مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الثاني - من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر سنة 2008 صـ 1512

(199)
جلسة 5 من يوليو سنة 2008
الطعن رقم 1870 لسنة 49 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي وأحمد عبد الحميد حسن عبود وسعيد سيد أحمد ومحمد أحمد محمود محمد نواب رئيس مجلس الدولة.
أراضٍ زراعية - حظر التعدي عليها - الحالات المستثناة - الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكنًا خاصًا له أو مبنى يخدم أرضه - السلطة المختصة بوقف وإزالة المخالفة.
المادتان (152) و(156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المعدل بالقانون رقم (116) لسنة 1983 - قرار وزير الزراعة رقم (211) لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة بنص المادة (152) من قانون الزراعة.
حظر المشرع إقامة المباني والمنشآت على الأراضي الزراعية حظرًا عامًا ومطلقًا، غير منوط بموافقة أية جهة - استثنى المشرع من هذا الحظر لاعتبارات قدرها حالات محددة، منها الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكنًا خاصًا له أو مبنى يخدم أرضه - صدر قرار وزير الزراعة المشار إليه ونص على حالات إلغاء الترخيص الصادر استنادًا إلى المادة 152 المشار إليها - الإجراءات التي نص عليها المشرع في قانون الزراعة لمواجهة مخالفات البناء على الأرض الزراعية لا تخول وزير الزراعة سوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري، وهو وقف مؤقت بطبيعته لحين صدور حكم عن المحكمة الجنائية المختصة، التي أوجب عليها القانون عند ثبوت ارتكاب المخالفة أن تحكم فضلاً عن العقوبات الجنائية المقررة بإزالة المخالفة ذاتها وأسبابها على حساب المخالف ونفقته - ترتيبًا على ذلك: صدور قرار عن المحافظ بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري وإزالة المباني لمخالفة شروط الترخيص الممنوح بالبناء على الأرض الزراعية، يجعل قراره مخالفًا للقانون، الذي ناط بوزير الزراعة إصدار قرار الوقف، وجعل للمحكمة الجنائية وحدها سلطة إزالة المباني المخالفة القامة على الأرض الزراعية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 9/ 12/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 1870 لسنة 49 القضائية عليا وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3427 لسنة 4 القضائية بجلسة 26/ 10/ 2002 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وتقرر إحالته إلى دائرة الموضوع حيث نظر على النحو المبين بمحاضر الجلسات وتقرر إصدار الحكم بجلسة 14/ 6/ 2008 ثم تقرر إرجاء إصدار الحكم حتى جلسة اليوم على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق والمستندات المقدمة - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3472 لسنة 3 القضائية طالبًا وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظة الشرقية رقم 2006 بتاريخ 22/ 2/ 1999 بوقف الأعمال المخالفة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
وقال شرحًا لدعواه إنه قد حصل على ترخيص بالبناء من مديرية الزراعة ونسب إليه ارتكابه مخالفة لشروط الترخيص الممنوح له وتحرر عن المخالفة محضر الجنحة رقم 3467 لسنة 1999 جنح كفر صقر الشرقية وقد أحالتها المحكمة إلى النيابة العامة لقيدها جنحة أمن دولة طوارئ، وكان يتعين الاكتفاء بذلك وعدم إصدار القرار المطعون فيه حتى لا تتم معاقبته على مخالفة واحدة - بجزاءين - وبجلسة 26/ 10/ 2002 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه صدر عن غير مختص بإصداره، لأن إزالة المباني المخالفة المقامة على الأرض الزراعية - وهي فحوى القرار المطعون فيه - تختص به المحكمة الجنائية وليست الجهة الإدارية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن سبب القرار المطعون فيه ليس البناء على الأرض الزراعية، وإنما سبب القرار المطعون فيه هو مخالفة المطعون ضده لترخيص البناء الصادر له وتغيير الغرض من الترخيص من سكن خاص إلى مخزن بوتاجاز وهي مخالفة يحق معها إصدار قرار مسبب بوقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري، كما يحق معه للمحافظ المختص أن يصدر قرارًا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة.
ومن حيث إن المادة 152 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 تنص على أن: "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها.
ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر: ( أ )...... (ب).... (ج)......(د)...... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكنًا خاصًا أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ج) يشترط في الحالات المشار إليها آنفًا صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أي مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط إجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير".
وتنص المادة 156 من القانون ذاته على أن: "يعاقب على مخالفة أي حكم من أحكام المادة (152) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات.
ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالفة وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.
ولوزير الزارعة، حتى صدور الحكم في الدعوى، وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع رغبة منه في الحفاظ على الرقعة الزراعية، حظر إقامة المباني والمنشآت على الأراضي الزراعية، وهو حظر عام ومطلق غير منوط بموافقة أية جهة إلا أن المشرع - لاعتبارًات قدرها - استثنى من هذا الحظر حالات محددة، ومنها الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكنًا خاصًا له أو مبنى يخدم أرضه.
وقد صدر تنفيذًا للمادة 152 من قانون الزراعة المشار إليه، قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة 152 من قانون الزراعة، ونصت المادة 16 منه على حالات إلغاء الترخيص الصادر استنادًا إلى المادة 152 المشار إليها وفيها مخالفة أحكام القرار الوزاري أو شروط الترخيص وحينئذ تتخذ الإجراءات القانونية ضد المخالف وفقًا لأحكام قانون الزارعة.
ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة وعلى هدي ما انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 6/ 6/ 1992 أن الإجراءات التي نص عليها المشرع في قانون الزراعة لمواجهة مخالفات البناء على الأرض الزراعية المنصوص عليها في المادة 156 من هذا القانون لا تخول وزير الزراعة سوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري، وهو وقف مؤقت بطبيعته لحين صدور حكم من المحكمة الجنائية المختصة التي أوجب عليها القانون عند ثبوت ارتكاب المخالفة أن تحكم فضلاً عن العقوبات الجنائية المقررة - بإزالة المخالفة ذاتها وأسبابها على حساب المخالف ونفقته.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان المطعون ضده قد خالف شروط الترخيص الممنوح له بالبناء على الأرض الزراعية، ولم يقم سكنًا خاصًا على هذه الأرض وإنما مخزنًا للبوتاجاز، وكان محافظ الشرقية هو الذي أصدر القرار بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري وإزالة المباني المخالفة، الأمر الذي يجعل قراره في هذا الشأن - وبحسب الظاهر من الأوراق - مخالفًا للقانون الذي ناط بوزير الزراعة إصدار قرار الوقف، وجعل للمحكمة الجنائية وحدها سلطة إزالة المباني المخالفة المقامة على الأرض الزراعية، وقد قضت هذه المحكمة بحسب الشهادة المقدمة من المطعون ضده والتي لم تنازع فيها الجهة الإدارية ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه في هذا الشأن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومن ثم يكون قضاؤه في هذا الخصوص جديرًا بالتأييد ويضحى الطعن الماثل خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.