مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 174

(24)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 2007
الطعن رقم 4465 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ يحيى عبد الرحمن يوسف ود/ الديدامونى مصطفى أحمد ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد علي الموافي محمد البانوني وعبد المجيد أحمد حسن المقنن وعمر ضاحي عمر ضاحي نواب رئيس مجلس الدولة.
عقد إداري - تنفيذه - مدى جواز قيام الإدارة بإعادة النظر في الأسعار المتعاقد عليها.
الأصل في تنفيذ العقود الإدارية أنه لا يجوز للمتعاقد مع الجهة الإدارية أن يتقاعس أو يتراخى في تنفيذ التزاماته إذا تأخرت هذه الجهة في تنفيذ التزاماتها المقابلة - هذا الأصل يجوز الخروج عليه إذا قدرت الجهة الإدارية أن عدم تنفيذها لالتزاماتها يعجز المتعاقد معها عن تنفيذ التزامه في الموعد المحدد - يكون لها في هذه الحالة إذا ما جاوزت مدة تنفيذ الأعمال الحد المعقول بسبب عدم قيامها بالتزامها بأداء مقابل الأعمال لعدم توافر الاعتماد المالي أن تعيد النظر في الأسعار المتعاقد عليها أصلاً وذلك في ضوء الأسعار السائدة عند مواصلة التنفيذ حتى لا تختل اقتصاديات العقد وتجور المصلحة العامة على المصلحة الفردية على نحو يعوق المتعاقد مع الإدارة عن النهوض بتنفيذ التزاماته - ليس في ذلك ما يخالف النظام العام إذ إن قواعد العدالة ومقتضيات حسن النية التي تظل العقود جميعًا تتأبى وتمسك الجهة الإدارية بتنفيذ الأعمال موضوع العقد بذات الأسعار المتعاقد عليها إذا ما تراخت في تنفيذ التزاماتها المقابلة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 17/ 1/ 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل الذي قيد بجدولها برقم 4465 لسنة 51 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا - الدائرة الأولى في الدعوى رقم 944 لسنة 6ق بجلسة 25/ 11/ 2004، القاضي بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي مبلغًا مقداره 21773 جنيها، مع الفوائد القانونية سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المدعي والجهة الإدارية بالمصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام جهة الإدارة بمبلغ 21773 جنيهًا والفوائد القانونية، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 2/ 2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - موضوع، وحددت لنظره جلسة 24/ 4/ 2007.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 23/ 10/ 2007 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 11/ 2007 وبها قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسب الثابت بالأوراق - في أن المدعي (المطعون ضده) كان قد أقام ابتداء الدعوى رقم 653 لسنة 1997 مدني كلي حكومة أمام محكمة أسوان الابتدائية بتاريخ 29/ 11/ 1997 طالبًا في ختام صحيفة الدعوى الحكم بإلزام المدعي عليهما (الطاعنين) بالآتي: أولاً - أداء مبلغ 95764.40 جنيهًا المستحق له بذمتهما والفوائد القانونية بواقع 4% عن ذلك المبلغ، ثانيًا - أداء فروق الأسعار بواقع 86% من إجمالي الأعمال الصحية، و75% لجميع الأعمال، و100% للأعمال الكهربائية عن الأعوام من 1991 إلى 1996، ثالثًا: أداء مبلغ 70000 جنيه تعويضًا عن الأضرار الأدبية والمادية التي أصابته.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه بموجب عقد المقاولة المبرم في 23/ 3/ 1992 بينه وبين المدعي عليه الأول بصفته (مدير عام الإسكان محافظة أسوان) تولي استكمال نقطة شركة سلوا بمركز كوم أمبو، وتسلم موقع العملية في 27/ 4/ 1992 بعد إخطاره بأمر الشغل الذي تضمن إلزامه بالتنفيذ في حدود مبلغ 22809.595 جنيهات، وشرع في تنفيذ العقد، وفي 3/ 6/ 1992 تقدم لصرف مستخلص الدفعة الأولى المستحق في 27/ 5/ 1992 بإجمالي مبلغ 13171.882 جنيهًا فأفاده المدعي عليه الأول بعدم وجود اعتماد مالي للعملية من تاريخ طرحها في 10/ 11/ 1991 حيث قامت المديرية برد مبلغ 18228.550 جنيهًا بتاريخ 15/ 5/ 1991 إلى وزارة الداخلية وأصبحت العملية بدون اعتماد مالي سابق على طرحها للتنفيذ، ولذلك توقفت العملية حتى 17/ 12/ 1996 تاريخ استئناف العمل مرة أخرى، وتم تنفيذ العملية وتسليمها في 31/ 1/ 1997، وحيث إن المدعي عليه الأول قد أخل بالالتزام العقدي وفقًا لأحكام المواد 147، 657/ 1 و658/ 1 من القانون المدني، فإنه قد أصيب من جراء ذلك بأضرار مادية وأدبية تمثلت في الآتي: أولاً: مصاريف الحراسة حسب البند(8) من العقد، ومقدارها مبلغ 30234.75 جنيهًا اعتبارًا من تسلم الموقع في 27/ 4/ 1992 حتى تاريخ استئناف العمل في 17/ 12/ 1996 حسبما ورد بمذكرة إدارة الإسكان بكوم أمبو. ثانيًا: مصاريف الانتقال والمتابعة وراتب مهندس العملية اعتبارًا من تاريخ استلام الموقع حتى تاريخ استئناف العمل ومقدارها 16800 جنيه. ثالثًا: إيجار السيارة طبقًا للبند 12 من العقد ومقداره 5500 جنيه عن ذات المدة المشار إليها. رابعًا: فروق الأسعار عن المدة سالفة الذكر بنسبة 86% من إجمالي الأعمال الصحية و75% لجميع الأعمال و100% للأعمال الكهربائية. خامسًا: تجاوز الأعمال عما ورد بالتعاقد بزيادة مقدارها 4514.632 جنيهًا بنسبة 7.4%. سادسًا - غرامة تأخير خصمت من مستحقاته بدون سند من القانون مقدارها 10000 جنيه. سابعًا - مبلغ مقداره 600 جنيه تم احتجازه من الدفعة الأولى، بالإضافة إلى مبلغ 4500 جنيه باقي مستحقاته التي لم تصرف لعدم وجود اعتماد مالي. ثامنًا - الفوائد القانونية المستحقة له عن التأمين النهائي والدفعتين الأولى والثانية حتى صرفها بواقع 4% من إجمالي المبالغ المستحقة له، مضافًا إلى ذلك مبلغ يقدر بستين ألف جنيه جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي ألمت به، وخلص المدعي إلى طلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 28/ 2/ 1998 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بقنا للاختصاص. ووردت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة، وقيدت بجدولها برقم 944 لسنة 6ق.
وبجلسة 25/ 11/ 2004 حكمت المحكمة بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي مبلغ مقداره 21773 جنيهًا مع الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المدعي والجهة الإدارية بالمصروفات مناصفة. وأقامت المحكمة قضاءها في الشق موضوع الطعن الماثل، على أنه بالنسبة لطلب المدعي صرف فروق أسعار الأعمال الصحية بنسبة 86% من قيمتها من عام 1991 حتى 16/ 12/ 1996 فإن تنفيذ العملية قد توقف لمدة بلغت ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة عشر يومًا بسبب عدم وجود الاعتماد المالي، وقدرت الجهة الإدارية ظروف التأخير فاستجابت لطلب المدعي إعادة النظر في الأسعار المتعاقد عليها في ضوء الأسعار السائدة عند مواصلة التنفيذ ووافقت على محاسبته على تلك الأعمال بزيادة نسبتها 86% من قيمتها وعلى ذلك يستحق المدعي صرف هذه الزيادة ومقدارها 16673 جنيهًا. وبالنسب لطلب المدعي إلزام الإدارة بصرف مبلغ 600 جنيه احتجزته الجهة الإدارية لديها إلى حين قيام المدعي بتلميع أوجلى " المزايكو" بالمبنى محل المنازعة فإن الثابت من الأوراق تنفيذ المدعي لعملية التلميع مما يتعين معه الحكم بإلزام جهة الإداري بأداء هذا المبلغ للمدعي. أما عن طلب المدعي الحكم بإلزام الجهة الإدارية بصرف مبلغ 4500 جنيه قيمة باقي مستحقاته لديها فإن الأوراق قد أجدبت عن وجود أية مديونية على المدعي نتيجة استكمال العملية ومن ثم يكون احتجاز الإدارة لهذا المبلغ لا سند له من القانون ويتعين الحكم بإلزامها برد المبلغ للمدعي، وذلك كله مع استحقاق المدعي للفوائد القانونية عن المبالغ المشار إليها بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وفقًا لحكم المادة 226 من القانون المدني.
ولم يرتض الطاعنان هذا الحكم فأقاما هذا الطعن على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في صرف زيادة بواقع 86% من قيمة الأعمال الصحية على سند من أن الأوراق قد خلت مما يفيد تقدير جهة الإدارة لظروف التأخير في تنفيذ العملية وموافقتها على محاسبته على هذه الزيادة ودليل ذلك أن الجهة الإدارية حررت الكشف الختامي بمبلغ 19387.310 جنيهًا خاليًا من تلك الزيادة وبالتالي لا يحق للمطعون ضده المطالبة بها لمخالفة ذلك للمادة 6 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات التي تنص على أن الفئات التي حددها مقدم العطاء بجدول الفئات تشمل وتغطي جميع المصروفات والالتزامات التي تكبدها لكل بند من البنود، وكذلك مخالفة البند 18 من عقد العملية الذي ينص على عدم أحقية المطعون ضده في المطالبة بزيادة قيمة الأعمال لارتفاع الأسعار إلا في حالة ارتفاع أسعار المواد المسعرة جبريًا بقرارات وزارية. كما أخطأ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في صرف مبلغ 600 جنيه نظير تلميع "المزايكو" بالمبنى لأن الأوراق قد خلت مما يفيد قيام المقاول بتلميع " المزايكو" وأنه لا يجوز الأخذ بالإخطار المقدم من المقاول بجلي وتلميع الحوائط لأنه دليل مصطنع من قبله لا يدل على قيامه بهذا العمل. كذلك خالف الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في صرف مبلغ 4500 جنيهًا بزعم عدم وجود مديونية، لأن جهة الإدارة قبلت عطاء المطعون ضده بمبلغ 61121.81 جنيهًا باعتباره أقل العطاءات ثم قررت زيادة بعض البنود فبلغ ختامي العملية 65636.512 جنيهًا إلا أن هذه الزيادة يجب ألا تخل بمبدأ أولوية العطاء طبقًا للمادة 76 مكررًا من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 وبالتالي لا يجوز صرف هذا الفرق للمطعون ضده.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المطعون ضده في صرف زيادة أو علاوة بنسبة 86% من قيمة الأعمال الصحية للعملية، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد تحفظ في البند الثالث من محضر المفاوضة الخاص بالعملية المؤرخ 4/ 3/ 1992 والمعتمد من لجنة البت على أن يتم صرف المستخلصات الجارية وفقًا لسير العمل كل 15 يومًا حسب القواعد المنظمة لذلك وإذا تأخرت مدة صرف المستخلصات عن 15 يومًا من تاريخ تقديمها للصرف تضاف مدة التأخير لمدة تنفيذ العملية. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الأصل في تنفيذ العقود الإدارية أنه لا يجوز للمتعاقد مع الجهة الإدارية أن يتقاعس أو يتراخى في تنفيذ التزاماته إذا تأخرت هذه الجهة في تنفيذ التزاماتها المقابلة، وهذا الأصل يجوز الخروج عليه إذا قدرت الجهة الإدارية أن عدم تنفيذها لالتزاماتها يعجز المتعاقد معها عن تنفيذ التزامه في الموعد المحدد ويكون لها في هذه الحالة إذا ما جاوزت مدة تنفيذ الأعمال الحد المعقول بسبب عدم قيامها بالتزامها بأداء مقابل الأعمال لعدم توافر الاعتماد المالي أن تعيد النظر في الأسعار المتعاقد عليها أصلاً وذلك في ضوء الأعمال السائدة عند مواصلة التنفيذ حتى لا تختل اقتصاديات العقد وتجور المصلحة العامة على المصلحة الفردية على نحو يعوق المتعاقد مع الإدارة عن النهوض بتنفيذ التزاماته وليس في ذلك ما يخالف النظام العام إذ إن قواعد العدالة ومقتضيات حسن النية التي تظل العقود جميعًا تتأبى وتمسك الجهة الإدارية بتنفيذ الأعمال موضوع العقود بذات الأسعار المتعاقد عليها إذا ما تراخت في تنفيذ التزاماتها المقابلة.
وإذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم لجهة الإدارة في 27/ 5/ 1992 لصرف مستخلص الدفعة الأولى البالغ 13171,882 جنيهًا إلا أنه لم يتم صرفه لعدم وجود الاعتماد المالي، وبعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة عشر يومًا تم صرف جزء من هذا المستخلص مقداره 7325.70 جنيهًا في 1/ 10/ 1995، وعند استئناف الأعمال بعد مدة التوقف الطويلة المشار إليها طلب المطعون ضده من جهة الإدارة إعادة النظر في الأسعار المتعاقد عليها في ضوء الأسعار السائدة عند مواصلة التنفيذ، وإزاء مدة التوقف التي استطالت إلى حد غير معقول بسبب تراخي الإدارة في تنفيذ التزامها العقدي بصرف المستخلص المشار إليه في الميعاد المحدد بمحضر المفاوضة سالف الذكر لعدم وجود الاعتماد المالي، قدرت الجهة الإدارية ظروف المطعون ضده في ضوء اعتبارات المصلحة العامة وعدم الإخلال باقتصاديات العقد، وانتهت - بعد دراسة الموضوع في ظل الأسعار السائدة وقت مواصلة تنفيذ العملية وبالمقارنة بأسعار عملية أخرى في ذلك الوقت (عملية إنشاء جناح جديد بالوحدة الصحية بسلوا) – إلا أن أسعار العملية محل الطعن تقل في بند الأعمال الصحية بنسبة 86% عن أسعار العملية المقارنة ووافقت على محاسبة المطعون ضده بزيادة أو علاوة بنسبة 86% عن الأعمال الصحية فقط، ومن ثم يضحى مسلك جهة الإدارة في هذا الشأن متفقًا وصحيح حكم القانون، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر حيث قضى بأحقية المطعون ضده في صرف الزيادة المشار إليها ومقدارها 16673 جنيهًا، فإنه يكون قد صدر سليمًا لا مطعن عليه في ذلك.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المطعون ضده في صرف مبلغ 600 جنيهًا نظير تلميع أوجلي "المزايكو" بالمبنى محل المنازعة، فإن الثابت بملف العملية المودع حافظة مستندات جهة الإدارة المقدمة بجلسة 27/ 3/ 2003 أمام محكمة القضاء الإداري بقنا، أن مدير إدارة إسكان كوم أمبو أرسل الخطاب المؤرخ في 6/ 4/ 1997 إلى مدير عام الإسكان بأسوان طالبًا الموافقة على صرف مبلغ الست مئة الجنيه المعلاة من الدفعة الأولى لعملية استكمال نقطة شرطة سلوا؛ حيث إن المبلغ تم تعليته لحين جلي " المزايكو"، وقد انتهى المقاول من أعمال الجلي، وقد تأشر على هذا الخطاب بتحويله إلى الحسابات. ومتى كان ذلك، فإنه يكون قد ثبت بالدليل القاطع بإقرار جهة الإدارة تنفيذ المطعون ضده لعملية تلميع "المزايكو" بالمبنى محل المنازعة، الأمر الذي يستحق معه المذكور صرف مبلغ الست مئة الجنيه الذي خصمته جهة الإدارة من مستحقاته نظير قيامه بهذا العمل، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في صرف هذا المبلغ فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويغدو نعي الطاعنين عليه غير قائم على أساس.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المطعون ضده في صرف مبلغ 4500 جنيهًا، فإن الثابت من الأوراق أن هذا المبلغ هو باقي مستحقات المطعون ضده التي لم تصرفها له جهة الإدارة بسبب عدم وجود الاعتماد المالي، إلا أن الطاعنين شيدا عدم أحقية المطعون ضده في المبلغ المشار إليه على مخالفة نص المادة 76 مكررًا من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9/ 1983 التي تتناول حكم تعديل كميات وحجم العقود دون أن يكون للمتعاقد الحق في المطالبة بالتعويض، وهذا الأمر يغاير موضوع باقي المستحقات التي لم تصرف لعدم وجود الاعتماد المالي، وبالتالي لا ينهض طلب الطاعنين على أساس صحيح من الواقع أو القانون مما يتعين معه الحكم برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون ضده في صرف هذا المبلغ لخلو الأوراق من وجود مديونية للمذكور تقتضي قيام جهة الإدارة بحبس مستحقاته لديها دون سند بعد الانتهاء من العملية وتسليمها نهائيًا.
ومن حيث إن الثابت من جماع ما تقدم أن المطاعن التي وجهها الطاعنان إلى الحكم المطعون فيه غير قائمة على أساس من الواقع أو سند من القانون، ومن ثم يتعين الحكم برفض هذا الطعن.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.