مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 284

(32)
جلسة 26 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 19382 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - محمد منير السيد جويفل.
2 - يحيى عبد الرحمن يوسف.
3 - مصطفى سعيد مصطفى حنفى.
4 - فوزي عبد الراضى سليمان أحمد.
5 - جعفر محمد قاسم.
6 - عليوة مصطفى عيسى فتح الباب.
7 - أحمد عبد الحميد محمد خليل.
( أ ) عقد إداري - عقد التوريد - إذا قررت السلطة المختصة اعتماد تقرير لجنة الفحص وقبلت الأصناف الموردة فإن المورد يكون قد أوفى بالتزاماته المحددة في العقد، ويتعين على الجهة الإدارية الوفاء بالتزامها بسداد الثمن - لا يجوز لها تشكيل لجان أخرى لإعادة عملية الفحص، ثم الادعاء بمخالفة الأصناف الموردة للمواصفات - إذا كانت لجنة الفحص الأولى قد أخطأت في عملية الفحص فالإدارة وشانها إزاء أعضاء هذه اللجنة من حيث مساءلتهم جنائيًا وتأديبيًا وتحميلهم نتيجة أخطائهم. (1)
المواد المطبقة ( أ ):
المواد (90) و(93) و(97) و(102) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998.
(ب) عقد إداري - عقد التوريد - تحتسب الفوائد القانونية المستحقة فيها بنسبة 5%؛ لما يغلب عليها من الطابع التجاري.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 7/ 2005 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الخامسة) بجلسة 14/ 6/ 2005 في الدعوي رقم 10787 لسنة 57 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجامعة المدعى عليها أن تؤدي للشركة المدعية مبلغ (أربع مئة وسبعة وثلاثين ألفا وسبع مئة وأحد عشر جنيها وسبعة قروش)، وفوائده القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الجامعة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم - بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإلغائه والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت بجلسة 6/ 2/ 2008 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع وحددت لنظره جلسة 29/ 4/ 2008، ومن ثم نظرته المحكمة في الجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر، حيث أودع الحاضر عن الجامعة حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وأودع الحاضر عن الشركة مذكرة دفاع، وبجلسة 6/ 1/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/ 2/ 2009، وفيها تقرر إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 21/ 4/ 2009 وعلى الجامعة بيان ما تم بشأن الأصناف التي رفضت قبول توريدها من الشركة المطعون ضدها وما إذا كانت باعتها لحساب الشركة من عدمه، وعليها الإرشاد عما تم في الطعن رقم 19380 لسنة 51 ق ع، وبجلسة 13/ 10/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15/ 2/ 2009 مع التصريح بمذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وخلال الأجل المضروب قدم المطعون ضده حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبالجلسة المذكورة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع محل الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في إن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 10787 لسنة 57 ق، طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام جامعة الأزهر سداد مبلغ 497665 جنيها، قيمة عدد 6169 كرسيا و8050 منضدة تم توريدها للجامعة، وإلزامها دفع مئة ألف جنيه على سبيل التعويض عن الضرر الذي لحق بالشركة، مع الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ رفع الدعوى.
وذكرت الشركة شرحا لدعواها أن الجامعة أصدرت لها أمر توريد في 13/ 12/ 2001 بتوريد عدد 6666 كرسي نصف فوتيه، وعدد 10000 منضدة امتحان خشب، بقيمة إجمالية قدرها 583310 جنيهات، وأنها قامت بالتوريد عدا 497 كرسيا و1995 منضدة وأنه تم تسليم التوريدات للجامعة، وقامت لجنة الفحص الفني بفحصها وقررت قبولها بنسبة خصم قدره 2%، وقد ارتضت الشركة نسبة الخصم، ووقَّع مندوبها على ذلك، ورغم ذلك لم تقم الجامعة بصرف مستحقاتها، وعاودت رفع نسبة الخصم إلى 10% حيث قبلت الشركة ذلك، إلا أنها امتنعت عن صرف المستخلصات أو ردِّ الأصناف، وقد ترتب على ذلك تحمل الشركة فوائد بنكية نتيجة تعطيل صرف المستحقات.
وبجلستها المنعقدة في 14/ 6/ 2005 قضت المحكمة المذكورة بحكمها سالف الذكر، وشيدته على أن الثابت أن الشركة قد قامت بتوريد الأصناف المشار إليها، وقد قبلتها لجنة الفحص بنسبة خصم 2% واعتمد محضرها من السلطة المختصة، وبعد مرور أكثر من شهر ونصف جرى تشكيل لجنة أخرى انتهت إلى رفض الأصناف المقبولة، كما انتهى تقرير لجنة شكلت من كلية هندسة الأزهر إلى ذات النتيجة، إلا أن القرار الصادر برفض الأصناف لم يكن مسببًا، وأُعد بعد أن استنفدت اللجنة الأولى ولايتها، الأمر الذي تكون معه مطالبة الشركة المدعية للجامعة المدعى عليها بقيمة الأصناف الموردة لها سندها من القانون، ويتعين إلزام الجامعة سدادها، مع فوائدها القانونية بنسبة 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد؛ إعمالا لحكم المادة 226 من القانون المدني، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وإذا لم ترتض الجامعة الطاعنة هذا القضاء أقامت للطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، والإخلال بحق الدفاع؛ استنادا إلى أنه بعد تسلم الأصناف وردت شكوى بشأن وجود مخالفات شابت أعمال لجنة الفحص، الأمر الذي ترتب عليه تشكيل لجنة أخرى انتهت إلى عدم مطابقة الأصناف للمواصفات، ثم شكلت لجنة ثالثة من كلية هندسة الأزهر انتهت إلى ذات النتيجة، فتم إحالة لجنة الفحص الأولى إلى نيابة الأموال العامة بالبلاغ رقم 4546 في 30/ 4/ 2002، وأخطرت الشركة المطعون ضدها برفض الأصناف وضرورة توريد أصناف بديلة، إلا أنها لم تتمثل لذلك، فتم تسييل خطاب الضمان وتحصيله لحساب الجامعة، وبذلك يكون قرار الجامعة بعدم صرف مستحقات الشركة متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن المواد 90 و93 و97 و102 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 حددت إجراءات تسلم الأصناف المتعاقد على توريدها وتوفيت صرف ثمنها، بدءا من تشكيل لجنة الفحص بقرار من السلطة المختصة، وإخطار المورد بميعاد اجتماعها ليتمكن من حضور عملية الفحص، ومرورا بكيفية الفحص وما يجب على لجنة الفحص إعداده من تقارير تبين مدى مطابقة الأصناف الموردة للمواصفات المتعاقد على أساسها، ترفع إلى السلطة المختصة لاعتمادها، وانتهاء بصرف ثمن الأصناف في أقرب وقت ممكن وبما لا يجاوز خمسة عشر يوم عمل من اليوم التالي لاعتماد قرار لجنة الفحص، وأجازت المادة 102 من اللائحة المشار إليها قبول الأصناف غير المطابقة للمواصفات إذا كانت نسبة النقص أو المخالفة لا تزيد على 20% عما هو مطلوب بالمواصفات.
وغني عن البيان أنه إذا قررت السلطة المختصة اعتماد تقرير لجنة الفحص وقبلت الأصناف الموردة فإن المورد يكون قد أوفى بالتزاماته المحددة في العقد، ويتعين على الجهة الإدارية الوفاء بالتزامها المحدد في العقد والمتعلق بسداد الثمن، ولا يجوز لها في سبيل التنصل من الوفاء بهذا الالتزام تشكيل لجان أخرى لإعادة عملية الفحص، ثم الادعاء بمخالفة الأصناف الموردة للمواصفات؛ بحسبان أن ذلك سيكون بعد انتهاء العلاقة التعاقدية بوفاء المورد بالتزاماته.
وحيث كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قد أسندت إليها عملية توريد كراسي ومناضد، وقامت بالفعل بتوريد عدد 6169 كرسيا وعدد 8005 منضدة، وانتهت لجنة الفحص إلى قبول الأصناف بخصم قدره 10% من إجمالي السعر، واعتمد محضرها من السلطة المختصة بعد قبول الشركة نسبة الخصم؛ فإنه وإعمالاً لما تقدم تكون الشركة المطعون ضدها قد أوفت بالتزامها فيما يتعلق بالكميات المشار إليها، ويتعين سداد الثمن إليها.
ولا ينال من ذلك ما قررته كل من لجنة الفحص الثانية ولجنة كلية هندسة الأزهر من عدم مطابقة الأصناف للمواصفات، ما دام أن ذلك تم بعد وفاء الشركة المطعون ضدها بالتزامها، وإذ كانت لجنة الفحص الأولى قد أخطأت في عملية الفحص فالجامعة وشأنها إزاء أعضاء هذه اللجنة من حيث مساءلتهم جنائيا وتأديبا وتحميلهم نتيجة أخطائهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بما تقدم فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون حريا بالرفض، وإذا كان الحكم قد قدر الفوائد القانونية بنسبة 4% بالمخالفة لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من حسابها بواقع 5% بالنسبة لعقود التوريد لما يغلب عليها من الطابع التجاري، إلا أنه وإذ لم تطعن الشركة على هذا الشق من الحكم فإنه يتعين الاعتداد بما انتهى إليه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.


(1) راجع كذلك المبدأ رقم (18) في هذه المجموعة.