مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 609

(85)
جلسة 12 من فبراير سنة 2008
الطعن رقم 2955 لسنة 51 القضائية العليا
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ يحيى عبد الرحمن يوسف ود/ الديدامونى مصطفى أحمد ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد علي الموافي محمد البانوني وعبد المجيد أحمد حسن المقنن وعمر ضاحي عمر ضاحي نواب رئيس مجلس الدولة.
أراضٍ زراعية - الترخيص في البناء عليها - إجراءاته.
المادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين رقمي 116 لسنة 1983 و2 لسنة 1985 - قرار وزير الزارعة رقم 211 لسنة 1990.
حظر المشرع إقامة أي مبان أو منشآت على الأرض الزراعية بما فيها الأراضي البور القابلة للزراعة. واستثنى من هذا الحظر الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم بها المالك مسكنًا خاصًا به أو مبنى يخدم أرضه طبقًا لقرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 بتحديد الشروط والإجراءات التي يتعين على صاحب الشأن والجهة الإدارية اتخاذها للترخيص في البناء على الأراضي الزراعية - توقف جهة الإدارة عن تلقي طلب الترخيص والمستندات المرافقة له، وعدم استكمال بقية المراحل الواجبة عليها قانونًا لإصدار قرار نهائي بشأن هذا الطلب، يشكل قرارًا سلبيًا بالامتناع لا يقوم على سند من الواقع أو القانون - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق الثاني والعشرين من يناير عام ألفين واثنين أودعت هيئة مفوضي الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل قيد بجدولها برقم 2955 لسنة 48ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري - الدائرة الأولى بحيرة - بجلسة 26/ 11/ 2001 في الدعوى رقم 4526 لسنة 53ق القاضي بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه السلبي بالامتناع عن منح المدعي ترخيصًا بالبناء على قطعة الأرض الكائنة بمنشأة غربال بدمنهور مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الجهة الإدارية للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات. وقد أعلن الطعن قانونًا على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ولم يحضر المطعون ضده أو من يمثله رغم إعلانه لشخصه بتقرير الطعن والجلسة المحددة لنظره، وقد قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا - موضوع - لنظره بجلسة 20/ 11/ 2007 وفيها نظرته المحكمة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بتاريخ 27/ 7/ 1999 أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وطلب في ختام صحيفتها: إلزام المدعي عليهم بمنحه ترخيصًا بالبناء على قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالطلب المقدم منه لمديرية الزراعة بالبحيرة وإلغاء قرار رفض منحه الترخيص واعتباره كأن لم يكن، وذلك شرحًا للدعوى أنه تقدم على الجهة الإدارية المذكورة آنفًا لاستخراج تصريح بإقامة مبنى على قطعة أرض بور مساحتها سبعون مترًا داخل الكتلة السكنية بناحية منشأة غربال مركز دمنهور على موافقة الجهات الفنية وهي الكهرباء والري والصرف والطب البيطري والطرق والكباري والإسكان والوحدة المحلية وتمت المعاينة من الجمعية الزراعية التي أفادت بأن الأرض بور ويتعذر زراعتها لأنها محاطة بالمباني من جميع الجهات إلا أن اللجنة المختصة رفضت منحه التصريح بالبناء دون سند من الواقع أو القانون ومن ثم أقام الدعوى للحكم له بطلباته سالفة البيان. وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب حاصلها أن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب للجهة الإدارية للحصول على ترخيص بناء على الأرض الزراعية وقدم المستندات المطلوبة وحصل على موافقة الجهات المعنية إلا أن الجهة المذكورة لم تقدم ما يفيد عرض طلبه على اللجنة المشكلة طبقًا لأحكام قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 رغم تكليفها بتقديم هذه المستندات مما يعد قرينة على صحة ما يدعيه من أنه استوفى الشروط اللازمة لمنحه ذلك الترخيص ويكون امتناع الجهة الإدارية عن منحه له قرارًا مخالفًا للقانون جديرًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استنادًا إلى أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وأن الجهة الإدارية ستقدم أمام المحكمة الإدارية العليا المستندات التي تسقط القرينة التي قام عليها ذلك الحكم وتؤيد سلامة قرارها المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كان المشرع في نص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين رقمي 116 لسنة 1983 و2 لسنة 1985 قد حظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت على الأراضي الزراعية بما فيها الأراضي البور القابلة للزراعة، واستثنى من هذا الحظر الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم بها المالك مسكنًا خاصًا به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة، والذي أصدر القرار رقم 211 لسنة 1990 بتحديد الشروط والإجراءات التي يتعين على صاحب الشأن والجهة الإدارية اتخاذها للترخيص بالبناء على الأراضي الزراعية، حيث أشارت المادة 11 منه إلى أن صاحب الشأن يتقدم بطلب الترخيص على النموذج المعد لذلك ويرفق به المستندات التي أشار إليها النص ومنها الخريطة المساحية والرسم الهندسي للمبنى وما يفيد سداد الرسوم وسند ملكيته وما يطلب منه من مستندات أخرى، ثم أناطت المادة 12 من هذا القرار بلجنة فنية تشكل في كل مركز بقرار من مديرية الزراعة برئاسة مدير الإدارة الزراعية وممثلين للإسكان والري والصحة والنقل والمواصلات والطب البيطري وحماية الأراضي بالمركز لفحص الطلبات وإبداء الرأي فيها خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ ورودها للجنة ثم ترسلها إلى اللجنة العليا بالمحافظة مشفوعة برأيها حتى تقوم اللجنة الأخيرة بالبت فيها وإرسال توصياتها إلى الإدارة العامة لحماية الأراضي بوزارة الزراعة لتبدي ملاحظاتها بشأنها ثم ترفعها إلى المحافظ المختص لاعتمادها وأخيرًا تصدر مديرية الزراعة الترخيص الذي تم اعتماده.
ومن حيث إنه وإن كان صحيحًا ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بطلب إلى الجهة الإدارية للحصول على ترخيص لبناء سكن خاص على قطعة الأرض المشار إليها وأرفق به المستندات المطلوبة بعد سداد الرسم المقرر وتمت معاينة هذه المساحة بمعرفة الجهات الإدارية المعنية (الري والإسكان والصحة والطب البيطري والطرق) على النحو الثابت بتأشيرات الموافقة المدونة من هذه الجهات على الخريطة المساحية المقدمة من المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري، كما أنه صحيح ما ورد بالحكم من أن الجهة الإدارية لم تقدم المستندات التي تفيد موقفها من طلب المطعون ضده رغم تكليفها بذلك والتزامها قانونًا بتقديمها بيد أن المحكمة لا تشاطر محكمة القضاء الإداري فيما خلصت إليه بالحكم الطعين من أن نكول الجهة الإدارية عن تقديم المستندات يقيم قرينة على عدم مشروعية قرارها برفض منح المطعون ضده الترخيص المطلوب إذ يكشف ما ذهب إليه الحكم من الخطأ في فهم الواقع في النزاع مما أدى إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن حقيقة التكييف القانوني الصحيح لموقف الجهة الإدارية أنها امتنعت عن عرض طلب المطعون ضده على اللجنة الفنية المختصة بالمركز المشكلة بقرار من المديرية طبقًا لنص المادة 12 من قرار وزير الزراعة سالف الذكر باعتبار ذلك
إجراء واجبًا عليها اتخاذه قانونًا وهو ما يتعين تكييف حقيقة طلبات المدعي وتحديدها في إطار هذا الموقف من الجهة الإدارية حيث توقفت به عند مجرد تلقي طلب المذكور والمستندات المرفقة به ولم تستكمل بقية المراحل الواجبة عليها قانونًا لإصدار قرار نهائي بشأن هذا الطلب، وهو ما يمثل قرارًا سلبيًا بالامتناع لا يقوم على سند من الواقع أو القانون حيث لم تقدم الجهة الإدارية ما يثبت سلامة هذا الامتناع خاصة وأنها لم تزعم أنها عرضت طلب المطعون ضده على اللجنة المشار إليها كما أن المذكور لم يقدم ما يفيد ذلك بل إنه عزف عن متابعة الطعن رغم إعلانه لشخصه به وبالجلسة المحددة لنظره.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن امتناع الجهة الإدارية عن عرض طلب المطعون ضده على اللجنة الفنية بالمركز للبت فيه ورفعه إلى اللجنة العليا بالمحافظة يكون غير قائم على ما يبرره من الواقع والقانون ويمثل قرارًا سلبيًا جديرًا بالإلغاء ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذلك فإن قضاءه محمولاً على ما ورد بالحكم الماثل من تكييف لحقيقة النزاع وطلبات المدعي وبالأسباب سالفة البيان يكون جديرًا بالتأييد مما يتعين معه رفض الطعن.
ولا ينال من ذلك ما قدمته الجهة الإدارية بطلبها المؤرخ 7/ 6/ 2007 أمام دائرة فحص الطعون من أن المطعون ضده لم يقدم طلبات بالترخيص في الفترة من 30/ 7/ 2000 حتى 2/ 2/ 2002 فالثابت أنه تقدم بطلبه منذ 4/ 4/ 1998 وأرفق به المستندات المطلوبة وهو الطلب محل النزاع الذي لم يثبت قيام الجهة الإدارية بعرضه على اللجنة المختصة طبقًا لما ثبت بيانه. وحيث إنه عن المصروفات فإن الجهة الإدارية تلتزم بها عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.