذاء والذي تصنعت بأنها تقوم بتجهيزه داخل المطبخ وقامت بمكر ودهاء بدس السم فيه خلسة وقدمته له فالتهمه لحبه الشديد لهذا النوع من الطعام ولشدة جوعه مما نجم عنه إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته ومن ثم يضحى ظرف الترصد بعنصريه الزمني والمكاني متوافرًا في حق المتهمة ". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظرف الترصد غير سائغ ذلك أن المتهمة متواجدة أصلاً بالمسكن محل الواقعة وبالاشتراك مع زوجها المجني عليه والذي يقيم فيه معها أيضًا وأن ما بدر منها من أفعال تغاير فعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد، فإن هذا الظرف والحال كذلك يضحى غير متوافر في حق المتهمة.
14 - لما كان الحكم وقد دان الطاعنة بجريمة القتل العمد بالسم المعاقب عليها بالإعدام وهي ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإنه لا محل للتعرض لمدى أثر خطأ استظهار الحكم لظرف الترصد لانتفاء مصلحة الطاعنة في تعييب الحكم في هذا الخصوص , هذا إلى أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
15 - لما كان لا ينال من ثبوت جريمة القتل بأركانها ما أقرت به الطاعنة بتحقيقات النيابة من أنها قدمت للمجني عليه " ملحًا ولبنًا " وكان ذلك منها بقصد إبعاد الشبهة عنها وإسعافه من التسمم - فعلى فرض صحة ذلك - فإن الوقت الذي يتعين أن يتوافر القصد الجنائي فيه في جريمة القتل هو وقت إتيان الجاني لفعله المادي أما وقت تحقق النتيجة الإجرامية، فلا يعتد القانون بما يتوافر فيه من إرادة، ومن ثم فالعبرة بتوافر نية القتل وقت ارتكاب فعل الاعتداء على الحياة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولا عبرة بانتفاء هذه النية بعد ذلك أو وقت الوفاة.
16 - من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم، ما دام قد وصف الفعل وبيَّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بيانًا كافيًا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل جناية القتل العمد بجواهر سامة مع سبق الإصرار المعاقب عليها بالمواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهمة تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة، فإن خطأ الحكم بذكر مواد العقاب بأنها المواد 330، 331، 332، 333 من قانون العقوبات بدلاً من المواد الصحيحة آنفة البيان لا يعيبه. وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات بالمواد 330، 331، 332، 333 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
17 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - سالف الذكر - أن الحكم المطروح قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليها بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها " ...... ".


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: قتلت عمدًا مع سبق الإصرار والترصد " ..... " بأن بيتت النية على قتله فوضعت له جواهر سامة تسبب الموت أجلاً أو عاجلاً في طعام تناوله قاصدة من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى موته. وأحالتها إلى محكمة جنايات " .... " لمحاكمتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليه قبلها بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة ...... وبإجماع الآراء إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي.
وبجلسة ...... قضت حضوريًا عملاً بالمواد 330، 331، 332، 333 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة " .... " بالإعدام شنقًا عما أسند إليها وإلزامها بأن تؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بالرأي.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليها وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنها لم تقدم أسبابًا لطعنها فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدها مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريًا بإعدام المحكوم عليها، دون إثبات تاريخ تقديمها، بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون - المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله: " وحيث تتحصل واقعة الدعوى حسبما استقتها المحكمة من التحقيقات وما دار بجلسة المحاكمة ومطالعة سائر أوراقها من أنه بتاريخ.... من.... سنة.... وأثر خلافات زوجية نشبت بين المتهمة " ...... " وزوجها المجني عليه " ...... " وسوس لها شيطانها فكرة الخلاص من زوجها فعقدت العزم وبيتت النية على قتله عمدًا وتدبرت أمر ذلك في هدوء وروية حيث رسمت وترسمت خطتها الإجرامية بتدبير محكم منظم بكل الممكنات العقلية اللازمة لتنفيذ جريمتها التي لا تقرها الأديان السماوية ولا القوانين الوضيعة وفي تاريخ سابق علىالحادث توجهت إلى أحد محلات العطارة لشراء وسيلة تنفيذ جريمتها مبيد حشري (التيمك) والمعروف للكافة (بسم الفئران) والذي تحفظت عليه فترة من الزمن داخل حقيبة يدها الجلدية إلى أن هداها تفكيرها المسموم إلى دسه خلسة وسط الطعام الذي كان يفضله زوجها (سندوتش مسقعة) رغم علمها السابق بأن هذا المبيد الحشري قاتل بطبيعته في الحال إذا ما تناوله أحد الأشخاص ولكن إمعانًا في إجرامها وشدة كيدها لزوجها تمكنت من دسه له وسط طعام الغذاء والذي التهمه لشدة جوعه وحبه لهذا النوع من الطعام قاصدة من ذلك قتله عمدًا فأحدث الأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي عبارة عن هبوط التنفس والقلب نتيجة تناول هذا المركب الكارباماتي العضوي من المبيدات الحشرية (التيمك) والذي نجم عنه وفاة المجني عليه، وقد اعترفت المتهمة تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بسبق تجهيزها للمبيد الحشري (سم الفئران) في تاريخ سابق على الحادث واحتفاظها به فترة من الزمن إلى أن تحينت لها الفرصة وقامت بوضعه داخل الطعام الذي كان يشتهيه زوجها والذي قدمته له قاصدة من ذلك قتله وذلك للخلف العائلي القائم بينهما ولتصالحه مع زوجته الأولى التي كان على خلاف سابق معها ولخوفها الشديد منه على زوج نجلتها المتزوجة حديثًا خشية اتهامه له في واقعة سرقة نقوده ومنقولاته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ". وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم ومن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة وما أثبته تقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وكذا المعاينة التصويرية للجريمة وحصَّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليمًا له أصله الثابت من الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - وخلص الحكم إلى إدانة المتهمة بالجريمة المنصوص عليها في المواد 330، 331، 332، 333 من قانون العقوبات، ثم عرض الحكم للدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المحكوم عليها واطرحه في قوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمة لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي واقع عليها وأنه لا يطابق حقيقة الواقع حيث إنه مملى عليها فهو غير سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن اعتراف المتهمة كان وليد إرادة حرة واعية ودون أي إكراه مادي أو أدبي أو غش أو تدليس أو وعد أو وعيد واقع عليها من أحد من رجالات الشرطة أو النيابة العامة خاصة وأن المتهمة لم تقل بأنها تعرضت لأي نوع من الإكراه منذ فجر التحقيق معها بمعرفة النيابة العامة كما لم يثبت للسيد وكيل النيابة المحقق ثمة ملاحظة أو أيه إصابات بجسدها تنبئ من قريب أو بعيد عن تعرضها لمثل هذا الإكراه وجاءت قالة الدفاع مرسلة وعارية الدليل وقصد بها التشكيك في صحة هذا الاعتراف والذي هو عنصر من عناصر الاستدلال ويخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي اطمأنت إلى صحته ولا ينال من ذلك مجرد عدول المتهمة عنه وإنكارها للواقعة بجلسة المحاكمة إذ للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهمة في أية مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إلى صحة هذا الاعتراف سيما وأنه جاء مطابقًا لحقيقة الواقع ومتفق مع ماديات الدعوى وما قرر به شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية والمعمل الكيماوي والمعاينة التصويرية للواقعة , ومن ثم تضحى قالة الدفاع ببطلان الاعتراف وعدم مطابقته لحقيقة الواقعة لا يساندها واقع أو قانون وجاءت مرسلة لا دليل عليها في الأوراق وبعيدة عن محجة الصواب مما يتعين الالتفات عنها ورفضها ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع , وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه , ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها , وكان الحكم المعروض - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المتهمة لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابة المجني عليه التي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته بقوله: " وحيث إنه عن قالة الدفاع بانقطاع رابطة السببية بين فعل المتهمة والنتيجة لتداخل عوامل أجنبية أخرى منها الإهمال في علاج المجني عليه بالمستشفى مما نجم عنه وفاته فهو غير سديد ذلك أن المقرر قانونًا أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالعمل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله الذي أتاه عمدًا ويكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية أخرى غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله ونتيجته إذ هو كان عليه أن يتوقعها وقت ارتكاب فعله، ولما كان الثابت من الأوراق وأقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه والذي تطمئن إليه المحكمة والذي قطع بأن وفاة المجني عليه تعزى إلى التسمم الحاد لتناوله مركب كارباماتى عضوي من المبيدات الحشرية (التيمك) (سم الفئران) وما أدى إليه من هبوط بالتنفس والقلب فضلاً عن أن أوراق الجناية جاءت خلوًا من أي دليل تطمئن إليه المحكمة ينبئ من قريب أو بعيد عن وجود إهمال في علاج المجني عليه بالمستشفى أو مجرد تداخل عوامل أخرى غير مألوفة من شأنها أن تقطع علاقة السببية أو كانت هي سبب الوفاة وأن قالة الدفاع جاءت مرسلة لا دليل عليها وقد عجز عن إثباتها رغم أنه هو المكلف بالإثبات، ولو كان جادًا في دفاعه لطلب ضم أوراق علاجه من المستشفى واستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في ذلك، ولما كانت المحكمة تطمئن كل الاطمئنان إلى توافر علاقة السببية بين فعل المتهمة المتمثل في وضع المادة السامة سالف الذكر في الطعام الذي تناوله المجني عليه والنتيجة المتمثلة في وفاته بسبب تناوله لتلك المادة القاتلة بطبيعتها إذا ما تناولها أحد الأشخاص وينجم عنها نتيجة مألوفة توقعتها المتهمة ومن ثم تضحى قالة الدفاع بانقطاع رابطة السببية لوجود إهمال في العلاج وتداخل عوامل أخرى غير مألوفة كانت سببًا في وفاة المجني عليه لا يصادفها واقع أو قانون وجاءت بعيدة عن محجة الصواب مما يتعين الالتفات عنها ". لما كان ذلك، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها , ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه، وكان ما ساقه الحكم - على ما سلف بيانه - يسوغ اطراح دفاع الطاعنة بانتفاء علاقة السببية , وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية - وهو ما لم تزعمه الطاعنة - ومن ثم يكون الحكم برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من الواجبات المفروضة قانونًا على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغة إليهم أو التي شاهدوها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المعروض أنه عرض للدفع المبدى من الطاعنة واطرحه تأسيسًا على أن الشرطة أُبلغت بالحادث واتهام المتهمة بارتكابه وعليه قام مأمور الضبط القضائي باستدعائها لسؤالها فاعترفت بما نسب إليها ومن ثم حرر محضرًا بالإجراءات وتم عرضها على النيابة التي تولت التحقيق معها حيث اعترفت بما نسب إليها من اتهام، ومن ثم فاستدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعنة كان بسبب اتهامها في جريمة قتل عمد، ولا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليها بالحضور دون أن يتضمن تعرضًا ماديًا لمن تم استدعاؤها يمكن أن يكون فيه مساس بحريتها الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن في حالة تلبس، فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض. هذا فضلاً عن أنه لما كان الحكم المعروض قد عول - ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت - على اعتراف الطاعنة بتحقيقات النيابة، وكان بطلان القبض - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعنة فيما تثيره من بطلان الضبط تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها - ومتى رأت الإدانة - كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبسًا بها , ومن ثم فإن ما يثيره المدافع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة من خلو الأوراق من دليل يقيني ضدها يفيد ارتكابها الواقعة، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب , وبذلك يكون الحكم بريئًا من أية شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المعروض قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للشاهد " ...... " وكذا ما أدلى به الأخير إلى " ...... " وعول على ما نقله كل منهما عن الآخر , فإن ما أثاره الدفاع عن الطاعنة بمحضر جلسة المحاكمة من منازعة حول قوة شهادتهما خاصة وأن المجني عليه لم يسأل قبل وفاته يتمخض جدلاً موضوعيًا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنة ولا عليه أن يتعقبها في كل جزئية من جزئيات دفاعها، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها , ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعنة بشأن أقوال الشاهدة " ...... " لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد استظهر نية القتل بقوله: " وحيث إنه عن نية القتل فلما كان المقرر قانونًا أن جريمة القتل العمد تتميز بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وتلك المسألة أمر خفي لا تدرك بالحس الظاهر إنما تدرك بالظروف والأسباب المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وحيث لما كان ما تقدم، وكانت المتهمة قد وسوس شيطانها فكرة قتل زوجها عمدًا بالسم لتصالحه مع زوجته الأولى التي كان على خلاف معها ودائب الشكوى منها للخلافات الزوجية التي قامت بينهما ولخوفها الشديد على زوج ابنتها المتزوجة حديثًا خشية اتهامه له في واقعة سرقة نقوده ومنقولاته حيث توجهت في تاريخ سابق على الحادث إلى أحد محلات العطارة وقامت بشراء مبيد حشري " سم فئران " وقامت بدسه خلسة وسط أحد الأطعمة التي يشتهيها زوجها ويحبها " سندوتش مسقعة " وقدمته له رغم علمها السابق بأن المادة المدسوسة سامة وقاتلة بطبيعتها إذا ما تناولها أحد الأشخاص , ولما كانت تلك الأفعال لا تصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصدًا , ومن ثم فإن نية القتل تضحى متوافرة في حق المتهمة سيما وأنها اعترفت صراحة بتحقيقات النيابة العامة بأنها كانت تنوي قتل المجني عليه بسبب الخلف العائلي بينهما ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة كافيًا وسائغًا في استظهار نية القتل، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنة في قوله: " وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فلما كان المقرر قانونًا أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال فظرف سبق الإصرار يتطلب القانون لقيامه توافر عنصرين أساسيين أولهما نفسي ويعني أن يكون الجاني قد أمعن فكره فيما هو عزم عليه ورتب وسائله وتدبر عواقبه ثم أقدم على فعله بعد أن زال منه الغضب وثورة النفس وهذا العنصر يمثل في الواقع ذاتية الإصرار وثانيهما زمني وهذا يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة في ذهن الجاني وعزمه عليها وبين تنفيذها وقد أبرزت المادة 231 من قانون العقوبات هذا العنصر في قولها إن الإصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل ومقدار هذه الفترة الزمنية رهن في كل حالة بما يحقق العنصر الأول أي بما يهيئ للجاني حالة من الهدوء النفسي بما يقال إنه ارتكب الجريمة بعد تدبر وتروٍ وبعد أن زال عنه هياج النفس واضطرابها، ومن ثم فإن هذه المدة قد تقصر وتطول تبعًا للظروف الملابسة، وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المتهمة قد عقدت العزم وبيتت النية على قتل المجني عليه والتخلص منه وتدبرت أمر ذلك في هدوء وروية في تاريخ سابق على الحادث حيث رسمت وترسمت تنفيذ جريمتها النكراء بأسلوب محكم منظم بكل الممكنات العقلية حيث توجهت في تاريخ سابق على الحادث إلى أحد محلات العطارة وقامت بشراء المبيد الحشري (سم الفئران) وتحفظت عليه فترة من الزمن داخل حقيبتها الجلدية حتى تحين لها الفرصة لتنفيذ جريمتها دون أن يشاهدها أحد وقامت بشراء أحد الأطعمة التي يشتهيها زوجها (سندوتش مسقعة) وبعدها دست السم القاتل بطبيعته فيها وقدمته له الذي التهمه لحبه الشديد لهذا النوع من الطعام ولشدة جوعه مما نجم عنه هبوط بالتنفس بقلب المجني عليه مما كان سبب في وفاته ومن ثم يضحى ظرف سبق الإصرار بعنصريه النفسي والزمني متوافرين في حق المتهمة ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف الترصد بقوله: " وحيث إنه عن ظرف الترصد والذي يتمثل في تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه والترصد ظرف عيني مشدد وصفته لاصقة بذات الفعل المادي المكون للجريمة ويكفي توافره في حق المتهم تربصه للمجني عليه وترقبه فترة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى الاعتداء عليه ودون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد في مكان خاص بالجاني نفسه، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهمة تربصت لزوجها المجني عليه داخل مسكنها وترقبته فترة من الزمن لحين عودته إلى منزل الزوجية وحددت يوم أجازته الذي سيقضيه معها لتنفيذ جريمتها التي عقدت العزم وبيتت النية على ارتكابها بعد أن تدبرت أمر ذلك في هدوء وروية وذلك عندما طلب منها المجني عليه أن تعد له طعام الغذاء والذي تصنعت بأنها تقوم بتجهيزه داخل المطبخ وقامت بمكر ودهاء بدس السم فيه خلسة وقدمته له فالتهمه لحبه الشديد لهذا النوع من الطعام ولشدة جوعه مما نجم عنه إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته ومن ثم يضحى ظرف الترصد بعنصريه الزمني والمكاني متوافرًا في حق المتهمة ". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظرف الترصد غير سائغ ذلك أن المتهمة متواجدة أصلاً بالمسكن محل الواقعة وبالاشتراك مع زوجها المجني عليه والذي يقيم فيه معها أيضًا وأن ما بدر منها من أفعال تغاير فعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد، فإن هذا الظرف والحال كذلك يضحى غير متوافر في حق المتهمة، إلا أن الحكم وقد دان الطاعنة بجريمة القتل العمد بالسم المعاقب عليها بالإعدام وهي ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإنه لا محل للتعرض لمدى أثر خطأ استظهار الحكم لظرف الترصد لانتفاء مصلحة الطاعنة في تعييب الحكم في هذا الخصوص، هذا إلى أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر. لما كان ذلك، وكان لا ينال من ثبوت جريمة القتل بأركانها ما أقرت به الطاعنة بتحقيقات النيابة من أنها قدمت للمجني عليه " ملحًا ولبنًا " وكان ذلك منها بقصد إبعاد الشبهة عنها وإسعافه من التسمم - فعلى فرض صحة ذلك - فإن الوقت الذي يتعين أن يتوافر القصد الجنائي فيه في جريمة القتل هو وقت إتيان الجاني لفعله المادي أما وقت تحقق النتيجة الإجرامية، فلا يعتد القانون بما يتوافر فيه من إرادة، ومن ثم فالعبرة بتوافر نية القتل وقت ارتكاب فعل الاعتداء على الحياة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولا عبرة بانتفاء هذه النية بعد ذلك أو وقت الوفاة. لما كان ذلك، وكان الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم، ما دام قد وصف الفعل وبيَّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بيانًا كافيًا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل جناية القتل العمد بجواهر سامة مع سبق الإصرار المعاقب عليها بالمواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهمة تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة، فإن خطأ الحكم بذكر مواد العقاب بأنها المواد 330، 331، 332، 333 من قانون العقوبات بدلاً من المواد الصحيحة آنفة البيان لا يعيبه. وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات بالمواد 330، 331، 332، 333 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - سالف الذكر - أن الحكم المطروح قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليها بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها " ...... ".