مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 380

(53)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 2007
الطعن رقم 7083 لسنة 44 القضائية العليا
(الدائرة السابعة)

السيد الأستاذ المستشار/ أحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ محمود محمد صبحي العطار وأحمد سعيد مصطفى الفقى ود/ سمير عبد الملاك منصور وطه محمد عبده كرسوع وعبد العزيز أحمد حسن محروس وهشام محمود طلعت الغزالي نواب رئيس مجلس الدولة.
أكاديمية الشرطة - منح اللقب العلمي بهيئة التدريس - لجنة فحص الإنتاج العلمي - شروط صحة تشكيلها.
المادتان (15) مكررًا 1 و(15) مكررًا 2 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المعدل بالقانون رقم 129 لسنة 1981.
منح لقب وظيفة هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة لأحد ضباط الشرطة من المستوفين لشروط شغل الوظيفة طبقًا لقانون الجامعات يجب أن يمر بإجراءات عدة، من بينها عرض أمر المتقدمين على لجنة فحص الإنتاج العلمي التي يشكلها مجلس إدارة الأكاديمية سنويًا من بين أساتذة الجامعات بعد موافقة مجلس الجامعة المختص - يجب لكي يكون تشكيل اللجنة صحيحا أن يكون من يشترك في عضويتها من أساتذة الجامعات، وأن يكون اشتراكهم بعد موافقة مجلس الجامعة المختص - إذا انتفت عن أحد الأعضاء صفة الأستاذية أو توافرت له ولم تصدر له موافقة من مجلس الجامعة المختص لكي يكون عضوًا في لجنة فحص الإنتاج العلمي، كان اشتراكه في اللجنة غير صحيح، مما من شأنه أن يبطل تشكيل اللجنة ابتداءً مما يستتبع بطلان قراراتها - لا ينال من ذلك كون رأي اللجنة استشاريًا وأن العبرة باعتماد وزير الداخلية للترشيح، ذلك لأن رأي اللجنة يرتب أولوية المتقدمين فيجب أن يكون رأيها صحيحًا - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 21/ 7/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه القاضي منطوقة بقبول تدخل/ .... خصما منضمًا للجهة الإدارية في الدعوى، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بالجلسة رقم 102 بتاريخ 1/ 12/ 1993 المعتمد من وزير الداخلية بتاريخ 5/ 12/ 1993 فيما تضمنه من منح العقيد/ ... اللقب العلمي لوظيفة مدرس بقسم القانون الجنائي بأكاديمية الشرطة إلغاءً مجردًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان بصفتيهما في ختام تقرير الطعن، ولما ورد به من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى.
وقد أعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
وقد نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الحكومة بجلسة 26/ 11/ 2006 حافظة مستندات طويت على صور ضوئية من رد جهة الإدارة على الطعن بما يفيد أن المطعون ضده سافر للخارج وطلب حق اللجوء السياسي لدولة سويسرا، كما أنه أحيل للاحتياط بسبب اتهامه في جناية شروع في قتل، وحبس احتياطيًا على ذمة القضية وأحيل إلى الاحتياط بسببها، وبذلك يكون قد فقد شرط المصلحة في الدعوى.
وبجلسة 4/ 11/ 2007 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده (المدعي) سبق أن أقام الدعوى المطعون على حكمها طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 1/ 12/ 1993 عن مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بالجلسة رقم 102 المعتمد من وزير الداخلية فيما تضمنه من عدم منح المدعي لقب (مدرس) بقسم القانون الجنائي بأكاديمية الشرطة، مع ما يترتب على ذلك من أثار، على سند من القول بأنه يعمل ضابط شرطة برتبة مقدم بوزارة الداخلية، وحاصل على ليسانس الحقوق من أكاديمية الشرطة عام 1978 وحصل على الدكتوراه في القانون الجنائي وعلم الإجرام من جامعة روما عام 1986، وكان يقوم بتدريس مادة علم القانون الجنائي بأكاديمية الشرطة وكليات الحقوق. وقد أعلنت كلية الشرطة عن حاجتها لشغل وظيفة مدرس بقسم القانون الجنائي عام 1993 من بين ضباط الشرطة المستوفين للشروط، فتقدم وآخرون، وقامت اللجنة العلمية المختصة بفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين، وأسف ترشيحها عن اعتبار العقيد/ ..... أول المرشحين في الترتيب، وصدر قرار مجلس أكاديمية الشرطة بتعيين المذكور في هذه الوظيفة.
وبجلسة 23/ 5/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه. وشيدت قضاءها على أساس أن أعضاء لجنة فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظيفة مدرس بقسم القانون الجنائي بأكاديمية الشرطة لم يحصلوا على موافقة مجلس الجامعة المختص التابعين له، وذلك إعمالاً لما استوجبه المشرع في المادة 15 مكررًا من القانون رقم 91 لسنة 1975، الأمر الذي يترتب عليه بطلان تشكيل لجنة فحص الإنتاج العلمي التي قامت بتقييم فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل الوظيفة المطعون عليها، ويؤدي ذلك إلى بطلان ما صدر عن هذه اللجنة من قرارات مترتبة عليها، ومنها قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة الصادر بالجلسة رقم 102 بتاريخ 1/ 12/ 1993 المعتمد من زير الداخلية. ولما كان القرار المطعون فيه صدر مشوبًا بعيب الشكل والإجراءات، ومن ثم خلصت المحكمة إلى إلغائه إلغاء مجردًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله على سند من أن لجنة فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل الوظيفة المعلن عنها بأكاديمية الشرطة قد باشرت عملها وفقًا للأصول والضوابط الموضوعية المقررة، وأعدت تقريرها في هذا الشأن وخلصت إلى ترشيح العقيد الدكتور/ ....... وذلك على أساس من استعمال لسلطتها التقديرية المقررة لها قانونًا بلا معقب عليها، ما دام تقديرها خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. واعتمدت تلك اللجنة في ترتيب أولويات المتقدمين على مستوى الإنتاج العلمي بالإضافة إلى الخبرة العملية لكل من المتقدمين، ومن ثم يكون ما انتهت إليه تلك اللجنة العلمية المشكلة من أساتذة القانون الجنائي المشهود لهم بالكفاية من منح لقب الوظيفة إلى العقيد/ ..... قد قام على أسبابه المبررة له. إضافة إلى أن المطعون ضده افتقد أحد الشروط المقررة لشغل الوظيفة وهو شرط أن يكون محمود السيرة حسن السمعة وذلك لاتهامه في جناية شروع في قتل، وحبس على ذمة القضية فترة طويلة، وأحيل إلى الاحتياط، ومن ثم لا تتوافر فيه أحد الشروط الجوهرية التي يجب أن تتوافر في صفة الموظف العام.
وحيث إن هذا النعي في مجمله غير سديد؛ ذلك أن المادة 15 مكررًا (1) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة معدلاً بالقانون رقم 129 لسنة 1981 تنص على أن: "يشترط فيمن يشغل وظائف تدريس المواد القانونية بالأكاديمية أو وظائف تدريس المواد المعاونة التي تقوم بتدريسها كليات أخرى بالجامعات المصرية أن يكون مستوفيًا لشروط شغل وظائف هيئة التدريس بالجامعات المصرية طبقًا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك. ويكون تعيينهم من بين المعيدين ومساعدي المدرسين وأعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية، فإذا لم يوجد من بينهم ممن تتوافر فيه الشروط المطلوبة جاز التعيين من الخارج، وتتبع في تعيينهم في جميع الوظائف الإجراءات المقررة لذلك في قوانين تنظيم الجامعات المصرية، ويتولى فحص الإنتاج العلمي لمن يتقدمون لشغل هذه الوظائف اللجان المختصة بذلك طبقًا للقوانين المنظمة للجامعات بناء على طلب رئيس الأكاديمية".
وتنص المادة 15 مكررًا (2) من ذات القانون على أنه: "إذا توافرت الشروط المبينة في المادة السابقة في أحد ضوابط هيئة الشرطة جاز بعد استيفائه شروط وإجراءات التعيين المقررة فيها منحه لقب وظيفة هيئة التدريس.... مع بقائه ضابطًا في هيئة الشرطة، ويتولى التدريس في الأكاديمية...... ويتولى فحص الإنتاج العلمي في هذا الشأن لجنة يشكلها مجلس إدارة الأكاديمية سنويًا من بين أساتذة الجامعات وذلك بعد موافقة مجلس الجامعة المختصة".
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن منح لقب وظيفة بهيئة التدريس بأكاديمية الشرطة لأحد ضباط هيئة الشرطة من المستوفين لشروط شغل الوظيفة طبقًا لقانون الجامعات والتي سيمنح لقبها يجب أن يمر بإجراءات عدة، من بينها لزوم عرض أمر المتقدمين على لجنة فحص الإنتاج العلمي التي يشكلها مجلس ٍإدارة الأكاديمية سنويًا من بين أساتذة الجامعات بعد موافقة مجلس الجامعة المختص. ويجب لكي يكون تشكيل اللجنة صحيحًا أن يكون من يشترك في عضويتها من أساتذة الجامعات، ويستوي في ذلك أن يكون من أعضاء هيئة التدريس وشاغلاً للوظيفة فعلاً أو على سبيل التذكار متفرغًا أو غير متفرغ، بيد أنه يلزم فضلاً عن كون الأعضاء المشتركين في اللجنة من أساتذة الجامعات أن يكون اشتراكهم بعد موافقة مجلس الجامعة المختص. فإذا انتفت عن أحد الأعضاء صفة الأستاذية أو توافرت له ولم تصدر له موافقة عن مجلس الجامعة المختص لكي يكون عضوًا في لجنة فحص الإنتاج العلمي كان اشتراكه في اللجنة غير صحيح، مما من شأنه أن يبطل تشكل اللجنة ابتداء، مما يستتبع بطلان قراراتها وما يترتب عليها أو يعقبها من قرارات استكمالاً للمراحل التي رسمها القانون لسير الأمر في منح اللقب. بصرف النظر عما يقال من كون رأي اللجنة في هذا الصدد استشاريًا وأن العبرة في النهاية باعتماد وزير الداخلية للترشيح فذلك مردود عليه بأن لرأي اللجنة المختصة بفصح الإنتاج العلمي وترتيب أولوية المتقدمين شأنًا خصها المشرع به، فوجب أن يكون رأيها صحيحًا، ولا يستقيم الرأي منها إلا إذا كان تشكيلها صحيحًا ابتداءً، فإذا كان اشتراك أحد أعضائها غير صحيح بسبب عدم الحصول على موافقة الجهة المنوط بها التصريح له بهذا فإنه لا يكون للجنة كيان قانوني صحيح، ويحبط عملها ويكون قرارها باطلاً لهذا السبب ولو صدر بالإجماع، وهذا البطلان ينسحب إلى القرار الصادر بناء عليه والقرارات اللاحقة والمترتبة عليه التي تستند إليه باعتبار أن جميعها حلقات متكاملة يتركب من مجموعها القرار الأخير وهو قرار التعيين.
ولما كان ذلك كذلك وكان الثابت من الأوراق أن أكاديمية الشرطة قد أعلنت عن حاجتها لشغل وظيفة مدرس بقسم القانون الجنائي بالأكاديمية، وتقدم لشغل هذه الوظيفة المطعون ضده والخصم المتدخل وآخرون، وتم عرض الإنتاج العلمي للمتقدمين على لجنة فحص الإنتاج العلمي المشكلة بقرار مجلس إدارة الأكاديمية بجلسته رقم 102 في 2/ 12/ 1992 من عضوية السادة الأساتذة/ 1 - ......... أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة ورئيس مجلس الشعب. 2 - ....... أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة. 3 - ....... أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق جامعة المنصورة، وقد خلت الأوراق مما يفيد موافقة مجلس جامعة القاهرة على السيدين العضوين الأول والثاني وهما الأستاذ الدكتور/ ..... والأستاذ الدكتور/ ....... ولم تقدم الجهة الإدارية الطاعن ما يفيد هذه الواقعة، بل جاء ردها على ذلك مبهمًا بذكرها أن الموافقة قد تكون صريحة أو شفوية، وغالبًا ما تطلب الموافقة من مجلس الجامعة عن طريق الأكاديمية شفاهة، وهذا القول لا يصلح سندًا لموافقة مجلس الجامعة على اشتراك السيدين المذكورين في عضوية لجنة فحص الإنتاج العلمي للوظيفة المطلوب شغلها؛ ذلك أن مجلس جامعة المنصورة قد وافق على اشتراك السيد الأستاذ الدكتور....... في اللجنة، مما يضحى قرار تشكيل لجنة فحص الإنتاج العلمي للوظيفة المذكورة قد شابه البطلان لعدم حصول اثنين من أعضائها على موافقة مجلس جامعة القاهرة للاشتراك في عضويتها، وبطلان ما صدر عن هذه اللجنة من قرارات وما تلاه من قرارات مترتبة عليه والتي تستند في وجودها على ما انتهت إليه هذه اللجنة، ومن بين تلك القرارات قرار مجلس إدارة الأكاديمية الصادر بالجلسة رقم 102 بتاريخ 1/ 12/ 1993 فيما تضمنه من منح العقيد/ ..... لقب وظيفة مدرس بقسم القانون الجنائي المعتمد من وزير الداخلية بتاريخ 5/ 2/ 1993.
ولما كان القرار المطعون فيه قد شابه عيب شكلي متعلق بالإجراءات الباطلة التي بني عليها فإنه يغدو خليقًا بالإلغاء المجرد.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم فإنه يكون قد أصاب وجه الحق والقانون فيما قضى به ويضحى النعي عليه بالمخالفة للقانون في غير محله، ويتعين رفض الطعن موضوعًا وإلزام خاسره المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.