مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 960

(105)
جلسة 26 من إبريل سنة 2011
الطعن رقم 11914 لسنة 48 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - سعيد أحمد محمد حسين برغش.
2 - د. عبد الفتاح صبرى أبو الليل.
3 - أحمد محمد صالح الشاذلي.
4 - د. سمير عبد الملاك منصور.
5 - محمد لطفي عبد الباقي جودة.
6 - جعفر محمد قاسم.
7 - مجدي محمود بدوي العجرودي.
عقد إداري - صوره - التعهد بالانتظام في الدراسة وخدمة مرفق عام - مناط إلزام المتعاقد مع جهة الإدارة سداد نفقات التعليم في حالة عدم الانتظام في الدراسة أو الإخلال بالتعهد بخدمة الجهة الإدارية لمدة معينة أن يتضمن التعهد ما يفيد ذلك صراحة - لا يغني عن ذلك مجرد التعهد بالانتظام في الدراسة والخدمة لمدة معينة، دون أن يقترن ذلك بقبول هذا الالتزام، أو وجود نص أو قاعدة لائحية تفرض ذلك.
المواد المطبقة:
- المادتان رقما (147) و(148) من القانون المدني.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 31/ 7/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 11914 لسنة 48 ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 2/ 6/ 2002 في الدعوى رقم 318 لسنة 20 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما أن يؤديا للطاعنين مبلغًا مقداره 1260جنيهًا، والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 13/ 11/ 1997 حتى تمام السداد، وإلزامهما المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا،وبإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص) على النحو ا لثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/ 2/ 2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 13/ 11/ 1997 أقام الطاعنان الدعوى رقم 318 لسنة 20 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالبين الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين أن يؤديا لهما بصفتيهما مبلغًا مقداره 1260جنيهًا (ألف ومائتان وستون جنيهًا) ، والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، وإلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالا شرحًا لدعواهما أن المدعي عليها الأولى التحقت بالدراسة للحصول على دبلوم الدراسات التكميلية بعد أن تعهدت بالعمل بالتربية والتعليم بعد الحصول على هذا الدبلوم لمدة خمس سنوات ووقع معها على هذا الإقرار والدها (المدعي عليه الثاني) وفي حالة إخلالها بذلك تلتزم بسداد مبلغ 1260 جنيهًا قيمة نفقات التعليم، وقد حصلت المدعي عليها الأولى على الدبلوم المذكور، وصدر لها قرار التعيين رقم 55 لسنة 1996 في 16/ 1/ 1996 للعمل في وظيفة مدرس مساعد عملي ملابس جاهزة بالتعليم الصناعي بشربين، إلا أنها لم تتسلم العمل رغم إنذارها بثلاث إنذارات، الأمر الذي يستوجب إلزامها والمدعي عليه الثاني بسداد نفقات تعليمها والفوائد المقررة قانونًا.
وبجلسة 2/ 6/ 2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) حكمها بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًان وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها على أنه يجب لتقرير إلزام المتعاقد مع جهة الإدارة بسداد نفقات التعليم في حالة عدم الانتظام في الدراسة أو الإخلال بالتعهد بخدمة الجهة الإدارية لمدة معينة أن يتضمن التعهد ما يفيد صراحة التزامه بسداد قيمة نفقات التعليم، ولا يغني عن ذلك مجرد التعهد بالانتظام في الدارسة والخدمة لمدة معينة، دون أن يقترن ذلك بقبول الالتزام بسداد نفقات التعليم، أو وجود نص أو قاعدة لائحية تفرض ذلك بحيث تعد مكملة لأحكام التعاقد، ويقتصر حق جهة الإدارة في هذه الأحوال على اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة حيال هذه الإخلال بما في ذلك الرجوع بدعوى المسئولية بالشروط والأوضاع المقررة قانونًا لذلك، ولكن لا يخول ذلك لها بذاته إلزام المتعاقد معها سداد نفقات تعليمه.
وقد خلت الأوراق مما يفيد التزام المدعي عليها الأولى بسداد نفقات تعليمها في حالة امتناعها وإخلالها بالالتزام بالعمل بالجهة الإدارية المدعية لمدة خمس سنوات تالية للتخرج، ولم يتضمن الإقرار الموقع منه ما يفيد ذلك، ولا يكفي مجرد تعهدها بالعمل بمدارس جهة الإدارة للمدة الواردة بتعهدها سندًا لإلزامها بسداد نفقات التعليم؛ لأن ذلك يجب أن يستند إلى تعهد صريح يتضمن ذلك أو نص لائحي يوجبه، فضلاً عن أن الجهة الإدارية المدعية لم تتقدم بسند طلبها بإلزام المدعي عليها بسداد المبالغ المطالب بها، والتالي تغدو الطلبات المقام بشأنها الدعوى غير قائمة على سند صحيح من أحكام القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وخالف قضاء المحكمة الإدارية العليا الذي جرى على أن الأصل في تنفيذ الالتزامات الناشئة عن التعهد بالتدريس كغيره من العقود الأخرى أن يتم التنفيذ عينًا بأوصافه الواردة في التعهد بالشروط والأوضاع التي تقررها الجهة الإدارية التي وافق عليها الملتزم عن رضاء ولا يعفي من هذا الالتزام إلا إذا توافرت في حقه القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ أو السبب الأجنبي، فإذا أخل المتعهد بتنفيذ الالتزام عينًا لغير هذه الأسباب حق عليه تنفيذ الالتزام بمقابل.
ولما كان الثابت أن المطعون ضدها الأولى قد وقعت على تعهد ضمنها فيه المطعون ضده الثاني بضرورة العمل بالتدريس لمدة خمس سنوات بعد تخرجها، وإذ تم تعيينها في 16/ 1/ 1996 ولم تحضر التسلم العمل وصدر قرار بصرف النظر عن تعينها بتاريخ 28/ 11/ 1996 وإحالتها إلى الشئون القانونية لتحصيل نفقات التعليم منها ومقدارها 1260جنيهًا، فمن ثم يحق للجهة الإدارية مطالبتها بهذه المبالغ وفوائدها القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد أحكام المادتين (147) و(148) من القانون المدني أن الأصل في العقد الإداري شأنه شأن العقد المدني أن يتم تنفيذه طبقًا لما تم الاتفاق عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن قواعد العقد تقوم مقام قواعد القانون بالنسبة لطرفيه، ويجب أن يتم تنفيذ طبقًا لما تشتمل عليه.
ومن حيث إن المسلم به أنه يجب لتقرير إلزام المتعاقد مع جهة الإدارة بسداد نفقات التعليم في حالة عدم الانتظام في الدراسة أو الإخلال بالتعهد بخدمة الجهة الإدارية لمدة معينة أن يتضمن التعهد بما يفيد صراحة التزامه بسداد نفقات التعليم، ولا يغني عن ذلك مجرد التعهد بالانتظام في الدراسة والخدمة لمدة معينة، دون أن قترن ذلك بقبول الالتزام بسداد نفقات التعليم، أو وجود نص أو قاعدة لائحية تفرض ذلك بحيث تعد مكملة لأحكام التعاقد، ويقتصر حق جهة الإدارة في هذه الأحوال على اتخاذ إجراءات القانونية الواجبة حيال هذا الإخلال، بما في ذلك الرجوع بدعوى المسئولية بالشروط والأوضاع المقررة قانونًا لذلك، ولكن لا يخول ذلك لها بذاته إلزام المتعاقد معها بسداد نفقات تعليمه.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، وكان الثابت من مطالعة الإقرار الموقع من المطعون ضدها الأولى انه قد خلا مما يفيد التزامها بالانتظام في الدراسات التكميلية الصناعية التي التحقت بها، أو أن تعهدها بخدمة الجهة الإدارية لمدة معينة بعد تخرجها، أو التزامها بسداد نفقات التعليم حال عدم التزامها بذلك، ولم يتضمن هذا الإقرار سوى قبولها بالعمل بالتدريس بالتعليم الصناعي بعد تخرجها، والقبول بالعمل في هذه الحالة لا ينهض سندًا لإلزامها أي التزام عيني أو التزام بمقابل، ومع الفرض الجدلي أن هذا الإقرار ينهض سندًا لإلزامها بالعمل بالتدريس بعد التخرج فإن هذا الالتزام ورد مطلقًا دون تحديد مدة معينة، ولم يقترن بالتزامها بسداد نفقات التعليم حال الإخلال به،ومن ثم فإن هذا الإقرار لا يكفي سندًا لإلزامها بسداد نفقات التعليم؛ لأن ذلك يجب أن يستند إلى تعهد صريح يتضمن ذلك، أو نص لائحي يوجبه، ولم تقدم الجهة الإدارية الطاعنة سند هذه المطالبة، الأمر الذي تغدو معه مطالبتها للمطعون ضدهما بالمبلغ محل المطالبة فاقدة سندها من الواقع والقانون، وتكون دعواها غير قائمة على سند صحيح من القانون خليفة بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون،ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.