جلسة 13 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد حسن العبادي, سمير حسن, عبد الله لملوم ومحمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة.

(7)
الطعن رقم 7595 لسنة 81 القضائية

(1 - 4) نقض "أثر النقض أمام محكمة الإحالة". دعوى "الإدخال في الدعوى" "الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري". حكم "القصور في التسبيب". تحكيم "إدخال خصوم في الدعوى التحكيمية".
(1) نقض الحكم والإحالة. التزام محكمة الإحالة بإتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها. اكتساب حكم محكمة النقض حجية الشئ المحكوم فيه في المسائل التي بت فيها. أثره. امتناع محكمة الإحالة المساس بهذه الحجية عند إعادة نظر الدعوى.
(2) نقض الحكم للقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع. جواز أن تقضي محكمة الإحالة في هذه الحالة بما قضت به في الحكم المنقوض. شرطه.
(3) طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه التزام المحكمة بإجابته. شرطه.
(4) قضاء الحكم الناقض بعدم مواجهة الحكم المنقوض لدفاع الطاعن الجوهري ببطلان حكم التحكيم محل التداعي لعدم استجابة هيئة التحكيم لطلب إدخال باقي البائعين المتضامنين في الخصومة. فصله في مسألة قانونية متعلقة بأن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال. أثره. ضرورة اتباع محكمة الإحالة الحكم الناقض في تلك المسألة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
(5, 6) نقض "أثر نقض الحكم: الطعن بالنقض للمرة الثانية".
(5) محكمة النقض. وجوب تصديها للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م 269/ 4 مرافعات.
(6) التزام محكمة النقض إذا تصدت للموضوع بإتباع الحكم الناقض في المسألة القانونية التي فيها. علة ذلك. اكتسابه حجية الشئ المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها. مؤداه. اقتصار نظرها لموضوع الدعوى على نطاق المسألة القانونية التي أشار إليها الحكم الناقض. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى فيما عدا ذلك.
(7, 10) تحكيم "ماهيته" "نطاقه" "إدخال خصوم في الدعوى التحكيمية".
(7) التحكيم. ماهيته. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. أساسه القانون. أثره. سلب ولاية القضاء.
(8) قيام التحكيم. شرطه. رضاء الأطراف به كوسيلة تحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.
(9) خصومة التحكيم. نطاقها الشخصي يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم. جواز اختصام من ليس طرفًا في الاتفاق أمام هيئة التحكيم. شرطه. أن يكون من الغير الذي يمتد إليه اتفاق التحكيم. صوره. الإدخال والتدخل وفقًا لقانون المرافعات عند الاختصام.
(10) هيئة التحكيم. التزامها بالتحقق من توافر شروط الإدخال والتدخل وفقًا لقانون المرافعات عند الاختصام.
(11, 12) دعوى "الإدخال في الدعوى". تحكيم "إدخال خصوم في الدعوى التحكيمية".
(11) التزام المحكمة بالتأجيل لإدخال ضامن. شرطه. م 119 مرافعات.
(12) استجابة هيئة التحكيم لاعتراض المحتكمة على تأخر المحتكم ضده في إدخال البائعين المسئولين معه تضامنيًا في الخصومة رغم منحه مهلة لاتخاذ الإجراء إلى ما بعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم. صحيح. علة ذلك.
(13 - 15) تحكيم "التحكيم الدولي: قواعد غرفة التجارة الدولية" "دعوى بطلان حكم التحكيم: ما لا يعد من أسباب البطلان". نظام عام "المسائل الغير متعلقة بالنظام العام".
(13) اتفاق طرفي التحكيم على خضوع إجراءاته لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التي خلت من اشتراط أن يكون وكلاء المحتكمين من بين المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين. عدم تعلق تلك القواعد بالنظام العام. مؤداه. النعي على الحكم بالبطلان لهذا السبب. لا أساس له.
(14) دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لتعييب قضائه في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمه لحقيقة الواقع ورجمه بالخطأ في تفسير القانون وتطبيقه. علة ذلك.
(15) القضاء بناء على العلم الشخصي. ليس من بين حالات البطلان المنصوص عليها في م 53ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التى أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التى فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التى تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشئ المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض.
2 - المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفًا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضى بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التى شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه.
3 - المقرر أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقى المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى.
4 - إذ كان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهرى الذى تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعى - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقى البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هى أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التى فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون فيه في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسًا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذى نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفًا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها فضلاً عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض قد شاب حكمها عيب القصور المبطل.
5 - المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع.
6 - إذ كان الطعن الحالى هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة "محكمة النقض" تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقًا لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزًا لقوة الشئ المحكوم فيه في حدود المسائل التى بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التى أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حره من جميع عناصرها.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات، وأن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسًا إلى حكم القانون الذى أجاز استثناءً سلب ولاية جهات القضاء.
8 - التنظيم القانونى للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هى التى توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية.
9 - الأصل أن النطاق الشخصى لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأى من طرفى التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفًا في الاتفاق إذا كان من الغير الذى يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفى التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذى لم يكن طرفًا في اتفاق التحكيم.
10 - يجب على هيئة التحكيم التحقق من توافر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية.
11 - مؤدى النص في المادة 119/ 1 من قانون المرافعات أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توافر شرطان أولهما أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية وثانيهما أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيًا لها.
12 - إذ كان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعى - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 31 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يومًا للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعى وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هى استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعى باتخاذ ذلك الإجراء في أى مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعى على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائمًا على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.
13 - قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التى ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالاً لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيًا وإما بمن يمثلهم قانونًا ولهم أيضًا الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعى على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.
14 - ليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوى في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف.
15 - إذ كانت أوجه النعى التى وردت بهذا السبب" إخلال هيئة التحكيم بحق الدفاع لعدم الاستجابة إلى طلب الطاعن سماع الشهود وعدم السماح للخبير المعين من قبله بالحضور أمامها،فى حين أنها سمحت لخبير الشركة المحتكمة بالحضور لديها، كما لم تمكنه من الاطلاع على دفاتر ومستندات تلك الشركة، وأقامت قضاءها في الدعوى بناء على علمها الشخصى بعد استبعاد تقارير الخبراء الاكتواريين المقدمة لها" ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوى في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببًا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصى، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعى أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر, والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم ..... لسنة 123ق استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما بتاريخ 14 من يونيو سنة 2004 وثانيهما بتاريخ 14 من مارس سنة 2006 في الدعوى التحكيمية رقم ..... مركز القاهرة للتحكيم الدولي, وقال بيانًا لها أنه بموجب عقد مؤرخ 14 من أغسطس سنة 2000 تعاقد وآخرون مع الشركة المطعون ضدها على أن تقوم الأخيرة بشراء أسهم الأولين في الشركة الفرعونية للتأمين وانطوى العقد على شرط التحكيم, وإذ نشب خلال بينهم بشأن تنفيذ العقد لجأت الشركة المطعون ضدها إلى التحكيم بطلب إلزام الطاعن بالتعويض لوجود تناقضات في حسابات الشركة "شركة التأمين" ولدى نظر الدعوى التحكيمية طلب الطاعن إدخال باقي البائعين خصومًا في التحكيم, وبتاريخ .... حكمت هيئة التحكيم برفض هذا الطلب, وبتاريخ ..... حكمت بإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضدها - المحتكمة - مبلغ ..... جنيهًا والفوائد بواقع 4% سنويًا من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد, ومن ثم أقام دعواه بطلب بطلان حكمي التحكيم, وبتاريخ ..... قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 10132 لسنة 78ق, وبتاريخ ........ نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة, وبعد أن عجل الخصوم الدعوى حكمت بتاريخ ........ برفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب, إذ لم يتبع الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 10132 لسنة 78ق في المسألة القانونية التي فصل والتي تتصل بأطراف خصومة التحكيم وبأنها تقبل التعدد وإدخال الغير فيها وانتهى إلى أن تلك الخصومة لا تقبل الإدخال, وأن عدم استجابة هيئة التحكيم لطلب الإدخال لا يصم حكمها بالبطلان, ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى وقد حجبه ذلك عن بحث مدى توافر مقومات قبول هذا الإدخال ولزومه في الدعوى التحكيمية, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك بأن من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ نقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التى أصدرته، فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض في المسألة القانونية التى فصل فيها، والمقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال هو الواقعة التى تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها - في هذا الخصوص - حجية الشئ المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظرها الدعوى أن تمس هذه الحجية ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض, كما أن من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض سلفًا لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة - في هذه الحالة - أن تقضى بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التى شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه ومن المقرر - أيضًا - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه يتعين على المحكمة إجابته إليه وتأجيل الدعوى لإدخال باقى المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى. لما كان ذلك, وكان الحكم الناقض انتهى إلى أن الحكم المنقوض لم يواجه دفاع الطاعن الجوهرى الذى تمسك فيه ببطلان حكم التحكيم - محل التداعى - لعدم استجابة هيئة التحكيم إلى طلبه بإدخال باقى البائعين المتضامنين معه في خصومة التحكيم بما يصلح ردا عليه وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص بعينهم، ومن ثم فإن الحكم الناقض يكون قد قطع في مسألة قانونية هى أن الخصومة التحكيمية تقبل الإدخال وبذلك فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تتبع هذا الحكم في تلك المسألة التى فصل فيها، وإذ لم تلتزم المحكمة المطعون فيه في حكمها بهذا النظر وأقامت قضاءها برفض دعوى البطلان تأسيسًا على أن الخصومة التحكيمية لا تقبل الإدخال مما حجبها عن استدراك عيب القصور الذى نعاه الحكم الناقض على الحكم المنقوض بعدم بحث ما إذا كان الطاعن قد اتخذ إجراءات إدخال الخصوم المراد إدخالهم في الميعاد المقرر سلفًا والوقوف على مدى لزومه في الدعوى التحكيمية المطروحة، فإنها فضلاً عن مخالفتها لحجية الحكم الناقض قد شاب حكمها عيب القصور المبطل مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض إذا رأت نقض الحكم المطعون فيه، وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع, وإذ كان الطعن الحالى هو طعن للمرة الثانية، فإن هذه المحكمة "محكمة النقض" تتصدى لموضوع الدعوى، إلا أنه يتعين عليها - وفقًا لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تلتزم بحجية الحكم الناقض باعتباره حائزًا لقوة الشئ المحكوم فيه في حدود المسائل التى بت فيها ويمتنع عليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، كما يتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التى أشار إليها الحكم الناقض، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ولهذه المحكمة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حره من جميع عناصرها. ولما تقدم - وكان من المقرر - أيضًا - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات، وأن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسًا إلى حكم القانون الذى أجاز استثناءً سلب ولاية جهات القضاء, إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هى التى توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم أو من حيث أطراف الخصومة التحكيمية, وإنه وإن كان الأصل أن النطاق الشخصى لخصومة التحكيم يتحدد بأطراف الاتفاق على التحكيم إلا أنه يجوز لأى من طرفى التحكيم أن يختصم أمام هيئة التحكيم من ليس طرفًا في الاتفاق إذا كان من الغير الذى يمتد إليه هذا الاتفاق ويكون الاختصام - في هذه الحالة - بناء على طلب أحد طرفى التحكيم ويتخذ صورة الإدخال أو التدخل ويشترط موافقة الطرف الآخر في التحكيم على هذا الاختصام كما يشترط - في حالة الإدخال - موافقة الغير الذى لم يكن طرفًا في اتفاق التحكيم, ويجب على هيئة التحكيم التحقق من توافر شروط الإدخال والتدخل المنصوص عليها في المواد 117، 119، 126 من قانون المرافعات، وذلك بما يتفق منها مع الطبيعة الاستثنائية للخصومة التحكيمية, وكان النص في المادة 119/ 1 من القانون المشار إليه على أنه "يجب على المحكمة في المواد المدنية إجابة الخصم إلى طلب تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان الخصم قد كلف ضامنه الحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى" مؤاده أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم طالب الإدخال إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إلا إذا توافر شرطان أولهما أن تكون الدعوى المطلوب إدخال ضامن فيها دعوى مدنية وثانيهما أن ترفع دعوى الضمان خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان طالب الإدخال بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، ومن ثم فإنه إذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما فلا تكون المحكمة ملزمة بالتأجيل وإنما يكون ذلك جوازيًا لها. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق ومما سجله حكم التحكيم المطعون عليه أن الشركة المحتكمة - المدعى عليها في دعوى البطلان - قررت في مذكرتها المؤرخة 4 مايو سنة 2003 أن للمحتكم ضده - المدعى - الحق في أن يضم إلى التحكيم البائعين الآخرين المسئولين معه مسئولية تضامنية تكافلية، بيد أن الأخير لم يتقدم بطلب الضم المذكور إلا بمذكرته المؤرخة في 31 ديسمبر سنة 2003 وطلب فيها مهلة لا تقل عن 120 يومًا للإدخال، وإذ تم اكتمال تشكيل هيئة التحكيم في 6 يونيه سنة 2003 والتوقيع على صك مهمتها في 12 نوفمبر سنة 2003 فقد اعترضت المحتكمة بمذكرتها المقدمة في 30 مارس سنة 2004 على الضم لتأخر وقته واكتمال إجراءات التحكيم مما يبين منه أن عدم نفاذ الإجراء كان مرده إلى فعل المدعى وعدم قيامه به في وقته المناسب فلا على هيئة التحكيم إن هى استجابت لاعتراض المحتكمة ولم تعتبر موافقتها الأولى على الإدخال موافقة غير مشروطة على قيام المدعى باتخاذ ذلك الإجراء في أى مرحلة من مراحل التحكيم وانتهت من ذلك إلى رفض طلب الإدخال، مما يضحى معه النعى على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب قائمًا على خلاف سنده الصحيح من الواقع والقانون جدير بالرفض.
وحيث إنه عما يثيره المدعى بشأن بطلان حكم التحكيم لقبول هيئة التحكيم مثول محام لديها عن الشركة المحتكمة غير مصري الجنسية فإنه في غير محله, ذلك بأن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس التى ارتضى الطرفان إخضاع إجراءات التحكيم لها إعمالاً لنص المادة 17/ 3 من اتفاق التحكيم قد نصت في المادة 21/ 4 منها على أن يمثل الأطراف إما شخصيًا وإما بمن يمثلهم قانونًا ولهم أيضًا الاستعانة بمستشارين ولم تشترط تلك القواعد أن يكون وكلاء المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصريين، وإذ كانت تلك القواعد لا تتعارض مع النظام العام في مصر، فإن النعى على حكم التحكيم بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه عما يثيره المدعى بشأن إخلال هيئة التحكيم بحقه في الدفاع لعدم الاستجابة إلى طلبه بسماع أقوال الرئيس التنفيذي للشركة المحتكمة واستدعاء شاهد الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وعدم السماح لخبير التأمين المعين من قبله بالحضور أمامها, في حين أنها سمحت لخبير الشركة المحتكمة بالحضور لديها كما لم تمكنه من الاطلاع على دفاتر تلك الشركة والمستندات المقدمة منها وأقامت قضاءها في الدعوى بناء على علمها الشخصي بعد استبعاد تقارير الخبراء الاكتواريين المقدمة لها, فإن جميع تلك المناعى مردود عليها بما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه, وأنه ليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمة أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوى في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأن خطأهم - على فرض وقوعه - لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم لأن دعوى البطلان تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك, وكانت أوجه النعى التى وردت بهذا السبب ليست من ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وأنها تنطوى في حقيقتها على إعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء التحكيم بشأن تقدير المحكمين لأدلة الدعوى والمستندات المقدمة فيها مما لا يجوز أن يكون سببًا لدعوى البطلان، كما وأن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الحكم لقضاء هيئة التحكيم بناء على علمها الشخصى، فإنه مردود عليه بأن المحكم يختاره الخصوم - بالدرجة الأولى - لوافر خبرته بالمسائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعى أن تنعكس تلك الخبرة على قراره ولا يصح أن يوصم قضاؤه بالبطلان لهذا السبب, مما يضحي معه النعي - برمته - على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الدعوى.