مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 641

(90)
جلسة 16 من فبراير سنة 2008
الطعن رقم 5097 لسنة 50 القضائية العليا
(الدائرة الثانية)

السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ بخيت محمد محمد إسماعيل وبلال أحمد محمد نصار وفوزي علي حسين شلبي ومنير عبد الفتاح غطاس ود/ حسين عبد الله أمين قايد وبهاء الدين يحيى أحمد أمين زهدي نواب رئيس مجلس الدولة.
موظف - تعيين - إعادة التعيين بالمؤهل العالي.
المادة (25) مكررًا من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
التعيين طبقًا للمادة 25 مكررًا هو من قبيل الملاءمات المتروكة للسلطة الإدارية المختصة، ومن ثم فإنه يخضع للسلطة التقديرية دون إلزام عليها بتعيين العامل الذي يحصل على مؤهل أعلى أثناء الخدمة، إذ لم يقيدها المشرع بإجراء هذا التعيين، إنما ورد النص صراحة بأنه "يجوز للسلطة المختصة"، ومن ثم فإن أمر التعيين يخضع لمحض السلطة التقديرية لجهة الإدارة - اتخذ المشرع من الدرجة الوظيفية التي يشغلها العامل عند حصوله على المؤهل أثناء الخدمة مناطًا للتفرقة بين شاغلي الدرجتين الأولى والثانية من المجموعتين المكتبية أو الفنية ومن دونهم من شاغلي الدرجات الوظيفية المختلفة، وأفرد للفئة الأولى الفقرة الرابعة من المادة (25) مكررًا المشار إليها، وضمنها حكمًا خاصًا بهم يتماشى مع الفترة الطويلة التي قضوها في وظائفهم وما حملته لهم من خبرات، على نحو يتأبى معه القول بتعيينهم في وظائف تخصصية مغايرة في طبيعتها لوظائفهم الأصلية، فخصهم بميزة الحصول على علاوتين بفئة العلاوة المقررة لدرجة الوظيفة التي يشغلونها وقت حصولهم على المؤهل، وجعل سلطة الإدارة في هذا المنح مقيدة - أما الفئة الثانية وهم شاغلو الدرجات دون الثانية فقد خصهم المشرع بحكم يتماشى وحداثة خبرتهم في وظائفهم، ورخص للجهة الإدارية في تعيينهم في وظائف تخصصية، وسلطة الإدارة في هذا الصدد تقديرية وليست مقيدة، فإذا لم تُعمل الإدارة سلطتها التقديرية في تعيينهم فإنه يكون للمنتمين لهذه الفئة الاستفادة - وعلى نحو وجوبي - من الحكم المقرر للفئة الأولى - تطبيق.


الإجراءات

إنه في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 2/ 2004 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 22/ 12/ 2003 في الدعوى رقم 180 لسنة 6ق القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد جرى تحضير الطعن لدى هيئة مفوضي الدولة التي أودعت تقريرًا بالرأي القانوني فيه ارتأت في ختامه طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار رقم 61 لسنة 1998 المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/ 3/ 2007 ثم تدوول جلساتها على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 10/ 11/ 2007 ثم تدوول جلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فيخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المدعو/ .......... أقام الدعوى رقم 180 لسنة 6ق بتاريخ 13/ 10/ 1998 أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا وطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 61 لسنة 1998 الصادر بسحب قرار تعيين المدعي في أحد الوظائف التخصصية مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب.
وقال شرحًا لدعواه إنه حصل على مؤهل عال أثناء الخدمة وصدر القرار رقم 61 لسنة 1998 بتعيينه في إحدى الوظائف التخصصية منذ عام 1996 وبتاريخ 25/ 5/ 1998 صدر القرار رقم 61 لسنة 1998 بسحب قرار التعيين المشار إليه وقد تظلم المدعي من هذا القرار ولم يتلق ردًا وأقام دعواه ناعيًا على القرار الطعين مخالفته للقانون لأن حصوله على علاوتين لا يحول دون تعيينه على وظيفة تخصصية فمن ثم فإنه لم يصادف محلاً، فضلاً عن أنه صدر مفتقرًا لركن السبب ومشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت في ختامه طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الساحب رقم 61 لسنة 1998 فيما تضمنه من سحب قرار تعيين المدعي بإحدى الوظائف التخصصية وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 22/ 12/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين وقد شيدته على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 103 لسنة 1993 بتاريخ 28/ 6/ 1993 بمنح المدعي علاوتين بفئة العلاوة الدورية المستحقة له وقت حصوله على المؤهل وذلك اعتبارًا من 2/ 6/ 1992 وأشار القرار إلى عدم جواز الجمع بين التعيين وبين هاتين العلاوتين عملاً بالمادة (25) مكررًا من قانون العاملين المدنيين بالدولة، وبتاريخ 27/ 7/ 1996 صدر القرار رقم (100) لسنة 1996 بتعيين المذكور وآخرين على الدرجة الثالثة التخصصية مع منحه علاوة من علاوات الدرجة المالية التي عين عليها وإزاء اعتراض مديرية التنظيم والإدارة على هذا القرار صدر القرار رقم 61 لسنة 1998 بتاريخ 24/ 5/ 1998 بسحب القرار رقم 100 لسنة 1996 فيما تضمنه من تعيين المدعي بوظيفة مأمور ثالث لسابقة معاملته بالقانون رقم 34 لسنة 1992 ولما كانت الجهة الإدارية قد أخطأت بالجمع بين منح العلاوتين والتعيين على وظيفة تخصصية وإذ أصدرت القرار رقم 61 لسنة 1998 بسحب القرار رقم 100 لسنة 1996 فإنها تكون قد أعملت صحيح القانون.
ولم يرتض الطعن بصفته هذا القضاء وبادر بالطعن عليه تأسيسًا على أن قرار تعيين الحاصل على المؤهل الأعلى أثناء الخدمة أمر يخضع لمحض السلطة التقديرية لجهة الإدارة، فلا إلزام عليها بتعيينه وينشأ مركز قانوني له بالبناء على ذلك من القرار الصادر بتعيينه، ومن ثم يعتبر طلب إلغائه من طلبات الإلغاء ويتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء، وإذ خالف الحكم الطعين هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون فيما قضى به من أن قرار التعيين في هذه الحالة يعد من قبيل دعوى التسوية وأجاز سحبه بعد ستين يومًا، ولما كان قرار التعيين على الحالة المعروضة صدر في 1996 وتم سحبه في 25/ 8/ 1998 أي بعد الميعاد المقرر لسحب القرارات الإدارية مما كان يتعين القضاء بإلغاء القرار الساحب، وإذ قضى الحكم الطعين بما يخالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن المادة (25) مكررًا من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1992 تنص على أنه "مع مراعاة حكم البند (1) من الفقرة الثالثة من المادة (18) من هذا القانون يجوز للسلطة المختصة تعيين العاملين الذين يدخلون الخدمة بدون مؤهل ثم يحصلون على مؤهل أثناء الخدمة والعاملين الحاصلين على مؤهل دراسي وعينوا على وظيفة لا تتطلب مؤهلاً دراسيًا أو لا تتطلب ذات المؤهل الدراسي الذي كانوا يحملونه وقت تعيينهم وكذا العاملين الحاصلين أثناء الخدمة على مؤهلات أعلى وذلك في الوظائف الحالية بالوحدات التي يعملون بها والتي تكون المؤهلات التي يحصلون عليها متطلبة لشغلها متى توافرت فيهم الشروط اللازمة وفقًا لجداول التوصيف والترتيب المعمول بها مع استثناء من شرطي الإعلان والامتحان اللازمين لشغل هذه الوظائف ويسري هذا الحكم على العاملين الذين يحصلون عليها أثناء خدمتهم بالقطاع العام...
ويمنح العامل الذي يعين وفقًا لأحكام الفقرة السابقة أول مربوط درجة الوظيفة المعين عليها علاوة من علاواتها، أو مرتبه السابق مضافًا إليه هذه العلاوة أيهما أكبر، حتى وإن تجاوز نهاية مربوط درجة الوظيفة المعين عليها.
وتمنح هذه العلاوة لمن يعاد تعيينه بوحدة أخرى بالمؤهل الأعلى الذي حصل عليه....
أما بالنسبة للعاملين الشاغلين للدرجتين الأولى والثانية من مجموعة الوظائف المكتبية أو الفنية الذين يحصلون على مؤهل عال أثناء الخدمة فيمنحون علاوتين من علاوات درجة الوظيفة التي يشغلونها وقت الحصول على المؤهل ولو تجاوزوا بهما بنهاية ربط درجة الوظيفة.
ويسري ذلك على من حصلوا على مؤهل عال قبل العمل بهذا القانون وظلوا بالمجموعات الفنية والكتابية ويكون منحهم هذه العلاوة من تاريخ العمل بهذا القانون.
وإذا اختار العامل الحاصل على مؤهل عالٍ أثناء الخدمة الاستمرار في المجموعة الفنية أو المكتبية، يمنح علاوة من علاوات الدرجة التي يشغلها ويعاد ترتيب أقدميته في هذه المجموعة بحيث يسبق من لم يحصل على مؤهل أعلى أثناء الخدمة، ويفضل عند الترقية في حالة التساوي".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التعيين طبقًا للمادة 25 مكررًا المشار إليها هو من قبيل الملاءمات المتروكة للسلطة الإدارية المختصة ومن ثم فإنه يخضع للسلطة التقديرية دون إلزام عليها بتعيين العامل الذي يحصل على مؤهل أعلى أثناء الخدمة إذ لم يقيدها المشرع بإجراء هذا التعيين إنما ورد النص صراحة بأنه: "يجوز للسلطة المختصة...." ومن ثم فإن أمر التعيين يخضع لمحض السلطة التقديرية لجهة الإدارة.
ومن حيث إن البين مما تقدم أن المشرع اتخذ من الدرجة الوظيفية التي يشغلها العامل عند حصوله على المؤهل أثناء الخدمة مناطًا للتفرقة بين شاغلي الدرجتين الأولى والثانية من المجموعتين المكتبية أو الفنية ومن دونهم من شاغلي الدرجات الوظيفية المختلفة، وأفرد للفئة الأولى الفقرة الرابعة من المادة (25 مكررًا) المشار إليها وضمنها حكمًا خاصًا بهم يتماشى مع الفترة الطويلة التي قضوها في وظائفهم وما حملته لهم من خبرات على نحو يأبى معه القول بتعيينهم في وظائف تخصصية مغايرة في طبيعتها لوظائفهم الأصلية، فمن ثم خصهم بمرة الحصول على علاوتين بفئة العلاوة المقرر لدرجة الوظيفة التي يشغلونها وقت حصولهم على المؤهل، وجعل سلطة الإدارة في هذا المنح مقيدة، وهو ما دلت عليه عبارة النص من أن "يمنحون علاوتين....".
وأما الفئة الثانية وهم شاغلو الدرجات دون الثانية فقد خصهم المشرع بحكم يتماشى وحداثة خبراتهم في وظائفهم، ورخص للجهة الإدارية في تعيينهم في وظائف تخصصية، وسلطة الإدارة في هذا الصدد تقديرية وليست مقيدة، ويؤكد ذلك عبارة النص التي جرت على أن "يجوز للسلطة المختصة...." أما وإذ لم تعمل الإدارة سلطتها التقديرية في تعيينهم فإنه يكون للمنتمين لهذه الفئة الاستفادة - وعلى نحو وجوبي - من الحكم المقرر للفئة الأولى السابق الإشارة إليها.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي كان يعمل بالضرائب العقارية بوظيفة كاتب ويشغل الدرجة الثانية وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للدراسات التعاونية والإدارية في نوفمبر 1990 وقامت الجهة الإدارية بإصدار القرار رقم 103 بتاريخ 28/ 7/ 1993 بمنحه علاوتين بقيمة علاوة درجة الوظيفة التي كان يشغلها، وفي 27/ 7/ 1996 أصدرت القرار رقم 100 لسنة 1996 بتعيينه على درجة تخصصية "مجموعة التمويل والمحاسبة" كما نص القرار على ضم نصف مدة الخدمة بالمجموعة المكتبية بحد أقصى خمس سنوات، شريطة ألا تتعدى تاريخ الحصول على المؤهل، وفي 24/ 5/ 1998 أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 61 لسنة 1998 بسحب القرار رقم 100 لسنة 1996 واعتبار تعيينه كأن لم يكن.
ومن حيث إن المدعي كان يشغل الدرجة الثانية عند حصوله على المؤهل العالي، وقامت الجهة الإدارية بناء على ذلك بمنحه علاوتين بقيمة علاوة درجة الوظيفة التي يشغلها، فإنها بهذه المثابة تكون قد أعملت صحيح القانون، ويكون قرارها الصادر بتعيينه على وظيفة تخصصية طبقًا للمادة (25) مكررًا مخالفًا للقانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى مرتبة الانعدام؛ بحسبان أن المدعي ولم يكن من المخاطبين بالفقرة الأولى من المادة (25) مكررًا لكونه كان يشغل الدرجة الثانية عند معاملته بالمؤهل الأعلى، ويكون القرار رقم 61 لسنة 1998 الساحب للقرار رقم 100 لسنة 1996 متفقًا وصحيح القانون ولا تثريب عليه.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون محمولاً على أسباب هذا القضاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.