المكتب الفني - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 826

جلسة 19 من أكتوبر سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضا القاضي، أبو بكر البسيوني أبو زيد، أحمد مصطفى ولاشين إبراهيم نواب رئيس المحكمة.

(90)
الطعن رقم 19093 لسنة 76 القضائية

(1) إثبات " بوجه عام ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
إيراد الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما واستعراضه لأدلة الثبوت في بيان واف. لا قصور.
مثال.
(2) تزوير " أوراق رسمية ". اغتصاب سند بالقوة. جريمة " أركانها ". إثبات " بوجه
عام ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير في محرر رسمي والإكراه على توقيعه. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(3) اغتصاب سند بالقوة. جريمة " أركانها ". إكراه. إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء المستندات. مناط تحققه؟
الإكراه. مادي باستعمال القوة أو أدبي بطريق التهديد. تقديره. موضوعي. ما دام سائغًا.
مثال.
(4) إثبات " بوجه عام ". دفوع " الدفع بنفي التهمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب ردًا صريحًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير مقبول أمام محكمة النقض.
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغًا.
(6) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد. مفاده؟
(7) إثبات " شهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
تأخر المجني عليه في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. ما دامت اطمأنت إليها.
تناقض رواية شاهد الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا.
(8) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز.
(9) تزوير " أوراق رسمية ". موظفون عموميون. جريمة " أركانها ".
جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. صدورها فعلاً من الموظف المختص بتحريرها. غير لازم. كفاية إعطاء الورقة شكل أو مظهر الأوراق الرسمية الصادرة من الموظف العام المختص.
(10) محضر الجلسة.
بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات. غير واجب.
(11) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات الديباجة " " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
مواد الاتهام. ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم.
وجوب إشارة الحكم لنص القانون الذي حكم بموجبه. المادة 310 إجراءات.
مثال.
(12) تزوير " أوراق رسمية ". وصف التهمة. فاعل أصلي. اشتراك. عقوبة " العقوبة المبررة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة ". نقض " المصلحة في الطعن ".
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. واجبها تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقًا صحيحًا. لفت نظر الدفاع. غير لازم. شرط ذلك؟
انتهاء الحكم إلى اعتبار الطاعنين فاعلين أصليين في جريمة التزوير في محرر رسمي. مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة. لا يعد تغييرًا لوصف التهمة. إجراؤه. لا يستلزم تنبيه الدفاع.
لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بتغيير صفتهم من شركاء إلى فاعلين أصليين في جريمة تزوير محرر رسمي. علة ذلك؟
(13) تزوير " أوراق رسمية ". إكراه. مسئولية جنائية. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
إثبات الحكم وقوع إكراه من الطاعنين على الشاهد حال تحريره تقريرًا طبيًا. يعدم إرادته ولا ينفي مسئولية الطاعنين عن التزوير. علة ذلك؟
(14) تزوير " أوراق رسمية ". اغتصاب سند بالقوة. عقوبة " العقوبة المبررة ". ارتباط. نقض " المصلحة في الطعن ".
لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بشأن جريمة تزوير محرر رسمي. ما دام قد اعتبر الجريمتين المسندتين إليهما واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي الإكراه على تحرير مستند رسمي عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(15) نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن ".
قبول وجه الطعن. وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه.
(16) نقض " أسباب الطعن. تحديدها ".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحًا محددًا.
نعى الطاعنين بالتفات الحكم عن دفاعهما الذي لم يبينا ماهيته. غير مقبول. علة ذلك؟
(17) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ".
ثبوت قيام المحكمة بفض حرز الدعوى في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. النعي بخلاف ذلك. غير مقبول.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي تزوير محرر رسمي والإكراه على تزويره اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات - مفتش الصحة ..... ومن تقريري الصفة التشريحية وأبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي والتقرير الطبي المزور ومن مذكرة نيابة ..... الكلية وموافقة النائب العام وما ثبت بمحضر الشرطة المؤرخ ....., وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، مما يكون معه منعى الطاعنين في هذا الصدد لا محل له.
2 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمتين اللتين دين الطاعنان بهما ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها مما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي التزوير في محرر رسمي والإكراه وأورد على ثبوتهما في حق الطاعنين أدلة لا ينازع الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من الأوراق، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
3 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين - في بيان كاف - إقدامهما على ارتكاب جريمة التزوير في محرر رسمي بطريق إكراه المجني عليه متوخين تعطيل إرادته عن طريق تهديدهما له وذلك بقوله: " ... أن ..... اتهم مع آخر بالسرقة ..... ولما قامت شرطة قسم ..... بضبطه وعذبه أفرادها تعذيبًا بدنيًا لحمله على الاعتراف والإرشاد عن المسروقات وألحق به إصابات حيوية حديثة من... أودت بحياته ..... ولما كان ذلك المتهم قد سقط في نزعه الأخير بداخل قسم شرطة ..... حال قيام المقدم ..... رئيس مباحث القسم بمناقشته في واقعة السرقة فسارع هذا الضابط بنقله لمستشفى ..... ب ..... ولكنه مات في الطريق إليها وكان من الطبيعي أن يفكر من عذبه في إخفاء جريمته قبل أن يصل خبرها إلى النيابة العامة بتزوير تقرير طبي يخفي ما لحق به من آثار تعذيب ومستبعدًا شبهة جناية قتله ووقع الاختيار على مفتش صحة قسم ..... لإكراهه على إعداد ذلك التقرير المزور.... ووقع الاختيار أيضًا على النقيب ..... وأمين الشرطة ...... للضغط على إرادة مفتش الصحة لحمله على تزوير التقرير الطبي باعتبار أنهما معاون مباحث قسم شرطة وبلوكامين المباحث بها ولهما صلة مباشرة بمفتش صحة قسم.... بحكم عملهما. فتوجه المتهمان في ليلة ..... إلى منزل مفتش الصحة وطلبا منه الانتقال معهما إلى مستشفى ..... لتوقيع الكشف الطبي على جثة توفي صاحبها في ظروف طبيعية فاستجاب لطلبهما بحكم علاقة العمل ولما وصل معهما للمستشفى أخذا في بث الرعب في نفسه لحمله على تزوير التقرير الطبي فأدخلاه إلى إحدى غرف المستشفى وقدما له أحد الجالسين على أنه نائب مدير الأمن الذي التزم الصمت وكتب له على قصاصة ورق من فارغ علبة تبغ العبارات التي يتعين عليه إثباتها في تقريره وهي عدم وجود إصابات ظاهرة وأن سبب الوفاة هبوط حاد بالقلب والدورة الدموية مع نفي الشبهة الجنائية ولما طلب مفتش الصحة الكشف على الجثة قاده المتهمان إلى مشرحة المستشفى فوجد الإضاءة خافتة وكلما حاول فحص الجثة ونزع الملابس عنها منعاه من ذلك وتوعداه بالإيذاء وإلصاق التهم الباطلة به إذا لم يمتثل ويكتب التقرير الطبي على نحو ما أراداه رغم أنه شاهد بالجثة إصابات حديثة في المناطق الظاهرة منها وتحت هذا الضغط على إرادته كتب تقريره مخالفًا للحقيقة وأثبت فيه عدم وجود إصابات ظاهرة بالجثة عدا بعض السحجات القديمة وأن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وأن الوفاة لا شبهة جنائية فيها ولما عرض ذلك التقرير على قسم أبحاث التزييف والتزوير بعد استكتاب مفتش الصحة لعباراته انتهى الخبير إلى أن مفتش الصحة كتبه صلبًا وتوقيعًا تحت إكراه واقع عليه ". لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات كما هي معرفة به في نص المادة 325 من قانون العقوبات، إذ يتحقق هذا الركن بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه ماديًا باستعمال القوة فانه يصح أيضًا أن يكون أدبيًا بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال، وإذ كان تقدير التهديد الذي يبلغ درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة، والذي يرغم المجني عليه على التوقيع على الورقة أو السند، مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها بغير معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغًا ومستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كالحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في هذا التصوير لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، كما أن تناقض رواية شاهد الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال شاهد الإثبات يكون على غير أساس.
8 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
9 - من المقرر أنه لا يلزم لتحقيق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها وإنما يكفي لتحققها إعطاء الورقة شكل أو مظهر الورقة الرسمية الصادرة من الموظف العام المختص، وهو ما لم يخطئ الحكم في تحصيله أو تقديره، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان عليه من قالة الإخلال بحق الدفاع لالتفاته عن الدفع بعدم اختصاص شاهد الإثبات بإجراء الكشف الطبي وتحرير تقرير طبي يكون غير سديد.
10 - من المقرر أن القانون لم يتضمن نصًا يوجب بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات، ويكون الطعن بهذا السبب في غير محله.
11 - من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذهما بها بقوله: " ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وعقابهما بالمواد 211، 212، 325 من قانون العقوبات ومصادرة المحرر المزور المضبوط عملاً بالمادة 30/ 2 من قانون العقوبات وحيث إن الجريمتين اللتين ارتكبهما المتهمان وقعتا لغرض إجرامي واحد ومرتبطتين ببعضهما ارتباطًا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين اعتبارهما جريمة واحدة والقضاء بالعقوبة المقررة لأشدهما عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات .. "، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
12 - من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقًا صحيحًا دون حاجة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم أساسًا للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئًا، وإذ كان الحكم قد انتهى إلى اعتبار الطاعنين فاعلين بالنسبة لجريمة تزوير محرر رسمي وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة، ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييرًا لوصف التهمة المحال بها الطاعنان بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، هذا إلى أنه لا مصلحة له في النعي على الحكم بهذا السبب، إذ العقوبة المقضي بها على الطاعنين باعتبارهما فاعلين أصليين تدخل في عقوبة الشريك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من تغيير المحكمة صفتهما من شريكين في جريمة تزوير محرر رسمي إلى فاعلين أصليين لها دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التغيير وإدانتهما على هذا الأساس يكون غير سديد، كما أنه ليس للمتهم أن يتظلم من تعديل وصف التهمة بدون لفت نظره إليه ما دام الوصف الجديد لم يترتب على إضافة عناصر إلى الوقائع التي تناولها التحقيق ورفعت بها الدعوى العمومية ولم يؤد إلى تشديد العقوبة التي كان مطلوبًا تطبيقها في بادئ الأمر لا سيما إذا كانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك، فإن مجادلتهما فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لهما باعتبارهما فاعلين أصليين لا يكون له محل.
13 - لما كان الحكم قد أثبت وقوع إكراه من الطاعنين على الشاهد حال تحريره تقريرًا طبيًا مما جعل إرادته منعدمة، ومن ثم فإن ذلك لا ينفي مسئوليتهما عن التزوير، لما هو مقرر من أنه إذا كان فعل التغيير قد وقع بيد شخص آخر فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في مسئوليته، لأنه لا يجب لمعاقبة المتهم على التزوير أن يكون تغيير الحقيقة في الورقة قد وقع بيده هو.
14 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهما، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره الطاعنان بشأن جريمة تزوير محرر رسمي ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة الإكراه على تحرير مستند رسمي وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
15 - من المقرر أن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وكانت له مصلحة فيها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في شأن كيفية ممارسة المحكمة لحق التصدي وإسنادها لتهمة استعمال المحرر المزور لآخرين بعد تبرئتهما منها لا يكون مقبولاً.
16 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعنان لم يبينا في طعنهما ماهية الدفاع الذي ساقاه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه، بل أرسلا القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله، وهل كان دفاعًا جوهريًا مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل ردًا بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
17 - لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة ..... أنه أثبت بها أن المحكمة فضت المظروف - حرز الأوراق الخاصة بالقضية - في حضور الطاعنين والمدافع عنهما وترافع عن ذلك الحاضران معهما، وكان لم يفت المحكمة في هذه الدعوى - على نحو ما سلف - القيام بهذا الإجراء، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1 - اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي وهو .... مفتش مكتب صحة .... وبطريق الإكراه الواقع عليه بأن أجبراه على ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو تقرير الكشف الطبي على جثة .... المؤرخ .... حال تحريره المختص بوظيفته بأن اتفقا معه على تحريره وساعداه بأن أمداه ببيانات غير صحيحة تفيد عدم وجود إصابات بالجثة وبأنه لا يوجد شبهة جنائية في الوفاة خلافًا للحقيقة فقام الطبيب بضبط تلك البيانات بتقريره فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - استعملا المحرر المزور موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله بأن قام بإرفاقه بالمحضر ..... أحوال في ..... قسم ..... مع علمهما بتزويره.3 - أكرها مفتش الصحة ..... بالقوة والتهديد على كتابة التقرير المبين بوصف التهمة الأولى.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 211، 212، 325 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 30/ 2 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين الأولى والثالثة المنسوبتين إليهما وبمصادرة المحرر المزور المضبوط. ثانيًا: ببرائتهما من التهمة الثانية المسندة إليهما وأقامت الدعوى الجنائية عنها قبل كل من المقدم ..... والرائد ..... وإحالتها للنيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي التزوير في محرر رسمي والإكراه على التزوير قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يحط بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة، ولم يعن بتمحيص الأدلة وصولاً إلى وجه الحق فيها، ولم يبين أركان الجريمة التي دين الطاعنان بها، ولم يدلل تدليلاً سائغًا على توافر عناصر الإكراه كما قصر الحكم عن فهم الأصل التاريخي لواقعة الدعوى مما يكون معه قد بنت المحكمة قضاءها على الظن والتخمين مفترضة قيام علاقة بين الطاعن ..... والطاعن الثاني تسمح له بممارسة الإكراه على شاهد الإثبات رغم عدم اختصاص الطاعن مكانيًا بالواقعة الأمر الذي يبين منه اضطراب صورة الواقعة في عقيدة المحكمة , كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال شاهد الإثبات الوحيد رغم تناقضها مبررًا تأخره في الإبلاغ باستمرار آثار الإكراه عليه وعول على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير رغم ابتنائه على أسس غير علمية , كما أعرض عن الدفع بعدم اختصاص شاهد الإثبات مكانيًا بإجراء الكشف الطبي , كما خلت محاضر جلسات المحاكمة وديباجة الحكم من الإشارة إلى مواد القانون الواجب التطبيق، وأجرت المحكمة تعديلاً في وصف التهمة بإدانتهما عن ارتكابهما جريمة التزوير بالطريق المادي بدلاً من المعنوي وبوصف أنهما فاعلان أصليان لها ولجريمة الإكراه لا شريكان فيها بالمخالفة لأمر الإحالة دون تنبيه الطاعنين أو لفت نظر الدفاع عنها، فضلاً عن أن المحكمة أخطأت حين تصدت لتهمة استعمال المحرر المزور بإسنادها لآخرين بعد تبرئة الطاعنين منها ولم ترد على أوجه الدفاع الجوهرية، كما خلت محاضر جلسات المحاكمة من قيام المحكمة بفض الأحراز والاطلاع على محتواها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي تزوير محرر رسمي والإكراه على تزويره اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات - مفتش الصحة ..... ومن تقريري الصفة التشريحية وأبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي والتقرير الطبي المزور ومن مذكرة نيابة ..... الكلية وموافقة النائب العام وما ثبت بمحضر الشرطة المؤرخ ..... , وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، مما يكون معه منعى الطاعنين في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمتين اللتين دين الطاعنان بهما ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها مما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي التزوير في محرر رسمي والإكراه وأورد على ثبوتهما في حق الطاعنين أدلة لا ينازع الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من الأوراق، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين - في بيان كاف - إقدامهما على ارتكاب جريمة التزوير في محرر رسمي بطريق إكراه المجني عليه متوخين تعطيل إرادته عن طريق تهديدهما له وذلك بقوله: "... أن ..... اتهم مع آخر بالسرقة ..... ولما قامت شرطة قسم ..... بضبطه وعذبه أفرادها تعذيبًا بدنيًا لحمله على الاعتراف والإرشاد عن المسروقات وألحق به إصابات حيوية حديثة من .... أودت بحياته ..... ولما كان ذلك المتهم قد سقط في نزعه الأخير بداخل قسم شرطة ..... حال قيام المقدم ..... رئيس مباحث القسم بمناقشته في واقعة السرقة فسارع هذا الضابط بنقله لمستشفى ..... ب ..... ولكنه مات في الطريق إليها وكان من الطبيعي أن يفكر من عذبه في إخفاء جريمته قبل أن يصل خبرها إلى النيابة العامة بتزوير تقرير طبي يخفي ما لحق به من آثار تعذيب ومستبعدًا شبهة جناية قتله ووقع الاختيار على مفتش صحة قسم ..... لإكراهه على إعداد ذلك التقرير المزور.... ووقع الاختيار أيضًا على النقيب ..... وأمين الشرطة ...... للضغط على إرادة مفتش الصحة لحمله على تزوير التقرير الطبي باعتبار أنهما معاون مباحث قسم شرطة وبلوكامين المباحث بها ولهما صلة مباشرة بمفتش صحة قسم.... بحكم عملهما. فتوجه المتهمان في ليلة ..... إلى منزل مفتش الصحة وطلبا منه الانتقال معهما إلى مستشفى ..... لتوقيع الكشف الطبي على جثة توفي صاحبها في ظروف طبيعية فاستجاب لطلبهما بحكم علاقة العمل ولما وصل معهما للمستشفى أخذا في بث الرعب في نفسه لحمله على تزوير التقرير الطبي فأدخلاه إلى إحدى غرف المستشفى وقدما له أحد الجالسين على أنه نائب مدير الأمن الذي التزم الصمت وكتب له على قصاصة ورق من فارغ علبة تبغ العبارات التي يتعين عليه إثباتها في تقريره وهي عدم وجود إصابات ظاهرة وأن سبب الوفاة هبوط حاد بالقلب والدورة الدموية مع نفي الشبهة الجنائية ولما طلب مفتش الصحة الكشف على الجثة قاده المتهمان إلى مشرحة المستشفى فوجد الإضاءة خافتة وكلما حاول فحص الجثة ونزع الملابس عنها منعاه من ذلك وتوعداه بالإيذاء وإلصاق التهم الباطلة به إذا لم يمتثل ويكتب التقرير الطبي على نحو ما أراداه رغم أنه شاهد بالجثة إصابات حديثة في المناطق الظاهرة منها وتحت هذا الضغط على إرادته كتب تقريره مخالفًا للحقيقة وأثبت فيه عدم وجود إصابات ظاهرة بالجثة عدا بعض السحجات القديمة وأن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وأن الوفاة لا شبهة جنائية فيها ولما عرض ذلك التقرير على قسم أبحاث التزييف والتزوير بعد استكتاب مفتش الصحة لعباراته انتهى الخبير إلى أن مفتش الصحة كتبه صلبًا وتوقيعًا تحت إكراه واقع عليه ". لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات كما هي معرفة به في نص المادة 325 من قانون العقوبات، إذ يتحقق هذا الركن بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه ماديًا باستعمال القوة فإنه يصح أيضًا أن يكون أدبيًا بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال، وإذ كان تقدير التهديد الذي يبلغ درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة، والذي يرغم المجني عليه على التوقيع على الورقة أو السند، مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها بغير معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغًا ومستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كالحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه،لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في هذا التصوير لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، كما أن تناقض شاهد الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال شاهد الإثبات يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان لا يلزم لتحقيق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها وإنما يكفي لتحققها إعطاء الورقة شكل أو مظهر الورقة الرسمية الصادرة من الموظف العام المختص، وهو ما لم يخطئ الحكم في تحصيله أو تقديره، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان عليه من قالة الإخلال بحق الدفاع لالتفاته عن الدفع بعدم اختصاص شاهد الإثبات بإجراء الكشف الطبي وتحرير تقرير طبي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يتضمن نصًا يوجب بيان مواد الاتهام في محاضر الجلسات، ويكون الطعن بهذا السبب في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذهما بها بقوله: " ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وعقابهما بالمواد 211، 212، 325 من قانون العقوبات ومصادرة المحرر المزور المضبوط عملاً بالمادة 30/ 2 من قانون العقوبات وحيث إن الجريمتين اللتين ارتكبهما المتهمان وقعتا لغرض إجرامي واحد ومرتبطتين ببعضهما ارتباطًا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين اعتبارهما جريمة واحدة والقضاء بالعقوبة المقررة لأشدهما عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات.. "، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقًا صحيحًا دون حاجة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم أساسًا للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئًا، وإذ كان الحكم قد انتهى إلى اعتبار الطاعنين فاعلين بالنسبة لجريمة تزوير محرر رسمي وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة، ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييرًا لوصف التهمة المحال بها الطاعنان بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، هذا إلى أنه لا مصلحة له في النعي على الحكم بهذا السبب، إذ العقوبة المقضي بها على الطاعنين باعتبارهما فاعلين أصليين تدخل في عقوبة الشريك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من تغيير المحكمة صفتهما من شريكين في جريمة تزوير محرر رسمي إلى فاعلين أصليين لها دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التغيير وإدانتهما على هذا الأساس يكون غير سديد، كما أنه ليس للمتهم أن يتظلم من تعديل وصف التهمة بدون لفت نظره إليه ما دام الوصف الجديد لم يترتب على إضافة عناصر إلى الوقائع التي تناولها التحقيق ورفعت بها الدعوى العمومية ولم يؤد إلى تشديد العقوبة التي كان مطلوبًا تطبيقها في بادئ الأمر لا سيما إذا كانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك، فإن مجادلتهما فيما أثبته الحكم من وصف الجريمة بالنسبة لهما باعتبارهما فاعلين أصليين لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت وقوع إكراه من الطاعنين على الشاهد حال تحريره تقريرًا طبيًا مما جعل إرادته منعدمة، ومن ثم فإن ذلك لا ينفي مسئوليتهما عن التزوير، لما هو مقرر من أنه إذا كان فعل التغيير قد وقع بيد شخص آخر فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في مسئوليته، لأنه لا يجب لمعاقبة المتهم على التزوير أن يكون تغيير الحقيقة في الورقة قد وقع بيده هو. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهما، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره الطاعنان بشأن جريمة تزوير محرر رسمي ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة الإكراه على تحرير مستند رسمي وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وكانت له مصلحة فيها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في شأن كيفية ممارسة المحكمة لحق التصدي وإسنادها لتهمة استعمال المحرر المزور لآخرين بعد تبرئتهما منها لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعنان لم يبينا في طعنهما ماهية الدفاع الذي ساقاه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه، بل أرسلا القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله، وهل كان دفاعًا جوهريًا مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل ردًا بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة ..... أنه أثبت بها أن المحكمة فضت المظروف - حرز الأوراق الخاصة بالقضية - في حضور الطاعنين والمدافع عنهما وترافع عن ذلك الحاضران معهما، وكان لم يفت المحكمة في هذه الدعوى - على نحو ما سلف - القيام بهذا الإجراء، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.