مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الثاني - من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر سنة 2008 صـ 1152

(151)
جلسة 29 من أبريل سنة 2008
الطعنان رقما 11447 و11692 لسنة 49 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ يحيى عبد الرحمن يوسف ود/ الديدامونى مصطفى أحمد ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد علي الموافي محمد البانوني وعبد المجيد أحمد حسن المقنن وعمر ضاحي عمر ضاحي نواب رئيس مجلس الدولة.
أ - عقد إداري - تنفيذه - عدم الإخلال بأولوية عطاء المتعاقد - شرط ذلك.
المادة (80) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 (الملغي).
اتخذ المشرع ما ينفذه المتعاقد مع الإدارة على الطبيعة أساسًا لحساب ما يستحق من مبالغ مالية محسوبة طبقًا لأسعاره المبينة بعطائه بصرف النظر عن المقادير أو الأوزان أو الكميات الواردة بمقايسة الأعمال لأنها تقريبية - يجب ألا تؤدي محاسبة المتعاقد عما نفذه إلى الإخلال بأولوية عطائه وترتيبه بين العطاءات التي قدمت في المناقصة بحيث يظل دائمًا الأقل سعرًا حتى بعد تمام التنفيذ - إذا تبين عند إعداد ختامي العملية وحساب مستحقات المتعاقد أن عطاءه فقد تلك الأولوية كان لزامًا إعادة الأمر إلى حده المقرر قانونًا وذلك بخصم ما يزيد من مستحقاته عن قيمة العطاء الذي تقدم معه لتنفيذ ذات العملية وكان يعلوه مباشرة في السعر - يشترط لذلك أن يكون العطاء التالي عطاء قانونيًا مستوفيًا لكافة الشروط, فإذا تبين أنه كان مفتقدًا لأحد شروط قبوله كأن لم يقدم معه صاحبه التأمين الابتدائي المقرر أو قدمه ناقصًا فإن القياس عليه يكون غير جائز والمقارنة به تكون باطلة فلا يكون له أثر على صاحب العطاء الذي تعاقدت معه الإدارة, ولا ينال من ذلك أن تكون الجهة الإدارية المتعاقدة قد غضت الطرف عما كان بذلك العطاء من عوار عند البت في المناقصة ولم تستبعده إهمالاً أو عمدًا - تطبيق.
ب - عقد إداري - عقد المقاولة - طبيعته - تنفيذه - كيفية تقدير مبلغ التعويض.
المادة (226) من القانون المدني.
تعويض المتعاقد مع الإدارة عن الأضرار التي تلحق به نتيجة حرمانه من مبالغ مستحقة له عن عقد إداري يكون وفقًا للمادة (226) من القانون المدني, التي تمنح الدائن الحق في فائدة قانونية سنوية عن المبلغ الذي له في ذمة مدينه بواقع 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية, متى كان هذا المبلغ معلوم المقدار ومستحق الأداء, وذلك من تاريخ المطالبة القضائية به حتى تمام السداد - عقد المقاولة من المسائل التجارية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق الثالث من يوليه عام ألفين وثلاثة أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظة سوهاج قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الأول رقم 1147 لسنة 49ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 7/ 5/ 2003 في الدعوى رقم 1078 لسنة 4ق القاضي بإلزام المحافظة أن تؤدي للمدعيين (المطعون ضدهما) مبلغًا مقداره 57753.20 جنيهًا (سبعة وخمسون ألفًا وسبع مئة وثلاثة وخمسون جنيهًا و20 قرشًا) قيمة ما خصمته من مستحقات مورثهما عن العملية محل النزاع وعشرون ألف جنيه كتعويض عن الأضرار المادية التي أصابتهما من خصم هذا المبلغ, وطلبت الجهة الإدارية للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بوقف التنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا (أولاً) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوكيل وزارة الإسكان بسوهاج (ثانيًا) برفض الدعوى موضوعًا.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق, وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه رفض الطعن موضوعًا.
وفي يوم الأربعاء الموافق التاسع من يوليه عام ألفين وثلاثة أودع وكيل الطاعنين في الطعن الثاني رقم 11962 لسنة 49ق. عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير ذلك الطعن ضد ذات الحكم المطعون فيه بالطعن الأول, وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير طعنهما الحكم بقبوله شكلاً, وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به في طلب التعويض ليكون بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لهما مبلغًا مقداره 51977.88 جنيهًا (واحد وخمسون ألفًا وتسع مئة وسبعة وسبعون جنيهًا و88 قرشًا) كتعويض عما أصاب مورثهما من أضرار مادية نتيجة فعلها غير المشروع.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق, وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه تعديل الحكم بالنسبة للتعويض المقضي به ليكون بالمبلغ الذي تقدره المحكمة.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت ضمهما معًا ثم إحالتهما إلى دائرة الموضوع, ومن ثم نظرتهما المحكمة بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها, ولم يحضر المطعون ضدهما في الطعن الأول (وهما الطاعنان في الطعن الثاني) وبجلسة 26/ 2/ 2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 22/ 4/ 2008 وفيها مدت أجل النطق به إلى جلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية خاصة أن الطاعنين في الطعن الثاني رقم 11692 لسنة 49ق. عليا يقيمان بمحافظة سوهاج ويستفيدان من ميعاد المسافة المنصوص عليه بالمادة 16 من قانون المرافعات وهو أربعة أيام فيكون طعنهما مقامًا خلال الميعاد المقرر قانونًا.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعنين تخلص في أن السيد..... (مورث الطاعنين في الطعن الثاني) كان قد أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 23/ 5/ 1993 وطلب في ختامها إلزام المدعي عليهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغًا مقداره 77753.200 جنيهًا (سبعة وسبعون ألفًا وسبع مئة وثلاثة وخمسون جنيهًا و200 مليم) قيمة المبلغ الذي خصم من مستحقاته عن العملية محل النزاع دون حق بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به نتيجة لهذا الفعل غير المشروع، وذلك شرحًا للدعوى أن مديرية الإسكان بسوهاج أسندت إليه عملية تنفيذ عشر عمارات سكنية نموذج هـ بمدينة طهطا بمبلغ 222630.800 جنيها وأنه قام بتنفيذ أعمالها، وسلمها ابتدائيًا بتاريخ 7/ 12/ 1991 ونهائيًا بتاريخ 16/ 1/ 1993 إلا أنه فوجئ عند صرف ختامي الأعمال بأن الجهة الإدارية تخصم من مستحقاته مبلغًا مقداره 57753.200 جنيهًا بحجة أنه فرق أولوية بين عطائه والعطاء الذي يليه المقدم من المدعو/ ..... وأضاف المدعي أن ما قامت به الجهة الإدارية يخالف القانون والواقع؛ لأن العطاء الذي تمت المقارنة به غير قانوني إذ لم يقدم معه التأمين الابتدائي الكامل، ومن ثم يتعين استبعاده من مقارنة الأولوية دون أن ينال من ذلك أن لجنة البت لم تستبعده من العطاءات المقبولة لأنها ارتكبت بذلك خطأ جسيمًا ولا يجوز للجهة الإدارية أن تستفيد من خطئها.
وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة حيث قضت بجلسة 29/ 3/ 2000 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج ليندب أحد خبرائه لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم، وبعد أن أودع الخبير التقرير المرفق بالأوراق قام ورثة المقاول المذكور بتصحيح شكل الدعوى نظرًا لوفاته بتاريخ 8/ 1/ 2001، وتم تصحيح الطلبات في الدعوى لتكون إلزام المدعى عليهما بأداء مبلغ 57753.200 جنيهًا، والتعويض بمبلغ عشرين ألف جنيه عن الأضرار التي أصابت مورثهما من خصم المبلغ المشار إليه من مستحقاته، وبجلسة 7/ 5/ 2003 صدر الحكم المطعون فيه. وشيدته المحكمة على أسباب تخلص في أن العطاء المشار إليه الذي تمت مقارنة الأولوية بعد غير قانوني لعدم استيفاء التأمين ولم يفقد عطاء المدعي أولويته بالنسبة للعطاءات القانونية الأخرى المقدمة في العملية ولذلك فإن الخصم الذي أجرته الجهة الإدارية من مستحقات المدعي لا يند له ويتعين إلزامها برده إليه، أما عن طلبه التعويض فلما كان خطأ تلك الجهة ثابتًا بخصم المبلغ المذكور من مستحقات المدعي دون سند، وقد لحق به ضرر من جراء هذا الخصم تبلغ قيمته عشرون ألف جنيه طبقًا لفائدة البنك المستحقة وهي 10% سنويًا طبقًا لما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى فمن ثم يتعين إلزام الجهة الإدارية بأداء هذا المبلغ للمدعي كتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت به من الخصم من مستحقاته.
ومن حيث إن محافظة سوهاج لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الأول رقم 11447 لسنة 49ق. عليا استنادًا إلى أسباب تخلص في أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن التعاقد يتم على أساس أن أسعار المتعاقد هي الأقل من بين العروض التي قدمت في المناقصة، ومن ثم يلتزم بأن تظل أسعاره محتفظة بهذه الميزة حتى انتهاء التنفيذ، والثابت أن عطاء المطعون ضده فقد أولويته حيث تين عند إتمام التنفيذ أنه نفذ أعمالاً قيمتها 226474.12 جنيهًا في حين أن العطاء رقم 1/ 4 المقدم من...... كانت قيمته 231687.95 جنيهًا بفارق قيمته 57753.17 جنيهًا، ويكون خصم هذا الفرق من مستحقات المطعون ضده مطابقًا للقانون ولا ينال من ذلك أن العطاء رقم 1/ 4 لم يكن قد سدد مبلغ التأمين الابتدائي كاملاً إذ إن شرط سداد التأمين الابتدائي في المناقصة مقرر لمصلحة الإدارة لضمان جدية صاحب العطاء ولا تثريب عليها أن قبلت العطاء دون اكتمال هذا الشرط طالما رأت فيه مصلحتها وهو ما فعلته المحافظة إذ لم تستبعد عطاء المدعو....... لهذا السبب وبالتالي يكون عطاء قانونيًا يعتد به عند إجراء قيد أولوية العطاء وترتيب آثاره، وبذلك ينتفي خطأ الجهة المذكورة، ولا وجه لإلزامها بالتعويض، وإذ أخذ الحكم بغير ما تقدم فإنه يكون جديرًا بالإلغاء، والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطاعنين في الطعن الثاني رقم 11692 لسنة 49ق. عليا لم يرتضيا الحكم المذكور فيما قضى به من تعويض مقداره عشرون ألف جنيه فأقاموا الطعن المذكور استنادًا إلى أن مورثهما يستحق تعويضًا مقداره واحد وخمسون ألفًا وتسع وسبعة وسبعون جنيهًا و88 قرشًا؛ لأن الحرمان من الانتفاع بالمبلغ الذي خصم منه بلغ تسع سنوات منذ أن خصم منه بتاريخ 31/ 3/ 1992، وقد تم تعديل طلب التعويض أمام محكمة الدرجة الأولى ليكون بالمبلغ المذكور، ولكنها لم تلتفت إلى ذلك، وقضت بما أبداه مورثهما في صحيفة الدعوى مما يعد قصورًا في حكمها، وإخلالاً بحق الدفاع، ويتعين تعديل الحكم ليكون التعويض بالمبلغ سالف الذكر.
ومن حيث إنه وإن كان نص المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الذي يحكم واقعة النزاع قد اتخذ مما ينفذه المتعاقد مع الإدارة على الطبيعة أساسًا لحساب ما يستحقه من مبالغ مالية محسوبة طبقًا لأسعاره المبينة بعطائه بصرف النظر عن المقادير أو الأوزان أو الكميات الواردة بمقايسة الأعمال لأنها تقريبية يمكن أن تزيد أو تقل تبعًا لطبيعة العملية إلا أنه وضع للطرفين حدا لا يجوز لأيهما الخروج عليه، وهو ألا تؤدي محاسبة المتعاقد عما نفذه إلى الإخلال بأولوية عطائه وترتيبه بين العطاءات التي قدمت في المناقصة بحيث يظل دائمًا الأقل سعرًا حتى يعد تمام التنفيذ طبقًا للأوضاع وفي الحدود المقررة قانونًا، فإنه تبين عند إعداد ختامي العملية وحساب مستحقات المتعاقد أن عطاءه فقد تلك الأولوية كان لزامًا إعادة الأمر إلى حده المقرر قانونًا وذلك بخصم ما يزيد من مستحقاته عن قيمة العطاء الذي تقدم معه لتنفيذ ذات العملية وكان يعلوه مباشرة في السعر؛ وذلك حتى تعود لعطاء المتعاقد الميزة التي منحته الأفضلية على غيره من العطاءات التي قدمت في المناقصة، وهي أنه كان أقلها سعرًا، ولا مراء في أن العطاء التالي لعطاء المتعاقد مع الإدارة والذي تتم المقارنة به لإعمال شرط الأولوية يجب أن يكون عطاء قانونيًا مستوفيًا لكافة الشروط والضوابط اللازمة لقبوله والترسية عليه فيما لو كان أقل سعرًا وتوافرت فيه الكفاءة الفنية، أما إذا تبين أنه كان مفتقدًا لأحد شروط قبوله كأن لم يقدم معه صاحبه التأمين الابتدائي المقرر، أو قدمه ناقصًا عن القدر المحدد قانونًا كما هو الشأن في النزاع الماثل فإن القياس عليه يكون غير جائز والمقارنة به تكون باطلة؛ لأنه لم يكن عطاءً مقبولاً أو صالحًا للبت فيه وبالتالي لا يقبل أن يكون له أثر على صاحب العطاء الذي تعاقدت معه الإدارة ونفذ العملية وكان ملتزمًا من البداية وتقدم بعطاء مستوف لكافة الشروط المقررة قانونًا؛ لما في ذلك من إخلال بمبدأ المساواة، والمنافسة المشروعة بين المتناقصين والتي تكون حقًا لأصحاب العطاءات المستوفاة وحدهم دون غيرهم، فإذا خرج العطاء منذ البداية من إطار هذه المنافسة لعدم قانونيته فلا يجوز بعثه من جديد عند عمل ختامي الأعمال للمتعاقد والزعم بصلاحيته لعمل المقارنة بينه وبين عطاء المتعاقد الذي قام بالتنفيذ فذلك قول يأباه المنطق ولا سند له من القانون.
ولا ينال من ذلك أن تكون الجهة الإدارية المتعاقدة قد غضت الطرف عما كان بذلك العطاء من عوار عند البت في المناقصة، ولم تستبعده - إهمالاً أو عمدًا - فقد يحمل مسلكها لو كان إهمالاً على أنها رأت أن سعره غلوًا ينأي به عن الاختيار لم تهتم بهذا الاستبعاد، أما لو قصدت الإبقاء عليه بمقولة أن شرط التأمين الابتدائي المقرر قانونًا مقرر لمصلحتهم ولها قبول العطاء رغم تخلف هذا الشرط فيه متى اطمأنت إلى ملاءة صاحبه فذلك قول - على فرض صحته عند الترسية - لا يخول لها عند عمل ختامي العملية أن تحتج بذلك العطاء وأسعاره في مواجهة المتعاقد معها فتتخذ منه أساسًا لحساب مستحقات الأخير عما نفذه على الطبيعة؛ لما في ذلك من إخلال بمبدأ المساواة والمنافسة المشروعة الذي يحكم المناقصات والممارسات التي تجريها الجهات الإدارية فضلاً عما ينطوي عليه من تجاوز لنطاق المصلحة المشار إليها، وتمسك بها في غير مجالها المحدد لها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه عند عمل الحساب الختامي للعملية محل النزاع التي قام المقاول/ ....... بتنفيذها تبين أن قيمة مستحقاته عما نفذه بلغت 226474.12 جنيهًا إلا أنه لما تبين للجهة الإدارية أن قيمة العطاء رقم 1/ 4 الذي كان مقدمًا في المناقصة من المدعو/ ...... هي 2168720.95 جنيهًا أي بفرق يقل عن ختامي المتعاقد بمبلغ 57753.17 جنيهًا قامت بخصم المبلغ الأخير من مستحقات المتعاقد المذكور إعمالاً لقيد الأولوية المقرر بنص المادة 80 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 المشار إليه وبذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله إذ إن العطاء رقم 1/ 4 سالف الذكر لا تجوز المقارنة به عند إعمال الأولوية في الختامي؛ لأنه لم يكن عطاءً قانونيًا عند البت فيه حيث لم يقدم صاحبه التأمين الابتدائي المقرر قانونًا عنه كاملاً فقد كانت قيمته 329850 جنيهًا، وأرفق به خطاب ضمان بمبلغ 22800 جنيه وهو ينقص عن قيمة نسبة 1% من قيمة العطاء التي يلتزم بتقديمها كاملة طبقًا للقانون المذكور ولائحته التنفيذية حتى يكون صالحًا للبت فيه، وبالتالي لا وجه للتمسك بأسعاره في مواجهة مورث المطعون ضدهم في الطعن الأول عند حساب مستحقاته عما نفذه على الطبيعة، وإذ أخد الحكم المطعون فيه بذلك وانتهى إلى عدم أحقية الجهة الإدارية في خصم المبلغ المشار إليه من مستحقات المقاول وألزمها برده إلى ورثته فإنه يكون موافقًا لصحيح القانون في هذا الشق من قضائه، لاسيما أن الثابت من الأوراق أن عطاء المذكور لم يفقد أولويته بالمقارنة مع باقي العطاءات القانونية الأخرى المقدمة معه لتنفيذ هذه العملية على النحو الثابت من مطالعة الأوراق، وتقرير الخبير الذي انتدبته محكمة الدرجة الأولى، بيد أن هذا الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من تعويض مقداره عشرون ألف جنيه عن الأضرار التي أصابت المقاول نتيجة حرمانه الانتفاع بالمبلغ المشار إليه منذ خصم من مستحقاته؛ ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعويض المتعاقد مع الإدارة عن الأضرار التي تلحق به نتيجة حرمانه من مبالغ مستحقة له عن عقد إداري يكون وفقًا لنص المادة 226 من القانون المدني، التي استقر الرأي على ملاءمة سريانها على روابط القانون العام ومنها العقد الإداري، وهي تمنح الدائن الحق في فائدة قانونية سنوية عن المبلغ الذي له في ذمة مدينه بواقع 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية، متى كان هذا المبلغ معلوم المقدار، ومستحق الأداء، وذلك من تاريخ المطالبة القضائية به حتى تمام السداد. الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه في هذا الشق من قضائه ليوافق ما تقدم بيانه، حيث يستحق المقاول المذكور فائدة عن المبلغ سالف الذكر الذي خصم من مستحقاته بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية به الحاصلة في 23/ 5/ 1993 حتى تمام السداد على اعتبار أن عقد المقاولة من المسائل التجارية.
وحيث إنه عن المصروفات، فإن الجهة الإدارية تلتزم بها عن الطعنين عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام محافظ سوهاج بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهما في الطعن رقم 11447 لسنة 49ق عليا مبلغًا مقداره 57753.17 جنيهًا (سبعة وخمسون ألفًا وسبعمائة وثلاثة وخمسون جنيهًا و17 قرشًا) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 5/ 1993 حتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.