مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 430

(60)
جلسة 12 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 12179 لسنة 49 القضائية العليا
(الدائرة الثانية)

السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ بخيت محمد محمد إسماعيل وبلال أحمد محمد نصار وفوزي علي حسين شلبي ومنير عبد الفتاح غطاس ود/ حسين عبد الله أمين قايد وبهاء الدين يحيى أحمد أمين زهدي نواب رئيس مجلس الدولة.
( أ ) دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - الحبس الاحتياطي يمنع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء متى اتحد مع الاعتقال في السبب والوصف، ومتى كان امتدادًا له.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
حدد المشرع ميعادًا قاطعًا لرفع دعوى الإلغاء، ومن ثم فإن انقطاع سريان هذا الميعاد هو استثناء من أصل لا يجوز إقراره إلا بنص صريح، مثلما ورد في شأن التظلم من القرارات الإدارية، أو استنادًا إلى أصل ثابت من القانون مثلما هي الحال في بعض صور حالة الحرب، أو الإكراه المانع من إقامة الدعوى، أو الخطأ في إقامة الدعوى بعقد خصومة قضائية صحيحة أمام محكمة غير مختصة - اعتقال صاحب الشأن في تاريخ معاصر لصدور القرار المطعون فيه ينتفي معه ثبوت علمه بالقرار، ولا يسري ميعاد رفع دعوى الإلغاء بالنسبة له إلا من تاريخ زوال المانع القانوني وهو الاعتقال - الحبس الاحتياطي متى اتحد مع الاعتقال في السبب والوصف وكان امتدادًا له، فإنه يعد مانعًا من موانع التقاضي، ومن ثم يأخذ حكمه ويعد مانعًا من سريان ميعاد دعوى الإلغاء حتى انتهائه - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيوبه - عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - تعريفه - إثباته.
عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري، وقوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهذا العيب يجب أن يشوب الغاية من القرار، بأن تكون جهة الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يتغياها القرار، أو أن تكون قد أصدرت القرار بباعث لا يتصل بتلك المصلحة - عيب إساءة استعمال السلطة يجب إقامة الدليل عليه لأنه لا يفترض، بل هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 17/ 7/ 2003 أقيم الطعن الماثل بموجب تقرير طعن أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا والموقع من المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة طعنًا على حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - الدائرة التاسعة بجلسة 19/ 5/ 2003 في الطعن رقم 649 لسنة 31ق القاضي منطوقة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بإرساء مبدأ قانوني بشأن ما إذا كان الحبس الاحتياطي يترتب عليه وقف سريان ميعاد دعوى الإلغاء مثل الاعتقال، مع إلزام من يصيبه الخسران المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 734 لسنة 1995 فيما تضمنه من تعيين المدعي في وظيفة إدارية بعيدًا عن مجال التدريس مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة فقررت بجلسة 25/ 12/ 2006 إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 3/ 3/ 2007 وبها نظرته هذه المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو وللأسباب المبينة بمحضر الجلسة، وبجلسة 1/ 12/ 2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 12/ 1/ 2008 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 7/ 1999 أقام/ ....... الدعوى رقم 427 لسنة 43ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بالقاهرة ضد كل من محافظ الجيزة ووزير التربية والتعليم ووكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة ومدير إدارة أوسيم التعليمية بصفاتهم طالبًا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 734 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1995 فيما تضمنه من تعيينه بوظيفة أخصائي ثالث وما يترتب على من آثار.
وذكر شرحًا للدعوى أنه حاصل على بكالوريوس علوم - قسم الرياضيات عام 1989، وفي عام 1984 أعلنت وزارة التربية والتعليم عن حاجتها لتعيين مدرسين وتقدم للتعيين في وظيفة مدرس رياضيات وتم إخطاره من مديرية التربية والتعليم بالجيزة بتعيينه ومجموعة من زملائه في وظيفة مدرس رياضيات، وطلبت منه تقديم المستندات المطلوبة للتعيين والتي قام بتقديمها، إلا أنه فوجئ بعد ذلك بصدور القرار رقم 734 لسنة 1995 المؤرخ 2/ 4/ 1995 بتعيينه في وظيفة أخصائي ثالث بإدارة أوسيم التعليمية وهي وظيفة إدارية بعيدة عن مجال تخصصه ومؤهله، فتقدم بتظلم إلى وزير التربية والتعليم دون جدوى.
ونعي على هذا القرار مخالفته لقرار تعيينه وصدوره مشوبًا بعيب الانحراف بالسلطة.
وبجلسة 13/ 6/ 1999 قضت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 734 لسنة 1995 فيما تضمنه من تعيين المدعي في وظيفة إدارية بعيدًا عن مجال التدريس مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لشكل الدعوى على أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 2/ 4/ 1995 وعلم به المدعي في تاريخ تسلمه العمل في 31/ 1/ 1996 فتظلم منه بتاريخ 6/ 2/ 1996 ثم اعتقل المدعي في الفترة من 14/ 3/ 1996 حتى 24/ 7/ 1996 ثم أقام دعواه بتاريخ 15/ 8/ 1996 من ثم تكون الدعوى قد أقيمت خلال المواعيد القانونية باعتبار أن مدة الاعتقال تعتبر مدة قاهرة حالت بين المدعي وبين إقامة الدعوى، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى فإنه يتعين قبولها شكلاً.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لموضع الدعوى على أن المدعي حاصل على بكالوريوس علوم - شعبة رياضيات عام 1989 وتقدم للجهة الإدارية للتعيين في وظيفة مدرس رياضيات، وإذ صدر القرار رقم 734 لسنة 1995 بتعيينه في وظيفة أخصائي ثالث بإدارة أوسيم التعليمية وبعيدًا عن مجال التدريس وهو المجال الطبيعي له ولأمثاله الحاصلين على ذات المؤهل والذين عينوا في وظيفة تتناسب مع المؤهل وفي مجال التدريس، وإذ أغفلت الجهة الإدارية تعيين المدعي في وظيفة مدرس وقامت بتعيينه في وظيفة إدارية بعيدًا عن مجل التدريس فإن قرارها يكون قد صدر مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها جديرًا بالإلغاء.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى كل من محافظ الجيزة ووزير التربية والتعليم ووكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة ومدير إدارة أوسيم التعليمية فقد أقاموا عليه الطعن رقم 649 لسنة 31ق. س أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا: (أصليًا) بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد. و(احتياطيًا) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي في أي من الحالتين.
وذلك على سند مما نعوه على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك لأن الدعوى المقامة بعد الميعاد المقرر قانونًا حيث علم المطعون ضده بالقرار الطعين وتظلم منه بتاريخ 31/ 12/ 1995 ورفضت جهة الإدارة التظلم بتاريخ 2/ 3/ 1996 فأقام دعواه بتاريخ 5/ 8/ 1996 أي بعد الميعاد المقرر قانونًا في المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
وعن الموضوع فإن القرار المطعون فيه صدر بما لجهة الإدارة من سلطة في نقل العاملين تحقيقًا للمصلحة العامة، وأن القرار صدر مستوفيًا للضوابط المنصوص عليها قانونًا وصدر مشروعًا ومن ثم يكون الحكم بإلغائه مخالفًا للقانون.
وقد قضت المحكمة المذكورة "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي".
ومن حيث إن المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة أقام الطعن الماثل - استخدامًا لحقه المنصوص عليه في المادة (23) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وذلك لإرساء مبدأ قانوني بشأن ما إذا كان الحبس الاحتياطي يترتب عليه وقف سريان ميعاد إقامة دعوى الإلغاء شأنه في ذلك شأن الاعتقال، الذي استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على عدم سريان رفع ميعاد دعوى الإلغاء إلا من تاريخ زوال المانع القانوني وهو الاعتقال.
ومن حيث إن المادة (24) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن: "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يومًا من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببًا ويعتبر مضي ستين يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يومًا من تاريخ انقضاء الستين يومًا المذكورة...".
ومن حيث إن المشرع قد حدد ميعادًا قاطعًا لرفع دعوى الإلغاء وفقًا لما سلف ومن ثم فإن انقطاع سريان هذا الميعاد وهو استثناء من أصل لا يجوز إقراره إلا بنص صريح مثلما ورد في شأن التظلم من القرارات الإدارية أو استنادًا إلى أصل ثابت من القانون مثلما هو الحال في بعض صور حالة الحرب أو الإكراه المانع من إقامة الدعوى أو الخطأ في إقامة الدعوى بعقد خصومة قضائية صحيحة أمام محكمة غير مختصة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن اعتقال صاحب الشأن في تاريخ معاصر لصدور القرار المطعون فيه ينتفي معه ثبوت علمه بالقرار ولا يسري ميعاد رفع دعوى الإلغاء بالنسبة له إلا من تاريخ زوال المانع القانوني وهو الاعتقال.
(في ذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 308 لسنة 27ق بجلسة 2/ 12/ 1985، 334 لسنة 14ق بجلسة 1/ 4/ 1973).
ومن حيث إنه ولئن كان من المقرر أن الاعتقال يختلف عن الحبس الاحتياطي - كأصل عام - من حيث السبب والمدة والآثار القانونية المترتبة على كل منهما، وأن الاعتقال يعد مانعًا قانونيًا من التقاضي، فإن الحبس الاحتياطي متى اتحد مع الاعتقال في السبب والوصف وكان امتدادًا له فإنه في هذه الحالة يعد مانعًا من موانع التقاضي، ومن ثم فإنه يأخذ حكمه ويعد مانعًا من سريان ميعاد دعوى الإلغاء حتى انتهائه.
ومن حيث إنه هديًا بما تقدم وفي خصوصية المنازعة الماثلة ولما كان الثابت أن القرار رقم 734 لسنة 1995 صدر بتاريخ 2/ 4/ 1995 وعلم به المدعي المطعون ضده بتاريخ 30/ 1/ 1996 تاريخ تسلمه العمل بوظيفة إدارية فتظلم منه بتاريخ 6/ 2/ 1996 ولم يتلق ردًا على تظلمه خلال الستين يومًا التالية لتاريخ تقديم هذا التظلم ومن ثم يكون الرفض الضمني لهذا التظلم قد تحدد بيوم 6/ 4/ 2006 ويتعين لذلك إقامة الدعوى خلال الستين يومًا التالية لهذا التاريخ أي في ميعاد غايته 5/ 6/ 2006.
ومن حيث إن الثابت من الشهادة الصادرة عن مكتب النائب العام المساعد - شئون المعتقلين المؤرخة 20/ 11/ 1997 والشهادة الصادرة عن نيابة أمن الدولة العليا المؤرخة 11/ 11/ 1997 أن المذكور أعتقل بتاريخ 14/ 3/ 1996 فتقدم بتظلم من قرار اعتقاله وبجلسة 6/ 5/ 1996 قررت المحكمة الإفراج عنه فاعترضت وزارة الداخلية على هذا القرار، وبجلسة 29/ 5/ 1996 قررت المحكمة رفض الاعتراض، ثم حبس المذكور احتياطيًا من 29/ 5/ 1996 على ذمة القضية رقم 347 لسنة 1996 (لا توجد بيانات خاصة بها) وأخلي سبيله بتاريخ 24/ 7/ 1996.
ومن حيث عن الثابت مما سلف بيانه أن الحبس الاحتياطي كان امتدادًا للاعتقال في السبب والوصف وأنه لا يوجد فاصل زمني بينهما ومن ثم فإنه يسري بشأنه ما يسري على الاعتقال ويأخذ حكمه باعتباره مانعًا من سريان ميعاد دعوى الإلغاء حتى انتهائه، وإذ أقام المذكور دعواه بالطعن على القرار المشار إليه بتاريخ 15/ 8/ 1996، أي خلال الستين يومًا التالية لتاريخ الإفراج عنه ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة فإنه يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يقض بما تقدم ذكره حيث قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون قد جانب الصواب في قضائه مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فلما كانت المادة (40) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 11 من سبتمبر عام 1971 وتعديلاته تنص على أن "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين....".
ومن حيث إن المادة (8) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن "تضع كل وحدة هيكلاً تنظيميًا لها يعتمد من السلطة المختصة......".
وتضع كل وحدة جدولاً للوظائف مرفقًا به بطاقة وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وتصنيفها وترتيبهًا في إحدى المجموعات النوعية....".
وتنص المادة (11) من هذا القانون على أن "تقسم وظائف الوحدات التي تخضع لأحكام هذا القانون إلى مجموعات نوعية وتعتبر كل مجموعة وحدة متميزة في مجال التعيين والترقية والنقل والندب.....".
وتنص المادة (12) من ذات القانون على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة".
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري، وقوامه أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهذا العيب يجب أن يشوب الغاية من القرار بأن تكون جهة الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يتغياها القرار، أو أن تكون قد أصدرت القرار بباعث لا يتصل بتلك المصلحة وعلى هذا الأساس فإن عيب إساءة استعمال السلطة يجب إقامة الدليل عليه لا يفترض بل هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري، فإذا ما تبين أن جهة الإدارة تستهدف مصلحة عامة فلا يكون مسلكها معيبًا بهذا العيب الخاص.
ومن حيث إنه هديًا بما تقدم، ولما كان الثابت أن المدعي حاصل على بكالوريوس العلوم - قسم الرياضيات عام 1987، وأن مديرية التربية والتعليم بالجيزة أعلنت عن حاجتها لشغل وظيفة مدرس رياضيات فتقدم - وآخرون - لشغل هذه الوظيفة، وأنه - طبقًا لما قرره بصحيفة الدعوى دون إنكار من جهة الإدارة - تم إخطاره بالتعيين في وظيفة مدرس وعليه التقدم بمسوغات تعيينه، ثم قامت الجهة الإدارية بتعيين جميع زملائه في وظيفة مدرس وأصدرت القرار المطعون فيه رقم 734 بتاريخ 2/ 4/ 1995 بتعيينه في وظيفة أخصائي ثالث بإدارة أوسيم التعليمية.
ولما كان هذا القرار قد صدر بشأن المذكور وحده دون بقية زملائه المعينين معه في وظيفة مدرس باعتبارها الوظيفة التي تتفق والمؤهل الحاصلين عليه والمتقدمين لشغلها بناءً على إعلان عن هذه الوظيفة، ومن ثم يكون هذا القرار فيما تضمنه من تعيين المدعي في وظيفة أخصائي ثالث بإدارة أوسيم دون بقية زملائه دون بيان السبب أو الباعث الذي استندت إليه جهة الإدارة في ذلك - مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة، حيث خلت الأوراق تمامًا ولم تقدم جهة الإدارة أي سبب أو باعث لقرارها أو أنها تغيت وجه المصلحة العامة في إصداره، مما يكون معه هذه القرار قد صدر بالمخالفة للقانون جديرًا بالإلغاء، وهو ما تقضي به هذه المحكمة مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تعيين المدعي في وظيفة أخصائي ثالث بإدارة أوسيم دون وظيفة مدرس رياضيات، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.