مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الثاني - من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر سنة 2008 صـ 954

(129)
جلسة 2 من أبريل سنة 2008
الطعن رقم 328 لسنة 48 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)

السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ سامي أحمد محمد الصباغ ومحمد محمود فرج حسام الدين ومحمد البهنساوى محمد الرمام وحسن عبد الحميد البرعي وحسن سلامة أحمد محمود ود/ حمدي حسن محمد الحلفاوي نواب رئيس مجلس الدولة.
مساكن - إسكان شباب - قواعد تخصيص وحدة سكنية - المقصود بذكر بيانات غير صحيحة.
إذا توافرت سائر الشروط في طالب التخصيص وقت طلب التخصيص, وقام بسداد كامل المبالغ المستحقة عليه لم يجز الامتناع عن تخصيص وحدة سكنية له - ذكر بيانات غير صحيحة في طلب الترخيص يصلح سببًا لحرمانه من التخصيص - المقصود بذكر بيانات غير صحيحة: اصطناع طالب التخصيص بيانات ومستندات بالمخالفة للحقيقة بالغش والتدليس للإيهام بانطباق الشروط عليه - تبعًا لذلك: قيام طالب الترخيص بتغيير محل إقامته بعد تقديم طلب الترخيص لا يعد من قبيل ذكر البيانات غير الصحيحة, ما دام بيان محل الإقامة المثبت بطلب الترخيص كان صحيحًا وقت تقديمه - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 18/ 10/ 2001 أودعت الأستاذة/ .......... المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 4762 لسنة 55ق بجلسة 19/ 8/ 2001, الذي قضى في منطوقه بالآتي: حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وبقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا (أصليًا) بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد, (واحتياطيًا) برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق, وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات, ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره. ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها, وقررت إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 2008 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 31/ 3/ 2001 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 4762 لسنة 55ق، طالبًا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي برفض إدراج اسمه ضمن المتقدمين المستوفين للشروط منحهم وحدة سكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب بمدينة التجمعات شرق القاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تخصيص وحدة سكنية بمساحة 70م2 بالمرحلة الثانية من المشروع، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه تقدم بتاريخ 28/ 10/ 1996 باستمارة حجز وحدة سكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب بمساحة 70 مترًا مربعًا بالمرحلة الثانية بمدينة التجمعات شرق القاهرة، وسدد مقدم الحجز المطلوب، كما سدد باقي القيمة وقدره (7200) جنيه على أقساط ربع سنوية، كل منها (600) جنيه حتى 3/ 2/ 2000، غير أنه علم أن الهيئة قررت عدم استحقاقه للوحدة السكنية لعدم الإقامة بالعنوان الثابت باستمارة الحجز، فأقام دعواه ناعيًا على هذا القرار مخالفة القانون؛ حيث تتوافر بشأنه كافة الشروط المطلوبة لاستحقاقه الوحدة السكنية (محل الحجز)، ولعدم توافر إحدى حالات إلغاء التخصيص أو التعاقد الواردة بالاستمارة، حيث إنه عند تقديمها كان يقيم في شقة مفروشة مؤقتًا خلال الفترة من 1/ 1/ 1994 إلى 31/ 12/ 1996 بذات العنوان الثابت بتلك الاستمارة (26ش هارون الرشيد بمصر الجديدة). لا ينال من ذلك الانتقال إلى شقة مفروشة أخرى في مكان آخر بمدينة السلام، لعدم رغبة مؤجر الشقة الأولى في تجديد العقد، كما أنه بعد تغير السكن ظل يسدد مقدم الحجز المطلوب عدة سنوات دون اعتراض من الهيئة المدعى عليها، كما أن التحريات أثبتت صحة ذلك رغم أن التحري ليس من شروط الحجز.
وخلص المدعي في صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته. وبجلسة 19/ 8/ 2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف التنفيذ استنادًا إلى أن ثبوت أن المدعي غير مقيم في العنوان الذي ذكره في استمارة الحجز لا يصلح سندًا لحرمانه من تخصيص وحدة سكنية، حيث إنه عند قيام الهيئة بإعادة الاستعلام ثبت لها أنه كان يقيم في هذا العنوان الذي ذكره في استمارة الحجز, ومن ثم يتوافر ركنا الجدية والاستعجال في طلب وقف التنفيذ. وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الهيئة الطاعنة، فأقامت طعنها ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقضاء بما يخالف الثابت بالمستندات والفساد في الاستدلال؛ حيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد الصحيح، حيث إن الثابت من حافظة مستندات الهيئة المقدمة لمحكمة أول درجة أنها تضمنت صورة من استمارة استعلام - لم يجحدها المدعي - مؤشر عليها بتاريخ 25/ 12/ 1999 بإعادة الاستعلام عنه، علمًا بأنه لا يعاد الاستعلام إلا بناء على طلبه، مما يعد قرينة على علم المطعون ضده بالقرار المطعون فيه علمًا يقينًا، فضلاً عن أنه لم يكن هناك قرار بتخصيص وحدة سكنية للمدعي حتى يمكن الزعم بأن هناك قرارًا بالاستبعاد. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ قرار استبعاد المدعي فإنه يكون فاسد الاستدلال. وإن عدم صحة البيانات الواردة في استمارة الحجز يترتب عليه إلغاء التخصيص أو التعاقد، وبالتالي يكون عدم إقامة المطعون ضده في العنوان الثابت بالاستمارة سببًا لاستبعاده من بين المرشحين تطبيقًا لشروط الحجز التي سبق أن اطلع ووافق عليها.
واختتم الطاعنان تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباتهما لا سيما مع انتفاء ركن الاستعجال بعد نفاذ الوحدات المطروحة.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والطلب الأصلي فيه بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، فإنه لما كان الثابت أن المطعون ضده أقام دعواه بقيد صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طالبًا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تخصيص وحدة سكنية بالمشروع المشار إليه رغم توافر الشروط بشأنه، فإنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن القرار السلبي بالامتناع لا يتقيد الطعن عليه بمواعيد دعوى الإلغاء، حيث يظل الميعاد ممتدًا ما دامت حالة الامتناع قائمة، ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله جديرًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يتعين لقبوله توافر شرط الجدية بأن يكون هذا القرار غير مشروع مرجحًا إلغاؤه عند نظر الموضوع، وشرط الاستعجال بأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده تقدم باستمارة حجز الوحدة السكنية المشار إليها، وذرك في تلك الاستمارة العنوان الذي كان يقيم فيه وقت تقديمها، وهو شقة مفروشة في مصر الجديدة، فإذا غير هذا العنوان بعد ذلك فلا يكون بذلك قد أدلى في استمارة الحجز بيانات غير صحيحة، حيث إنها وقت تقديم هذه الاستمارة كانت صحيحة، وهو ما أكدته التحريات التي أجرتها الهيئة عن محل إقامة المطعون ضده. فضلاً عن أن ذلك لا يعد من قبيل ذكر البيانات غير الصحيحة التي تصلح سببًا لحرمانه من تخصيص وحدة سكنية له، والامتناع عن تخصيصها ما دام قد توافرت في شأنه سائر الشروط المطلوبة لهذا التخصيص وقت طلب التخصيص، وقام بسداد كامل المبالغ المستحقة عليه، فإذا صدر القرار المطعون فيه استنادًا إلى هذا السبب كان قائمًا على غير سببه الصحيح المبرر له، منهارًا في هاوية اللا مشروعية مرجحًا إلغاؤه عند نظر الموضوع، ويتوافر بالتالي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تخصيص وحدة سكنية للمطعون ضده في المشروع الذي قدم استمارة بالحجز فيه. كما يتوافر في طلب وقف التنفيذ ركن الاستعجال نظرًا لحرمان المطعون ضده من سكن يأويه وزوجته وأبناءه الثلاثة بدلاً من الشقق المفروشة التي ينتقل بينها، وتحمله بأعبائها المالية الباهظة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى ذات النتيجة فهو صحيح ويتعين رفض الطعن عليه.
وترى المحكمة أن المقصود بذكر بيانات غير صحيحة كأحد شروط حجز تلك الوحدات السكنية هو اصطناع بيانات بالمخالفة للحقيقة بالغش والتدليس للإيهام بانطباق الشروط على الحاجز, كاصطناع عقد زواج أو تقديم شهادة ميلاد مزورة أو تغيير في تواريخ الميلاد أو عقود الزواج بما يتفق والشروط المطلوبة, ففي مثل هذه الحالات إذا ما اكتشفت الهيئة شيئًا من ذلك وثبت لديها عدم انطباق شروط الحجز عليه في تاريخ تقديم الاستمارة (كشرط السن أو الزواج أو حيازة وحدة سكنية أخرى) يكون لها الامتناع عن التخصيص أو إلغاء التخصيص بحسب الأحوال.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.