جلسة 10 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد المستشار/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ربيع لبنة وأحمد عبد الودود ومحمد أنيس. نواب رئيس المحكمة.

(13)
الطعن رقم 10227 لسنة 83 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن".
ورود التوكيل بصيغة التعميم في التقاضي ثم العودة إلى التخصيص. بخصوص قضية أخرى غير التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. أثره؟
ما سكت التوكيل عن ذكره في معرض التخصيص. يكون خارجًا عن حدود الوكالة.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". إثبات "شهود".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغًا.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
انفراد الضابط بالشهادة. لا ينال من سلامة أقواله.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
القضاء بالإدانة. مفاده؟
(3) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الدليل". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوعهما بناء على الإذن ردًا عليه.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شاهد النفي. ما دامت لا تثق بما شهد به. عدم التزامها بالإشارة إلى أقواله. علة ذلك؟
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. حد ذلك؟
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. طالما اقتنعت المحكمة بجدية الاستدلالات وكفايتها لتسويغ إصداره.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. مناطها؟
كفاية انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة لاعتباره حائزًا لها. ولو أحرزها شخصًا غيره.
اطمئنان محكمة الموضوع إلى انبساط سلطان الطاعن على المواد المخدرة المضبوطة للأدلة الثابتة بالأوراق. سائغ. النعي عليها في هذا الشأن. غير مقبول.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة".
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة. لا يصح سببًا للنعي على الحكم.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(7) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم فيها اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(8) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحًا محددًا.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة عدم إجابة الطاعن إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية. غير مجد.
مثال.
(10) عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". مواد مخدرة. ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". قانون "تفسيره".
عدم التزام الحكم المطعون فيه الحد الأدنى المقرر للعقوبة. في جريمة حيازة وإحراز جوهرًا مخدرًا بقصد الاتجار بعد إعمال حكم المادتين 17 عقوبات و36 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل. خطأ في تطبيق القانون. يوجب تصحيحه. حد ذلك؟
1 - لما كان البين من مطالعة التوكيل الذي تقرر الطعن بالنقض بمقتضاه عن الطاعن الأول أنه بعد أن ورد بصيغة التعميم في التقاضي، عاد فخصص بنص صريح أنه بخصوص القضية رقم..... لسنة...... إداري...... - وهى قضية أخرى غير تلك التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - فإن مفهوم هذا أن ما سكت التوكيل عن ذكره في معرض التخصيص يكون خارجًا عن حدود الوكالة، ومن ثم فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة مفصحًا عن عدم قبوله شكلاً.
2 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروكًا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها وكيفية القبض على الطاعن ووثقت بروايته المؤيدة بالدليل الفني، وكان عدم كشفه لأفراد القوة المرافقة له وانفراده بالشهادة لا يوهن من الدليل المستمد من أقواله ولا يؤدى بطريق اللزوم إلى طرحها متى كانت المحكمة قد وثقت بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال شاهد الإثبات وما يسوقه من قرائن تشير إلى أن الواقعة مجرد مشاجرة وتلفيق الاتهام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأديًا لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، كما أن القضاء بالإدانة يفيد ضمنًا عدم اطمئنانه إلى دفاع الطاعن بشأن انتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق التهمة، فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذًا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، ولا ينال من ذلك إغفال الحكم التعرض لأقوال شاهد النفي في هذا الخصوص ذلك أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن لأقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، وكان لا محل لما يثيره الطاعن في شأن دلالة البرقيات التلغرافية المرسلة في هذا الصدد ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع،ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، كما ردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتًا بالأوراق، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد حريًا بالاطراح.
5 - لما كان البين أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشرًا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأيـــة صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا المادة المخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المواد المخدرة المضبوطة تأسيسًا على أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون سديدًا.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن سؤال مستأجر العقار الذي ضبط فيه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهد الإثبات.
7 - لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين مخدر الحشيش المضبوط المثبت بمحضر الشرطة عن ذلك المقدم للنيابة والذي أجرى التحليل عليه أن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وفى عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من اطلاقاتها.
8 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها وأوجه الدفاع المسطور عليها والتي عاب على الحكم عدم التعرض لها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
9 - لما كان ما ينعاه الطاعن على المحكمة من التفاتها عن طلبه الاحتياطي بسماع أقوال شاهد الإثبات مردودًا بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن وإن قدم ثلاث حوافظ مستندات أورى بأسباب الطعن أن الدفاع المسطور على إحداها انتهى أصليا إلى طلب البراءة واحتياطيًا استدعاء شاهد الإثبات لمناقشته، إلا أن البين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه ترافع شفاهة في الدعوى ولم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفًا تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية.
10 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة وإحراز الجوهر المخدر بقصد الاتجار - باعتبارها الجريمة الأشد - مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل هي السجن المشدد لمدة لا تقل عن ست سنوات وغرامة مائة ألف جنيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة السالبة للحرية إلى السجن المشدد لمدة خمس سنوات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن لتصحيحه، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعًا من المحكوم عليه وحده فلا تملك محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه إعمالاً لحكم المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين لأنهما أولاً: - حازا بقصد الاتجار عقار الترامادول المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا. ثانيًا: - حازا ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية بغير ترخيص. المتهم الأول أيضًا: - أحرز بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال بها قانونًا. المتهم الثاني أيضًا: - حاز بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالتها إلى محكمة جنايات لمحاكمتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1, 2, 7/ 1, 27/ 1, 34/ 1 بند أ, 42/ 1, 44/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977, 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول الأول والفقرة (د) من الجدول الثالث الملحقين بالقانون الأول والمعدلين بقرارات وزير الصحة أرقام 295 لسنة 1976, 89 لسنة 1989, 46 لسنة 1997, 122 لسنة 2004 والمواد 6, 12/ 1, 26/ 5, 29, 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978, 165 لسنة 1981 وبعد إعمال المادتين 17, 32/ 2 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون 181 لسنة 1960 المعدل سالف البيان بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمهما مائة ألف جنيه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.......إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من مطالعة التوكيل الذي تقرر الطعن بالنقض بمقتضاه عن الطاعن الأول أنه بعد أن ورد بصيغة التعميم في التقاضي، عاد فخصص بنص صريح أنه بخصوص القضية رقم..... لسنة...... إداري...... - وهى قضية أخرى غير تلك التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - فإن مفهوم هذا أن ما سكت التوكيل عن ذكره في معرض التخصيص يكون خارجًا عن حدود الوكالة، ومن ثم فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة مفصحًا عن عدم قبوله شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وإحراز جوهر الحشيش وعقار الترامادول المخدرين بقصد الاتجار وحيازة ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه اعتنق تصوير ضابط الواقعة رغم مخالفته للحقيقة والواقع وانفراده بالشهادة ولم يفطن إلى أن الواقعة في حقيقتها مجرد مشاجرة نشبت بين الطاعنين وشاهد الإثبات إثر حادث تصادم بما ينبئ عن تلفيق الاتهام وانتفاء صلته بالمضبوطات هذا إلى أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما مستدلاً على ذلك بأقوال شاهد النفي والبرقيات المرسلة من ذويه وببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وبشيوع الاتهام وانعدام سيطرته المادية على مكان الضبط الذي كان يقيم فيه على سبيل الاستضافة غير أن المحكمة أطرحت هذه الدفوع جميعها في عبارة قاصرة لا يسوغ بها اطرحها ولم تعن بإجراء تحقيق من جانبها بسؤال مستأجر الشقة محل الضبط – الذي قعدت النيابة العامة عن استجوابه – استجلاء للحقيقة وأعرضت عن دفاعه باختلاف وصف الأحراز الثابتة بمحضر الضبط عن تلك التي عرضت على النيابة العامة كما التفتت عن حوافظ المستندات المقدمة بالجلسة ولم تعن بالرد على الدفاع المسطور عليها ولم تجبه إلى طلبه الاحتياطي بمناقشة شاهد الإثبات, كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابط شاهد الإثبات وما ثبت من تقريري المعلمين الكيماوي والجنائي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك, وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروكًا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها وكيفية القبض على الطاعن ووثقت بروايته المؤيدة بالدليل الفني، وكان عدم كشفه لأفراد القوة المرافقة له وانفراده بالشهادة لا يوهن من الدليل المستمد من أقواله ولا يؤدى بطريق اللزوم إلى طرحها متى كانت المحكمة قد وثقت بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال شاهد الإثبات وما يسوقه من قرائن تشير إلى أن الواقعة مجرد مشاجرة وتلفيق الاتهام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأديًا لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، كما أن القضاء بالإدانة يفيد ضمنًا عدم اطمئنانه إلى دفاع الطاعن بشأن انتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق التهمة، فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذًا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، ولا ينال من ذلك إغفال الحكم التعرض لأقوال شاهد النفي في هذا الخصوص ذلك أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن لأقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، وكان لا محل لما يثيره الطاعن في شأن دلالة البرقيات التلغرافية المرسلة في هذا الصدد ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، كما ردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتًا بالأوراق، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد حريًا بالاطراح. لما كان ذلك, وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشرًا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأيـــة صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا المادة المخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المواد المخدرة المضبوطة تأسيسًا على أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون سديدًا. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن سؤال مستأجر العقار الذي ضبط فيه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهد الإثبات. لما كان ذلك, وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين مخدر الحشيش المضبوط المثبت بمحضر الشرطة عن ذلك المقدم للنيابة والذي أجرى التحليل عليه أن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وفى عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من اطلاقاتها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها وأوجه الدفاع المسطور عليها والتي عاب على الحكم عدم التعرض لها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك, وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة من التفاتها عن طلبه الاحتياطي بسماع أقوال شاهد الإثبات مردودًا بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن وإن قدم ثلاث حوافظ مستندات أورى بأسباب الطعن أن الدفاع المسطور على إحداها انتهى أصليا إلى طلب البراءة واحتياطيًا استدعاء شاهد الإثبات لمناقشته، إلا أن البين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه ترافع شفاهة في الدعوى ولم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفًا تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية. لما كان ذلك, وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة وإحراز الجوهر المخدر بقصد الاتجار - باعتبارها الجريمة الأشد - مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل هي السجن المشدد لمدة لا تقل عن ست سنوات وغرامة مائة ألف جنيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة السالبة للحرية إلى السجن المشدد لمدة خمس سنوات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن لتصحيحه، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعًا من المحكوم عليه وحده فلا تملك محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه إعمالاً لحكم المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.