باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الثلاثاء (ب)

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى محمد مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود محمد محيي الدين، عبد الباري عبد الحفيظ حسن، هاني محمد صميدة نواب رئيس المحكمة ورضا إبراهيم كرم الدين
وبحضور رئيس النيابة السيد/ ................
وأمين السر السيد/ ....................
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الثلاثاء 7 من صفر سنة 1435هـ الموافق 10 ديسمبر سنة 2013م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5729 لسنة 73 ق.

المرفوع من:
ضـد


الوقائع

في يوم ../ ../ 2003 طُعِن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا الصادر بتاريخ ../ ../ 2003 في الاستئنافين رقمي .... لسنة 52 ق، ........ لسنة 53 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات.
وفي ../ ../ 2003 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرة وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة ../ ../ 2013 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
وبجلسة ../ ../ 2013 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة كل على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ هاني محمد صميدة " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى ...... لسنة 1996 مدني ...... الابتدائية على الطاعن بصفته وآخر - غير مختصم في الطعن - بطلب الحكم بإلزام الأول بأن يؤدي لها مبلغ 146025 جنيهًا (مائة وستة وأربعين ألف وخمسة وعشرين جنيها). تعويضًا عن استيلائه على مساحة مائتين وثمانية وخمسين مترًا من الأرض المملوكة لها بالميراث عن والدها والكائنة بزمام قحافة - قسم ثان طنطا، لإنشاء شارع الكورنيش دون اتباع إجراءات نزع الملكية. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي لها المبلغ المطالب به قيمة الأرض المستولي عليها شاملاً مقابل عدم الانتفاع بها. استأنفت المطعون ضدها الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم ..... لسنة 52 ق، كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم ..... لسنة 53 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت برفضهما. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بصفته بالوجه الأول من السببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بانتفاء صفة المطعون ضدها في الدعوى لخلوها مما يفيد ملكيتها لأرض التداعي، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بعقد القسمة العرفي المؤرخ 1/ 8/ 1991 المحرر بينها وأشقائها سندًا لملكيتها وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، رغم أن ذلك العقد لا يحاج به في مواجهة الغير، وأن مورثها كان يمتلك مسطح التداعي بعقد مسجل ضمن مساحة أكبر مع آخرين على الشيوع، ولم يتم قسمتها فيما بينهم، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحقوق العقارية تنتقل من المورث إلى الورثة بمجرد الوفاة طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن الحصة الشائعة يصح أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها كما أنه لا صفة للخصم في التمسك بعدم تسجيل عقد القسمة إذا لم يدع حقًا يتعارض مع الحق الثابت فيه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على ما خلص إليه سائغًا من أن أرض النزاع مملوكة لمورث المطعون ضدها ضمن مساحة أكبر على الشيوع بموجب العقد المسجل رقم ...... في 5/ 4/ 1964 شهر عقاري ......، بوفاته انتقلت ملكيتها إلى ورثته ومن بينهم المطعون ضدها، وأن الأخيرة اختصمت بهذه المساحة بموجب عقد القسمة المؤرخ 1/ 8/ 1991 المقضي بصحة توقيع الورثة عليه في الدعوى ...... لسنة 93 كلي ......، وتأيد ذلك بما ثبت من تقرير الخبير من صدور ترخيص بالبناء عليها من حي ثان ....... برقم 336/ 2 لسنة 1991 بتاريخ 25/ 12/ 1991 باسم المطعون ضدها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول إنه اعتد في تقدير التعويض عن الاستيلاء بتاريخ رفع الدعوى عام 1996 في حين أنه يقدر بوقت الاستيلاء الفعلي الحاصل في 25/ 2/ 1991 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان استيلاء الحكومة على العقار جبرًا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يُعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض، وأنه ليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للغاصب، ويستتبع هذا النظر أن يظل على ملكية صاحبه ويكون له حق استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر مرسوم بنزع ملكية العقار أو يستحيل رده إليه أو أن يختار هو تعويضه عنه، وفي الحالتين الأخيرتين يكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض المضرور سواء في ذلك ما كان قائمًا وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم، لأن الضرر كلما كان متغيرًا تعين على القاضي النظر في تقدير قيمته ليس كما كان عندما وقع بل كما صار إليه عند الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذ قّدر التعويض عن الاستيلاء على الأرض موضوع النزاع - دون اتباع إجراءات نزع الملكية - بقيمتها وقت رفع الدعوى التزامًا بطلبات المطعون ضدها يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن تاريخ صدور قرار اعتماد خط التنظيم في 31/ 7/ 1967 هو تاريخ استحقاق التعويض، وهو الذي يبدأ منه احتساب مدة التقادم والتي تكتمل في 30/ 7/ 1981، وإذ أقامت المطعون ضدها دعواها مطالبة بالتعويض في سنة 1996 فإن حقها في المطالبة بالتعويض يكون قد سقط بالتقادم، وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع المبدى منه بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التعويض عن نزع ملكية العقار للمنفعة العامة دون اتباع الإجراءات التي أوجبها القانون لا يستحق لمجرد تعبير الإرادة عن رغبتها في الانتفاع بالأرض طالما أنها لم تنتزع حيازتها من مالكها، وإنما يستحق من تاريخ الاستيلاء الفعلي على العقار، باعتباره الوقت الذي يقع فعل الغصب ويتحقق به الضرر، وكان الالتزام بذلك التعويض مصدره القانون فيتقادم خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد في حساب بدء سريان تقادم دعوى المطعون ضدها بالتعويض عن استيلاء الطاعن بصفته على الأرض محل النزاع دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية بتاريخ الاستيلاء الفعلي الحاصل في 25/ 2/ 1991، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم لإقامتها الدعوى قبل مضي خمسة عشر عامًا من تاريخ هذا الاستيلاء. فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب خصم مقابل التحسين الذي عاد علي أرض المطعون ضدها التي لم تنتزع ملكيتها من التعويض المستحق عن الجزء المنزوع ملكيته,إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أن المشرع نص في المادة 19 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة على أن " يلزم ملاك العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة في المشروعات التنظيم بالمدن دون أخذ جزء منها، بدفع مقابل هذا التحسين بحيث لا يجاوز ذلك نصف التكاليف الفعلية لإنشاء أو توسيع الشارع أو الميدان الذي نتج عنه هذا التحسين، ويسري حكم الفقرة السابقة إذ كان نزع الملكية لمشروعات التنظيم في المدن مقصورًا على جزء من العقار ورأت السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن احتفاظ المالك بالجزء الباقي من العقار لا يتعارض مع الغاية من المشروع المراد تنفيذه. وتنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون الإجراءات الخاصة بتقدير قيمة التحسين وتكاليف المشروع ". وكانت المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون والصادرة بالقرار الوزاري رقم 319 لسنة 1990 قد أحالت على القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن تحديد مقابل التحسين وذلك فيما يتعلق بتقدير قيمة التحسين وتكاليف المشروع، ونصت المادة 13 من القانون الأخير على أن " للمجلس البلدي المختص - في جميع الأحوال - أن يُحصل مقابل التحسين عن طريق خصمه مما يستحق في ذمته لذوي الشأن من تعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة أو التحسين " ومفاد ذلك أنه يجب عند تقدير التعويض مراعاة ما يكون قد طرأ على قيمة الجزء الذي ينتزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة في مشروعات التنظيم بالمدن من زيادة بحيث لا يزيد مقابل التحسين عن نصف قيمة التكاليف الفعلية لإنشاء أو توسيع الشارع أو الميدان الذي نتج عنه هذا التحسين، ويحصل فقط عن طريق خصمه مما يستحق لذوي الشأن من تعويض عن الجزء المستولى عليه والمنزوعة ملكيته، وسواء في ذلك أن تكون الإجراءات القانونية في نزع الملكية قد اتبعت أم لا. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه لم يتم الاستيلاء سوى على جزء من أرض المطعون ضدها لتوسيع شارع الكورنيش، وتمسك الطاعن بصفته بأن باقي المساحة التي لم تنتزع ملكيتها طرأ عليها تحسين نتيجة هذه التوسعة بما يقتضي أن يخصم مقابله من قيمة التعويض المستحق عن الجزء الذي اقتطع من ملكها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض الذي قدره دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى يكون معيبًا بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا في هذا الخصوص.