المكتب الفني - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 858

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، عمر بريك، عبد التواب أبو طالب ومحمد سعيد نواب رئيس المحكمة.

(94)
الطعن رقم 11362 لسنة 67 القضائية

تهرب ضريبي. استئناف " ما يجوز استئنافه من الأحكام ". دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها ". حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". نقض " حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون ".
اعتبار التعويضات المتعلقة بالضرائب والرسوم ومنها قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991. عقوبات تكميلية تنطوي على عنصر التعويض. علة وأساس وأثر ذلك؟
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز استئناف المدعي بالحقوق المدنية بصفته للحكم ببراءة المطعون ضده من جريمة التهرب من أداء الضريبة على المبيعات ورفض الدعوى المدنية تأسيسًا على أنها ضريبة إضافية وعقوبة وعدم ادعائه مدنيًا. خطأ في تطبيق القانون. حجبه عن نظر الدعوى. وجوب نقضه والإعادة بالنسبة للدعوى المدنية. أساس ذلك؟
لما كان البين من مطالعة الأوراق أن الحكم الجزئي قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التهرب من أداء الضريبة على المبيعات ورفض الدعوى المدنية، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته، فقضت محكمة ثاني درجة بعدم جواز الاستئناف تأسيسًا على أن الطاعن بصفته يطالب بالضريبة الإضافية وهي عقوبة فضلاً عن أنه لم يدع مدنيًا. لما كان ذلك، وكانت المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المنطبق على واقعة الدعوى قد نصت على أنه: " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وفي حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض .... "، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على اعتبار التعويضات المتعلقة بالضرائب والرسوم ومن بينها قانون الضريبة العامة على المبيعات آنف الذكر من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض، وأجاز نظرًا لتوافر هذا العنصر تدخل الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم به، ثم الطعن في الحكم الذي يصدر بشأنه، وإذ كان هذا هو النظر الصحيح في القانون، ذلك أن الصفة المختلطة للجزاءات المقررة بالقوانين آنفة الذكر يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة بما في ذلك التشديد في حالة العود، بالتعويض المدني للخزانة جبرًا للضرر، وهذه الصفة المختلطة تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها باعتبارها عقوبة القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية، وأن المحكمة تحكم بها من تلقاء نفسها بغير توقف على تدخل الخزانة العامة ولا يقضى بها إلا على مرتكبي الجريمة فاعلين أصليين أو شركاء دون سواهم، فلا يمتد إلى ورثتهم ولا المسئولين عن الحقوق المدنية، وتلتزم المحكمة في تقديرها الحدود التي رسمها القانون، ولأنها لا تقوم إلا على الدعوى الجنائية، فإن وفاة المتهم بارتكاب الجريمة يترتب عليه انقضاء الدعوى عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية، كما تنقضي أيضًا بمضي المدة المقررة في المادة 15 من ذات القانون، ولا تسري في شأنها أحكام اعتبار المدعي بالحق المدني تاركًا دعواه، هذا ومن جهة أخرى، ونظرًا لما يخالط هذه العقوبة من صفة التعويض المترتب على الجريمة، فإنه يجوز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات، أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها، وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية، وأن تطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام ذلك بأن هذا التدخل - وإن وصف بأنه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الضرائب على المبيعات بأنها مدعية بالحقوق المدنية - لا يغير من طبيعة التعويض المذكور ما دام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل، بل هو في الحقيقة والواقع عقوبة رأى الشارع أن يكمل بها العقوبة الأصلية، وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرفة، كما أن طلب مصلحة الضرائب على المبيعات فيه يخرج في طبيعة خصائصه عن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام المحكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن بصفته قد تدخل مدعيًا بالحقوق المدنية طالبًا القضاء له على المطعون ضده بمبلغ 20262 جنيهًا قيمة التعويضات المستحقة ولم يقض له بطلباته فاستأنف هذا الحكم، وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها، إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيًا "، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر الدعوى، مما يتعين معه نقضه والإعادة في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه تهرب من أداء ضريبة المبيعات المستحقة على المخبز ملكه وذلك بأن قدم بيانات غير صحيحة. وطلبت عقابه بالمواد 17، 43، 44/ 1 من القانون رقم 11 لسنة 1991. وطلب وزير المالية بصفته إلزامه بأداء مبلغ عشرين ألفًا ومائتين واثنين وستين جنيهًا. ومحكمة جنح ..... قضت حضوريًا في ..... ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية " بصفته ". وقيد استئنافه برقم .... لسنة ..... ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا في ..... بعدم جواز الاستئناف.
فطعن مستشار مساعد بهيئة قضايا الدولة نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية " بصفته " في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعن المدعي بالحقوق المدنية بصفته لرفعه من غير ذي صفة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه اعتبر التعويض المستحق عن جرائم التهرب الضريبي عقوبة ولا يجوز من ثم المطالبة به من المدعي بالحقوق المدنية، فضلاً عن أنه لم يدع مدنيًا، ورتب على ذلك أنه لا يجوز له وهو ليس طرفًا في الخصومة الجنائية استئناف الحكم الجزئي القاضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الحكم الجزئي قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التهرب من أداء الضريبة على المبيعات ورفض الدعوى المدنية، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته، فقضت محكمة ثاني درجة بعدم جواز الاستئناف تأسيسًا على أن الطاعن بصفته يطالب بالضريبة الإضافية وهي عقوبة فضلاً عن أنه لم يدع مدنيًا. لما كان ذلك، وكانت المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المنطبق على واقعة الدعوى قد نصت على أنه: " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وفي حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض .... "، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على اعتبار التعويضات المتعلقة بالضرائب والرسوم ومن بينها قانون الضريبة العامة على المبيعات آنف الذكر من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض، وأجاز نظرًا لتوافر هذا العنصر تدخل الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم به، ثم الطعن في الحكم الذي يصدر بشأنه، وإذ كان هذا هو النظر الصحيح في القانون، ذلك أن الصفة المختلطة للجزاءات المقررة بالقوانين آنفة الذكر يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة بما في ذلك التشديد في حالة العود، بالتعويض المدني للخزانة جبرًا للضرر، وهذه الصفة المختلطة تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها باعتبارها عقوبة القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الحكم بها
إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية، وأن المحكمة تحكم بها من تلقاء نفسها بغير توقف على تدخل الخزانة العامة ولا يقضى بها إلا على مرتكبي الجريمة فاعلين أصليين أو شركاء دون سواهم، فلا يمتد إلى ورثتهم ولا المسئولين عن الحقوق المدنية، وتلتزم المحكمة في تقديرها الحدود التي رسمها القانون، ولأنها لا تقوم إلا على الدعوى الجنائية، فإن وفاة المتهم بارتكاب الجريمة يترتب عليه انقضاء الدعوى عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية، كما تنقضي أيضًا بمضي المدة المقررة في المادة 15 من ذات القانون، ولا تسري في شأنها أحكام اعتبار المدعي بالحق المدني تاركًا دعواه، هذا ومن جهة أخرى، ونظرًا لما يخالط هذه العقوبة من صفة التعويض المترتب على الجريمة، فإنه يجوز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات، أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها، وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية، وأن تطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام ذلك بأن هذا التدخل - وإن وصف بأنه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الضرائب على المبيعات بأنها مدعية بالحقوق المدنية - لا يغير من طبيعة التعويض المذكور ما دام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل، بل هو في الحقيقة والواقع عقوبة رأي الشارع أن يكمل بها العقوبة الأصلية، وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرفة، كما أن طلب مصلحة الضرائب على المبيعات فيه يخرج في طبيعة خصائصه عن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام المحكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن بصفته قد تدخل مدعيًا بالحقوق المدنية طالبًا القضاء له على المطعون ضده بمبلغ 20262 جنيهًا قيمة التعويضات المستحقة ولم يقض له بطلباته فاستأنف هذا الحكم، وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها، إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيًا "، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن نظر الدعوى، مما يتعين معه نقضه والإعادة في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية.