مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين - من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011 - صـ 1064

(120)
جلسة 4 من يونيه سنة 2011
الطعن رقم 3778 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة الخامسة)

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - غبريال جاد عبد الملاك.
2 - حسين على شحاتة السماك.
3 - يحيى خضري نوبي محمد.
4 - أحمد محمد حامد محمد حامد.
5 - منير محمد عبد الفتاح غطاس.
6 - محمد هاشم أحمد الكشكي.
7 - سراج الدين عبد الحافظ عثمان.
( أ ) رسوم - الفرق بينها وبين الضرائب - الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا من جانبهم في أعبائها وتكاليفها العامة، دون أن يعود عليهم نفع خاص من ورائها - الرسم مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا عن الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه - للحكم بعد دستورية نص يتعلق بالرسم أثر رجعي، على خلاف الحكم بعد دستورية نص ضريبي، حيث لا يكون له إلا أثر مباشر.
المواد المطبقة ( أ ):
المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا،الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1979
- حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 58 لسنة 17 ق دستورية بجلسة 15/ 11/ 1997
حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 192 لسنة 21 ق دستورية بجلسة 12/ 1/ 2003
(ب) رسوم - رسم الشاغلين - سقوط السند القانوني لفرضها بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار وزير الإدارية المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية - يسقط الحق في استرداد ما دفع من رسوم بغير وجه حق بالتقادم الخمسي من يوم الدفع، سواء كان الممول يعلم بحقه في الاسترداد أو لا يعلم - لا يسري على هذه المطالبة التقادم الطويل - الحكم الوارد في المادة (377) من القانون المدني مخصص للحكم العام الوارد في المادة (187) منه.
المواد المطبقة (ب):
- المادتان رقما (187) و(377) من القانون المدني.
- المادتان رقما (1) و(2) من القانون رقم (646) لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم
- المادة الرابعة من القانون رقم (43) لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية.
- قرار وزير الإدارة المحلية رقم (239) لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية.
- قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (870) لسنة 1990 بشأن زيادة الفئات المنصوص عليها في قرار وزير الإدارة المحلية رقم (239) لسنة 1971.
- حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18 ق دستورية بجلسة 3/ 1/ 1998.
- حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 100 لسنة 28 ق دستورية جلسة 7/ 3/ 2010.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 27/ 12/ 2006 أودع الأستاذ/ ..... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها برقم 3778 لسنة 53 ق. عليا. طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) في الدعوى رقم 10276 لسنة 57 ق بجلسة 14/ 11/ 2006، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وإلزام الجهة الإدارية أن ترد للمدعي وباقي شركائه في العقارات محل التداعي رسم الشاغلين على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب، مع رفع هذا الرسم مستقبلاً من قيمة الضريبة العقارية الإضافية المقررة على العقارات محل التداعي، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإلغائه، والقضاء مجددًا بسقوط الحق المطالب به التقادم الثلاثي، مع إلزامهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحددت لنظر الطعن أمام الدائرة الخامسة عليا فحص الطعون جلسة 8/ 11/ 2010، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، حيث أودع محامي الدولة بجلسة 10/ 1/ 2011 إعلانًا للمطعون ضده بتقرير الطعن وبالجلسة المذكورة منفذا بالطريق الإداري، وبجلسة 28/ 2/ 2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الخامسة موضوع، وحددت لنظره أمامها جلسة 26/ 3/ 2011.
ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسة التالية لها المنعقدة بتاريخ 7/ 5/ 2011 على النحو المبين بمحضريهما، وقام قلم كتاب المحكمة بإخطار المطعون ضده بميعاد هاتين الجلستين تبعًا بكتابيه رقي 1815 بتاريخ 7/ 3/ 2011 و3148 بتاريخ 6/ 4/ 2011، وبجلسة 7/ 5/ 2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/ 6/ 2011، فيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى جميع أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه النزاع توجز - حسبما يتبين من الحكم المطعون فيه وجميع الأوراق الأخرى - في أن المطعون ضده أقام دعواه ابتداءً أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 8/ 5/ 1999 وقيدت بجدولها برقم 6268 لسنة 1999 م.ك جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام المدعي عليهم أن يردوا له ما حصلوه دون وجه حق (أي رد غير المستحق)، وقدره 75% من مبلغ 145822 جنيهًا، أي ما يعادل 108467 جنيهًا. وذلك إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 36 لسنة 18 ق. وإعمالاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 726 لسنة 1998، مع الفوائد القانونية وقدرها 4% وحتى صدور حكم نهائي في الدعوى والسداد، مع تعديل الضريبة عن السنوات القادمة طبقًا للقانون ولحكم المحكمة الدستورية العليا؛ وذلك على سند من القول إنه وباقي شركائه يمتلكون العقارات أرقام 50 و54 و58 الكائنة بشارع 105 حدائق المعادي، وأن الجهة الإدارية قامت بتحصيل الضرائب العقارية عن هذه العقارات في المدة من 1984 وحتى 1997، حيث بلغ جملتها 145822 جنيهًا، بواقع نسبة تعادل 44% من قيمة الإيجارات التي حددتها إدارة الضرائب العقارية بالمعادي، وأن هذا التحصيل يستند إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971، وأنه بتاريخ 3/ 1/ 1998 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 36 سنة 18 ق دستورية بعدم دستورية القرار المذكور رقم 239 لسنة 197وبسقوط الأحكام التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون الإدارة المحلية، وكذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990، وبالتالي يتعين على الجهة الإدارية رد ما حصلته بالمخالفة لذلك.
واختتمت صحيفة الدعوى بطلب الحكم بما تقدم، ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 25/ 10/ 1999 قضت تمهيديًا بندب خبير لمباشرة المأمورية تفصيلاً بذلك الحكم، وقد باشر الخبير المنتدب المهمة المنوطة به وأودع تقريره ملف الدعوى. وبجلستها المنعقدة في 30/ 3/ 2002 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها برقم 10376 لسنة 57ق، ونظرتها على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 14/ 11/ 2006 أصدرت حكمها الطعين القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام الجهة الإدارية أن ترد للمدعي وباقي شركاته في العقارات محل التداعي رسم الشاغلين على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب، مع رفع هذا الرسم مستقبلاً من قيمة الضريبة العقارية الإضافية المقررة على العقارات محل التداعي، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن رسم الشاغلين تم تقريره بموجب قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بنسبة 2% من قيمة الإيجارات، يؤديه شاغلو العقارات، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990 الذي نص على مضاعفة فئات الرسوم المنصوص عليها في قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971، وبالتالي أصبح رسم الشاغلين (الرسم الإيجاري) بفئة 4%، وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 36 لسنة 18ق دستورية بجلسة 3/ 3/ 1998 بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، وبسقوط الأحكام التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون إصدار نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، وكذلك تلك التي احتواها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990؛ فإن رسم الشاغلين (الرسم الايجاري) أصبح لا سند له قانونًا، الأمر الذي يتعين معه إلزام الجهة الإدارية رد الرسم المذكور للمدعي، ورفعه من قيمة الضريبة العقارية المستحقة على العقارات محل التداعي مستقبلاً، وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه صدر بتاريخ 3/ 1/ 1998، أي قبل صدور القرار بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، الذي صدر في 10/ 7/ 1998، وبالتالي لا يسري عليه هذا التعديل، بما مفاده سريان هذا الحكم بأثر رجعي من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 239 لسنة 1971، الأمر الذي يتعين معه إلزام الجهة الإدارية رد رسم الشاغلين إلى المدعي بدءًا من عام 1984 حتى 1997 (حسب طلبات المدعي)، دون أن يحاج في هذا الصدد بأحكام التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 277 من القانون المدني حسبما أشارت الجهة الإدارية، وذلك لأنه المادة المذكورة لا تنطبق على حالة المدعي؛ إذ إن مناط إعمال محكم ذلك النص أن يكون الرسم محل النزاع قد تم تحصيله بغير حق وقت أدائه، أما إذا كان تحصيله قد تم على أساس من القانون فإن هذه الواقعة تخرج عن مجال تطبيق النص المذكور.
ولما كان ذلك وكانت المبالغ محل رسم الشاغلين تم تحصيلها إعمالاً لأحكام القرار الوزاري سالف الذكر الساري وقت السداد، فإن سداد المدعي لها يكون بغير حق، ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال النص المذكور على واقعات الدعوى الماثلة، مع رفض طلب الفوائد القانونية لعدم ملاءمة تطبيق المادة 266 من القانون المدني على علاقات القانون العام.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن، وتخلص في أنه ولئن كان المطعون ضده قد تم تحصيل مبالغ منه عبارة عن رسم الشاغلين، وقد بدأ في تسديد تلك المبالغ اعتبارًا من عام 1984 إلا أنه لم يقم دعواه إلا في 8/ 5/ 1999، ومن ثم فإن تلك المبالغ تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي، وقد سبق أن دفعت الجهة الإدارية بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الثلاثي أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بمذكرة الدفاع المقدمة منها بجلسة 11/ 2/ 2002، إلا أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلزام جهة الإدارة رد ما سبق تحصيله من المطعون ضدهم دون مراعاة أحكام التقادم الثلاثي فإنه بذلك يكون قد خالف صحيح أحكام القانون.
ومن حيث إن نطاق الطعن الماثل اقتصر على تمسك جهة الإدارة الطاعنة بالدفع المبيد منها أثناء نظر هذه الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين بسقوط الحق به التقادم الثلاثي طبقًا لما ورد بتقرير طعنها.
ومن حيث إن واقعًا قانونيًا قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18ق. دستورية بجلسة 3/ 1/ 1998 المنشور بالجريدة الرسمية في 15/ 1/ 1998، ويقضي بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، بسوط الأحكام التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بقانون رقم 43 لسنة 1979، وكذلك تلك التي احتواها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990.
ومن حيث إن الأصل في الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة تستحدث جديدًا ولا تنشئ مراكز أو أوضاعًا لم تكن موجودة من قبل، بل هي تكشف عن حكم الدستور أو القانون في المنازعات المطروحة على القضاء، وترده إلى مفهومه الصحيح الذي يلازمه منذ صدوره، الأمر الذي يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة بيانًا لوجه الصواب في دستورية النص التشريعي المطعون فيه منذ صدوره، وما إذا كان هذا لنص قد جاء موافقًا للدستور وفي وحدوده المقررة شكلاً وموضوعًا، فتتأكد للنص شرعيته الدستورية ويستمر نفاذه، أم أنه صدر متعارضًا مع الدستور فينتفي عنه وصفه وتنعدم قيمنه بأثر ينسحب إلى يوم صدوره، فضلاً عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - قد قضى بأنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعي ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناءً على حكم قضائي بات صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا.
(حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 192 لسنة 21 ق دستورية جلسة12/ 1/ 2003)
ومن حيث إن المادة (187) من القانون المدني تنص على أن: "تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه مَن دَفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق:
كما تنص المادة (377) من ذات القانون على أنه: "(1) تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة، ويبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها ... (2) ويتقادم بثلاث سنوات أيضًا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق، ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها (3) ولا تخل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة في القوانين الخاصة".
وحيث إنه قد صدر القانون رقم 646 لسنة 1953 - المعمول به اعتبارًا من 26/ 12/ 1953 - ناصًا في المادة الأولى منه على أن: "تتقادم بخمس سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام ما لم ينص القانون على مدة أطول".
ونص في المادة (2) من القانون المذكور على أن: "يبدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها،إلا إذا ظهر الحق في طلب الرد بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل فيبدأ التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد بموجب كتاب موصي عليه".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت في القضية رقم 100 لسنة 28 ق دستورية بجلسة 7/ 3/ 2010 بعدم دستورية البند (2) من المادة 377 من القانون المدني فيما نص عليه: "ويتقادم بثلاث سنوات أيضًا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق"، وشيدت المحكمة الدستورية العليا قضاءها على سند من أنه من المقرر في قضائها أن مبدأ المساواة يعد وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة للحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور والقانون، ومن ثم لا يجوز للمشرع عند إعماله لسلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق أن يقم تمييزًا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، ويتعين أن تنظيمها أسس موضوعية موحدة، لا تمييز فيها بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها والتي يتكافأ أطرافها أمام القانون، وإنه لما كان ذلك وكان المشرع قد أجرى بالقانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم تعديلاً على مدة تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة بجعلها خمس سنوات، في حين أبقى على مدة التقادم المقررة لحق الممول في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق بثلاث سنوات، والتي تضمنها النص المطعون عليه، مغايرًا بذلك المنهج الذي حرص عليه - قبل التعديل - بتوحيد مدة التقادم في الحالتين سالفتي الإشارة، ومن ثم فإنه يكون قد أقام تمييزًا غير سائغ للدولة، بأن اختصها بمدة تقادم للحق الضريبي يزيد على المدة المقررة للممول في هذا الشأن، بالرغم من تكافؤ مركزيهما القانوني لكونهما دائنتين بدين ضريبي، مما يستوجب وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي أن تنظمهما في شأن سقوط الحق في المطالبة بالدين الضريبي لتحقيق الحماية القانونية المتكافئة لكلا الطرفين، وذلك كان بالمخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 40 من الدستور
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن دعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق - بوجه عام - طبقًا لنص المادة 187 من القانون المدني تسقط بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء المطالبة باسترداد ما دفعه الممول من ضرائب أو رسوم غير مستحقة طبقًا لنص الفقرة (2) من المادة 377 من القانون المدني إنما يسري التقادم فيها من يوم دفع غير المستحق, سواء كان الممول يعلم بحقه في الاسترداد أو لا يعلم، فإذا كان لا يعلم فليس هناك مدة تقادم أخرى مقدارها خمس عشرة سنة من وقفت الدفع؛ إذ أن مدة التقادم هنا واحدة لا تتغير، وهي ثلاث سنوات تبدأ من وقت الدفع، ومن ثم تكون أحكام الفقرة الثانية من المادة 377 مدني مخصصة للأحكام العامة الواردة في المادة 187 واستثناء عليها.
وقد عاد المشرع وأصدر القانون رقم 646 لسنة 1953 وجعل فيه مدة تقادم ا لضرائب والرسوم المستحقة للدولة خمس سنوات، ولم ينسخ القانون رقم 646 لسنة 1953 المشار إليه نص الفقرة الثانية من المادة 377 من القانون المدني فيما يتضمنه من تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير وجه حق بمضي ثلاث سنوات، وظل نص الفقرة الثانية من المادة 377 المشار إليها باقيًا على حالة حتى صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 100 لسنة 38ق دستورية بجلسة 7/ 3/ 2010 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 18/ 3/ 2010 السابق الإشارة إليه، حيث أضحت مقتضاه مدة تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق خمس سنوات أسوة بمدة تقادم الحق في المطالبة برج الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأي شخص اعتباري عام وهي خمس سنوات، دون أن ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - المعدل بالقانون رقم 168 لسنة1998 - من أن: ".... الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر؛ إذ إن ما تضمنه ذلك النص على النحو المذكور إنما يعد استثناء من الأصل العام المقرر لأحكام القضاء بأنها كاشفة وليست منشئة، إذ تكشف عن حكم الدستور أو القانون، الأمر الذي يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي, وهذا الاستثناء للحكم بعدم دستورية النص الضريبي من الرجعية لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه لسريانه على عدم دستورية النصوص المتعلقة بالرسوم؛ لوجود فرق بين الضريبة والرسم، فالضريبة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا من جانبهم في أعبائها وتكاليفها العامة، فهم يدفعون لها بصفة نهائية، ودون أن يعود عليهم نفقع خاص من وراء التحميل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم وعاد عليهم مردودها، ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها.
(حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 58 لسنة 17 ق. دستورية بجلسة 15/ 11/ 1997)
في حين أن الرسم هو مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه، وهو بذلك يتكون من عنصرين أولهما - أن الرسم يدفع مقابل خدمة معينة، والثاني - أنه لا يدفع اختياريًا، وإنما يؤدى كرهًا بطريق الإلزام، وتستأديه الدولة من الأفراد بما لها عليهم من سلطة الجباية، ولا يتمثل عنصر الإكراه في التزام الفرد بدفع الرسم مقابل الخدمة المؤداة له، ولكنه يتمثل في حالة الضرورة القانونية التي تلجئ الفرد إلى المرفق العام لانقضاء هذه الخدمة.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 339 لسنة 48 ق عليا بجلسة 23/ 12/ 2006)
ومن حيث إنه نزولاً على ما تقدم وبالترتيب على ما نشأ من واقع قانوني كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18 القضائية بجلسة 3/ 1/ 1998 المشار إليه، الذي قضى في منطوقه بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية تأسيسًا على مخالفتها لنصي المادتين 64 و65 من الدستور، ومؤدى القضاء بعدم دستورية هذا القرار إبطال النصوص التي احتواها، وكذلك سقوط ما ارتبط بها من أحكام لا تقبل التجزئة تضمنتها المادة الرابعة من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، وكذلك تلك التي احتواها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990، وبسقوط هذه الأحكام تغدو المبالغ التي حصلتها الجهة الإدارية الطاعنة من المطعون ضده وباقي شركائه في العقارات محل التداعي كرسم شاغلين تم تحصيله مع الضريبة العقارية استنادًا إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 والأحكام المرتبطة به خلال الفترة من عام 1984 وحتى عام 1997 قد افتقدت لسندها القانوني الذي مصدره نصوص تشريعية قد قضى بعدم دستوريتها، ومن ثم يتعين القضاء بإلزام الجهة الإدارية رد المبالغ التي حصلتها من المطعون ضده وباقي لشركائه كرسم شاغلين على العقارات محل التداعي في الفترة من عام 1984 حتى عام 1997 مع مراعاة مدة التقادم الخمسي إنقاذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 100 لسنة 28 ق دستورية بجلسة 7/ 3/ 2010.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة وقضى بإلزام الجهة الإدارية أن ترد للمدعي وباقي شركائه في العقارات محل التداعي رسم الشاغلين على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب، مع رفع هذا الرسم مستقبلاً من قيمة الضريبة العقارية الإضافية المقررة على العقارات محل التداعي، وتناول في أسباب الرد على الدفع المبدي من المدعي عليهم بصفاتهم بسقوط الحق في المطالبة برد هذه المبالغ بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 377 مدني أن تلك المادة لا تنطبق على حالة المدعي؛ لأن مناط إعمال حكم ذلك النص أن يكون الرسم محل النزاع قد تم تحصيله بغير حق وقت أدائه، أما إذا كان تحصيله قد تم على أساس من القانون، فإن هذه الواقعة تخرج عن مجال تطبيق النص المذكور، ولما كان ذلك وكانت المبالغ محل رسم الشاغلين تم تحصيلها إعمالاً لأحكام القرار الوزاري سالف الذكر الساري وقت السداد فإن سداد المدعي لها لم يكن بغير حق؛ فإذا ما ذهب إليه الحكم الطعين قد جانبه الصواب فيما ذهب إليه من الرد على الدفع بسقوط الحق في المطالبة برد المبالغ المشار إليها بالتقادم الثلاثي، الأمر الذي تقضي معه هذه المحكمة إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية المدعي عليها رد المبالغ التي حصلتها من المدعي وشركائه كرسم شاغلين مع مراعاة مدة التقادم الخمسي، وبحسبان أن المدعي أقام دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه بتاريخ 8/ 5/ 1999 فإن المبالغ التي تلزم الجهة الإدارية بردها هي المبالغ التي حصلتها من المطعون ضده بعد 7/ 5/ 1994 وحتى عام 1997 مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بنص المادة 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن ترد للمطعون ضده وباقي شركائه في العقارات محل التداعي المبالغ التي حصلتها منهم كرسم شاغلين، مع مراعاة التقادم الخمسي، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.