مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 143

(19)
جلسة 10 من نوفمبر سنة 2007
الطعن رقم 411 لسنة 50 القضائية عليا
(الدائرة الثانية)

السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ بخيت محمد محمد إسماعيل وبلال أحمد محمد نصار وفوزي علي حسين شلبي ومنير عبد الفتاح غطاس ود/ حسين عبد الله أمين قايد وبهاء الدين يحيى أحمد أمين زهدي نواب رئيس مجلس الدولة.
دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - المقصود بالمسلك الإيجابي للجهة الإدارية في بحث التظلم.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
المسلك الإيجابي الذي من شأنه مد أجل رفع الدعوى، هو المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى طلبه، عندما تستشعر جهة الإدارة أن له حقًا مهضومًا ويجب إعادته إليه، وليس مجرد المسلك الإيجابي في بحث التظلم - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 15/ 10/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا - الدائرة الثانية بجلسة 1/ 9/ 2003 في الدعوى رقم 4583 لسنة 7ق والقاضي منطوقه بـ: "قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي رقم 887 الصادر في 23/ 4/ 2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار متمثلة في إعادته إلى عمله ورفض طلب منحه الأجر عن مدة فصله، وألزمت المدعي وجهة الإدارة المصروفات مناصفة".
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 11/ 6/ 2007 إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 10/ 9/ 2007 وبها نظرته هذه المحكمة وقررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 10/ 11/ 2007 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 9/ 2000 أقام المطعون ضده (كمدعٍ) الدعوى رقم 4583 لسنة 7ق أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا ضد الطاعنين (كمدعي عليهما) طالبًا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 887 الصادر عن مديرية التربية والتعليم بطنطا فيما تضمنه من إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عودته إلى عمله وصرف مرتبه اعتبارًا من تاريخ الفصل في 3/ 11/ 1999 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وذكر شرحًا للدعوى أنه يعمل بوظيفة مدرس لغة عربية بمدرسة السنطة الثانوية الصناعية، وبتاريخ 23/ 4/ 2000 فوجئ بصدور قرار مديرية التربية والتعليم بطنطا رقم 887 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 3/ 11/ 1999 لارتكابه جرائم مخلة بالشرف مما نتج عنه صدور الأحكام في الجنح المبينة بالقرار، فتظلم من هذا القرار في 30/ 4/ 2000 دون جدوى.
ونعي على قرار إنهاء خدمته سالف الذكر صدوره بالمخالفة لأحكام القانون لأن الجنح التي ارتكبها كانت بشأن شيك بدون رصيد حرره ضمانًا لمؤخر صداق زوجته التي بعد طلاقها منه قدمت الشيك للنيابة وأقامت ضده جنحة وبعد الحكم تم التصالح فيها ومن ثم فإن الدعوى تنقضي بشأنها بالإضافة إلى أن جنحة الشيك ليست من الجرائم المخلة بالشرف، فضلاً عن أن الحكم الصادر ضده ليس حكمًا صادرًا في جناية كما أنه يعتبر أول حكم يصدر ضده، وأنه أنهى مدة العقوبة، ولما كانت هذه الجنحة لا علاقة لها بالوظيفة العامة وقد رد إليه اعتباره ومن ثم يكون قرار إنهاء خدمته قد صدر على غير أساس سليم من أحكام القانون جديرًا بالإلغاء.
وبجلسة 1/ 9/ 2003 قضت محكمة القضاء الإداري بطنطا - الدائرة الثانية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي رقم 887 الصادر في 23/ 4/ 2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار متمثلة في إعادته إلى عمله ورفض طلب منحه الأجر عن مدة فصله.
وشيدت المحكمة قضاءها - بالنسبة لقبول الدعوى شكلاً - على أن المدعي تظلم من القرار المطعون عليه في 30/ 4/ 2000 وأن الأوراق تدل على أن هذا التظلم كان محل بحث جدي من جهة الإدارة بدليل أنها لم تحسم فيه الأمر إلا في 1/ 10/ 2000 ومن ثم يكون لجوء المدعي إلى القضاء في 12/ 9/ 2000 خلال المواعيد القانونية وإذ استوفت الدعوى أوضاعها الشكلية لذا يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
وشيدت المحكمة قضاءها - بالنسبة لموضوع الدعوى وبعد أن استعرضت نص المادة 94 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة على أن المدعي قدم بجلسة 14/ 4/ 2004 حافظة مستندات تضمنت شهادة صادرة عن محكمة النقض تفيد أن القضايا أرقام 2477 لسنة 1997 و29375 لسنة 1996 و9083 لسنة 1997 و22634 لسنة 1997 وكلها مقيدة ضد المدعي بطنطا تم الحكم فيها بالإيقاف، وأنه لما كانت جهة الإدارة لم تنازع في هذه الشهادة والتي تفيد إيقاف تنفيذ العقوبات الصادرة ضد المدعي في الجنح المشار إليها والتي استندت إليها جهة الإدارة في إنهاء خدمته لذا يكون ادعاء المدعي قائمًا على سبب مما يتعين معه قبول دعواه وإلغاء قرار إنهاء خدمته، أما عن مطالبته بالأجر فلا حق له فيه لأنه لم يثبت أنه أدى عملاً خلال تلك الفترة يستحق عنه أجرًا.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاما عليه طعنهما الماثل على سند مما نعياه على الحكم المطعون فيه من مخالفة الواقع والقانون والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك لأن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر في 23/ 4/ 2000 وتظلم منه المطعون ضده في 30/ 4/ 2000 ولم ترد جهة الإدارة على تظلمه خلال الستين يومًا التالية ومن ثم كان يتعين عليه إقامة دعواه خلال الستين يومًا التالية لانقضاء مدة الستين يومًا المقررة للرد على التظلم والذي هو في ميعاد غايته 30/ 8/ 2000 إلا أنه أقام دعواه في 12/ 9/ 2000 ومن ثم تكون الدعوى مقامة بعد الميعاد المقرر قانونًا ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وأنه لا ينال من ذلك أن الجهة الإدارية بحثت التظلم واستمرت في بحثه حتى بعد انقضاء مدة الستين يومًا المقررة للبت في التظلم وأنها ردت على المطعون ضده بعدها في 1/ 10/ 2000 برفض تظلمه ذلك لأن هذا لا يعد مسلكًا إيجابيًا من جانب جهة الإدارة في قبول التظلم حسبما انتهت إليه محكمة القضاء الإداري في حكمها الطعين مما يتعين معه إلغاء هذا الحكم والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى، فقد نصت المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أن: "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يومًا من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببًا ويعتبر مضي ستين يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يومًا من تاريخ انقضاء الستين يومًا المذكورة".
ومن حيث إنه من المقرر أن المسلك الإيجابي من الجهة الإدارية الذي من شأنه مد أجل رفع الدعوى هو المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى طلبه عندما تستشعر أن له حقًا مهضومًا وليس المسلك الإيجابي في بحث التظلم.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده رقم 887 صد بتاريخ 23/ 4/ 2000 وتظلم منه المطعون ضده في 30/ 4/ 2000 وأن جهة الإدارة قامت ببحث التظلم وخلت الأوراق مما يفيد سلوك جهة الإدارة لأي مسلك إيجابي نحو إجابة المطعون ضده لطلبه بإلغاء قرار إنهاء خدمته، ومن ثم فإنه بفوات مدة ستين يومًا على تقديم التظلم دون رد جهة الإدارة عليه يعتبر بمثابة رفض ضمني لهذا التظلم وكان يتعين لذلك إقامة الدعوى خلال الستين يومًا التالية لفوات الستين يومًا الأولى والتي يعتبر فواتها بمثابة رفض ضمني للتظلم أي في ميعاد غايته 30/ 8/ 2000 بيد أنه تراخى في إقامتها حتى 12/ 9/ 2000 ومن ثم فإن الدعوى تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانونًا في المادة (24) من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن الأوراق تدل على أن تظلم المطعون ضده كان محل بحث جدي من جهة الإدارة بدليل أنها لم تحسم أمرها بشأنه إلا في 1/ 10/ 2000 ذلك أن الأوراق قد خلت تمامًا مما يفيد أي مسلك إيجابي لجهة الإدارة في إجابة المطعون ضده لتظلمه أو أن هذا التظلم كان محل بحث جدي نحو إجابته إلى طلبه أو أن جهة الإدارة استشعرت أن له ثمة حقًا مهضومًا يجب إعادته إليه.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يقض بما تقدم ذكره حيث قضى بقبول الدعوى شكلاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويضحى حريًا بالإلغاء والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.