مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 825

(113)
جلسة 19 من مارس سنة 2008
الطعنان رقما 6659 و6707 لسنة 46 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)

السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ سامي أحمد محمد الصباغ ومحمد محمود فرج حسام الدين ومحمد البهنساوى محمد الرمام وحسن عبد الحميد البرعي وحسن سلامة أحمد محمود ود/ حمدي حسن محمد الحلفاوي نواب رئيس مجلس الدولة.
( أ ) تعويض - مناط مسئولية الإدارة - تقدير مبلغ التعويض.
تقدير مبلغ التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع، ما دام تقديرها قد جاء متفقًا مع ما تم بسطه تحت نظرها من وقائع ومستندات استخلصت منها مدى توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما، وجسامة الخطأ المنسوب إلى جهة الإدارة، وفداحة الأضرار التي تصيب ذوي الشأن، ومدى توافر علاقة السببية بين ذاك الخطأ وهذه الأضرار - يتم تحديد مقدار التعويض على ضوء ذلك، دون إفراط أو تفريط، حتى تتحمل الجهة الإدارية تبعة مسلكها الخطأ بأداء هذا التعويض جبرًا للأضرار التي أصابت الأشخاص بقدر هذه الأضرار - لا يتجاوز تقدير مبلغ التعويض نطاق جبر تلك الأضرار، حتى لا يثري الأفراد على حساب الخزانة العامة التي تتحمل غالبًا قيمة التعويض، وقلما يتحملها المتسبب في الخطأ من الأفراد - تطبيق.
(ب) مجلس الدولة - هيئة مفوضي الدولة - عدم استلزام إيداع تقرير برأيها القانوني في دعوى كانت قد أبدت رأيها في ذات موضوعها في دعوى أخرى منضمة إليها.
إذا أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني في موضوع إحدى دعويين منضمتين أو أحد طعنين منضمين، فلا ضرورة عملية ترجى من إيداعها تقريرًا آخر في ذاك الذي لم تودع تقريرًا فيه - أثر ذلك: لا داع لتكليف الهيئة بإيداع تقرير ثان - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 22/ 5/ 2000 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن رقم 6659/ 46ق. عليا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 8422 لسنة 1ق بجلسة 25/ 3/ 2000، الذي قضى منطوقه بالآتي: "حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه بالامتناع عن تحديد موعد لانعقاد لجنة مناقشة الرسالة المقدمة من المدعي لنيل درجة الماجستير والحكم عليها، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة المدعى عليها أن تدفع للمدعي تعويضًا مقداره خمسة آلاف جنيه جبرًا لما لحقه من أضرار وألزمتها المصروفات".
وطلب الطاعن في هذا الطعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه إلى الحكم بإلزام الجامعة المطعون ضدها أن تؤدي له تعويضًا قدره (14.300) أربعة عشر ألفًا وثلاث مئة جنيه، جبرًا لما أصابه من أضرار مادية وأدبية ونفسية، وإلزام الجامعة المصروفات.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 23/ 5/ 2000 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة الزقازيق - فرع بنها قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن رقم 6707/ 46ق. عليا طعنًا على ذات الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري المشار إليه، طالبًا الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، وتحميل المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقريرا الطعنين وفقًا للثابت بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن الثاني رقم 6707/ 46ق. عليا، ارتأت فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين بعدة جلسات، وبجلسة 5/ 6/ 2007 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة السادسة عليا موضوع لنظرهما بجلسة 24/ 10/ 2007، ونفاذًا لذلك ورد الطعنان إلى هذه الدائرة، وتدوولا أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها.
وبمناسبة صدور القرار الجمهوري رقم 84/ 2005 بإنشاء جامعة بنها ضمن الجامعات المصرية فقد تم تصحيح شكل الطعنين بأن أصبحت جامعة بنها خصمًا فيهما بدلاً من جامعة الزقازيق - فرع بنها. وبجلسة 2/ 1/ 2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 26/ 3/ 1996 أودع الطاعن في الطعن الأول صحيفة الدعوى رقم 8422/ 1ق قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، طالبًا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ قرار الجامعة السلبي بعدم تحديد موعد لانعقاد لجنة لمناقشة رسالته للحصول على درجة الماجستير والحكم عليها وإجازتها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بموجب مسودته بدون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام الجامعة دفع تعويض عادل جبرًا لما أصابه من أضرار مادية وأدبية، فضلاً عن إلزامها المصروفات وأتعاب المحاماة.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 28/ 2/ 1989 وافق مجلس الكلية على تسجيله لدرجة الماجستير في إدارة الأعمال، وبتاريخ 5/ 2/ 1992 تم إخطار الدراسات العليا بالكلية بتقرير من أ. د/ .. المشرف الأساسي، متضمنًا تشكيل لجنة للحكم على الرسالة، إلا أنه تم رفع اسم الأستاذ الدكتور المذكور من الإشراف لإعارته خارج البلاد، رغم أن المدعي كان قد أوشك على الانتهاء من الرسالة. وبتاريخ 23/ 8/ 1993 وافق مجلس الكلية على عودة الأستاذ الدكتور المذكور للإشراف على الرسالة. وذكر أنه خلال فترة التسجيل تم تغيير الإشراف على الرسالة عدد (7) مرات حذفًا وإضافة، مما كان له أثر كبير في إرباكه وتعطيله، فضلاً عن وجود ثلاثة أساتذة مشرفين على الرسالة، مما أدى إلى التأخير في إعدادها وكبر حجمها لاختلاف الآراء حول الموضوعات، بحسبان أن كلا منهم يمثل مدرسة معينة في الفكر الإداري يساندها ويناصرها.
وأضاف المدعي قائلا إنه بتاريخ 26/ 3/ 1994 وافق مجلس القسم على تشكيل لجنة للحكم على الرسالة والمناقشة، ووافق مجلس الكلية على ذلك بجلسته رقم 203، كما وافق مجلس الكلية بتاريخ 17/ 7/ 94 على تشكيل لجنة الحكم والمناقشة لرسالة المدعي بالأساتذة أنفسهم أعضاء لجنة الحكم، ووافق على ذلك أ. د/ نائب رئيس الجامعة، كما وافق على تشكيل اللجنة، وتحدد يوم 7/ 1/ 1995 موعدا للمناقشة، إلا أن المناقشة لم تتم لظروف طارئة حلت بأحد أعضاء اللجنة. ثم تحدد يوم 4/ 2/ 1995 موعدا للمناقشة، وأرجئت إلى يوم 25/ 4/ 1995، إلا أن الدراسات العليا بالكلية اعترضت على إجراء المناقشة وإرجائها بحجة انتهاء مدة صلاحية لجنة الحكم على الرسالة وانتهاء مدة التسجيل بتاريخ 27/ 2/ 1995، مما يقتضى مد فترة التسجيل، علمًا بأن الدراسات العليا وافقت على مناقشة الرسالة والماجستير الخاصة بالزميل/ ... المعيد بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بتاريخ 19/ 10/ 1995 رغم انتهاء مدة صلاحية لجنة الحكم على الرسالة بتاريخ 15/ 10/ 1995، ثم وافق مجلس الكلية بجلسته رقم 214 على مدة فترة التسجيل له (المدعي) لمدة عام تنتهي في 26/ 6/ 1996 بناء على موافقة مجلس القسم، وبعرض الأمر على أ. د/ رئيس الجامعة بتاريخ 11/ 4/ 1995 للموافقة على مد فترة التسجيل وتجديد التشكيل أشر بعدم الموافقة وبإعادة الموضوع إلى الكلية للنظر في تحويل المدعي إلى وظيفة إدارية، ثم أعيد عرض الموضوع على سيادته بتاريخ 12/ 6/ 1995 فأشر بتحويل المدعي إلى وظيفة إدارية، رغم أن مجلس القسم وكذا أ. د/ ........ رئيس القسم والمشرف على الرسالة تقدمًا بالعديد من المكاتبات إلى أ. د/ عميد الكلية تضمنت الظروف التي أحاطت بالمدعي، وأن المناقشة لم تتم لظروف خارجة عن إرادته.
واستطرد المدعي قائلاً أن المدعي عليه أصدر قراره رقم 896 بتاريخ 19/ 9/ 1995 بتحويله إلى وظيفة إدارية، فتظلم منه، ثم أقام الدعوى رقم 77/ 1ق أمام المحكمة الإدارية بالإسماعيلية لإلغاء هذا القرار، وإن المدعى عليه وافق على مد فترة التسجيل وتجديد تشكيل لجنة الحكم على رسالة الماجستير للطالب/ .......، وأن القرار المطعون فيه صدر مخالفًا للقانون ومشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة، وأن هذا القرار السلبي بعدم اتخاذ إجراءات تحديد موعد لانعقاد لجنة الحكم على رسالته قد عرض مستقبلة العلمي والعملي لأضرار جسيمة، أولها نقله إلى وظيفة إدارية أدنى في المرتبة والراتب، وإنه رب أسرة كبيرة والاستمرار في تنفيذ القرار السلبي يترتب عليه حرمانه دون وجه حق من راتبه وتوابعه، كما يقف حجر عثرة أمام مستقبله العلمي، مما يؤرق ليله ونهاره لشعوره بالظلم والمهانة. واختتم المدعي عريضة طعنه بطلب الحكم له بطلباته آنفة البيان.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بالجلسات، وبجلسة 24/ 6/ 1996 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الشق العاجل بوقف تنفيذ قرار جامعة الزقازيق السلبي بالامتناع عن تحديد موعد لانعقاد لجنة مناقشة الرسالة المقدمة من المدعي لنيل درجة الماجستير والحكم عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وألزمت الجامعة المصروفات هذا الشق، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي في موضوعها.
وجرى تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة التي أودعت تقريرًا بالرأي ارتأت فيه الحكم باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء قرار الجامعة السلبي بالامتناع عن تحديد موعد انعقاد لجنة مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من المدعي، وبقبول طلب التعويض شكلاً وفي الموضوع بإلزام الجامعة أن تؤدي للمدعي التعويض الذي تراه المحكمة مناسبًا وإلزامها المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 15/ 1/ 2000 أودع المدعي مذكرة دفاع طلب بختامها إلزام الجامعة أن تدفع له تعويضًا مقداره 14300 جنيه.
وبجلسة 25/ 3/ 2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجامعة أن تدفع للمدعي تعويضًا مقداره خمسة آلاف جنيه، تأسيسًا على أن الامتناع عن الموافقة على ما ارتآه مجلس الكلية من مد فترة التسجيل للمدعي وتحديد موعد لمناقشة رسالة الماجستير بعد تجديد التشكيل للجنة الحكم متسم بعدم المشروعية، متعينًا الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، حيث تم تأجيل مناقشة الرسالة أكثر من مرة لأسباب لا يد للمدعي فيها، ولأعذار قهرية أصابت أحد أعضاء لجنة المناقشة، رغم أن التقارير جميعها تشهد للمدعي بالجدية. وبالنسبة للتعويض فإن عناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما متوافرة في جانب جهة الإدارة، حيث ثبت عدم مشروعية القرار المطعون فيه، وهو يشكل ركن الخطأ، كما أصابت المدعي أضرار مادية وأدبية من تأخير مناقشة الرسالة وحصوله على الماجستير لأكثر من سنتين، فضلاً عن صدور قرار بنقله إلى وظيفة إدارية، والذي تم إلغاؤه بحكم المحكمة الإدارية بالإسماعيلية في الدعوى رقم 77/ 1ق وتأخر تقدمه العلمي، وتوافرت رابطة السببية بين خطأ الجامعة والأضرار التي أصابت المدعي.
وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطرفين فأقام الطالب الطعن الأول رقم 6659/ 46ق ناعيًا عليه عدم ملاءمة مبلغ التعويض المقضي به مع الأضرار الجسيمة التي لحقت به، والتي فصلها بأن الضرر المادي قدره مبلغ (11.300) وهو عبارة عن (7800) جنيه تمثل الفارق بين راتبه كمعيد في الكلية الذي انخفض بمعدل (300) جنيه طوال فترة نقله إلى وظيفة إدارية من 12/ 6/ 1995 حتى 1/ 9/ 1997، وبمبلغ (500) جنيه انتقال لمتابعة الجلسات أمام المحكمة المطعون في حكمها والمحكمة الإدارية بالإسماعيلية لمباشرة الدعوى 77/ 1ق الخاصة بإلغاء قرار نقله إلى وظيفة إدارية، و(3000) جنيه أتعاب المحامين في هاتين الدعويين، وتجهيز قاعة مناقشة الرسالة أربع مرات، بالإضافة إلى ثلاثة آلاف جنيه أخرى جبرًا للأضرار النفسية والأدبية التي أصابته.
واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلب زيادة مبلغ التعويض المقضي به إلى (14300) جنيه.
كما لم يلق هذا القضاء قبول الجامعة الطاعنة في الطعن الثاني رقم 6707/ 46ق حيث نعت عليه الفساد في الاستدلال والتأويل، لأسباب حاصلها أنه على فرض حدوث تأخير يوجب التعويض فإنه يرجع المطعون ضده، حيث عين بوظيفة معيد بكلية تجارة بنها وتأخير في تسجيل الماجستير، وبعد التسجيل تأخر في الحصول على الماجستير، حيث تأخر في الانتهاء من إعداد الرسالة، وبصدور قانون قطاع الأعمال العام كان لابد من تعديل الرسالة بما يتمشى مع القانون الجديد، وأن تحويل المطعون ضده بوظيفة إدارية جاء تنفيذًا لنص القانون، وأنه شغل وظيفة بالجامعة ثم أعيد ولم يمنعه ذلك من الاستمرار في دراسته العليا، ولا يجوز له بعد أن علمته الجامعة بما لها من فضل عليه أن يقابل ذلك بالجحود والنكران وتقاضي تعويض منها، حيث إن كل القرارات التي أصدرتها الجامعة في حقه تمت بناء على قانون الجامعات.
واختتمت الجامعة الطاعنة تقرير طعنها بطلب الحكم بطلباتها.
ومن حيث إنه تجدر الإشارة ابتداء أن الثابت بالأوراق أنه تم تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بتحديد موعد لانعقاد لجنة مناقشة الرسالة المقدمة من المدعي (الطاعن في الطعن الأول) لنيل درجة الماجستير والحكم عليها, حيث حصل على الماجستير، بل حصل بعدها على درجة دكتوراه الفلسفة في إدارة الأعمال بتاريخ 19/ 9/ 2007، عبن مدرسًا بقسم إدارة الأعمال بكلية تجارة جامعة بنها، وبالتالي يكون مركزه القانوني قد تغير، ويضحى الطعن على هذا الشق من الحكم الطعين غير ذي موضوع؛ لزوال شرط المصلحة في إلغائه بالنسبة للجامعة الطاعنة.
ومن حيث إن مجال الطعنين ينحصر في محيط ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض الطالب بمبلغ خمسة آلاف جنيه، حيث يطلب الطالب (الطاعن في الطعن الأول) زيادته ليصبح (14300) جنيه، وتطلب الجامعة (الطاعنة في الطعن الثاني) إلغاءه، ويكون بالتالي تقرير مفوض الدولة المودع في أحد الطعنين إذ تناول موضوع التعويض وانتهى إلى سلامة تقديره كافيًا للطعنين معًا، ولا ترى المحكمة ضرورة عملية ترجى من إيداع هيئة مفوضي الدولة تقريرًا آخر في الطعن الثاني؛ لسبق إبداء رأيها في ذات الموضوع بموجب تقريرها المودع بملف الطعنين.
ومن حيث إن تقدير قيمة التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع، ما دام تقديرها قد جاء متفقًا مع ما تم بسطه تحت نظرها من وقائع ومستندات استخلصت منها مدى توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما، وجسامة الخطر المنسوب لجهة الإدارة، وفداحة الأضرار التي تصيب ذوي الشأن، ومدى توافر علاقة السببية بين ذاك الخطأ وهذا الضرر، ثم تحديد مقدار التعويض على ضوء كل ما تقدم، دون إفراط أو تفريط حتى تتحمل الجهة الإدارية تبعة مسلكها الخاطئ بأداء هذا التعويض جبرًا للأضرار التي أصابت الأشخاص بقدر هذه الأضرار، ومتاخما لها غير متجاوزة به نطاق هذا الجبر؛ حتى لا يثري هؤلاء الأشخاص على حساب تلك الجهة؛ باعتبار أن هذه التعويضات إنما تتحملها في النهاية الخزانة العامة، ولا يتحملها المتسبب في هذا الخطأ من الأفراد، إذ قلما ترجع إليهم الجهة الإدارية بما تدفعه من تعويض.
ومن حيث إن المحكمة المطعون في حكمها في مجال البحث في طلب التعويض وتحديد مقداره المتنازع عليه بموجب هذين الطعنين انتهت وبحق إلى توافر عناصر مسئولية الجامعة عن هذا التعويض، حيث ثبت في جانبها ركن الخطأ المتمثل في عدم مشروعية قرارها المطعون فيه السلبي بامتناعها عن تحديد موعد لانعقاد لجنة الحكم لمناقشة رسالة الطاعن في الطعن الأول (الطالب) لنيل درجة الماجستير والحكم عليها وإجازتها، حيث استطالة هذه المدة لأسباب لا يد له فيها، ورغم ثبوت جده واجتهاده وتقديم هذه الرسالة للمناقشة وتأجيلها عدة سنوات رغمًا عنه. كما استظهرت المحكمة ركن الضرر من جراء هذا التأخير وما لحق بالطالب من أضرار مادية ونفسية من إحالته إلى وظيفة إدارية وتأخره العلمي والترقي في زمرة رفاقه أعضاء هيئة التدريس الجامعة بسبب قرارها غير المشروع، الذي كان مطعونًا عليه وإذ خلصت المحكمة إلى تقدير التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحًا، ويكون الطعنان عليه مفتقدًا كلاهما سنده القانوني الصحيح جديرًا بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما أوردته الجامعة الطاعنة في تقرير طعنها من محاولة تملصها مما وصمتها به المحكمة من خطأ، والقول بأن التأخير في مناقشة الماجستير كان بسبب الطالب المطعون ضده؛ حيث إن ذلك مردود بما ثبت للمحكمة من أن التأخير لم يكن راجعًا إلى الطالب، وإنما لأسباب ترجع إلى قرار الجامعة غير المشروع، إذ جهز قاعة مناقشة الرسالة أربع مرات ولم تتم المناقشة لظروف قاهرة ألمت ببعض أعضاء اللجنة أو عدم اكتمال تشكيلها أثناء المناقشة أو غير ذلك مما تسبب في الأضرار التي لحقت به بالطالب.
ولا ينال من سلامة تقدير قيمة التعويض الذي انتهت إليه المحكمة المطعون في حكمها ما ساقه الطالب (الطاعن في الطعن الأول) من أنه غير مناسب لجبر جميع ما أصابه من أضرار مادية ونفسية، وأنه يتعين زيادته إلى (14300) جنيه ليشمل الضرر المادي، ومقداره (7800) جنيه وهو الفارق بين مرتبه كمعيد مرتبه بعد نقله إلى وظيفة إدارية (300) جنيهًا شهريًا، ومصاريف انتقال لمتابعة الدعوى المطعون في حكمها والدعوى رقم 77/ 1ق المقامة أمام المحكمة الإدارية بالإسماعيلية طعنًا على قرار نقله إلى وظيفة إدارية، وأتعاب المحامين في الدعويين؛ وذلك لأن التعويض المقضي به تقدر هذه المحكمة أنه مناسب، حيث أقتصر على جبر الأضرار التي أصابت الطالب من جراء قرار الجامعة المطعون فيه بعدم مناقشة رسالة الماجستير وأجازتها، ولأن شأن المحكمة بقرار نقله إلى وظيفة إدارية أو المصاريف التي تكبدها لقاء متابعة الدعوى التي أقامها طعنًا عليه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملاً بالمادة 184 من قانون لمرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وألزمت كلا من الطاعنين مصاريف طعنه.