مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 290

(33)
جلسة 26 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 7264 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - محمد منير السيد جويفل.
2 - يحيى عبد الرحمن يوسف.
3 - مصطفى سعيد مصطفى حنفى.
4 - فوزي عبد الراضى سليمان أحمد.
5 - جعفر محمد قاسم.
6 - عليوة مصطفى عيسى فتح الباب.
7 - أحمد عبد الحميد محمد خليل.
( أ ) عقد إداري - إبرامه - إعلان الإدارة عن مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد بعض الأصناف عن طريق التقدم بعطاءات ليس إلا دعوة إلى التعاقد - التقدم بالعطاءات وفقا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد، وتقوم قواعده مقام قواعد القانون بالنسبة لطرفيه، ويتعين تنفيذه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
(ب) عقد إداري - الثمن - القاعدة أنه يؤخذ بالسعر المبين بالتفقيط في حالة وجود اختلاف بينه وبين السعر المبين بالأرقام - تستوجب الأصول العامة في تنفيذ العقود الإدارية أن تكون المحاسبة بعد تنفيذ الشركة لالتزامها بالتوريد على أساس السعر الذي أرسيت على أساسه المناقصة وصدر بناء عليه أمر التوريد - إذا كانت الأوراق تنبئ من خلال ظروف التعاقد والتعاقدات السابقة عن أن مقدم العطاء قد وقع في خطأ مادي عند كتابة الأسعار بالتفقيط في عطائه، ولم تدرك الجهة الإدارية ذلك سهوا أو خطأ؛ فإنها تلتزم أن تؤدي إلى الشركة المتعاقدة السعر المبين بالأرقام الذي أرست المناقصة وأصدرت أمر التوريد على أساسه.
المواد المطبقة (ب):
المادة (27) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1998.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 22/ 2/ 2007 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قد بجدولها العام تحت الرقم المبين بعالية، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى بقنا) في الدعوى رقم 4000 لسنة 11 ق بجلسة 28/ 12/ 2006، القاضي في منطوقة بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية الشركة المدعية في مبلغ عشرة آلاف جنيه، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت هيئة قضايا الدولة في ختام صحيفة الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، حيث نظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات ويعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق والمستندات المقدمة في ملف الطعن في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 4000 لسنة 11 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري، وقالت في صحيفتها إنه بتاريخ 27/ 3/ 2000 رست على الشركة مناقصة توريد أصناف طبية من بينها وحدة أسنان يابانية الصنع على أساس السعر المقدم منها الذي ورد في العطاء بالأرقام: 22900 جنيه (اثنان وعشرون ألفا وتسع مئة جنيه)، بينما ورد بالتفقيط: (اثنا عشر ألفا وتسع مئة جنيه لا غير)، وقد قُبل العطاء بناء على السعر المبين بالأرقام، مما حدا الشركة على إقامة دعواها طالبة إلزام المدعي عليهما متضامنين (الطاعنين) أن يؤديا لها المبلغ الذي خصم من مستحقاتها والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وبجلسة 28/ 12/ 2006 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية الشركة المدعية في مبلغ عشرة آلاف جنيه، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أنه ولئن كانت المادة 27 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 قد تضمنت أنه في حالة اختلاف السعر المبين بالتفقيط عن السعر المبين بالأرقام فإنه يؤخذ بالسعر المبين بالتفقيط، إلا أن هذا النص لا يعمل به إلا عند تحديد سعر العطاء وترتيبه بين العطاءات الأخرى، وإذا كانت لجنة البت بجهة الإدارة قد اعتدت في الدعوى الماثلة بالسعر المقدم من الشركة المدعية بالأرقام دون التفقيط، وتم اختيار العطاء المقدم منها بناء على هذا السعر، فمن ثم وإعمالا لقاعدة حسن النية في تنفيذ العقود وما للقاضي من سلطة في تصحيح الخطأ الذي يقع فيه المتعاقد وصولا للتعبير الصحيح عن إرادته؛ يتعين محاسبة الشركة المدعية على أساس السعر المقدم منها بالأرقام، مما يتعين معه القضاء بأحقيتها في مبلغ عشرة آلاف جنيه، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض حكم محكمة القضاء الإداري فطعنت عليه بالطعن الماثل الذي بنى على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، لأن اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 تجعل العبرة في تحديد سعر العطاء عند اختلاف هذا السعر عند كتابته بالأرقام وبالتفقيط هو السعر المدون بالتفقيط، وإذا كانت جهة الإدارة قد خالفت ذلك وقبلت عطاء المدعي على أساس السعر المدون بالأرقام وأصدرت إليه أمر التوريد على هذا الأساس فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ ماديا أحيل المسئولون عنه إلى النيابة الإدارية وتمت مجازاتهم بالخصم من الراتب.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن إعلان الإدارة عن مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد بعض الأصناف عن طريق التقدم بعطاءات ليس إلا دعوة إلى التعاقد، وأن التقدم بالعطاءات وفقا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد، فإذا تلاقت الإرادتان على هذه الوجه وانعقد العقد قامت قواعده مقام قواعد القانون بالنسبة لطرفيه، وتعين تنفيذه بطريق تتفق مع ما يوجبه حسن النية في تفسير العقود.
وإذ كان الثابت في الحالة المعروضة أن الإدارة أعلنت عن مناقصة توريد أصناف طبية من بينها وحدة أسنان، وتقدمت الشركة المطعون ضدها بعطاء حددت فيه سعر هذه الوحدة بالأرقام بمبلغ 22900 جنيه، وبالتفقيط بمبلغ اثنى عشر ألفا وتسع مئة جنيه، ورست المناقصة على هذه الشركة على أساس الشعر المدون في عطائها بالأرقام باعتباره أقل الأسعار المقدمة، على ما قررته الشركة صاحبة العطاء في الأوراق ولم تنكره الجهة الإدارية، وقد أصدرت هذه الجهة بعد ذلك أمرا بتوريد الوحدة المتعاقدة عليها على أساس السعر المدون بالأرقام؛ ومن ثم فإن الأصول العامة في تنفيذ العقود الإدارية تستوجب أن تكون المحاسبة بعد تنفيذ الشركة لالتزامها بالتوريد على أساس السعر الذي أرسيت على أساسه المناقصة وصدر بناء عليه أمر التوريد، وهو السعر المدون بالأرقام.
ومن حيث إنه لا ينال من هذا النظر أن المادة 27 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 تنص على أن: " يكلف موظف مسئول أو أكثر بمراجعة العروض المالية قبل تفريغها مراجعة حسابية تفصيلية والتوقيع عليها بما يفيد هذه المراجعة، وإذ وجد اختلاف بين سعر الوحدة وإجمالي سعر الوحدات يعول على سعر الوحدة، ويؤخذ بالسعر المبين بالتفقيط في حالة وجود اختلاف بينه وبين السعر المبين بالأرقام "؛ ذلك أن هذا النص يتوجه بخطابه إلى الجهة الإدارية فيضع لها الضوابط عند تفريغ العطاءات ومراجعتها وترتيبها وصولا إلى أفضلها سعرا، فإذ لم تلتزم الجهة الإدارية بهذه الضوابط سهوا أو خطأ أو إدراكا منها أن مقدم العطاء قد وقع في خطأ مادي عند كتابة الأسعار بالتفقيط في عطائه، كما في مثل الحالة المعروضة التي تنبئ فيها الأوراق من خلال ظروف التعاقد والتعاقدات السابقة أن مقدم العطاء قد وقع في هذا الخطأ المادي؛ فإن الإدارة تلتزم أن تؤدي إلى الشركة المتعاقدة معها السعر المبين بالأرقام الذي أرست المناقصة وأصدرت أمر التوريد على أساسه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما انتهى إليه في قضائه، فمن ثم يكون جديرًا بالتأييد ويضحى الطعن عليه خليقا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.