مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 458

(64)
جلسة 26 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 3216 لسنة 48 القضائية العليا
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي وأحمد عبد الحميد حسن عبود وسعيد سيد أحمد ومحمد أحمد محمود محمد نواب رئيس مجلس الدولة.
أ - قانون - سريانه من حيث الزمان.
المادة (187) من دستور 1971.
من المقرر أن القانون يسري بأثر فوري على ما يقع من تاريخ العمل به، وفي غير المواد الجنائية يجوز النص على الأثر الرجعي بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب - لفظ "القوانين" الوارد في المادة (187) من الدستور جاء بصيغة عامة تنسحب على كل صور القواعد القانونية على اختلاف درجاتها بما فيها القرارات الوزارية - تطبيق.
ب - رسوم - رسوم مكافحة الإغراق - مدى جواز فرضها في مواجهة الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.
المواد (1) و(46) و(86) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، الصادر بقرار وزير التجارة والتموين رقم 549 لسنة 1998.
سلطة وزير التجارة والتموين في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإغراق لا تقتصر على الممارسات الضارة في التجارة الدولية بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أو الدول التي شاركت في الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف والتي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995، وإنما تمتد لتشمل الممارسات الضارة من الدول غير الأعضاء - مقتضى ذلك: أنه من غير المقبول أن تتخذ الدولة إجراءات مكافحة الإغراق في مواجهة دول أعضاء في منظمة التجارة العالمية، ولا تتخذ نفس الإجراءات ضد الدول غير الأعضاء في تلك المنظمة - أساس ذلك: أن الإغراق في الحالتين صورة من صور الممارسات الضارة في التجارة الدولية التي تؤثر في الاقتصاد القومي، كما أنه من غير المقبول إعطاء الدول غير الأعضاء في المنظمة ميزة يتفوقون بها على الدول الأعضاء - نتيجة ذلك: أن عدم عضوية جمهورية الصين الشعبية بمنظمة التجارة العالمية، لا يحول دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإغراق من جانبها - تطبيق.
جـ - رسوم - رسوم مكافحة الإغراق - الأحكام المتعلقة بالشكوى والتحقيق عند فرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق - أثر عدم إخطار الدولة المعنية بالإغراق بالبدء في إجراءات التحقيق.
المواد (13) و(15) و(19) و(21) و(22) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، الصادرة بقرار وزير التجارة والتموين رقم 549 لسنة 1998.
نظم المشرع ضوابط الشكوى من الإغراق، وإجراءات التحقيق فيها، طبقًا لنصوص المواد المشار إليها من اللائحة التنفيذية، كما نظم إجراءات الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق بطريق النشر في جريدة الوقائع المصرية - عدم مراعاة ضوابط الإعلان عند البدء في إجراءات التحقيق وإخطار الدولة المعنية ونشر الإعلان في جريدة الوقائع المصرية لا يرتب البطلان - أساس ذلك: أنه لا بطلان بغير نص، ولا بطلان إذا تحققت الغاية من الإجراء - اطلاع الطاعن على كل ما يتعلق بالتحقيق ومفرداته وتقارير اللجان المعنية المرفقة ضمن ملف الطعن يحقق الغاية من الإعلان - لا جدوى من إعلان دولة ليست عضوًا بمنظمة التجارة العالمية - حكمة ذلك: أنها لن تستطيع نفي إغراق السوق المصرية - تطبيق.
د - رسوم - رسوم مكافحة الإغراق - الواقعة المنشئة لاستحقاق رسم الإغراق.
المادة (5) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963.
الواقعة المنشئة لاستحقاق الرسوم الجمركية هي دخول البضاعة المستحق عنها الرسم إلى البلاد - مقتضى ذلك: أن العبرة في هذا الشأن بتاريخ وصول البضاعة وليس بتاريخ تحرير البيان الجمركي - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 29/ 1/ 2002 أودع الأستاذ...... المحامي، بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها تحت رقم 3216 لسنة 48ق. ع، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 10/ 12/ 2001 في الدعوى رقم 771 لسنة 5ق، الذي قضى فيه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وبإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن - إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار الصادر عن رئيس مصلحة جمارك بورسعيد - فيما تضمنه من فرض رسوم إضافية قدرها 80% من القيمة (سيف) - كرسم نهائي لمكافحة الإغراق - عن رسالة لمبات كهربائية تضيء بطريق التوهج، والتي فتح اعتمادها المستندي بتاريخ 8/ 7/ 1999 وتم شحنها بتاريخ 3/ 9/ 1999.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص الطعون جلسة 2/ 1/ 2006، وتدوول على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبتاريخ 9/ 4/ 2006 أودع محامي الطاعن مذكرة بالدفاع طلب في ختامها: بصفة أصلية: إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى، واحتياطيًا: بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 452 لسنة 1999 فيما تضمنه من فرض رسم مكافحة الإغراق على البضاعة المستوردة بأثر رجعي على الواقعة التي تمت واكتملت قبل العمل به، أو الإذن للطاعن بإقامة الدعوى الدستورية للفصل في ذلك الدفع.
وبجلسة 15/ 5/ 2006 أحالت دائرة فحص الطعون الطعن الماثل إلى هذه الدائرة، وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبتاريخ 25/ 6/ 2006 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة بالدفاع بذات الطلبات الواردة بمذكرة دفاعه المؤرخة في 9/ 4/ 2006، وبتاريخ 29/ 6/ 2006 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع طلبت في ختامها: الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات، وأعيد الطعن للمرافعة بجلسة 17/ 3/ 2007 لتقدم الجهة الإدارية تقرير اللجنة الاستشارية المشار إليه في ديباجة القرار رقم 452 لسنة 1999 وما سبقه من إجراءات وتحقيقات، وأودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات بما طلب منها.
وبجلسة 3/ 11/ 2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونًا واستوفى إجراءاته الشكلية، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر عن رئيس جمرك بورسعيد فيما تضمنه من فرض رسوم إضافية قدرها 80% من القيمة (سيف) - كرسم نهائي لمكافحة الإغراق - عن رسالة اللمبات المشار إليها.
وبجلسة 10/ 12/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه، وقضى فيه برفض الدعوى، وشيدت المحكمة قضاءها على أسباب تخلص فيما يلي:
(1) إن القرار المطعون فيه صدر بالتطبيق لقرار وزر التجارة والتموين رقم 452 لسنة 1999 بفرض رسوم مكافحة الإغراق على لمبات كهربائية تضئ بتوهج الشعيرات (60 - 100) وات وبجهد حتى (240) فولت المصدرة من أو ذات منشأ - جمهورية الصين الشعبية -، والقرار الأخير صدر بدوره استنادًا لأحكام القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، ولائحته التنفيذية الصادر بقرار وزير التجارة والتموين رقم 549 لسنة 1998.
(2) إن الشركة المدعية استوردت رسالة اللمبات المذكورة - وأن الصين هي بلد المنشأ وحرر بالرسالة البيان الجمركي رقم 8879 بتاريخ 7/ 10/ 1999، وعندما تبين لجمرك بورسعيد أن هذه الرسالة تخضع لرسوم مكافحة الإغراق طبقًا لقرار وزير التجارة والتموين رقم 452 لسنة 1999 المشار إليه، والمعمول به اعتبارًا من 20/ 9/ 1999، أصدر الجمرك قراره المطعون فيه وفرض رسم إغراق مقداره 202959 جنيهًا.
(3) إن العبرة في فرض هذا الرسم بتاريخ تحرير البيان الجمركى في 7/ 10/ 1999 وليس بتاريخ فتح الاعتماد المستندى في 8/ 7/ 1999 ولا بتاريخ الشحن في 3/ 9/ 1999، وإذا كان الرسم قد تقرر اعتبارًا من 20/ 9/ 1999 (تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 452 لسنة 1999) وصدر القرار المطعون فيه بتاريخ 7/ 10/ 1999 فلا وجه للقول بشبهة الأثر الرجعي للقرار المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولاً - عدم دستورية قرار وزير التجارة والتموين رقم 452 لسنة 1999 فيما تضمنه - من فرص رسم مكافحة الإغراق على البضاعة مشمول الرسالة محل النزاع - باعتباره تنظيمًا قانونيًا لضريبة يسري بأثره الرجعي على صورة من التعامل اكتملت قبل العمل به، وقد جرى العمل على عدم سريان القواعد الاستيرادية على السلع المشحونة أو المفتوح اعتمادها قبل سريان القرار، وذلك طبقًا لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من عدم دستورية كل تنظيم قانوني للضريبة ينسحب بأثره الرجعي إلى صور من التعامل اكتمل تكوينها قبل العمل به، وكان المكلفون بأدائها قد تعذر عليهم توقيعها قبل نفاذ تصرفاتهم، إذ لا يسوغ لمن تصرف في ضوء القواعد السارية والتزم أحكامها أن يباغته المشرع بتعديلها فجأة وبغير مقدمات وفي وقت لا يمكن معه العدول عن التصرف، وأشار الطاعن إلى أن التاريخ الحقيقي لطباعة الوقائع المصرية والعدد المنشور به قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 452 لسنة 1999 هو 22/ 9/ 1999 وأن توزيعه على منافذ البيع للجمهور بدأ في 23/ 9/ 1999، ومن ثم يكون التاريخ المكتوب على العدد رقم 212 تابع (20/ 9/ 1999) غير صحيح الأمر الذي ينفي صحة العمل بذلك القرار اعتبارًا من التاريخ المشار إليه.
ثانيًا - عدم مشروعية فرض رسم إغراق في غير النطاق الذي حدده القانون رقم 161 لسنة 1998 المشار إليه، وطبقًا لنص المادة (1/ 1) من القانون المذكور، فإن اختصاص وزارة التجارة والتموين بإصدار القرارات اللازمة لحماية الاقتصاد القومي من الإغراق ينحصر في نطاق ما حددته الاتفاقيات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف والتي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995، ومن ثم ينحصر في نطاق الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقية، ولما كانت جمهورية الصين الشعبية ليست من الدولة الموقعة على الاتفاقية المشار إليها، ومن ثم فإن التجارة معها تخرج من نطاق تلك الاتفاقية، وإذ صدر القرار رقم 452 لسنة 1999 بفرض رسوم إغراق على رسالة واردة من الصين فإنه يكون مخالفًا للقانون مخالفة تنحدر به إلى درجة الانعدام، ولا محاجة في هذا الصدد بما ورد بالمادة (86) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 المشار إليه من أنه لوزير التجارة والتموين تطبيق أحكام هذه اللائحة على الواردات من الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، أو تطبيق إجراءات الحماية ضد الممارسات الضارة في التجارة الدولية في مواجهة هذه الدول وفقًا لما تقتضيه مصلحة البلاد، فهذا النص لا سند له في القانون رقم 161 لسنة 1998 الذي لم يتضمن أي نص يجيز تطبيقه خارج نطاق الاتفاقية المنصوص عليها فيه.
ثالثًا - عدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 المشار إليه وبصفة خاصة التحقيق في الشكوى المقدمة من الإغراق والإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق طبقًا للمادتين رقمي 21 و22 من تلك اللائحة.
رابعًا - أن الواقعة المنشئة لاستحقاق الرسوم الجمركية وما يلحق بها من رسم الإغراق تتحدد بتاريخ ورود البضاعة إلى البلاد بغض النظر عن تاريخ إتمام الإجراءات الجمركية، وذلك طبقًا لنص المادة (5) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، وما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في فتواها بجلسة 30/ 4/ 1997 بالملف رقم 32/ 2/ 2814، فإذا وردت البضاعة في ظل سريان القرار الذي فرض الرسم فإنها تخضع لأحكامه أما إذا وردت قبل العمل به فلا ينطبق عليها بغض النظر عن تاريخ الإفراج النهائي عنها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتد بتاريخ تحرير البيان الجمركي للإفراج النهائي فإنه يكون مخالفًا للقانون.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية قرار وزير التجار والتموين رقم 452 لسنة 1999 بفرض رسوم مكافحة الإغراق على لمبات كهربية تضئ بتوهج الشعيرات (60 - 100) وات وبجهد حتى 240 فولت - المصدرة من أو ذات منشأ جمهورية الصين الشعبية، ومبنى هذا الدفع أن القرار المذكور هو تنظيم قانوني لضريبة ينسحب بأثر رجعي إلى صور من التعامل اكتمل تكوينها قبل العمل به وهو ما يخالف نص المادة (187) من الدستور - فإن المادة (29) من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا - تنص على أن "تتولى المحكمة الرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، في أثناء نظر إحدى الدعاوى، عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.
ب) إذا دفع أحد الخصوم في أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي - بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن أثار الدفع ميعادًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن".
ومن حيث إن المادة (187) من الدستور تنص على أن " لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها. ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب".
ومفاد هذا النص أن القانون يسري بأثر فوري على ما يقع من تاريخ العمل به، وفي غير المواد الجنائية يجوز النص على الأثر الرجعي بموافقة أغلبية مجلس الشعب، وقد استقر القضاء والفقه على أن لفظ "القوانين" الوارد في المادة (187) من الدستور - جاء بصيغة عامة تنسحب على كل صور القواعد القانونية على اختلاف درجاتها بما فيها القرارات الوزارية.
ومن حيث إن قرار وزير التجارة والتموين رقم 452 لسنة 1999 - المشار إليه قد نص في مادته الأولى على أن "تخضع الواردات المصدرة من أو ذات منشأ جمهورية الصين الشعبية من صنف اللمبات الكهربية التي تضئ بتوهج الشعيرات (60 - 100) وات بجهد حتى 240 فولت - والتي تندرج تحت البند الجمركي (85 39 22 10) من التعريفة الجمركية المنسقة - لرسم نهائي لمكافحة الإغراق قدره (80%) من القيمة (CIF).
ونص في مادته الثانية على أن: "يسري هذا الرسم لمدة خمس سنوات من تاريخ النشر" ونص في مادته الثالثة والأخيرة على أن "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية، ويعمل به من تاريخ نشره".
ومن حيث إن القرار رقم 452 لسنة 1999 المشار إليه، لم يتضمن أي أثر رجعي صراحة أو ضمنًا، ولا محاجة في هذا الصدد باستناده إلى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد باستناده إلى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وأن هذه اللائحة نصت على الأثر الرجعي صراحة في المادة (51) التي نصت على أنه: "...... يجوز فرض الرسوم النهائية لمكافحة الإغراق بأثر رجعي إلى الفترة التي فرضت فيها الإجراءات المؤقتة"، كم نصت على الأثر الرجعي في المادة (73) التي يجري نصها على أن: ".. يجوز فرض الرسوم التعويضية النهائية بأثر رجعي إلى الفترة التي فرضت فيها الإجراءات المؤقتة"، فهذان النصان ليسا من النصوص الجنائية ومن ثم لا يخضعان لحظر الأثر الرجعي للقوانين - المنصوص عليها في المادة (187) من الدستور -، فضلاً عن أن جهة الإدارة لم تطبق أياَ من النصين على الشحنة التي استوردتها الشركة الطاعنة.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعن من أن التاريخ المدون على القرار رقم 452 لسنة 1999 في الوقائع المصرية بالعدد رقم 212 في 20/ 9/ 1999 هو تاريخ غير صحيح فلا يعدو ذلك أن يكون محاولة من الدفاع لإثبات تاريخ آخر يدعم به وجهة نظره المشار إليها فيما يتعلق بوجود أثر رجعي لذلك القرار، وذلك كله مردود بأن التاريخ الذي يخص القرار مكتوب مرتين: الأولى أعلى الصفحة، والثانية في عنوان القرار بعبارة: "صادر بتاريخ 20/ 9/ 1999"، والكتابة بحروف وأرقام واضحة، ولو كان ثمة خطأ في الأرقام لكانت الهيئة العامة للمطابع الأميرية قد تداركت ذلك في استدراك لاحق طبقًا لما جرى عليه العمل في هذا الشأن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الدفع بعدم دستورية القرار رقم 452 لسنة 1999 الصادر بفرض رسم نهائي لمكافحة الإغراق مقداره 80% من القيمة(CIF) على الشحنة التي استوردتها الشركة الطاعنة - هو دفع غير جدي - لا يقوم على سند من القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن، ومبناه أن القرار رقم 452 لسنة 1999 المشار إليه صدر في غير النطاق الذي حدده المشرع، لأن جمهورية الصين الشعبية ليست من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ولم تشترك في الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجوأي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي وافقت عليها مصر عام 1995: فإن القانون رقم 161 لسنة 198 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، نص في المادة (1) على أن: "تختص وزارة التجارة والتموين باتخاذ الوسائل والإجراءات والتدابير والقرارات اللازمة لحماية الاقتصاد القومي من الأضرار الناجمة عن الدعم أو الإغراق أو الزيادة غير المبررة في الواردات، وذلك في نطاق ما حددته الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995.
وتكون الوزارة هي الجهة المنوط بها تنفيذ أحكام هذا القانون...".
وقد صدر قرار وزير التجارة والتموين رقم 594 لسنة 1998 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998، المشار إليه، وعرفت المادة (1) الممارسات الضارة في التجارة الدولية بأنها: الزيادة في الوردات من منتج ما - نتيجة إغراق أو دعم - وما يترتب على ذلك من حدوث ضرر مادي بالصناعة المحلية أو التهديد بحدوثه أو إعاقة إنشاء صناعة أو زيادة غير مبررة في الواردات وما يترتب عليها من حدوث ضرر جسيم في الصناعة المحلية أو التهديد بحدوثه". ونصت في المادة (46) على أنه "لا تزيد مدة سريان الرسوم النهائية لمكافحة الإغراق على خمس سنوات تبدأ من تاريخ نشر القرار النهائي بفرضها في الوقائع المصرية". ونصت في المادة (86) على أنه "يجوز لوزير التجارة والتموين تطبيق أحكام هذه اللائحة ضد الواردات من الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، أو تطبيق إجراءات الحماية ضد الممارسات الضارة في التجارة الدولية في مواجهة هذه الدول وفقًا لما تقتضيه مصلحة البلاد".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع ناط بوزارة التجارة والتموين تنفيذ أحكام قانون حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وناط بوزير التجارة والتموين تطبيق أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 المشار إليه ضد الواردات من الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، أو تطبيق إجراءات الحماية ضد الممارسات الضارة في التجارة الدولية في مواجهة هذه الدول وفقًا لما تقتضيه مصلحة البلاد، ومؤدى ذلك أن سلطة وزير التجارة والتموين في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإغراق لا تقتصر على الممارسات الضارة في التجارة الدولية بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أو الدول التي شاركت في الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أرجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995، وإنما تمتد لتشمل الممارسات الضارة من الدول غير الأعضاء، والقول بغير ذلك يفرغ إجراءات مكافحة الإغراق من مضمونها، ويؤدي إلى نتيجة غير منطقية وغير مستساغة قانونًا، فمن غير المقبول أن تتخذ الدولة إجراءات مكافحة الإغراق في مواجهة دول أعضاء في منظمة التجارة العالمية، ولا تتخذ نفس الإجراءات ضد الدول غير الأعضاء في تلك المنظمة، رغم أن الإغراق في الحالتين صورة من صور الممارسات الضارة في التجارة الدولية التي تؤثر في الاقتصاد القومي، كما أنه من غير المقبول إعطاء الدول غير الأعضاء في المنظمة ميزة يتفوقون بها على الدول الأعضاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن جمهورية الصين الشعبية ليست عضوًا بمنظمة التجارة العالمية، إلا أن ذلك لا يحول دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإغراق من جانبها، باعتبار الإغراق صورة من صور الممارسات الضارة في التجارة الدولية التي تؤثر سلبًا في الاقتصاد القومي المصري.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن، ومبناه أن جهة الإدارة لم تتبع الإجراءات المقررة قانونًا بشان الشكوى من الإغراق، وضوابط الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق طبقًا للمادتين 21 و22 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 المشار إليه.
ومن حيث إن الباب الثاني من اللائحة التنفيذية المشار إليها نظم ضوابط الشكاوي من الإغراق، وإجراءات التحقيق فيها، وطبقًا لنصوص المواد 13 إلى 18 من تلك اللائحة: تقدم الشكوى من الإغراق إلى سلطة التحقيق (جهاز مكافحة الدعم والإغراق واتخاذ التدابير الوقائية - طبقًا للتعريف الوارد باللائحة) - كتابة على النموذج المعد لهذا الغرض، وتقدم الشكوى من الصناعة المحلية أو من يمثلها أو من ينوب عنها أو من الغرف الصناعية المعنية أو اتحاد الصناعات أو اتحاد المنتجين أو الوزارات المشرفة على أي من قطاعات الإنتاج، ويجب أن تتضمن الشكوى القرائن والأدلة على وجود إغراق أو دعم أو زيادة غير مبررة في الواردات، والأضرار الناجمة عنها وعلاقة السببية بينها وبين الأضرار التي لحقت بالجهة الشاكية، ويرفق بالشكوى البيانات المنصوص عليها في المادة (15) من اللائحة المذكورة، ونظمت اللائحة إجراءات التحقيق في المواد من 19 إلى 31، واشترطت المادة (19) أن تكون الشكوى مؤيدة من منتجين محليين يزيد مجموع إنتاجهم على 50% من إجمالي المنتج المثيل للمؤيدين والمعارضين للشكوى، ونصت المادة (21) على أن: "تلتزم سلطة التحقيق قبل الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق بإخطار الدول المعنية بالشكاوي التي يتم قبولها وذلك فيما عدا الشكاوى المتعلقة بالزيادة غير المبررة في الواردات". وتنص المادة (22) من اللائحة المذكورة على أن: "يكون الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق بطريق النشر في جريدة الوقائع المصرية على أن يتضمن الإعلان البيانات الآتية....".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن شركة...... قدمت شكوى إلى جهة الإدارة تتضرر فيها من الواردات المغرقة لصنف المصابيح الكهربائية التي تضئ بتوهج الشعيرات 60 - 100 وات - بجهد حتى 240 فولت - المستوردة من الصين، وأن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج والمبيعات والحصة السوقية وأسعار البيع وإلى تراكم المخزون السلعي، وتمثل الشركة 55% من إجمالي الصناعة المحلية، وأيدتها في شكواها كل من: الشركة....... والشركة......... وشركة...... وشركة......... وشركة......، وأن الشركة الشاكية والمؤيدين لها يمثلون 91% من إجمالي الصناعة المحلية، وأن الشركة الشاكية تنتج نفس المنتج المستورد من الصين، ومن ثم تكون الشكوى قد استوفت إجراءاتها المقررة قانونًا.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن من عدم مراعاة ضوابط الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق وإخطار الدولة المعنية ونشر الإعلان في جريدة الوقائع المصرية، فإن المستقر عليه أنه لا بطلان بغير نص، ولا بطلان إذا تحققت الغاية من الإجراء، لما كان ذلك، وكانت نصوص القانون رقم 161 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية - المشار إليهما - لم يتضمنا نصًا صريحًا يرتب البطلان على عدم مراعاة إجراءات الإعلان عن البدء في إجراءات التحقيق، وقد تحققت الغاية من هذا الإجراء على النحو الثابت بالأوراق والتي تحتوي كل ما يتعلق بالتحقيق ومفرداته وتقارير اللجان المعنية، وكانت هذه المستندات ضمن ملف الطعن، وأتيحت للطاعن فرصة الاطلاع عليها، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه الطاعن من بطلان لإجراءات الإعلان المشار إليها، ولا محاجة في هذا الصدد بأن جهة الإدارة لم تخطر الدولة المعنية وهي جمهورية الصين الشعبية - إذ لا جدوى من إخطارها لأنها ليست عضوًا بمنظمة التجارة العالمية، ولن تستطيع نفي إغراق السوق المصرية بالبضاعة المشار إليها والتي كانت قد وصلت بالفعل ودخلت ميناء بورسعيد واستقرت به إلى أن أفرج عنها.
ومن حيث إنه عن الوجه الرابع والأخير من أوجه الطعن، والخاص بتحديد الواقعة المنشئة لاستحقاق رسم الإغراق، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الواقعة المنشئة لاستحقاق الرسوم الجمركية طبقًا لنص المادة (5) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - هي دخول البضاعة المستحق عنها الرسم إلى البلاد، ومن ثم فإن العبرة في هذا الشأن بتاريخ وصول البضاعة وليس بتاريخ تحرير البيان الجمركي.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رسالة اللمبات الكهربية محل المنازعة، وصلت ميناء بورسعيد بتاريخ 26/ 9/ 1999، ومن ثم فإنها تخضع لرسم الإغراق المنصوص عليه بالقرار رقم 452 لسنة 1999 والمعمول به اعتبارًا من 20/ 9/ 1999.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على شكوى قدمتها شركة...... إلى جهاز مكافحة الدعم والإغراق، تتضرر فيها من وجود شحنة من اللمبات الكهربية واردة من جمهورية الصين الشعبية بنفس مواصفات المنتج المصري، بأسعار تقل عن سعر البيع بالسوق المحلية، وانتهى الجهاز في تحقيقاته إلى صحة الشكوى، وقدم تقريرًا إلى لجنة الدعم والإغراق التي استبان لها أن هناك زيادة كبيرة في الواردات بأسعار تقل عن سعر بيع السلعة بالسوق المحلية، وأوصت بفرض رسم نهائي لمكافحة الإغراق طبقًا لأحكام المادة (86) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 161 لسنة 1998 التي تجيز لوزير التجارة والتموين تطبيق أحكام اللائحة على الواردات من الدول غير الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وذلك باعتبار أن الصين ليست عضوًا بتلك المنظمة، وعرض رئيس قطاع التجارة الخارجية توصية تلك اللجنة على وزير التجارة والتموين لفرض رسم نهائي نسبته 80%، وبناء على ذلك أصدر الوزير قراره رقم 452 لسنة 1999 المشار إليه والمعمول به من 20/ 9/ 1999، وصدر قرار جمرك بورسعيد بتحصيل مبلغ 202959 جنيهًا قيمة رسوم الإغراق عن مشمول البيان الجمركي رقم 8879 لسنة 1999، تنفيذًا للقرار المشار إليه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد قام على سبب صحيح يبرره، واستوفى أركانه وشروط صحته، فمن ثم تكون الدعوى المرفوعة بإلغائه غير قائمة على سند من القانون، ويكون الطعن أيضًا غير قائم على سند من القانون مما يتعين معه - والحال كذلك - القضاء برفضه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.