مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 599

(84)
جلسة 9 من فبراير سنة 2008
الطعنان رقما 12794 و16766 لسنة 51 القضائية العليا
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي وأحمد عبد الحميد حسن عبود وسعيد سيد أحمد ومحمد أحمد محمود محمد نواب رئيس مجلس الدولة.
أحوال مدنيه - مصلحة الأحوال المدنية - التزامها بإثبات تعديل الديانة من الإسلام إلى المسيحية - أساس ذلك.
المواد (6) و(8) و(12) و(47) و(48) و(53) من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية - المادة (33) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 1121 لسنة 1995
أولى المشرع رعاية خاصة لتنظيم قيد بيانات الأحوال المدنية للمواطنين، ومنها بطاقة تحقيق الشخصية، بحسبان أن هذه البطاقة هي الوعاء الذي ينطوي على البيانات المدنية الأساسية للمواطن والتي على أساسها يتم التعامل مع المجتمع - يجب أن تكون البيانات المدونة بها معبرة حقًا وصدقًا عن واقع الحال للمواطن - ترتيبًا على ذلك: يجب على مصلحة الأحوال المدنية متى تكاملت الوثائق التي تثبت صحة البيان الصادر عن الجهات المختصة أن تقيد البيان في بطاقة تحقيق الشخصية دون أن يعد ذلك تسليمًا منها أو إقرارًا بسلامة البيان - قيد بيان تعديل الديانة من الإسلام إلى المسيحية في بيانات بطاقة تحقيق الشخصية لا يعد إقرارًا لهذا الشخص على ما قام به، لأن المرتد لا يقر على ردته طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة وأحكام محكمة النقض، وإنما يتم ذلك نزولاً على متطلبات الدولة الحديثة، التي تقضي بأن يكون بيد كل مواطن وثيقة تثبت حالته المدنية، بما فيها بيان الديانة - أساس ذلك: أن كل بيان منها يرتب مركزًا قانونيًا للشخص لا يشاركه فيه غيره - مؤدى ذلك: على جهة الإدارة أن تثبت للمواطن بياناته على نحو واقعي في تاريخ إثباتها، ومنها بيان الديانة وما يطرأ عليه من تعديل - شرط ذلك: أن تكون الديانة من الديانات السماوية الثلاث المعترف بها، حتى تتحدد في ضوئها حقوقه وواجباته المدنية والشخصية، ومركزه القانوني المترتب على الديانة التي يعتنقها، على أن يثبت ذلك في بطاقة تحقيق الشخصية مع الإشارة في هذه البطاقة إلى سبق اعتناق الشخص للإسلام - أساس ذلك: يجب أن تعبر البطاقة بصدق عن معتقدات الشخص الحقيقية وواقع حاله الذي يتحدد في ضوئه مركزه القانوني - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 10 من مايو سنة 2005 أودع الأستاذ/ ..... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها العام تحت رقم 12794 لسنة 51 القضائية عليا، وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 24673 بجلسة 26/ 4/ 2005 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفي يوم الأربعاء الموافق 22 من يونيه سنة 2005 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن في الحكم المشار إليه قيد بجدولها العام برقم 16766 لسنة 51 القضائية عليا، وطلب للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبوله شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع إلزام من يصيبه الخسران المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تقرر إحالتهما إلى دائرة الموضوع لنظرهما بجلسة 20/ 10/ 2007 حيث نظرا بالجلسة المحددة وفيها تقرر إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 17/ 11/ 2007 ثم أرجئ إصدار الحكم حتى جلسة اليوم على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن 16766 لسنة 51 القضائية عليا استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق والمستندات - في أن المطعون ضدها الأولى (المدعية) أقامت الدعوى رقم 24673 لسنة 58 القضائية طالبة الحكم بصفة مستعجلة بتسليمها بطاقة الرقم القومي مدونًا بها اسمها وديانتها المسيحية وفي الموضوع بإلغاء قرار الجهة الإدارية بعدم تمكينها من الحصول على بطاقة إثبات شخصيتها مدونًا بها اسمها وديانتها المسيحية، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقالت شرحًا لدعواها أنها ولدت لأبوين مسيحيين واسمها غادة سمير تادرس وديانتها مسيحية وقد قامت بإشهار إسلامها وأصبح اسمها غادة سمير بدوي وبتاريخ 12/ 3/ 2001 وافق المجلس الإكليركي على عودتها إلى الكنيسة الأرثوذكسية وإلى ديانتها المسيحية وعلى أثر ذلك تقدمت إلى مصلحة الأحوال المدنية لتغيير اسمها وديانتها ببطاقة الرقم القومي لتكون بالاسم والديانة المسيحية السابقة إلا أنها لم تستجب لها مما حداها على إقامة دعواها ناعية على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون.
وبجلسة 26/ 4/ 2005 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن امتناع الجهة الإدارية عن إعطاء المدعية بطاقة تحقيق شخصية جديدة بالاسم والديانة الحقيقية التي عادت إليها بعد الإسلام إنما يشكل قرارًا سلبيًا غير قائم على سبب يبرره في الواقع أو القانون لأن إثبات بياناتها الجديدة إنما هو مجرد إثبات واقعة مادية بحتة تتعلق بحالتها المدنية في المستند المعد لذلك وحتى يكون التعامل معها وفق اسمها الحقيقي وعلى بصيرة من أمرها ليس فقط من حيث الاسم وإنما من حيث الديانة أيضًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ طرح جانبًا طلب تدخل الطاعن في الدعوى بعد أن تقدم بطلب لإعادة الدعوى للمرافعة للتدخل فيها.
ونعى الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن السماح للمدعية بإثبات ديانتها المسيحية بعد إسلامها يخالف المادة الثانية من الدستور.
ومن حيث إنه عن الطعن الأول فإن المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أن: "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضمًا لأحد الخصوم أو طالبًا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى.
ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهًا بالجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة".
ومن حيث إن طلب التدخل يكون إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهًا بالجلسة في حضورهم وكان الطاعن في الطعن الأول لم يتبع الإجراء الأول وخلا محضر الجلسة من إثبات طلب تدخله ومن ثم فلم يكن هناك طلب تدخل يمكن للمحكمة أن تفصل فيه، ولا مطعن عليها في هذا الخصوص.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى أن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الذي تعدى إليه أثره وإنما عليه أن يسلك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن في الطعن رقم 12794 لسنة 51 القضائية عليا لم يتدخل بالطريق القانوني في الدعوى فإنه يعتبر خارجًا عن الخصومة، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم جواز نظر الطعن رقم 12794 لسنة 51 القضائية عليا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن الثاني رقم 16766 لسنة 51 القضائية عليا فإن القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية ينص في المادة 6 على أن "تختص مصلحة الأحوال المدنية وفروعها بتسجيل وقائع الأحوال المدنية.... كما تختص بإصدار شهادات الميلاد والوفاة وبطاقات تحقيق الشخصية وقيد الأسرة وصور من جميع قيود الأحوال المدنية المسجلة لديها على النحو المبين بهذا القانون ولائحته التنفيذية".
وتنص المادة (8) من ذات القانون على أن: "لأي شخص أن يستخرج من مصلحة الأحوال المدنية وفروعها صورة رسمية من قيود الوقائع المتعلقة به أو بأصوله أو بفروعه أو بأزواجه........".
وتنص المادة (12) على أن: "تعتبر السجلات التي تمسكها المصلحة وفروعها بما تشتمل عليها من بيانات والصور الرسمية المستخرجة منها حجة بصحتها ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم قضائي.
ويجب على جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية الاعتداد في مسائل الأحوال المدنية بالبيانات المقيدة في هذه السجلات والصور الرسمية المستخرجة منها وعلى مدير مصلحة الأحوال المدنية أو من ينيبه إصدار قرار بإلغاء القيود التي تمت بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وكل ما يترتب عليها".
وتنص المادة (47) على أنه: "لا يجوز إجراء أي تغيير أو تصحيح في قيود الأحوال المدنية المسجلة عن وقائع الميلاد والوفاة وقيد الأسرة إلا بناء على قرار يصدر بذلك من اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة".
ويكون إجراء التغيير أو التصحيح في الجنسية أو في الديانة أو المهنة أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريق الجسماني أو إثبات النسب بناء على أحكام أو وثائق من جهات الاختصاص دون حاجة إلى استصدار قرار من اللجنة المشار إليها".
وتنص المادة (48) من ذات القانون على أنه: "يجب على كل من يبلغ ستة عشر عامًا من مواطني جمهورية مصر العربية أن يتقدم بطلب للحصول على بطاقة تحقيق الشخصية من قسم السجل المدني الذي يقيم بدائرته وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ بلوغه السن".
وتنص المادة (53) على أنه: "إذا طرأ تغيير على أي من بيانات بطاقة تحقيق الشخصية للمواطن أو أى من بيانات حالته المدنية وجب أن يتقدم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التغيير إلى قسم السجل المدني الذي يقيم بدائرته لتحديث بياناته".
وحددت المادة (33) من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 1121 لسنة 1995 بيانات بطاقة تحقيق الشخصية وهي: مكتب الإصدار والرقم القومي والاسم رباعي ومحل الإقامة والنوع والديانة والمهنة واسم الزوج.
ومن حيث إن مؤدى النصوص المتقدمة أن المشرع أولى رعاية خاصة لتنظيم قيد بيانات الأحوال المدنية للمواطنين، ومن المسائل المهمة التي عنى بتنظيمها بطاقة تحقيق الشخصية، بحسبان أن هذه البطاقة هي الوعاء الذي ينطوي على البيانات المدنية الأساسية للمواطن والتي على أساسها يتم التعامل مع المجتمع، سواء تمثل في الجهات الرسمية أو الأفراد، فهي الوثيقة الأساسية التي يرتكن إليها في تبيان نوع الشخصية وديانته ووظيفته وحالته الاجتماعية وأهليته القانونية، وعليه فإن البطاقة وإن لم يترتب عليها بذاتها آثار قانونية محددة، فإنها الوثيقة التي يرتكن إليها في التعامل في المجتمع، فيجب أن تكون البيانات المدونة بها معبرة حقًا وصدقًا عن واقع الحال للمواطن، لذلك أوجب المشرع على المواطن أن يسارع إلى استخراج بطاقة تحقيق الشخصية متى بلغ ستة عشرة عامًا، وأن يبادر أيضًا إلى تحديث بياناتها إذا طرأ عليها أي تعديلات، حتى يكون المجتمع ممثلاً في جهات الإدارة والأفراد على علم كامل بحقيقة البيانات المدنية للشخص الذي يتم التعامل معه.
ونظرًا لأهمية بعض البيانات في التعامل مع المجتمع، مثل تلك المتعلقة بالجنسية والديانة والزواج والطلاق، فقد ألزم المشرع في المادة 47 سالفة الذكر جهة الإدارة إثبات أي تعديلات تطرأ عليها، دون حاجة إلى عرضها على اللجنة المشار إليها في المادة 46 من القانون، ما دام هذا البيان صادرًا من الجهات المختصة، وقد جاء لفظ الديانة مطلقًا دون تحديد لديانة معينة مما مؤداه أنه يعني أي تعديل في أية ديانة من الديانات السماوية الثلاث. وعليه فإنه من مصلحة الأحوال المدنية متى تكاملت الوثائق التي تثبت صحة البيان الصادر عن الجهات المختصة أن تفيد البيان في بطاقة تحقيق الشخصية دون أن يعد ذلك تسليمًا منها أو إقرارًا بسلامة البيان.
ومن حيث إنه في ضوء المبادئ المتقدمة فإن المطعون ضده الأولى وقد تقدمت لجنة الإدارة بشهادة صادرة من الجهة الدينية المختصة التي تثبت أنها أصبحت مسيحية الديانة بعد أن كانت تدين بالإسلام، فما كان يجوز لجهة الإدارة الامتناع عن هذا القيد بمقولة مخالفة ذلك للنظام العام، فالقيد في حد ذاته لا ينشئ مركزًا قانونيًا لأن هذا المركز أنشئ بالفعل بمجرد قبول المطعون ضدها ابنة من بنات الديانة المسيحية، والقيد ما هو إلا تقرير لواقع غير منكور ومركز قانوني تكامل قبل القيد ليعبر عن حقيقة الواقع، إعلانًا للغير بحقيقة الديانة التي يعتنقها صاحب الشأن، حتى يتم التعامل معه على هذا الأساس، وذلك مثل قيد بيانات الزواج، فالقيد ليس هو الذي ينشئ المركز القانوني الناتج عن الزواج، بل إنه لا يصح قيد واقعة الزواج إلا إذا كان ثمة زواج تم بالفعل وتكاملت أركانه.
ومن ناحية أخرى فإن الامتناع عن قيد البيان الذي يعبر عن الحالة الواقعية للمواطن، هو الذي يتصادم مع النظام العام، خاصة إذا كان يتعلق ببيان الديانة؛ إذ يترتب على ذلك أن الشخص يتعامل في المجتمع على خلاف الدين الذي يعتنقه ويحرص على أداء شعائره، مما قد يؤدي إلى تعقيدات اجتماعية ومحظورات شرعية مقطوع بها، كحالة زواج مثل هذا الشخص المرتد من مسلمه وهو أمر تحرمه الشريعة الإسلامية تحريمًا قاطعًا ويعد أصلاً من أصولها الكلية.
ومن حيث إنه تفريعًا على ما تقدم فإن مسألة قيد بيان تعديل الديانة من الإسلام إلى المسيحية في بيانات بطاقة تحقيق الشخصية لا يعد إقرارًا لهذا الشخص على ما قام به، لأن المرتد لا يقر على ردته طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة وأحكام محكمة النقض (على سبيل المثال: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 599 لسنة 19ق. ع الصادر بجلسة 25/ 1/ 1981 وحكمها الصادر في الطعن رقم 1359 لسنة 28ق بجلسة 27/ 11/ 1984، حكمت محكمة النقض في الطعن رقم 37 لسنة 22ق أحوال شخصية بجلسة 21/ 4/ 1965 وحكمها الصادر في الطعن رقم 28 لسنة 33ق أحوال شخصية بجلسة 19/ 1/ 1996) وإنما يتم ذلك نزولاً على متطلبات الدولة الحديثة، التي تقضي بأن يكون بيد كل مواطن وثيقة تثبت حالته المدنية، مما فيها بيان الديانة، لما يترتب على كل بيان منها من مركز قانوني للشخص لا يشاركه فيه غيره، وبالتالي فإنه على جهة الإدارة أن تثبت للمواطن بياناته على نحو واقعي في تاريخ إثباتها، ومنها بيان الديانة وما يطرأ عليه من تعديل، متى كانت الديانة من الديانات السماوية الثلاث المعترف بها حتى تتحدد على ضوئها حقوقه وواجباته المدنية والشخصية، ومركزه القانوني المترتب على الديانة التي يعتنقها، على أن يثبت ذلك في بطاقة تحقيق الشخصية مع الإشارة في هذه البطاقة إلى سبق اعتناق الشخص للإسلام كي تعبر البطاقة بصدق عن معتقدات الشخص الحقيقية وواقع حاله الذي يتحدد في ضوئه مركزه القانوني.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن امتناع جهة الإدارة عن تعديل ديانة المطعون ضدها الأولى (المدعية) في بطاقة تحقيق الشخصية وشهادة ميلادها من الإسلام إلى المسيحية يخالف صراحة نص المادة (47) من القانون رقم 143 لسنة 1994 المشار إليها، مما يجعل قرارها بالامتناع مخالفًا للقانون، دون أن يعد ذلك بمثابة إقرار للطاعنة على ردتها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة على غير ذلك من الأسباب فإنه يكون خليقًا بالتأييد، مع ضرورة التأكيد في منطوق الحكم على أن يقيد في بطاقة تحقيق الشخصية وشهادة الميلاد أن المطعون ضدها الأول مسيحية الديانة مع الإشارة في هذه البطاقة وتلك الشهادة إلى سبق اعتناقها الديانة الإسلامية.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً -
بعدم جواز نظر الطعن رقم 12794 لسنة 51 القضائية العليا.
ثانيًا - بقبول الطعن رقم 16766 لسنة 51 القضائية عليا شكلاً، وفي الموضوع بتعديل منطوق الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قيد ديانة المطعون ضدها الأولى المسيحية ببطاقة تحقيق الشخصية وشهادة الميلاد، مع الإشارة في هذه البطاقة وتلك الشهادة إلى سبق اعتناقها الديانة الإسلامية على النحو المبين بالأسباب.