مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الثاني - من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر سنة 2008 صـ 1506

(198)
جلسة 5 من يوليو سنة 2008
الطعن رقم 11975 لسنة 47 القضائية عليا
(الدائرة الثانية)

السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ بخيت محمد محمد إسماعيل وبلال أحمد محمد نصار وفوزي علي حسين شلبي ومنير عبد الفتاح غطاس ود/ حسين عبد الله أمين قايد وبهاء الدين يحيى أحمد أمين زهدي نواب رئيس مجلس الدولة.
موظف - تعيين - التعيين في الوظائف القيادية - لجنة الوظائف القيادية - تقييم المتقدمين - رأي الرقابة الإدارية وأثره في التعيين.
القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام.
قصد المشرع بالقانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية والقيادية في الجهاز الإداري بالدولة والقطاع العام ولائحته التنفيذية أن يتولى الوظائف القيادية أفضل المرشحين بها، فوضع ضوابط تضمن الالتزام باختيار أحسن العناصر وأفضلها، وفرض على اللجنة المكلفة باختيار هذه القيادات أن تضع لكل مرشح درجة على الإنجازات التي حققها خلال تاريخه الوظيفي ودرجة المقترحات التي يرى أنه قادر على تحقيقها لتطوير أنظمة العمل، وبناء على مجموع الدرجات التي يحصل عليها كل مرشح في هذين العنصرين يتم ترتيبه بين زملائه بحسب الأسبقية ثم يجري التعيين في الدرجات الشاغرة بناء على هذا الترتيب - هيئة الرقابة الإدارية من الأجهزة المختصة التي تعاون الجهة الإدارية في اختيار أفضل العناصر المرشحة لشغل الوظائف القيادية، إلا أن رأيها في شأن صلاحية المرشح لشغل هذه الوظائف ينبغي أن يقوم على أسباب لها أصول تنتجها الأوراق، من شأنها أن تشكك في صلاحية المرشح لشغل الوظيفة القيادية، ولم يكن في مقدور اللجنة المكلفة بالاختيار أن تتبين هذه الأسباب وهي تجري المفاضلة بين المرشحين - القول بغير ذلك يجعل من الرقابة الإدارية صاحبة القول الفصل في اختيار المرشحين لشغل الوظائف القيادية، وهو ما يخالف إرادة المشرع الذي ارتأي أن اللجنة الدائمة للوظائف القيادية هي الأقدر بحكم تشكيلها وتخصصها في تقرير صلاحية المرشحين، وجعل لها أن تستعين بالأجهزة الرقابية لتكشف لها عن أي أسباب قد خفيت عليها في شأن صلاحية المرشحين - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 20/ 9/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن فيما قضى به الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية - الدائرة الثانية - في الدعوى رقم 5100 لسنة 53ق بجلسة 31/ 7/ 2001 من قبول طلب إلغاء القرار رقم 711 لسنة 2000 شكلاً وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لمنطقة ضرائب مبيعات غرب الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن - وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه في الشق المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن قانونًا إلى المطعون ضده.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة حيث تقرر بجلسة 17/ 5/ 2008 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده كان قد أقام بتاريخ 29/ 8/ 1999 الدعوى رقم 5100 لسنة 53ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بطلب الحكم بإلغاء القرار رقم 2672 لسنة 1999 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لشغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية لمنطقة غرب الإسكندرية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه يشغل وظيفة مدير عام منطقة ضرائب مبيعات غرب الإسكندرية من عام 1994 حتى 1999 وأنه حقق خلال هذه الفترة نتائج متميزة في وظيفته، وأن مصلحة الضرائب على المبيعات قامت بالإعلان عن مسابقة لشغل بعض الوظائف القيادية الشاغرة بها ومن بينها وظيفة رئيس الإدارة المركزية لمنطقة غرب الإسكندرية فتقدم لشغل هذه الوظيفة وأرفق بطلبه بيانًا بأبرز إنجازاته ومقترحاته وتطوير وتحسين الإداء.
وأن اللجنة الدائمة للوظائف القيادية قامت بترشيحه كمرشح أصلي لشغل الوظيفة لحصوله على أعلى الدرجات، إلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2672 لسنة 1999 المطعون فيه بتعيين المرشح الاحتياطي/ .... في الوظيفة واستبعاده منها فتظلم من القرار بتاريخ 24/ 8/ 1999 دون جدوى.
ونعى المدعي على القرار صدوره بالمخالفة لأحكام القانون وعدم قيامه على سبب صحيح من الواقع أو القانون حيث لم يتم التعيين في الوظيفة القيادية حسب الأسبقية الواردة بالترتيب النهائي.
وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أضاف المدعي طلبًا جديدًا بإلغاء القرار رقم 711 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لمنطقة ضرائب مبيعات غرب الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد نظرت المحكمة الدعوى، وبجلسة 31/ 7/ 2001 حكمت - فيما يتعلق بالشق المطعون فيه - بإلغاء القرار رقم 711 لسنة 2000 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لضرائب مبيعات غرب الإسكندرية.
وأقامت قضاءها على أساس أن اللجنة الدائمة للوظائف القيادية بالمصلحة قامت بفحص طلبات المتقدمين لشغل الوظيفة المشار إليها وقد حصل المدعي على مجموع درجات 285 بنسبة 95% وترتيبه الأول في حين حصل زميله المطعون على تعيينه......... على مجموع 276 درجة بنسبة 92% وترتيبه الثاني وقد اجتاز المدعي الدورة التدريبية المعدة لشغل الوظائف القيادية طبقًا للقانون رقم 5 لسنة 1991.
وإذ صدر القرار رقم 711 لسنة 2000 المطعون فيه بتعيين زميل المدعي في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لمنطقة ضرائب مبيعات غرب الإسكندرية وقد تخطى المدعي في التعيين في تلك الوظيفة رغم أسبقيته في الترتيب النهائي فمن ثم يكون القرار قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ولما لم يلق ذلك القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة الطاعنة فقد أقامت عليه طعنها الماثل والذي يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأنه قد توافرت في المطعون على ترقيته في وظيفته رئيس الإدارة المركزية لمنطقة ضرائب مبيعات غرب الإسكندرية/ ...... الشروط المتطلبة لشغل هذه الوظيفة إعمالاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1991 ولم تتوافر هذه الشروط بالنسبة للمطعون ضده حيث أمرت هيئة الرقابة الإدارية بعدم صلاحيته لشغل هذه الوظيفة، وخلصت جهة الإدارة الطاعنة إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر.
ومن حيث إن المشرع قصد بالقانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية والقيادية في الجهاز الإداري بالدولة والقطاع العام ولائحته التنفيذية أن يتولى الوظائف القيادية أفصل المرشحين لها، فوضع ضوابط تضمن الالتزام باختيار أحسن العناصر وأفصلها وفرض على اللجنة المكلفة باختيار هذه القيادات أن تضع لكل مرشح درجة على الإنجازات التي حققها خلال تاريخه الوظيفي ودرجة على المقترحات التي يرى أنه قادر على تحقيقها لتطوير أنظمة العمل، وبناء على مجموعة الدرجات التي يحصل عليها كل مرشح في هذين العنصرين يتم ترتيبه بين زملائه بحسب الأسبقية ثم يجري التعيين في الدرجات الشاغرة بناء على هذا الترتيب.
ومن حيث إن البين من محضر اجتماع اللجنة الدائمة للوظائف القيادة المنعقد في الثالث من شهر مارس عام 1999 أن اللجنة الدائمة للوظائف القيادية قد استقر رأيها تبعًا لمجموع الدرجات على ترشيح المطعون ضده لوظيفة رئيس الإدارة المركزية لضرائب مبيعات غرب الإسكندرية كمرشح أصلي لحصوله على مجموع درجات 285 بنسبة 95% وترشيح المطعون في تعيينه كمرشح احتياطي لحصوله على مجموع درجات 276 بنسبة 92% ومنع ذلك فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون فيه بتعيين المرشح الاحتياطي وتخطي المرشح الأصلي، وقيل في أسباب ذلك أن هيئة الرقابة الإدارية ارتأت صلاحية المرشح الأصلي لوظيفة مستشار (ب) وصلاحية المرشح الاحتياطي للتعيين في الوظيفة القيادية.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحًا أن جهاز الرقابة الإدارية من الأجهزة المختصة التي تعاون الجهة الإدارية في اختيار أفضل العناصر المرشحة لشغل الوظائف القيادية إلا أن رأيه في شأنه صلاحية المرشح لشغل هذه الوظائف ينبغي أن يقوم على أسباب لها أصول تنتجها في الأوراق - من شأنها أن تشكك في صلاحية المرشح لشغل الوظيفة القيادية - لم يكن في مقدور اللجنة المكلفة بالاختيار أن تتبين هذه الأسباب وهي تجري المفاضلة بين المرشحين، إذ القول بغير ذلك يجعل من الرقابة الإدارية صاحبة القول الفصل في اختيار المرشحين لشغل الوظائف القيادية وهو ما يخالف إرادة المشرع الذي ارتأى أن اللجنة الدائمة للوظائف القيادية هي الأقدر بحكم تشكيلها وتخصصها على تقرير صلاحية المرشحين، وجعل لها أن تستعين بالأجهزة الرقابية لتكشف لها عن أي أسباب تكون قد خفيت عليها في شأن صلاحية المرشحين.
لما كان ذلك وكانت الأوراق قد أوردت رأي هيئة الرقابة الإدارية في شأن صلاحية المطعون ضده لوظيفة مستشار (ب) وصلاحية المطعون في تعيينه لشغل الوظيفة القيادية رغم أن الأول يسبقه في مجموع الدرجات وكان هذا الرأي مجردًا من الأصول التي تنتجه بالأوراق وعاريًا من المبررات التي تسانده، ومن ثم فلا يؤتي أثره في استبعاد المطعون ضده من شغل الوظيفة القيادية التي رشحته لها اللجنة الدائمة للوظائف القيادية. ويكون قرار تخطيه في التعيين في هذه الوظيفة غير مشروع لافتقاده السند القانوني المبرر له متعينًا إلغاؤه.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صدر صحيحًا متفقًا وأحكام القانون ويكون الطعن عليه في غير محله متعينًا رفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.