مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 صـ 695

(75)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 2010
الطعن رقم 26178 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الرابعة)

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - السيد محمد السيد الطحان
2 - محمود إسماعيل رسلان مبارك
3 - عطية عماد الدين محمد نجم
4 - أحمد إبراهيم زكي الدسوقي
5 - د. محمد ماهر أبو العينين
6 - طارق محمد لطيف عبد العزيز
7 - محمود إسماعيل عثمان
موظف - تأديب - الطعن في أحكام المحاكم التأديبية - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يثير المنازعة برمتها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون - استثناءً من الأصل الذي يقرر أنه لا يضار الطاعن من طعنه، يكون للمحكمة الإدارية العليا في حالة إقامة الطعن من قبل النيابة الإدارية أو السلطات المخول لها ذلك أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله، سواء ضد المتهم أو لمصلحته، ولو لم يطعن هو في الحكم الصادر ضده - النيابة الإدارية خصم شريف في الدعوى، ولا تعتبر طرفًا ذا مصلحة شخصية.
المواد المطبقة:
المادة (417) من قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالقانون رقم (150) لسنة 1950.


الإجراءات

في يوم الخميس 22/ 9/ 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة تقريرًا في الحكم المشار إليه الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن (المطعون ضده في هذا الطعن) بخصم أجر شهرين من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والاكتفاء بمجازاته بخصم أجر عشرين يومًا من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 23 لسنة 2005 الصادر بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، وحرمانه من تلك الأعمال المدة المناسبة التي تقدرها المحكمة ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد نظرت الطعن الدائرة التاسعة لفحص الطعون بجلسة 6 /3/ 2008، وأحالته إلى الدائرة التاسعة موضوع، ثم ورد إلى هذه الدائرة التي نظرته بجلساتها حيث أودع المطعون ضده مذكرة دفاع طلب في ختامها رفض الطعن والقضاء بإلغاء القرار رقم 23 لسنة 2002 بجميع أجزائه والقضاء ببراءته، وبجلسة 2/ 10/ 2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، فصدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 4/ 2003 أقام المطعون ضده الطعن رقم 298 لسنة 37ق أمام المحكمة التأديبية للتعليم، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير التربية والتعليم بتاريخ 13/ 10/ 2002 بمجازاته بخصم شهرين من راتبه، مع حرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، على سند من أنه كان مكلفًا بمراجعة السؤال الأول في مادة التاريخ بامتحان الثانوية العامة دور أول عام 2002، وقد اتهم بأنه أهمل في مراجعة كراسة إجابة الطالبة/ .... فلم يتدارك خطأ مُقدِّر الدرجات بعدم تقدير درجة الفقرة الأولى من السؤال الأول رغم استحقاقها درجتين، ولما كان هذا القرار مخالفًا للقانون، لأنه دفع هذا الاتهام في التحقيق بأن ورقة الإجابة المشار إليها لم تعرض عليه ولم يوقع عليها، فقد أقام طعنه.
وبجلسة 25/ 7/ 2005 صدر الحكم المطعون فيه قاضيًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنته من مجازاة الطاعن بخصم أجر شهرين من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سوات والاكتفاء بمجازاته بخصم أجر عشرين يومًا من راتبه مع ما يترتب على ذلك من أثار، على سند من أن المخالفة ثابتة في حقه لأنه كان مكلفًا بمراجعة السؤال المشار إليه ومن ثم يسأل عن الخطأ الوارد بتقدير درجة إجابته بحسبان أنه كان يتعين عليه القيام بالواجب المكلف به، دون أن يعفيه من المسئولية عدم توقيعه على الورقة وعدم علمه بمن وقعها، إذ أن مجرد عدم قيامه بما كلف به يقيم في حقه مخالفة قوامها الإهمال في أداء عمله، إلا أن هذه المخالفة لا تستأهل مجازاته بأقصى من خصم عشرين يومًا من راتبه، الأمر الذي يكون معه القرار مشوبًا بالغلو.
ومبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات مؤسسًا ذلك على الغلو لمخالفة هذا القضاء هذه المحكمة المستقر على أن الحرمان من أعمال الامتحانات لا يعد جزاء وإنما يدخل في سلطة الإدارة التقديرية.
- ومن حيث إنه ولئن كان الطعن مقامًا من الجهة الإدارية إلا أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمامها يثير المنازعة برمتها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنًا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه، ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، سواء أكان الطعن مقامًا من هيئة مفوضي الدولة أم من النيابة الإدارية أم من السلطات الإدارية التي خولها قانون مجلس الدولة الاختصاص بالطعن في الأحكام، وذلك لأن دور النيابة الإدارية بصدد دعوى التأديب يكاد يتطابق مع د ور النيابة العامة في الدعوى العمومية المقرر بالمادة (417) من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه " إذا كان الاستئناف مرفوعًا من النيابة العامة فللحكمة أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله، سواء ضد المتهم أو لمصلحته...", وهذا الحكم استثناء من الأصل وهو ألا يضار الطاعن من طعنه، وهذا الاستثناء يبرره أن النيابة خصم شريف في الدعوى لا تعتبر طرفًا ذا مصلحة شخصية، وهو ما يسري على النيابة الإدارية في طعونها، ويسري كذلك على السلطات الإدارية فيما تقيمه من طعون على أحكام المحاكم التأديبية، لا فرق بينها لتشابه مركز كل منها، فيفيد العامل المتهم من الطعن المقام من أي منها حتى ولو لم يطعن على الحكم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفة التي نسبت للمطعون ضده واتخذها القرار المطعون فيه سببًا هي إهماله في مراجعة إجابة السؤال الأول للطالبة المذكورة مما ترتب عليه عدم اكتشاف خطأ القائمة بالتصحيح بعدم تقدير درجة للفقرة الأولى منه رغم أنه ثبت من فحص شكواها بمعرفة الوزارة أنها تستحق درجتين، وإذ سئل المطعون ضده بالتحقيقات فدافع الاتهام بأن الورقة لم تعرض عليه أصلاً ولم يوقع عليها وأن التوقيع الوارد بها لا يحصه وطلب من المحقق مضاهاته بنموذج توقيعه الوارد في الاستمارة المخصصة لذلك إلا أن المحقق لم يفعل، وإذ سئلت/ .... المختصة بتقدير درجات الإجابة فأقرت بخطئها لكنها لم تذكر أنها سلمت ورقة الإجابة للمطعون ضده ولم تحدد اسم المراجع وإنما اكتفت لدى سؤالها عن المراجع بأن اسمه الموجود في كشوف التوقيعات، وإذ توقف التحقيق عند هذا الحد فإنه يكون قد قصر في تحقيق دفاع المطعون ضده قصورًا يبطله لفقدانه مقومات التحقيق المستوفي أركانه، ولم يأت بدليل يدان به المطعون ضده، وقد خلت الأوراق من هذا الدليل، الأمر الذي يجعل القرار الطعين واردًا على غير سبب صحيح يبرره، مما يبطله ويوجب القضاء بإلغائه بشقيه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون مخالفًا للقانون مما يوجب القضاء بإلغائه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.