جلسة 7 أبريل سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ إيهاب عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد سيد سليمان، عطية أحمد عطية وحسين النخلاوي نواب رئيس المحكمة وأسامة محمود.

(9)
الطعن رقم 3075 لسنة 83 القضائية

(1) إثبات " بوجه عام " " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغًا.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد. مفاده؟
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه والتعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها. دون بيان العلة.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(2) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
النعي على المحكمة قعودها على إجراء لم يطلب منها ولم ترَ لزومًا لإجرائه. غير مقبول.
مثال.
(3) إثبات " شهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إحالة الحكم في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت شهادتهما تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف. علة ذلك؟
(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تعييب إجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
مثال.
(5) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
لا تثريب على المحكمة استنادها في قضائها على النتيجة التي انتهى إليها الفحص. متى اطمأنت إليها.
(6) استدلالات. تفتيش " إذن التفتيش. إصداره. بياناته " مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم ". دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن الضبط والتفتيش. موضوعي. عدم اشتراط القانون شكلاً معينًا لإذن التفتيش.
الخطأ في بيانات الطاعن ووصف منزله وتوقيع الإذن بتوقيع غير مقروء. غير قادح في جدية التحريات. ما دام أنه المقصود بالإذن.
مضي وقت طويل لإجراء التحريات. غير لازم. لرجل الضبط القضائي الاستعانة في إجرائها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم. شرط ذلك؟
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره "
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم. مثال.
(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع بأن سيارة الشرطة المستخدمة في الانتقال والضبط مجهولة. ما دام الطاعن لم يبين أساس هذا الدفع ومقصده ومرماه منه.
(10) ظروف مخففة. عقوبة " تطبيقها ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
إعمال المحكمة المادة 17 عقوبات دون الإشارة إليها. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة التي وقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون.
مثال.
(11) عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة ". غرامة. ذخائر. ارتباط. محكمة النقض " سلطتها ". نقض " حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون ".
عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص في الفقرة الخامسة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل. طبيعتها: ذات صيغة عقابية بحتة. وجوب إدماجها في عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها عند تطبيق المادة 32 عقوبات. مخالفة هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. يوجب تصحيحه بإلغائها.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أيضًا أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك، وكان تناقض الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة ضابطي الواقعة على النحو الذي أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع طلب اتخاذ إجراء بشأن وقت الضبط فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم ترَ هي من جانبها لزومًا لإجرائه، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا يأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفاديًا من التكرار الذي لا موجب له, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - لما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع قد أبدى أيهما اعتراضًا على تقرير المعمل الجنائي، فإن النعي بتعييب هذا التقرير لا يعدو أن يكون دفعًا لتعييب إجراء من إجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن للمحكمة متى اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها الفحص - ما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم جدية التحريات واطرحه على نحو يتفق وصحيح القانون ذلك أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإن القانون لا يشترط شكلاً معينًا لإذن التفتيش وكان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعن بأسباب طعنه أو الخطأ فيها لا يقدح بذاته في جدية التحريات ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، ولا يوجب القانون حتمًا أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتًا طويلاً في هذه التحريات إذ له أن يستعين فيما يجريه أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين المسريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات بدون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات. فإن منعى الطاعن في هذا المنحى لا يكون سديدًا.
7 - لما كان ما يثيره الطاعن من اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه فمردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي بعدم إجراء معاينة لمكان الضبط ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص فلا يحل له من بعد أن يثير شيئًا من ذك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا في الطعن في الحكم ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول.
9 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن دفع بأن سيارة الشرطة التي استخدمها ضابطا الواقعة في الانتقال والضبط مجهولة لعدم ذكر رقمها واسم قائدها إلا أنه لم يبين أساس دفعه بل أرسله في عبارة عامة لا تشتمل على بيان مقصده منه فإنه يغدو دفعًا مجهلاً ولا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيرادًا وردًا عليه.
10 - لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة المتهم - المطعون ضده - عن الجريمتين المسندتين إليه وإلى وجوب معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لأولهما وهي المنصوص عليها في المواد 1/ 1، 6، 26/ 3، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند " ب " من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المتهم بالسجن المؤبد، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات في حق المتهم، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقًا لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه، وهي إذ نزلت إلى عقوبة السجن المشدد، فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة. ولما كان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون في غير محله.
11 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخائر مما تستعمل على ذلك السلاح وعاقبه المواد 1/ 1، 6، 26، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق والمادة 32 من قانون العقوبات ثم أوقع الحكم على المطعون ضده عقوبتي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات والغرامة التي قدرها خمسة آلاف جنيه والمصادرة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الخامسة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 لجريمة إحراز الذخيرة - وهي الجريمة الأخف - ولو أنها تعد عقوبة مكملة للعقوبة المقيدة للحرية المنصوص عليها في تلك الجريمة الفقرة، إلا أنها لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة, بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة لعقوبة الجريمة الأشد، فإنه كان يتعين إدماج تلك الغرامة في عقوبة هذه الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص وهي الجريمة الأخف بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وهي الأشد عملاً بالمادة 32من قانون العقوبات، يكون قد خالف القانون مما يتعين معه قبول الطعن وتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - أتجر بغير ترخيص في سلاح ناري مششخن " بندقية آلية سريعة الطلقات ". 2 - أحرز بقصد الاتجار ذخائر" عدة طلقات " مما تستعمل على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة دون أن يكون مرخص له في حيازته أو إحرازه.
وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند " ب " من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات مع تغريمه مبلغ خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه مع مصادرة السلاح والذخائر المضبوطين بعد أن استبعدت قصد الاتجار.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

أولاً: - بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه: -
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخائر مما تستعمل على السلاح سالف الذكر قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه اعتنق تصويرًا للواقعة غير مقبول، ونازع الطاعن في وقت الضبط مما كان لزامًا على المحكمة إجراء تحقيق في هذا الشأن، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات رغم تناقضها، ولم يورد أقوال الشاهد الثاني واكتفى في بيانها بالإحالة إلى أقوال الشاهد الأول، كما عول في قضائه بالإدانة على تقرير المعمل الجنائي دون أن يفطن إلى اختلاف رقم السلاح المثبت به عنه بكارت التحريز، واطرح بما لا يسوغ دفاعه ببطلان إذن التفتيش لتناقض التحريات في شأن قصد الطاعن من إحراز السلاح الناري والذخيرة والخطأ في بيانات الطاعن ووصف منزله والتلاحق الزمني بين تسطير محضر التحريات واستصدار الإذن، فضلاً عن أن توقيع وكيل النيابة على إذن التفتيش غير مقروء، كما اطرح الحكم إنكار الطاعن للاتهام المسند إليه دون أن يبين سبب ذلك، وأخيرًا أغفل طلبه إجراء معاينة لمنزل الطاعن والتحقيق بشأن رقم واسم قائد سيارة الشرطة التي استخدمها ضابطا الواقعة في الانتقال والضبط، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أيضًا أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك، وكان تناقض الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة ضابطي الواقعة على النحو الذي أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع طلب اتخاذ إجراء بشأن وقت الضبط فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم ترَ هي من جانبها لزومًا لإجرائه، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفاديًا من التكرار الذي لا موجب له, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع قد أبدى أيهما اعتراضًا على تقرير المعمل الجنائي، فإن النعي بتعييب هذا التقرير لا يعدو أن يكون دفعًا لتعييب إجراء من إجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا إلى أنه من المقرر أن للمحكمة متى اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها الفحص - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم جدية التحريات واطرحه على نحو يتفق وصحيح القانون ذلك أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروح - فإن لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وإن القانون لا يشترط شكلاً معينًا لإذن التفتيش وكان خلو محضر التحريات من إيراد البيانات التي ساقها الطاعن بأسباب طعنه أو الخطأ فيها لا يقدح بذاته في جدية التحريات ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، ولا يوجب القانون حتمًا أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتًا طويلاً في هذه التحريات إذ له أن يستعين فيما يجريه أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات بدون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات، فإن منعى الطاعن في هذا المنحى لا يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه فمردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي بعدم إجراء معاينة لمكان الضبط ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص فلا يحل له من بعد أن يثير شيئًا من ذك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا في الطعن في الحكم ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن دفع بأن سيارة الشرطة التي استخدمها ضابطا الواقعة في الانتقال والضبط مجهولة لعدم ذكر رقمها واسم قائدها إلا أنه لم يبين أساس دفعه بل أرسله في عبارة عامة لا تشتمل على بيان مقصده منه فإنه يغدو دفعًا مجهلاً ولا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيرادًا وردًا عليه، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: - بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة: -
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه دان المطعون ضده بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخائر مما تستعمل على السلاح سالف الذكر وعاقبه بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه قد أخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك بأنه نزل بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحد الأدنى المقرر لها قانونًا سيما وأنه لم يشر إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، كما أعمل في حق المطعون ضده المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يقتضي الحكم عليه بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة الأولى بوصفها الجريمة الأشد دون الحكم بعقوبة الغرامة المنصوص عليها بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية في الجريمة الأخف وهي الجريمة الثانية، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إنه وإن كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة المتهم - المطعون ضده - عن الجريمتين المسندتين إليه وإلى وجوب معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لأولهما وهي المنصوص عليها في المواد 1/ 1، 6، 26/ 3، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند " ب " من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المتهم بالسجن المؤبد، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات في حق المتهم، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقًا لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه، وهي إذ نزلت إلى عقوبة السجن المشدد، فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة. ولما كان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخائر مما تستعمل على ذلك السلاح وعاقبه المواد 1/ 1، 6، 26، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق 32 من قانون العقوبات ثم أوقع الحكم على المطعون ضده عقوبتي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات والغرامة التي قدرها خمسة آلاف جنيه والمصادرة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الخامسة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 لجريمة إحراز الذخيرة - وهي الجريمة الأخف - ولو أنها تعد عقوبة مكملة للعقوبة المقيدة للحرية المنصوص عليها في تلك الفقرة، إلا أنها لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة, بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة لعقوبة الجريمة الأشد، فإنه كان يتعين إدماج تلك الغرامة في عقوبة هذه الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص وهي الجريمة الأخف بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات، يكون قد خالف القانون مما يتعين معه قبول الطعن وتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.