مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 553

(78)
جلسة 31 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 10938 لسنة 49 القضائية العليا
(الدائرة الثامنة)

السيد الأستاذ المستشار/ إدوارد غالب سيفين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ عبد الله عامر إبراهيم سالم وإبراهيم علي إبراهيم عبد الله ود/ سامي حامد إبراهيم عبده ومحمد الشيخ علي أبو زيد حسن ومحمد الأدهم محمد حبيب ومحمد لطفي عبد الباقي جودة نواب رئيس مجلس الدولة.
عمد ومشايخ - عدم استحقاق العمدة المكافآت عن الجهود غير العادية أو الأعمال الإضافية التي تصرف بجهة عمله الأصلية.
المادة (22) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994.
اعتبر المشرع العامل بالدولة متفرغا لعمله كعمدة طوال مدة شغله هذه الوظيفة، أي أنه لا يؤدي عملاً بجهته المعين بها - خروجًا على قاعدة أن الأجر مقابل العمل قرر المشرع تقاضى العامل في هذه الحالة مرتب وبدلات الوظيفة بجهة عمله الأصلية المحددة بالمادة (42) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وتنحسر عنه غيرها من المزايا النقدية والمكافآت، ومنها ما ورد بالمادة (47) من هذا القانون، الخاصة بمقابل الجهود غير العادية والأعمال الإضافية التي يكلف بها العامل من الجهة المختصة - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 24/ 6/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتيهما في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الأول في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية/ الدائرة الثانية بجلسة 27/ 4/ 2003 في الدعوى رقم 5254 لسنة 5ق، القاضي منطوقة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف الحوافز والبدلات المقررة لوظيفته من جهة عمله الأصلية اعتبارًا من 13/ 11/ 1999، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة بينهما.
وطلب الطاعنان بصفتيهما - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 28/ 6/ 2003 أودع وكيل الطاعن في الطعن الثاني أعلاه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الثاني في ذات الحكم أعلاه، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن أحقيته في صرف مكافأة الامتحانات، والقضاء مجددًا بأحقيته في صرفها. واحتياطيًا: إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية للفصل فيها مجددًا وأمام دائرة أخرى، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة الحقوق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني مسببًا في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية والطاعن المصروفات مناصفة فيما بينهما.
وتدوول نظر الطعنين فحصًا وموضوعًا أمام الدائرة الثامنة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/ 1/ 2008 وبها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة، من ثم فإنهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن المنازعة الماثلة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 26/ 9/ 2000 أقام المطعون ضده في الطعن الأول والطاعن في الطعن الثاني الدعوى رقم 5254 لسنة 5ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية طالبًا في ختام عريضة الدعوى الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع بأحقيته في صرف الحوافز المقررة بقرار رئيس الوزراء المنصوص عليها في القانون رقم 58 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994 في شأن العمد والمشايخ، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك استنادًا إلى أنه يعمل بوظيفة موجه تربية زراعية بإدارة فاقوس التعليمية، وصدر قرار تعيينه عمدة لقرية......، وتم تنفيذ القرار بالإخلاء من التوجيه واستلام عمله كعمدة في 2/ 12/ 1999، وامتنعت جهة الإدارة عن صرف الحوافز الخاصة به والمقررة بقرار رئيس مجلس الوزراء، فتقدم بعدة طلبات لصرف الحوافز، إلا أن جهة الإدارة رفضت دون إبداء أسباب مما اضطر الطالب لإقامة هذه الدعوى.
وتدوول نظر الدعوى تحضيرًا وبالجلسات أمام المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، حيث أضاف المدعي طلبًا جديدًا للحكم بأحقيته في صرف مكافأة الامتحانات ومشتملاتها، وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وبجلسة 27/ 4/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعي يعمل بوظيفة موجه أول تربية زراعية بإدارة فاقوس التعليمية، وعين بمنصب عمدة قرية........ اعتبارًا من 13/ 11/ 1999، ودرجت الجهة الإدارية على منحه مرتبه الأصلي خاليًا من البدلات اللصيقة به، ومن ثم يكون امتناع هذه الجهة عن منح المدعي هذه البدلات مفتقدًا لسنده القانوني، مما يتعين معه القضاء بأحقيته في البدلات المقررة للوظيفة بالمرتب دون التي تتطلب جهدًا إضافيًا آخر كمكافأة الامتحانات؛ لاشتراط قرار وزير التربية والتعليم رقم 116 لسنة 1996 المشاركة الإيجابية في أعمال الامتحانات، ولانتفاء هذا في حالة المدعي مما يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول على هذا الحكم هو مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن الثابت من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أنه شيد قضاءه على ما قدمه المطعون ضده من أوراق ومستندات في غيبة من رد الجهة الإدارية على الدعوى من مستندات لازمة للفصل فيها، فيكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله واعتراه قصور شديد في التسبيب، وكذلك لأن جهة الإدارة بصدد تقديم كافة الأوراق اللازمة للفصل في الدعوى في مرحلة الطعن، الأمر الذي تنهار معه قرينة الإثبات السلبية المفترضة لصالح الطاعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني رقم 116 لسنة 49 ق عليا مخالفة القانون رقم 139 لسنة 1981 الخاص بالتعليم وتعديلاته الذي ساوي بين البدلات والحوافز والمكافآت، وأنه ليس بلازم فيمن يستحق مكافأة الامتحانات أن يشارك في أعمال الامتحانات أو أعمال المراقبة فيها أو النظام أو التصحيح، إذ يستحقها وزير التربية والتعليم وأي عامل عادي في الوزارة يباشر أعمال الامتحانات أو التصحيح أو المراقبة، والطاعن في موقعه الجديد عمدة للقرية يباشر أعمال الامتحانات في حفظ النظام وضبط الأمن خارج اللجان التي تعقد بمدارس القرية، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وما نص عليه من حق صرف كافة مميزات الوظيفة الأصلية، وذلك عندما حرم الطاعن من ميزة أعطاها له القانون.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 58 لسنة 1978 بشأن العمد والمشايخ المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994يبين أنه ينص في المادة 22 على أنه: "إذا تم تعيين أي من العاملين بالدولة عمدة قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة، ويعتبر متفرغًا لعمله كعمدة ومتمتعًا بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية".
والبين من النص المتقدم أنه قد اعتبر العامل بالدولة متفرغًا لعمله كعمدة طوال مدة شغله هذه الوظيفة الأخيرة، أي أنه لا يؤدي عملاً بجهته المعين بها. وخرجًا على قاعدة الأجر مقابل العمل قرر المشرع تقاضي العامل في هذه الحالة مرتب وبدلات الوظيفة بجهة العمل الأصلية، وقد تكفل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978(معدلاً) بتنظيم لمرتبات والبدلات بالفصلين الخامس والسادس منه، وحددت المادة 42 منه بصفة خاصة هذه البدلات على سبيل الحصر، وبالتالي فإن عبارة " المرتب والبدلات المقررة " تنحسر عن غيرها من المزايا النقدية والمكافآت والتي قد تضمنتها مواد القانون رقم 47 لسنة 1978 الأخرى، ومنها المادة(47) الخاصة بمقابل الجهود غير العادية والأعمال الإضافية التي يكلف بها العامل من الجهة المختصة، والتي صدر بناءً عليها قرار وزير التربية والتعليم. رقم 116 لسنة 1996.
ومن حيث إنه تطبيقًا لما تقدم، وبخصوص الطعن رقم 10938 لسنة 49 ق. عليا فإنه فضلاً عن أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تحدد وجه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، فيما قض به من استحقاق المطعون ضده المرتب وبدلات وظيفته كموجه تربية زراعية بمديرية التربية والتعليم بالشرقية، فإن نص المادة (22) من قانون العمد والمشايخ سالف الذكر قاطع في استحقاق المطعون ضده المرتب وبدلات الوظيفة المذكورة، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون موافقًا صحيح حكم القانون، وبالتالي يكون الطعن رقم 10938 لسنة 49 ق على غير سند صحيح من الواقع أو القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 11116 لسنة 49ق. عليا فإن مكافأة الامتحانات الصادر بها قرار وزير التربية والتعليم رقم 116 لسنة 1996 لا تعد مرتبًا أو بدلاً من البدلات المنصوص عليها بقانون نظام العاملين المدنيين. ووفقًا لأحكام المادة (46) من هذا القانون يكون استحقاق مثل هذه المكافآت عن جهود غير عادية أو أعمال إضافية يكلف بها العامل من الجهة المختصة، والأصل - وبصريح نص المادة (22) من قانون العمد والمشايخ - أن شاغل وظيفة العمدة يكون متفرغًا أي لا يقوم بأعمال وظيفته الأصلية, ومن باب أولى لا يقوم بجهد غير عادي أو إضافي بها. كما أنه وفقًا لنص المادة (22) من قانون العمد والمشايخ، لا يتقاضي العمدة إلا المرتب والبدلات. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون موافقًا صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه بالتالي على غير سند صحيح من الواقع أو القانون حريًا بالرفض.
ولا يقدح في صحة ما تقدم ما أثاره الطاعن في الطعن الأخير من أنه يتولى حفظ الأمن خارج لجان الامتحانات التي تعقد بالمدارس الكائنة بالقرية التي يشغل وظيفة العمدة بها، إذ أنه فضلاً عما أشار إليه الطاعن من أن ذلك في إطار وظيفة العمدة التي تفرغ لها، فإنه لم يثبت صدور تكليف من السلطة المختصة بعمل إضافي أو جهد غير عادي في هذا المجال.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن، وإلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة بينهما.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة بينهما.