مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 867

(94)
جلسة 22 من فبراير سنة 2011
الطعن رقم 13532 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - سعيد أحمد محمد حسين برغش.
2 - د. عبد الفتاح صبرى أبو الليل.
3 - أحمد محمد صالح الشاذلي.
4 - د. سمير عبد الملاك منصور.
5 - محمد لطفي عبد الباقي جودة.
6 - جعفر محمد قاسم.
7 - مجدي محمود بدوي العجرودي.
( أ ) عقد إداري - إبرامه - طرق التعاقد - سلطة جهة الإدارة في اختيارها - رخص المشرع للجهة الإدارية المفاضلة في اختيار طريقة التعاقد، وأحاط المناقصة المحدودة بسياح من الضمانات تتعاضد مع بعضها البعض لتوسيع قاعدة المتقدمين للحصول على أفضل العطاءات وأنسبها - مشروعية وملاءمة قرار الجهة الإدارية باتخاذ سبيل المناقصة المحدودة ومن تتم دعوته إليها رهن بظروف وملابسات إصدار هذا القرار، ومدى تغيي وجه المصلحة العامة من عدمه.
المواد المطبقة:
- المادة (15) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998.
- المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1990.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 1/ 4/ 2008 أودع الأستاذ/ ... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين بصفاتهم تقرير الطعن الماثل وذلك طعنًا على حكم محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ (الدائرة الأولى) الصادر بجلسة 13/ 2/ 2008 في الدعوى رقم 2150 لسنة 8ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات الطلب العاجل، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها، وإعداد تقرير بالرأي القانون في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للقضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على الوجه المبين بالأوراق، وقدم المطعون ضده حافظة مستندات طويت على صور ضوئية لأحكام قضائية، كما قدم مذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الطعن، وبجلسة 17/ 3/ 2010 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، وحددت لنظره جلسة 4/ 5/ 2010 وبجلسة 30/ 11/ 2010 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 25/ 1/ 2011 وفيها تقرر مد أجل الحكم لجلسة 22/ 2/ 2011.
وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد إتمام المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية.
ومن حيث إنه عن وقائع النزاع الماثل فإنها تخلص في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2150 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، طالبًا الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من دعوة المتناقصين في المناقصة العامة الملغاة إلى مناقصة محدودة دون دعوته، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
واستند المدعي في دعواه إلى أن الجهة الإدارية قد أعلنت في مناقصة عامة عن عملية الأعمال المدنية لمشروع إنشاء السمكية جنوب الطريق الدولي الساحلي ببلطيم، وتقدم إلى المناقصة، وتم قبول عطائه فنيًا وماليًا، ثم فوجئ بصدور قرار عن السلطة المختصة بإلغاء هذه المناقصة مراعاة للمصلحة العامة، وقد طرحت الجهة العملية مرة أخرى في مناقصة محدودة، وتم إخطار مقدمي العطاءات في المناقصة الملغاة وغيرهم، ولم تتم دعوته بالمخالفة لأحكام القانون، وذلك رغم كفاءته فنيًا وماليًا وحسن سمعته، وسبق تنفيذه لأعمال سابقة تجاوزت قيمتها مبلغ خمسين مليون جنيه داخل زمام المحافظة وخارجها.
وقد نظرت الدعوى أمام المحكمة المذكورة، وبجلسة 13/ 2/ 2008 قضت بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أن هناك قواعد يتعين على الجهة مراعاتها حال اختيارها سبيل المناقصة المحدودة، ومنها أن تكون طبعة الأعمال المطروحة تقتضي قصرها على موردين أو مقاولين من ذوي الخبرة في تنفيذ هذه الأعمال، وكان على الجهة مراعاة أحكام قانون المناقصات بتوسيع دائرة المشاركة في تنفيذ العملية المطروحة، وأن قصر الدعوة على شركات قطاع الأعمال رغم تقدمها بعطاءات تزيد عن العطاء المقدم من المدعي يُثار معه الشك حول توافر المصلحة العامة في إعادة الطرح وقصر الدعوة على شركات القطاع العام وقطاع الأعمال، فضلاً عما يرتبه ذلك من حرمان للمدعي من مباشرة ح قه الدستوري في ممارسة التجارة والعمل.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الجهة الإدارية فأقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم صدوره مخالفًا للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من حاصله أن الجهة الإدارية قد أعلمت سلطتها بإلغاء المناقصة وعدم قبول العطاء المقدم من المطعون ضده لعدم تقديمه سابقة أعمال في مجال إنشاء المزارع السمكية واستصلاح الأراضي، وأن عدم توجيه الدعوة للمتعاقد في المناقصة المحدودة يرجع لعدم توافر سابقة الأعمال.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فتنص المادة (15) من القانون رقم 89/ 1998 على أن: "تلغى المناقصة قبل البت فيها إذا استغني عنها نهائيًا أو اقتضت المصلحة العامة ذلك، كما يجوز إلغاؤها في أي وقت في الحالات الآتية:
أ - .... ب - ..... ج - .....
ويكون الإلغاء في هذه الحالات بقرار من السلطة المختصة بنا على توصية لجنة البت، ويجب أن يشتمل القرار على الأسباب التي بني عليها".
وتنص المادة (34) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89/ 1998 على أن: "يكون التعاقد بطريق المناقصة المحدودة بقرار مسبب من السلطة المختصة في الحالات التي تتطلب طبيعتها قصر الاشتراك في المناقصة على موردين أو مقاولين أو استشاريين أو فنيين أو خبراء بذواتهم، سواء في مصر أو في الخارج، على أن تتوافر بشأنهم شروط الكفاية الفنية والمالية وحسن السمعة".
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم وأحكام قانون المناقصات والمزايدات أن العقد الإداري وسيلة من وسائل الإدارة لتسيير المرافق العامة إشباعًا للحاجات العامة، واستهدف المشرع من الضمانات والإجراءات التي استلزمها لإبرامه الحصول على أفضل العطاءات بالأسعار المناسبة في إطار تحقيق مبدأين أساسين: حرية المنافسة، والمساواة بين راغبي التعاقد مع جهة الإدارة، بحسبان أن مشاركتهم في إدارة المرافق أو تنفيذ المشروعات العامة من الحقوق التي كفلها الدستور. وإذا كان المشرع قد رخص للجهة الإدارية المفاضلة في اختيار طريقة التعاقد ومؤكدًا على أهمية الإعلان عن هذه الوسائل سواء في مناقصات أو ممارسات عامة فإنه أحاط المناقصة المحدودة بسياج من الضمانات تتعاضد مع بعضها البعض لتوسيع قاعدة المتقدمين بعطاءاتهم للحصول على أفضل العطاءات وأنسبها، ولا خلاف على أن مشروعية وملاءمة قرار الجهة الإدارية باتخاذ المناقصة المحدودة رهن بظروف وملابسات إصدار هذا القرار ومدى تغيي وجه المصلحة العامة من عدمه.
ومن حيث إن أوراق الطعن الماثل قد أفصحت عن سابقة تقدم المطعون ضده بعطاء عن المناقصة العامة لعملية مشروع مبارك للاستزراع السمكي على مساحة 1800 فدان جنوب الطريق الدولي الساحلي بناحية بطليم، وأن العطاء المقدم منه كان محلاً لتقييم لجنة البت المشكلة لاختيار أفضل العروض وأنسبها من متخصصين في كافة المجالات المالية والفنية, وتم قبوله فنيًا وماليًا مبلغ إجمالي 17631930 جنيهًا، وهو يقل عن العطاءات التي تليه سواء من شركات عامة أو جمعيات، وقد أوصت لجنة البت بقبوله, وأشر محافظ كفر الشيخ بإلغاء المناقصة، وصدر القرار رقم 80 لسنة 2008 عن محافظ كفر الشيخ بطرح العملية في مناقصة محدودة، وحدد القرار الشركات التي توجه لها الدعوة للمشاركة بخمس من الشركات بقطاع الأعمال, ولم تتم دعوة المطعون ضده (تراجع حافظة مستندات المقدمة من الجهة الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 13/ 2/ 2000)
ومن حيث إنه وبغض النظر عن مشروعية قرار إلغاء المناقصة - بحسبانه يخرج عن نطاق هذا الطعن - فإن قرار المحافظ المتضمن عدم دعوة المطعون ضده رغم سابق تقدمه بعطاء في مناقصة عامة شاركت فيها أغلب الشركات العامة التي شملها قرار إعادة الطرح في مناقصة محدودة، وكان أفضلها شروطًا وأقلها سعرًا على الوجه الذي قطعت به لجنة البت في المناقصة الملغاة قد أصاب المطعون ضده بالضرر ومن ثم يكون بحسب الظاهر مخالفًا للقانون، ولم يتغيَّ وجه المصلحة العامة.
ولا يحاج على ذلك بما ورد في تقرير الطعن من عدم سابقة الأعمال؛ بحسبان أنه فضلاً عن التقرير الفني من لجنة البت السابق الإشارة إليه فإن الأعمال محل المناقصة تدور بين أعمال الحفر والردم والخرسانات والعزل وأعمال البياض وغيرها من الأعمال، وهي مماثلة لما قدمه المطعون ضده من سابقة أعمال جازت موافقة الجهة الإدارية فنيًا بمراجعتها في المناقصة الملغاة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بوقف تنفيذ القرار لما استقام عليه طلب وقف تنفيذه من ركني الجدية والاستعجال فإنه قد التزم صحيح حكم القانون والواقع، وتقضي المحكمة برفض الطلب.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.