أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 59 – صـ 335

جلسة 25 من مارس سنة 2008

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.

(63)
الطعنان رقما 7857 ، 8734 لسنة 56 القضائية

(1, 2) بنوك "من صور عمليات البنوك: وديعة النقود، الحساب الجاري المشترك".
(1) وديعة النقود وفق الأعراف البنكية المعمول بها قبل صدور ق 17 لسنة 1999. ماهيتها. عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه مع التزامه بردها للمودع. سبيل تسويتها. حساب يفتحه البنك تتحدد صورته حسب طريقة التسوية.
(2) الحساب الجاري المشترك بين شخصين أو أكثر. يفتحه البنك بالتساوي بين فاتحيه ما لم يتفق على غير ذلك. أثره. لا يجوز السحب منه إلا بموافقتهم جميعاً أو من أحدهم بناءً على اتفاق سابق.
(3, 4) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات والمحررات" "سلطتها في فهم الواقع في الدعوى".
(3) فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وتقدير ما يقدم من أدلة والموازنة بينها. من سلطة محكمة الموضوع. عدم خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض. شرطه.
(4) تقدير قيام ارتباط بين القرض والوديعة وما يترتب على ذلك من آثار. من سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى. النعي عليها في ذلك. جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
(5) حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية".
الحكم القطعي. اكتسابه حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن فيه. استئنافه. أثره. وقف هذه الحجية بالنسبة لما قضى به لغير صالح المستأنف وما تضمنته أسبابه من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أغناه صدور حكم لصالحه عن استئنافه. عودتها بتأييده وزوالها بإلغائه.
(6) نقض "أثر نقض الحكم".
النقض الجزئي للحكم بعدم قبول إدخال الطاعنة خصماً في الاستئناف والإحالة. أثره. زوال حجيته.
(7-9) حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية". دعوى "نطاق الدعوى: سبب الدعوى".
(7) المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه.
(8) سبب الدعوى. ماهيته. م 101 إثبات. عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية للخصوم.
(9) القضاء السابق بشأن المبلغ الذي اقترضته الطاعنة من المصرف (المطعون ضده الأول). اكتسابه قوة الأمر المقضي المانعة من العودة للتنازع فيه في دعوى تالية. التزام الحكم المطعون فيه بذلك وقضاؤه بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى التالية لسبق الفصل فيها. صحيح.
(10، 11) بنوك "استثناء العمليات المصرفية من أحكام الفوائد".
(10) العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية الوارد في م 227 مدني. الترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الفوائد التي يجوز للبنوك التعاقد في حدودها عن هذه العمليات. م 7/ د ق 120 لسنة 1975 قبل تعديلها بق 37 لسنة 1992، ق 97 لسنة 1996. سريان هذه الأسعار على العقود السابقة على صدور القانون الأول. مناطه.
(11) عدم تقديم الطاعنة ما يفيد أن سعر الفائدة الذي حدده البنك المركزي يقل عن سعر الفائدة الاتفاقية للقرضين اللذين حصلت عليهما. نعيها على الحكم المطعون فيه عدم التزامه بسعر الفائدة الوارد في م 226 مدني. على غير أساس.
(12-15) حكم "تسبيب الأحكام وضوابط التسبيب". مسئولية "الخطأ الموجب للمسئولية" "المسئولية التقصيرية: من صورها: إساءة استعمال حق التقاضي".
(12) الالتجاء إلى القضاء. من الحقوق العامة التي تثبت للكافة. الانحراف في مباشرته عما وضع له ولو كان ذلك بقصد جلب منفعة. موجب للتعويض طالما كان الهدف بالدعوى مضارة الخصم.
(13) الخطأ الموجب للمسئولية. استخلاصه من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
(14) استناد الحكم إلى جملة قرائن لا يمكن فصلها ويكمل بعضها بعضاً وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. مؤداه. مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. غير جائز.
(15) إبلاغ النيابة العامة ضد المطعون ضده وتقديم عقد قرض منسوب إليه واختصام من لم يكن خصماً مع التراخي في إعلانه. استدلال الحكم المطعون فيه من هذه القرائن إساءة الطاعن استخدام حقه في التقاضي وتوافر قصد الإضرار لديه وترتيبه على ذلك إلزامه بالتعويض. سائغ وكافٍ لحمل قضائه. النعي عليه في ذلك. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(16، 17) استئناف "آثار الاستئناف: التصدي للموضوع".
(16) التزام محكمة الاستئناف بالحكم في الموضوع. مناطه. أن يكون حكم محكمة أول درجة باطلاً لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بُني عليها. امتداد هذا البطلان إلى صحيفة الدعوى. أثره.
(17) فصل الحكم المطعون فيه في موضوع دعوى التعويض الفرعية بعد رفضه الدفع بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها. صحيح.


1-المقرر وفقاً للأعراف البنكية التي كانت تنظم عمليات البنوك والتي كان معمولاً بها من قبل صدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 – المنطبقة على الواقع في الدعوى - أن وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه مع التزامه برد مثلها للمودع طبقاً لشروط العقد، وأن للبنك أن يفتح للمودع حساب تقيد فيه جميع العمليات التي تتم بين البنك والمودع، أو بين البنك والغير لحساب المودع.
2- المقرر أن الحساب الجاري المشترك يفتحه البنك بين شخصين أو أكثر بالتساوي فيما بينهم ما لم يتفق على غير ذلك، ولا يجوز السحب من هذا الحساب إلا بموافقتهم جميعاً أو من أحدهم بناءً على اتفاق سابق.
3- إذ كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى، وفي تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها، وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها ما دام ما انتهت إليه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
4- إذ كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم فيها من أدلة قد انتهى في قضائه إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمصرف المطعون ضده الأول مبلغ 293960.29 دولار أمريكي على ما خلص إليه من أن الوديعة إنما هي خاصة بالمطعون ضده الثاني منفرداً، في حين أن الحساب المشترك يخص كل من الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالثة، وأن الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة ... ق القاهرة القاضي بإلزام المصرف برد ما خصمه من الوديعة وليس من الحساب المشترك، أسس قضاءه على أنه لا ارتباط بين القرض الممنوح إلى الطاعنة وبين الوديعة الشخصية التي أودعها المطعون ضده الثاني لدى المصرف المطعون ضده الأول الأمر الذي يذكيه طلب المودع من الأخير إدراج عائدها في الحساب المشترك، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً وله معينه من الأوراق، وكافياً لحمل قضاء الحكم وفيه الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة بأوجه النعي والتي لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع بغية الوصول إلى نتيجة مخالفة لما انتهى إليها الحكم، وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
5- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لكل حكم قضائي قطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن عليه، إلا أن هذه الحجية تقف بمجرد رفع الاستئناف عنه، ليس فقط لما قضى به لغير صالح المستأنف ورفع عنه الاستئناف، ولكن أيضاً بالنسبة لما تضمنته أسباب الحكم المستأنف من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أغناه صدور الحكم لصالحه في الدعوى عن استئنافه ولم يتنازل عنه صراحة أو ضمناً وتظل هذه الحجية على هذا النحو موقوفة إلى أن يقضى في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذ ألغى زالت عنه هذه الحجية.
6- إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني طعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم... لسنة... مدني جنوب القاهرة بطريق الاستئناف بالاستئنافين رقمي....، .... لسنة.... ق القاهرة والتي قضت بعدم قبول إدخال الطاعنة، فطعن المطعون ضده الأول في هذا القضاء بالنقض بالطعن رقم.... لسنة... ق الذي قُضى فيه بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً في خصوص ما قضى به من عدم قبول إدخال الطاعنة خصماً في الاستئناف، وبذلك تكون قد زالت عنه هذه الحجية بما لا يصح معه أن يحاج أحداً به.
7- المقرر - في قضاء لمحكمة النقض - أنه يشترط في المنع من إعادة النزاع المقضي فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ويجب لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية قد تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول، وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها.
8- المقرر - في قضاء لمحكمة النقض - أن السبب في معنى المادة 101 من قانون الإثبات هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم.
9- إذ كان الثابت أن الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي....، .... لسنة... ق القاهرة، قد فصل في مسألة اقتراض الطاعنة مبلغ 150 ألف دولار من المطعون ضده الأول رغم أن المطعون ضده الثاني أخطره قبل الصرف بضرورة أن يوقع هو شخصياً إضافة إلى طالب الصرف، وبدون توقيعه لا يتم التعامل مع الأخير وهو ما تنعدم معه مسئولية البنك في إعادة مبلغي القرض إلى الوديعة باعتبارها مستمرة وقائمة ولم يسحب منها شيء، وهي ذات المسألة سند المطعون ضده الأول في المطالبة في الدعوى الحالية فإن سبب الدعوى وموضوعها وأشخاصها يكونا متحدين، وهذه المسألة هي الأساس في الدعويين وبذلك تكون قد حازت حجية تمنع من إعادة مناقشتها مرة أخرى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل الدفع المبدي من المطعون ضده الثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الاستئنافين رقمي...، .... لسنة.... ق القاهرة، فإنه يكون التزم صحيح القانون.
10- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المشرع أجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبقة على الواقع في الدعوى قبل تعديلها بالقانونين رقمي 37 لسنة 1992، 97 لسنة 1996 - لمجلس إدارة ذلك البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر مما يدل على اتجاه قصد المشرع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني بالترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في إصدار قرارات بتحديد أسعار الفائدة التي يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات، وذلك وفقاً لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة، وتسري هذه الأسعار على العقود والعمليات التي تبرم أو تجدد في ظل سريان أحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 السابق الإشارة إليه، وكذا العقود السابقة في حالة سماحها بذلك.
11- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة حصلت على القرض الأول بسعر فائدة 13/ 16 و9./. والثاني بسعر 1/ 8 و10./. وهي فائدة اتفاقية وبلغت قيمة مديونيتها لمبلغ القرض وفائدته 293960.29 دولار أمريكي، ولم تدعى الطاعنة أو تقدم ما يفيد أن سعر الفائدة الذي حدده البنك المركزي المصري يقل عن ذلك السعر وقت حصولها على مبلغ القرضين، وهو استثناء من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويكون النعي عليه بما ساقته الطاعنة – عدم التزام الحكم المطعون فيه بسعر الفائدة الوارد في المادة 226 مدني - على غير أساس.
12- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة، إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير، وإلا حقت المساءلة بالتعويض وسواء اقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية، مادام أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه.
13- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام أن هذا الاستخلاص سائغاً، مستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
14- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه إذا كان الحكم مقاماً على جملة قرائن لا يمكن فصلها ويكمل بعضها بعضاً، وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
15- إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن إساءة استخدام حق التقاضي وتوافر قصد الإضرار على جملة قرائن هي إبلاغ نيابة الأموال العامة ضد المطعون ضده واختصام من لم يكن خصماً في التداعي في الإشكال والتراخي في إعلانه لهذا الخصم – على النحو الوارد بالأوراق - وتقديمه عقد القرض الثاني بتوقيع منسوب إليه تنازل عنه على أثر ادعاء المطعون ضده عليه بالتزوير إلى الحجز على الوديعة، وكان هذا الذي انتهى إليه سائغاً وكافياً لحمل قضاء الحكم ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ويدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
16- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم باطل لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بني عليها، دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى، فإنه يتعين على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير البطلان والقضاء به، بل يجب عليها أن تفصل في الموضوع.
17- إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر دعوى التعويض الفرعية لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئنافين رقمي...، ... لسنة... ق القاهرة وفصل في موضوعها، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول في الطعن رقم 7857 لسنة 65ق أقام على الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالثة الدعوى رقم ..... لسنة 1991 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية - بعد رفض طلب أمر الأداء المقدم منه - بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأداء مبلغ 293960.29 دولار أمريكي، وبصحة وتثبيت إجراءات الحجز التحفظي رقم ..... لسنة 1991 جنوب القاهرة الموقع على أموالهم تحت يده، وقال في بيان ذلك إنه بتاريخ 16 من يوليه سنة 1984 قام المطعون ضده الثاني، واتبعته المطعون ضدها الثالثة والطاعنة بفتح حساب مشترك لدى فرع المصرف بالإسكندرية برقم ..... وهو ذات رقم الحساب الذي كان قد فتحه المطعون ضده الثاني باسمه في ذات التاريخ وفي ذات الفرع، وقد أقر هؤلاء الثلاثة في عقد فتح الحساب بخضوعه للشروط العامة للمصرف الواردة بطلب فتح الحساب التي تضمن البند الثاني منها أن يتم السحب من الحساب والتصرف فيه بأوامر تصدر بتوقيع أي منهم وبموجب عقد قرض مؤرخ 9 من يوليه سنة 1985 قامت الطاعنة باقتراض مبلغ مائة ألف دولار أمريكي ثم اتبعته قرضاً آخر بمبلغ خمسين ألف دولار أمريكي بتاريخ 24 من يوليه سنة 1985 بضمان هذا الحساب المشترك، وإذ لم تقم بسداد تلك المديونية فإنه يحق له اتخاذ الإجراءات القانونية ضد جميع الشركاء في الحساب باعتبارهم متضامنين في المسئولية، فاستصدر أمراً بتوقيع الحجز التحفظي على أموالهم التي تحت يده ثم أقام الدعوى. وجه المطعون ضده الثاني دعوى فرعية إلى المطعون ضده الأول بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة ألف دولار أمريكي تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء تزوير توقيعه على عقد القرض الأخير بمبلغ خمسين ألف دولار أمريكي الذي استصدر بموجبه أمر الحجز التحفظي، كما وجه له طلباً عارضاً بطلب الحكم بإلزامه بأن يسلمه رصيد الحساب رقم ..... بفرع المصرف بالإسكندرية الثابت بإشعارات الإضافة بتاريخ 10 من يوليه سنة 1991 البالغ مقداره مبلغ 213567.22 دولار أمريكي إثر إلغاء أمر الحجز التحفظي في التظلم رقم .... لسنة 1991، وفوائدها المصرفية والقانونية حتى تاريخ تنفيذ الحكم، وذلك على سند من أنه رفض تسليمه رصيد الحساب سالف البيان رغم صدور حكم قضائي بإلغاء أمر الحجز واعتباره كأن لم يكن، وإلى أنه تقدم بإقرار موثق من الشركاء في الحساب المشترك بتصفية الخلاف بينهم وبحقه في السحب من هذا الحساب والتصرف فيه منفرداً، كما أقام المطعون ضده الثاني على المطعون ضده الأول الدعوى رقم ..... لسنة 1991 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة ألف دولار أمريكي تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء إساءته استعمال حق التقاضي، وتعمده إهدار حجية الأحكام الصادرة ضده وحرمانه من الانتفاع بأمواله واستثمارها طوال سنوات النزاع منذ عام 1985، وما لحقه من خسارة ناتجة عن الهبوط المستمر والفادح في سعر الدولار، أقامت الطاعنة على المطعون ضده الأول الدعوى رقم ... لسنة 1992 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية - التي كانت مقيدة ابتداءً برقم ... لسنة 1992 مدني جنوب القاهرة الابتدائية - بطلب الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ مائة وخمسين ألف دولار أمريكي قيمة القرضين الممنوحين لها منه بتاريخي 9، 24 من يوليه سنة 1985 وفوائدها، على سند من أنها أوفت بالتزاماتها التعاقدية في مواعيدها القانونية. ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث، وحكمت بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1994 في الدعوى رقم ... لسنة 1991 بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئنافين رقمي .....، .... لسنة 104ق القاهرة، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 293960.29 دولار أمريكي، وبرفض الدعوي الفرعية وبعدم قبول الطلب العارض، وبرفض الدعوى رقم .... لسنة 1992، وبعدم جواز نظر الدعوى رقم ..... لسنة 1992 لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم ..... لسنة 1991. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 111ق، واستأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئنافين رقمي .....، .... لسنة 112ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم ..... لسنة 112ق القاهرة. ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة الأخيرة إلى الأول، وبتاريخ 8 من يونيه سنة 1995 قضت في الاستئناف رقم ..... لسنة 111ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف الصادر في الدعويين رقمي .... لسنة 1991، ..... لسنة 1992 فيما قضي به، وبعدم جواز الاستئناف الفرعي رقم ..... لسنة 112ق بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالثة وبعدم قبوله بالنسبة للطاعنة، وفي الاستئناف رقم .... لسنة 112ق بعدم جوازه بالنسبة للطاعنة والمطعون ضدها الثالثة، وبإلغاء الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض الدعوى الفرعية والقضاء بإلزام المصرف المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للمطعون ضده .....، مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما أصابه من ضرر مادي وأدبي. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن المطعون ضده الأول فيه بذات الطريق، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها أمرت بضمهما، والتزمت النيابة العامة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 7857 لسنة 65ق:
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثاني والوجهين الأول والثاني من السبب الرابع والوجه الأول من السبب الأول من الطعن رقم 8734 لسنة 65ق على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها تمسكت في دفاعها بأن عقد الوديعة الشخصية - محل النزاع - له ذات مقومات وخصائص الحساب المشترك ومنها السحب والإيداع والتصرف والاقتراض لأي من الشركاء بضمانها فهي مملوكة لهم ولكل منهم تلك الحقوق منفرداً، هذا إلى أن الحساب المشترك يغطي قيمة القرضين بالوديعة التي تصب فوائدها في ذلك الحساب ولا علم لها بالطلب المقدم من المطعون ضده الثاني إلى المصرف بوجود منازعة معها وأنها قامت باستعمال حقها في نطاق ملكيتها وابنتها الشائعة في هذا الحساب طبقاً لحكم المادة 825 من القانون المدني، وقد ألزم عقد الحساب وقواعد المصرف جميع أطراف الحساب بالتضامن في جميع المعاملات التي تتم بشأنه مع حق كل منهم في السحب والإيداع فلا تلتزم برد قيمة القرضين بمفردها، ومع ذلك التفت الحكم عن دفاعها هذا وألزمها بمفردها برد قيمة القرضين إلى الوديعة المقيدة باسم المطعون ضده الثاني على سند مما انتهى إليه الحكم في الاستئنافين رقمي ......، ...... لسنة 140ق القاهرة بإلزام المصرف بإعادة قيمة القرضين إلى الوديعة في حين أنه قضى بإعادتها إلى الحساب المشترك، وربط بين دفاعها بأنها غير مدينة وبين إقرارها بحق المطعون ضده الأول في اقتضاء دين القرض وفوائده من الحساب المشترك من المبالغ التي أعيدت إليه بموجب الحكم سالف الذكر مع أنها لا تحاج بهذا الحكم لأنها لم تكن طرفاً فيه، هذا إلى أنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى رقم ... لسنة 1991 تجاري جنوب القاهرة - الخاصة ببراءة ذمتها من مبلغ القرضين - علي ما ذهب إليه من أنه سبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى الأصلية رقم ..... لسنة 1994 تجاري جنوب القاهرة في حين أنها حصلت على القرضين وفق الحق الثابت لها في التعامل على الحساب المشترك، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر وفقاً للأعراف البنكية التي كانت تنظم عمليات البنوك والتي كان معمولاً بها من قبل صدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 - المنطبقة على الواقع في الدعوى - أن وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه مع التزامه برد مثلها للمودع طبقاً لشروط العقد، وأن للبنك أن يفتح للمودع حساب تقيد فيه جميع العمليات التي تتم بين البنك والمودع، أو بين البنك والغير لحساب المودع، في حين أن الحساب الجاري المشترك يفتحه البنك بين شخصين أو أكثر بالتساوي فيما بينهم ما لم يتفق على غير ذلك، ولا يجوز السحب من هذا الحساب إلا بموافقتهم جميعاً أو من أحدهم بناءً على اتفاق سابق، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى، وفي تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها، وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها ما دام ما انتهت إليه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم فيها من أدلة قد انتهى في قضائه إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمصرف المطعون ضده الأول مبلغ 293960.29 دولار أمريكي على ما خلص إليه من أن الوديعة إنما هي خاصة بالمطعون ضده الثاني منفرداً، في حين أن الحساب المشترك يخص كل من الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالثة، وأن الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي ....، .... لسنة 104ق القاهرة القاضي بإلزام المصرف برد ما خصمه من الوديعة وليس من الحساب المشترك، أسس قضاءه على أنه لا ارتباط بين القرض الممنوح إلى الطاعنة وبين الوديعة الشخصية التي أودعها المطعون ضده الثاني لدى المصرف المطعون ضده الأول الأمر الذي يذكيه طلب المودع من الأخير إدراج عائدها في الحساب المشترك، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً وله معينه من الأوراق، وكافياً لحمل قضاء الحكم وفيه الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة بأوجه النعي والتي لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع بغية الوصول إلى نتيجة مخالفة لما انتهى إليها الحكم، وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين الأول والثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض الدفع المبدى منها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم ..... لسنة 1985 تجاري جنوب القاهرة الذي قضي برفض الدعوى الأصلية، ودعوى الضمان الفرعية التي وجهها لها المصرف والذي صار نهائياً في هذا الشق بالحكم الصادر بعدم قبول الاستئناف رقم ..... لسنة 104ق القاهرة لرفعه بعد الميعاد على سند من أنه لم يفصل في موضوعه، هذا إلى أنه قضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده الثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالاستئنافين رقمي .....، ..... لسنة 104ق القاهرة الذي كانت تدور فيه المنازعة حول السحب من الوديعة المنبثقة عن الحساب المشترك عن طريق الخطأ، في حين أن الدعوى الراهنة هي مطالبة المصرف للشركاء الثلاثة متضامنين بأداء المبلغ الذي أعاده للوديعة وسببه عقد الحساب المشترك وهو ما يكون معه السبب قد اختلف في الدعويين فلا يكون لأي منهما حجية قبل الآخر، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان لكل حكم قضائي قطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن عليه، إلا أن هذه الحجية تقف بمجرد رفع الاستئناف عنه، ليس فقط لما قضى به لغير صالح المستأنف ورفع عنه الاستئناف، ولكن أيضاً بالنسبة لما تضمنته أسباب الحكم المستأنف من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أغناه صدور الحكم لصالحه في الدعوى عن استئنافه ولم يتنازل عنه صراحة أو ضمناً وتظل هذه الحجية على هذا النحو موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذ ألغى زالت عنه هذه الحجية. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني طعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 85 مدني جنوب القاهرة بطريق الاستئناف بالاستئنافين رقمي ....، ..... لسنة 104ق القاهرة والتي قضت بعدم قبول إدخال الطاعنة، فطعن المطعون ضده الأول في هذا القضاء بالنقض بالطعن رقم 3606 لسنة 60ق الذي قضي فيه بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً في خصوص ما قضى به من عدم قبول إدخال الطاعنة خصماً في الاستئناف، وبذلك تكون قد زالت عنه هذه الحجية بما لا يصح معه أن يحاج أحداً به ويكون ما أثارته الطاعنة على غير أساس.
وحيث إنه عن الشق الثاني من هذا النعي فهو في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط في المنع من إعادة النزاع المقضي فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ويجب لتوفر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية قد تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول، وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، وأن السبب في معنى المادة 101 من قانون الإثبات هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي ....، ..... لسنة 104ق القاهرة، قد فصل في مسألة اقتراض الطاعنة مبلغ 150 ألف دولار من المطعون ضده الأول رغم أن المطعون ضده الثاني أخطره قبل الصرف بضرورة أن يوقع هو شخصياً إضافة إلى طالب الصرف، وبدون توقيعه لا يتم التعامل مع الأخير وهو ما تنعدم معه مسئولية البنك في إعادة مبلغي القرض إلى الوديعة باعتبارها مستمرة وقائمة ولم يسحب منها شيء، وهي ذات المسألة سند المطعون ضده الأول في المطالبة في الدعوى الحالية فإن سبب الدعوى وموضوعها وأشخاصها يكونا متحدين، وهذه المسألة هي الأساس في الدعويين وبذلك تكون قد حازت حجية تمنع من إعادة مناقشتها مرة أخرى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل الدفع المبدى من المطعون ضده الثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الاستئنافين رقمي ....، .... لسنة 104ق القاهرة، فإنه يكون التزم صحيح القانون، ويكون نعي الطاعنة في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى للمطعون ضده الأول بالفوائد المطالب بها وفق ما تضمنته صحيفة دعواه بمقدار 13/16 و9% عن مبلغ القرض الأول، 1/8 و10% عن مبلغ القرض الثاني مخالفاً بذلك ما نصت عليه المادة 226 مدني سواء فيما يتعلق بسعر الفائدة أو بتاريخ سريانها من تاريخ المطالبة القضائية، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبقة على الواقع في الدعوى قبل تعديلها بالقانونين رقمي 37 لسنة 1992، 97 لسنة 1996 - لمجلس إدارة ذلك البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر مما يدل على اتجاه قصد المشرع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني بالترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في إصدار قرارات بتحديد أسعار الفائدة التي يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات، وذلك وفقاً لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة، وتسري هذه الأسعار على العقود والعمليات التي تبرم أو تجدد في ظل سريان أحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 السابق الإشارة إليه، وكذا العقود السابقة في حالة سماحها بذلك. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة حصلت على القرض الأول بسعر فائدة 13/16 و9% والثاني بسعر 1/8 و10% وهي فائدة اتفاقية وبلغت قيمة مديونيتها لمبلغ القرض وفائدته 293960.29 دولار أمريكي، ولم تدعي الطاعنة أو تقدم ما يفيد أن سعر الفائدة الذي حدده البنك المركزي المصري يقل عن ذلك السعر وقت حصولها على مبلغ القرضين، وهو استثناء من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويكون النعي عليه بما ساقته الطاعنة على غير أساس.
ثانياً: الطعن رقم 8734 لسنة 65ق:
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين ينعي المصرف الطاعن بالوجهين الأول والثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ ألزمه بتعويض المطعون ضده بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سند من خطئه في خصم قيمة القرضين من الوديعة الشخصية الخاصة به مع أن القرضين منحا لزوجته الطاعنة في الطعن رقم 7857 لسنة 65ق بضمان الوديعة والحساب المشترك باعتبار أنهما شيء واحد، واستخلص الخطأ الموجب لمسئوليته من أنه أساء استعمال حق التقاضي باللجوء إلى اتخاذ عدة إجراءات ضد المطعون ضده منها إبلاغ نيابة الأموال العامة، واختصام من لم يكن خصماً في التداعي في الإشكال في التنفيذ والتراخي في إعلان ذلك الخصم، ومن تقديمه عقد القرض الذي ادعى عليه المطعون ضده بالتزوير على توقيعه ثم تنازل المصرف الطاعن عن التمسك به، ولم يبحث مدى صحة ذلك العقد وجدية الطعن عليه وأن بلاغه لنيابة الأموال العامة عن واقعة النصب هو استعمال لحق مشروع ولم يبين ماهية ذلك الإشكال وذاك الإعلان الذي تراخى في تنفيذه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة، إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير، وإلا حقت المساءلة بالتعويض وسواء اقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية، ما دام أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام أن هذا الاستخلاص سائغاً، مستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، وأنه إذا كان الحكم مقاماً على جملة قرائن لا يمكن فصلها ويكمل بعضها بعضاً، وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن إساءة استخدام حق التقاضي وتوفر قصد الإضرار على جملة قرائن هي إبلاغ نيابة الأموال العامة ضد المطعون ضده واختصام من لم يكن خصماً في التداعي في الإشكال والتراخي في إعلانه لهذا الخصم - على النحو الوارد بالأوراق - وتقديمه عقد القرض الثاني بتوقيع منسوب إليه تنازل عنه على أثر ادعاء المطعون ضده عليه بالتزوير إلى الحجز على الوديعة، وكان هذا الذي انتهى إليه سائغاً وكافياً لحمل قضاء الحكم ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ويدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي به على غير أساس.
وحيت إن المصرف الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الفرعية التي أقامها المطعون ضده في الدعوى الأصلية رقم ..... لسنة 1991 تجاري جنوب القاهرة لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئنافين رقمي .... ، .... لسنة 104ق القاهرة هو دفع شكلي لم تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها، بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه إعادة الدعوى إليها، وإذ خالف الحكم هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى الفرعية، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم باطل لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بني عليها، دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى، فإنه يتعين على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير البطلان والقضاء به، بل يجب عليها أن تفصل في الموضوع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر دعوى التعويض الفرعية لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئنافين رقمي ....، .... لسنة 104ق القاهرة وفصل في موضوعها، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي بما أورده الطاعن على غير أساس.