مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 969

(107)
جلسة 26 من إبريل سنة 2011
الطعن رقم 25593 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - سعيد أحمد محمد حسين برغش.
2 - د. عبد الفتاح صبرى أبو الليل.
3 - أحمد محمد صالح الشاذلي.
4 - د. سمير عبد الملاك منصور.
5 - محمد لطفي عبد الباقي جودة.
6 - جعفر محمد قاسم.
7 - مجدي محمود بدوي العجرودي.
( أ ) أملاك الدولة العامة - الترخيص للأفراد بالانتفاع بجزء من أملاك الدولة المخصصة للنفع العام يصطبغ بصبغة العقد الإداري، وتحكمه الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظيم هذا النوع من الانتفاع - للجهة الإدارية سلطة تقدير مقابل حق الانتفاع بالأرض التي تمتلكها في حدود القواعد العامة المجردة التي وضعتها.
(ب) استثمار - الترخيص بالانتفاع بأراضٍ بالمناطق الحرة - مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار هو السلطة العليا المختصة والمهيمنة على شئون المناطق الحرة، بما في ذلك تحديد مقابل الا1نتفاع بالأراضي المملوكة للمنطقة - لا يجوز له بقرارات منفردة أن يعدل من مقابل الانتفاع بتلك الأراضي بالمخالفة لما هو محدد بتراخيص الانتفاع الصادرة للمستثمرين - يشوب تلك القرارات عيب سوء استخدام السلطة.
المواد المطبقة (ب):
أحكام القانون رقم (43) لسنة 1974 بشأن استثمار المال العربي والأجنبي (الملغي بموجب المادة الثانية من القانون رقم 30 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار)


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 5/ 9/ 2005 أودعت الأستاذة/ .... المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن (رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بالرقم المسطر في صدر هذا الحكم، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الأولى) بجلسة 16/ 7/ 2005 في الدعوى رقم 17581 لسنة 59 ق. الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام المدعي عليهما أن يؤديا مبلغ 14433.33 دولارًا إلى الشركة المدعية دون أن ت لتزم بسداد أي مبالغ استنادًا إلى القرار رقم 191/ 216/ 92، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا قانونيًا ارتأت في للأسباب المبنية به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفض موضوعًا، وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حيث أودع طرفًا النزاع ما عن لهما من مستندات ومذكرات دفاع، وبجلسة 2/ 12/ 2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) لنظره بجلسة 2/ 3/ 2010، حيث نظر أمام هذه المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 1/ 2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/ 2/ 2011، ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/ 4/ 2011 لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام دعواه ابتداء أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بتاريخ 11/ 5/ 1994 حيث قيدت بجدولها العام برقم 1941 لسنة 1994، طالبًا الحكم بأن يرد المدعي عليهما (رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة - الطاعن - ورئيس الإدارة المركزية للمنطقة الحرة العامة بالإسكندرية) مبلغًا قدره 16295.83 دولارًا؛ لبطلان القرار رقم 191/ 216 لسنة 1992 بزيادة الفئات الإيجارية بمقدار دولار سنويًا من عام 1994 حتى 2000، مع إلزامهما المصروفات والأتعاب.
وذلك على سند من أن الهيئة العامة للاستثمار وافقت بموجب القرار رقم 2/ 8/ 1979 بتاريخ 30/ 9/ 1979 على الترخيص لشركة ....... لشغل قطعة أرض مساحتها 3000 متر فضاء كائنة بالبلوك رقم (4) من المنطقة الحرة العامة بالإسكندرية لإقامة مشروع، وذلك لمدة خمسة وعشرين عامًا اعتبارًا من 28/ 7/ 1980 وتنتهي في 27/ 7/ 2005 نظير مقابل انتفاع مقداره (3000 دولار أمريكي) سنويًا، وأعطت الهيئة لنفسها الحق في زيادة المقابل السنوي كل سنتين بما لا يجاوز 25% من قيمة مقابل الانتفاع في السنة السابقة مباشرة، وقد عدلت الشركة المدعية بموجب القرارين رقمي 18 لسنة 1980، 12/ 3/ 1989 إلى اسم الشركة المدعية الحالية وبذات شروط العقد الأصلي الصادر بتاريخ 22/ 12/ 1980، وزيدت المساحة 1000 متر أخرى،ولم ستعمل الهيئة حقها في أية زيادة، إلى أن فوجئت الشركة المدعية بتاريخ 27/ 2/ 1992 بإخطار يفيد مطالبتها بزيادة مقابل الانتفاع إلى الضعف، أي إلى دولارين بدلاً من دولار واحد للمتر، وبتاريخ 2/ 12/ 1993 تسلمت الشركة المدعية إخطارًا جديدًا يحمل رقم 191/ 216/ 92 بزيادة الفئات الإيجارية اعتبارًا من أول يناير 1994 وحتى سنة 2000 بواقع دولار سنوي للمتر المربع.
وأضافت الشركة المدعية قائلة أنه ما كان لهيئة إجراء هذه التعديلات في مقابل الانتفاع على وفق الأساس الذي تم عليه التعاقد، وإن ما حصلت عليه الهيئة بالزيادة يخالف الاتفاق المبرم معها ويتعين رده للشركة المدعية، وأن القرار رقم 191/ 216/ 92 الذي قرر هذه الزيادة قرار باطل.
وخلص المدعي (المطعون ضده) إلى طلب الحكم له بالطلبات المذكورة آنفًا.
وبجلسة 29/ 9/ 1994 قضت المحكمة المذكورة بندب خبير في الدعوى لمباشرة المأمورية المحددة له بالحكم التمهيدي الصادر بتلك الجلسة، وقد باشر الخبير المنتدب المأمورية المكلف بها وأودع تقريره.
وبجلسة 29/ 5/ 1997 قضت المحكمة المذكورة بإلزام المدعي عليهما بصفتيهما برد مبلغ 14433.33 دولارًا للشركة المدعية وألزمتها المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وقد قام الطاعن باستئناف الحكم المذكور أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وبجلسة 14/ 1/ 1998 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم الاختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظرها بجلسة 10/ 2/ 1998، وبإلزام المستأنف بصفته مصاريف الاستئناف ومبلغ عشرين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة وأبقت الفصل في مصروفات أول درجة للمحكمة المختصة.
وقد نظرت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الأولى) على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 16/ 7/ 2005 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وأسست المحكمة قضاءها على أنها تطمئن إلى ما جاء بتقرير الخبير وأنها تأخذ به محمولاً على أسبابه، وقد انتهى الخبير في تقريره المودع بالأوراق إلى أن العلاقة بين المدعي والمدعي عليهما هي علاقة تعاقدية بموجب ترخيص شامل لكافة بنود الاتفاق يحمل رقم (6) مشروع صناعي لسنة 80 لشغل قطعة أرض فضاء بمساحة 3000 متر مربع وأصبحت 5000 متر مربع، وأن الشركة المدعية كانت تقوم بسداد مقابل انتفاع مقداره دولار لكل متر مربع خلال ا لفترة من سنة 1980 حتى 1991، ثم قامت الهيئة المدعي عليها بزيادة مقابل الانتفاع بواقع 2 دولار، 2.5 دولار، 3.5 دولارات للمتر المربع خلال السنوات من 1992 حتى 1994 على التوالي، وذلك بالمخالفة لشروط الترخيص الذي ينص في البند (2) على زيادة المقابل السنوي كل سنتين لا يجاوز 25% من مقابل الانتفاع في السنة السابقة مباشرة، وأن المبلغ الذي حصلت عليه الهيئة بالزيادة بالمخالفة لشروط الترخيص مقداره 14433.33 دولارًا.
وأضافت المحكمة أن بالنسبة لبطلان القرار رقم 191/ 216/ 92 بزيادة الفئات الإيجارية دولارًا سنويات من عام 1994، ذهبت المحكمة إلى أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز إلغاؤه أو تعديله بالإرادة المنفردة، وأن العقد عباراته واضحة لا غموض فيها، وتنص على زيادة مقابل الانتفاع كل سنتين بما لا يجاوز 25% من مقابل الانتفاع في السنة السابقة مباشرة، ومن ثم لا يجوز تعديل العقد إلا باتفاق أطرافه، ولا تسري عليه أي قرارات لاحقة معدلة له، وبالتالي خلصت المحكمة إلى أن هذا القرار لا يسري على الشركة المدعية، وقضت بإلزام المدعي عليهما أن يؤديا مبلغًا قدره 14433.33 دولارًا إلى الشركة المدعية، دون أن تلتزم بسداد أي مبالغ استنادًا إلى القرار رقم 191/ 216/ 92 مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من أن أحكام قانون استثمار المالي العربي والأجنبي والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 تخول الهيئة العامة للاستثمار أن تنشئ المناطق الحرة العامة بعد موافقة مجلس الوزراء، وأن لمجلس إدارة الهيئة تملك العقارات وتخصيصها للمناطق الحرة العامة أو الخاصة، ووضع اللوائح التنفيذية لنظام العمل داخل المناطق الحرة من النواحي المالية والإدارية، التي تدخل ضمنها تحديد مقابل شغل أراضي المناطق الحرة العامة، وأعطى لمجلس إدارة كل منطقة حرة عامة الترخيص في شغل الأراضي والعقارات المملوكة للمنطقة، وقد نصت المادة (9) من القرار الصادر بالترخيص للشركة المطعون ضدها بمزاولة النشاط بالمنطقة الحرة العامة بالإسكندرية رقم 18 لسنة 80 بتاريخ 30/ 9/ 1980 على أن: "تلتزم الشركة المرخص لها بمراعاة أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 22 لسنة 1977 ولائحته التنفيذية وموافقة مجلس إدارة المنطقة على المشروع والقرارات الصادرة بالترخيص لها بمزاولة النشاط، وكذا كافة التعليمات والقرارات المنفذة لها، وكذلك القوانين التي تصدر مستقبلاً في شان الاستثمار العربي والأجنبي والمناطق الحرة لوائحها التنفيذية، ويعتبر هذا الترخيص لاغيًا في حالة مخالفة الشركة المرخص بها لذلك بأي وجه من الوجوه".
وقد صدر القرار رقم 8 لسنة 1992 بإصدار لائحة نظام العمل داخل المناطق الحرة بتاريخ 30/ 11/ 1992، ونصت المادة (10) من تلك اللائحة على أن: "تكون القيمة الإيجارية السنوية للأراضي في المناطق الحرية العامة كما يلي: أولاً - بالنسبة للمشروعات الصناعية من دولار أمريكي واحد إلى 3 دولارات أمريكية للمتر المربع حسب موقع المنطقة. ثانيًا -..... ولمجلس إدارة الهيئة في جميع الأحوال تعديل هذه الفئات زيادة أو نقصًا عند الاقتضاء، وبالتالي تكون الشركة المطعون ضدها ملتزمة بكافة القرارات التي تصدرها الهيئة الطاعنة بشأن تحديد فئة مقابل الانتفاع، كما أنه يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده قد تعهد بقبول أية زيادات يقررها مجلس إدارة الهيئة في المستقبل حسبما جاء بتعهده المرفق بحافظة مستندات الهيئة المرفقة بالأوراق.
وأضافت الهيئة الطاعنة في تقرير طعنها أن ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن العلاقة بين الشركة المدعية والهيئة المدعي عليها هي علاقة تعاقدية لا يجوز إلغاؤها أو تعديلها بالإرادة المنفردة يخالف أحكام القانون وما جرت عليه أحكام القضاء من أنه لا يجوز التصرف في الأموال العامة إلا على سبيل الترخيص المؤقت رسم لا أجرة، وهو ما يحكمه القانون العام ولا يخضع للقانون الخاص.
وخلصت الهيئة الطاعنة إلى أن ما قامت به الهيئة من زيادة مقابل الانتفاع عن المساحة المخصصة للشركة المطعون ضدها بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار رقم 191/ 216/ 92 بتاريخ 10/ 11/ 1992 قد جاء صحيحًا على وفق القانون.
وختمت الهيئة الطاعنة تقرير طعنها بقبول الحكم بالطلبات المذكورة آنفًا.
- ومن حيث إنه من المسلم به في قضاء هذه المحكمة أن الترخيص للأفراد بالانتفاع بجزء من أملاك الدولة المخصصة للنفع العام يصطبغ بصبغة العقد الإداري وتحكمه الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع، وهي ترتب للمنتفع حقوقًا تختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقررة عليه، على أنها في جملتها تتسم بطابع من الاستقرار في نطاق المدة المحددة في الترخيص، وبشرط أن يقوم المنتفع بالوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقه، وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع.
كما أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن للجهة الإدارية سلطة تقدير مقابل حق الانتفاع بالأرض التي تمتلكها في حدود القواعد العامة المجردة التي وضعتها.
- ومن حيث إن البين من مطالعة أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بشان استثمار المال العربي والأجنبي (1) أن المشرع خول الهيئة العامة للاستثمار أن تنشئ المناطق الحرة العامة بعد موافقة مجلس الوزراء، وتكون لكل منطقة حرة شخصية اعتبارية، ويكون مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المختصة والمهيمنة على شئون المناطق الحرة، ومنحه المشرع الحق تملك العقارات وتخصيصها للمناطق الحرة العامة والخاصة، ووضع اللوائح التنفيذية لنظام العمل داخل المناطق الحرة من النواحي المالية والإدارية، التي يدخل ضمنها تحديد مقابل الانتفاع بالأراضي المملوكة للمنطقة، على أن يمنح الترخيص بشغل هذه الأراضي بناء على طلب يقدم إلى مجلس إدارة المنطقة الحرة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة المناطق الحرية قد أصدرت القرار رقم 18 لسنة 1980 بتاريخ 30/ 9/ 1980 بالترخيص للشركة المطعون ضدها بالانتفاع بمساحة 3000 م2 (ثلاثة آلاف متر مربع) بمقر المنطقة الحرة بالعامرية الكائنة بالبلوك رقم 402 وذلك لمدة خمسة
وعشرين عامًا، تبدأ من تاريخ صدور قرار رئيس مجلس إدارة المنطقة بالترخيص للشركة المذكورة، ونصت المادة رقم (9) من القرار المذكور على أن: "تلتزم الشركة المرخص لها بمراعاة أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ولائحته التنفيذية وموافقة مجلس إدارة المنطقة على المشروع وقرارها الصادر بالترخيص لها بمزاولة نشاطها، وكذا كافة التعليمات والقرارات المنفذة لها، و كذلك القوانين التي تصدر مستقبلاً في شأن الاستثمار العربي والأجنبي والمناطق الحرة ولوائحها التنفيذية، ويعتبر هذا الترخيص لاغيًا في حالة مخالفة الشركة المرخص لها لذلك بأي وجه من الوجوه".
وبناء على هذا القرار أصدرت المنطقة الحرة بالإسكندرية الترخيص رقم (6) مشروع صناعي لسنة 1980 بتاريخ 22/ 12/ 1980 بشغل الشركة المطعون ضدها لقطعة الأرض الفضاء رقم (6) بالمنطقة الحرة بالإسكندرية، البالغة مساحتها 3000م2، ونصت المادة (2) من هذا الترخيص على أن يدي المرخص له مقابل انتفاع سنوي للأرض المرخص بها قدره (3000 دولار أمريكي) سنويًا، وأن للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في إعادة النظر في زيادة هذا المقابل السنوي كل سنتين بما لا يجاوز 25% من قيمة مقابل الانتفاع في السنة السابقة مباشرة، كما نصت المادة (4) على أن مدة الترخيص خمسة وعشرون عامًا تبدأ من تاريخ 28/ 7/ 1980 وتنتهي في 27/ 7/ 2005.
كما أن الثابت من الأوراق أنه قد صدر القرار رقم 20 لسنة 1989 بتاريخ 19/ 2/ 1989 بتعديل القرار رقم 18 لسنة 1980 لتكون مساحة الأرض المخصصة للشركة المطعون ضدها 5000م2 (خمسة آلاف متر مربع) بمقر المنطقة العامة بالعامرية بالبلوك رقم 402.
ومن حيث إنه بشأن مقابل الانتفاع المقرر لمساحة الأرض المخصصة للشركة المطعون ضدها فإن الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار قد أصدر القرار رقم 190/ 181/ 92 بتاريخ 28/ 1/ 1992 بزيادة مقابل الانتفاع بالأراضي التي تخصص للمشروعات الصناعية بالمناطق الحرة العامة على النحو التالي:
أ - زيادة مقابل الانتفاع للمتر المربع سنويًا إلى 2 دولار أمريكي اعتبارًا من 1/ 2/ 1992
ب - زيادة مقابل الانتفاع للمتر المربع سنويًا إلى 2.5 دولار أمريكي اعتبارً من1/ 1/ 1992
ثم صدر القرار رقم 191/ 216/ 92 بتاريخ 7/ 10/ 1992 بزيادة مقابل الانتفاع بمقدار دولار سنويًا للمتر المربع اعتبارًا من أول يناير 1994 حتى سنة 2000
- ومن حيث إنه ليس من شك في أن الربح هو المستهدف الأعلى لأي مستثمر، فإنه ليس من شك أيضًا في أن عدم تمكنه سلفًا من حسابات تكلفة الإنتاج وصافي الربح يعد من أهم معوقات الاستثمار لا تشجيعه، ومن ثم فإن من شأن قرارات الهيئة العامة للاستثمار بجعل مقابل الانتفاع بأراضيها رهينًا بإرادتها دون معيار يحد من سلطتها في هذا الخصوص أن يؤدي إلى هروب المستثمر الجاد الشريف، ويشوب تلك القرارات بعيب سوء استخدام السلطة.
وبالبناء على ما تقدم، فغنه لا يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار بقرارات منفردة أن يعدل من مقابل الانتفاع بأراضيها بالمخالفة لما هو محدد بتراخيص الانتفاع الصادرة للمستثمرين.
ومن حيث إن الثابت من المادة الثانية من ترخيص الانتفاع الصادر للشركة المطعون ضدها أن للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حق إعادة النظر في زيادة مقابل الانتفاع كل سنتين بما لا يجاوز 25% من قيمة مقابل الانتفاع في السنة السابقة مباشرة، فإنه ليس من شك - في ضوء وجوب تنفيذ العقود بحسن النية - أن عدم استخدام حقها في زيادة مقابل الانتفاع كل سنتين خلال عشر سنوات من تاريخ منح الترخيص عام 1980، لا يحول دون حقها في إعمال هذه الزيادة بواقع 25% عن السنة التي تسبقها ولخمس مرات، وهو ما من شأنه أن يزيد على دولارين للمتر عام 1992، ويزيد عن 2.5 دولار للمتر عام 1993، ومن ثم فإن ما قامت به الهيئة من زيادة في مقابل الانتفاع إلى دولارين للمتر عام 1992، و2.5 دولار للمتر عام 1993 يتفق وصحيح حكم القانون بمقتضى وجوب تنفيذ العقود بحسن نية.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تضمنه القرار رقم 191/ 216/ 92 بزيادة مقابل الانتفاع دولارًا سنويًا اعتبارًا من عام 1994، فإنه وإن كان مخالفًا لما نصت عليه المادة الثانية من شروط الترخيص إلا أن ممثل الشركة المرخص لها قدم إقرارًا بتاريخ 17/ 7/ 1994 بقبوله أسعار للتوسعات التي يطلبها، وقبوله لأية زيادات يفرضها مجلس الإدارة في المستقبل بالنسبة للتوسعات التي يطلبها، بما مفاده قبوله لمقابل الانتفاع المقرر حتى 17/ 7/ 1994، وقبوله لأية زيادة يفرضها مجلس الإدارة بالنسبة فقط لما قد يطلبه من توسعات.
ومن حيث إنه لما تقدم، فإنه لا سند للشركة المطعون ضدها في المطالبة برد مبلغ 16295.83 دولارًا الذي استؤدي منها كمقابل انتفاع عن الأرض المرخص لها بها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون خليقًا بالإلغاء، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى رقم 17581 لسنة 59 ق.
ومن حيث إن المصروفات يلزم بها من أصابه الخسر في الطعن عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددًا برفض الدعوى رقم 17581 لسنة 59ق، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.


ألغي هذا القانون بموجب المادة الثانية من القانون رقم (230) لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار