أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 59 – صـ 736

جلسة 24 من يونيه سنة 2008

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد, عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي, صلاح الدين كامل أحمد ومحمود حسن التركاوي نواب رئيس المحكمة.

(129)
الطعنان رقما 4779 لسنة 69 القضائية، 5769 لسنة 75القضائية

(1-8) أوراق تجارية "السند الإذني: أركان السند الموضوعية". بنوك "الحساب الجاري: ماهيته" "مفردات الحساب الجاري". دعوى "الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه".
(1) الحساب الجاري. ماهيته .
(2) الاتفاق على تصفية علاقات قانونية من خلال الحساب الجاري. لا يحول دون طلب إجراء هذه التصفية مع استمرار سريان الحساب. أثره. زوال مفرداته تبعاً لانقضاء الحقوق التي أدت إلى قيدها. علة ذلك. م 363 ق التجارة.
(3) قيد مفردات الاعتمادين المستند 742ين في الحساب الجاري بين البنك الطاعن والمطعون ضده الأول. طلب الأخير تصفيتها لتحديد حقوقه الناجمة عنها. أثره. زوال القيد المتعلق بالاعتمادين من الحساب. قضاء الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك. خطأ.
(4) إثبات المديونية في السند لأمر. لا يحرم المدين من المنازعة في صحته.
(5) السند لأمر. ما يشترط فيه.
(6) ركن السبب في السند لأمر. أساسه. العلاقة الأصلية التي ترتب عليها إنشاء السند لأمر. مؤداه. استناد الالتزام الصرفي فيما بين المدين والمستفيد إلى هذه العلاقة. أثره. الأول أن يتمسك في مواجهة الثاني بجميع الدفوع التي يمكن أن يتمسك بها في مواجهة دائنيه. علة ذلك.
(7) الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. ماهيته.
(8) - 8 -تمسك الطاعن بأن السند لأمر لا يمثل مديونية حقيقية للبنك المطعون ضده الأول. دفاع جوهري. دلالته. تجرد الالتزام الصرفي الوارد في هذا السند من سببه. التفات الحكم المطعون فيه عنه وعدم الرد عليه. خطأ.

1- المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن الحساب الجاري هو عقد بمقتضاه يتعهد طرفاه بأن يدرجا في الحساب العمليات التي تتم بينهما خلال مدة معينة أو غير معينة وتفقد هذه العمليات ذاتيتها واستقلالها بمجرد إدراجها وتتحول إلى مفردات دائنة ومدينة تتقاص عند إقفال الحساب لاستخراج الرصيد النهائي الذي يكون وحده مستحق الأداء ويصبح الأساس في سند المطالبة بناتج تصفية الحساب.
2- متى كان عقد فتح الحساب الجاري عقداً تابعاً بأن كانت هناك علاقات قانونية بين طرفيه سابقة عليه قصداً الاتفاق على فتحه لتصفيتها من خلاله، فإن ذلك لا يحول دون قيام أحدهما أو كليهما بطلب إجراء تصفية لهذه العلاقات مع استمرار سريان الحساب الجاري وبما قد يؤدى إلى زوال مفرداتها بالحساب تبعاً لانقضاء هذه الحقوق باعتبار أن القيد فيه ليس من شأنه أن ينهى الحقوق الناتجة عنه، وهو ما قننه المشرع في قانون التجارة في مادته رقم 363 بالنص على أن "قيد الدين في الحساب الجاري لا يحول دون استعمال الحقوق المتعلقة بالعملية المنشئة لهذا الدين".
3-إذ كان البين من الأوراق أن هناك حساباً جارياً بين الطاعن والمطعون ضده الأول وأنه لم يقفل بعد، إلا أن مفردات الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 محل طلب براءة الذمة قد تم قيدها بهذا الحساب بما يحق للمطعون ضده الأول، طلب تصفيتها لتحديد حقوقه الناجمة عنها، بما قد يؤديه ذلك من زوال مديونية هذين الاعتمادين وبالتالي زوال القيد المتعلق بهما من الحساب الجاري. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بعدم قبول الدعوى الأصلية والفرعية، فإنه يكون معيباً.
4-المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن إثبات المديونية في السند لأمر لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين.
5- السند لأمر يشترط فيه الأركان العامة الأربعة المعروفة في التعاقد وهى الرضا والأهلية ومشروعية المحل والسبب.
6- يقصد بالسبب سبب التزام مُحرر السند لأمر، والذي يكمن في العلاقة القانونية بينه وبين المستفيد وهى العلاقة الأصلية التي ترتب عليها إنشاء السند لأمر، مما يكون معه الالتزام الصرفي فيما بين المدين والمستفيد مُستنداً على العلاقة الأصلية التي من أجلها حُرر السند لأمر، باعتبار هذه العلاقة ذاتها هي مصدر الالتزام الأصلي فيصدران من أصل واحد، كما يستندان على سبب واحد، بما يكون معه للمدين الحق في أن يتمسك في مواجهة المستفيد بجميع الدفوع التي يمكن أن يتمسك بها في مواجهة دائنيه ومنها أن يدفع بانعدام السبب أي انعدام مديونيته قبل المستفيد وما يترتب على ذلك من بطلان هذا الالتزام.
7- المقرر أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، متى أقام مدعيه الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب منها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته.
8- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن أبدى دفاعاً بانعدام سبب السند لأمر - موضوع الدعوى - واستند في ذلك على ما أثبته تقرير الخبير المنتدب من أن هذا السند لا يمثل مديونية حقيقية باعتبار أن التسهيلات الائتمانية التي أبرمها الطاعن مع المطعون ضده الأول كانت محلاً لحساب جارِ ولم يغلق بعد، بما يحول دون وجود مديونية مصدرها هذا السند، وإذ كان هذا الدفاع هو دفاعاً جوهريّاً لو صح تحقيقه وبحثه لأصبح الالتزام الصرفي الوارد في هذا السند مجرداً عن سببه مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عنه، ولم يرد عليه ومن ثم يكون معيباً.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة. حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولاً: الطعن رقم 4779 لسنة 69 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع والقصور في التسبيب، ذلك بأنه استند في قضائه بعدم قبول الدعوى الأصلية ودعواه الفرعية إلى أن الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 بعد أن أصبحا ضمن مفردات الحساب الجاري الذي لم يغلق بعد، فإنه لا يجوز أن يكونا محلاً لطلب براءة الذمة في حين أن ما انتهى إليه المطعون ضده الأول في دعواه من طلبات بإلزامه بقيمة هذين الاعتمادين، وطلبه براءة ذمته من الالتزامات المترتبة عنهما لا يمنع من المطالبة بتسويتهما إيجاباً وسلباً ورود مفرداتهما ضمن مفردات الحساب الجاري كما لا يعد ذلك تجزئة لهذا الحساب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه وإن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحساب الجاري هو عقد بمقتضاه يتعهد طرفاه بأن يدرجا في الحساب العمليات التي تتم بينهما خلال مدة معينة أو غير معينة وتفقد هذه العمليات ذاتيتها واستقلالها بمجرد إدراجها وتتحول إلى مفردات دائنة ومدينة تتقاص عند إقفال الحساب لاستخراج الرصيد النهائي الذي يكون وحده مستحق الأداء ويصبح الأساس في سند المطالبة بناتج تصفية الحساب، إلا أنه متى كان عقد فتح الحساب الجاري عقداً تابعاً بأن كانت هناك علاقات قانونية بين طرفيه سابقة عليه قصداً الاتفاق على فتحه لتصفيتها من خلاله، فإن ذلك لا يحول دون قيام أحدهما أو كليهما بطلب إجراء تصفية لهذه العلاقات مع استمرار سريان الحساب الجاري وبما قد يؤدي إلى زوال مفرداتها بالحساب تبعاً لانقضاء هذه الحقوق باعتبار أن القيد فيه ليس من شأنه أن ينهي الحقوق الناتجة عنه، وهو ما قننه المشرع في قانون التجارة في مادته رقم 363 بالنص على أن "قيد الدين في الحساب الجاري لا يحول دون استعمال الحقوق المتعلقة بالعملية المنشئة لهذا الدين". لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن هناك حساباً جارياً بين الطاعن والمطعون ضده الأول وأنه لم يقفل بعد، إلا أن مفردات الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 محل طلب براءة الذمة قد تم قيدها بهذا الحساب بما يحق للمطعون ضده الأول طلب تصفيتها لتحديد حقوقه الناجمة عنها، بما قد يؤديه ذلك من زوال مديونية هذين الاعتمادين وبالتالي زوال القيد المتعلق بهما من الحساب الجاري، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بعدم قبول الدعوى الأصلية والفرعية، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 5769 لسنة 75 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن السند لأمر المقدم من البنك المطعون ضده الأول سبب الدعوى، إنما حرر ضماناً للتسهيلات الائتمانية الممنوحة له من البنك، وأن هذا السند لأمر لا يمثل مديونية حقيقية ويفتقر إلى سببه، إذ يوجد حساب جارٍ ثابت به العمليات التي تمت بموجب هذه التسهيلات الائتمانية دون غيرها، وإذ لم يعرض الحكم لهذا الدفاع الجوهري الذي من شأن تحقيقه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إثبات المديونية في السند لأمر لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين، ذلك بأن السند لأمر يشترط فيه الأركان العامة الأربعة المعروفة في التعاقد وهي الرضا والأهلية ومشروعية المحل والسبب، ويقصد بالسبب سبب التزام مُحرر السند لأمر، والذي يكمن في العلاقة القانونية بينه وبين المستفيد وهي العلاقة الأصلية التي ترتب عليها إنشاء السند لأمر، مما يكون معه الالتزام الصرفي فيما بين المدين والمستفيد مُستنداً على العلاقة الأصلية التي من أجلها حُرر السند لأمر، باعتبار هذه العلاقة ذاتها هي مصدر الالتزام الأصلي فيصدران من أصل واحد، كما يستندان على سبب واحد، بما يكون معه للمدين الحق في أن يتمسك في مواجهة المستفيد بجميع الدفوع التي يمكن أن يتمسك بها في مواجهة دائنيه ومنها أن يدفع بانعدام السبب أي انعدام مديونيته قبل المستفيد وما يترتب على ذلك من بطلان هذا الالتزام، وكان من المقرر أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، متى أقام مدعيه الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب منها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أبدى دفاعاً بانعدام سبب السند لأمر - موضوع الدعوى - واستند في ذلك على ما أثبته تقرير الخبير المنتدب من أن هذا السند لا يمثل مديونية حقيقية باعتبار أن التسهيلات الائتمانية التي أبرمها الطاعن مع المطعون ضده الأول كانت محلاً لحساب جارٍ ولم يغلق بعد، بما يحول دون وجود مديونية مصدرها هذا السند، وإذ كان هذا الدفاع هو دفاعاً جوهرياً لو صح تحقيقه وبحثه لأصبح الالتزام الصرفي الوارد في هذا السند مجرداً عن سببه مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عنه، ولم يرد عليه، ومن ثم يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم، يتعين نقض الحكمين المطعون فيهما مع الإحالة على أن يصدر فيهما حكم واحد من محكمة الإحالة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول، أقام على البنك الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث الدعوى رقم ..... لسنة 1992 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية، انتهى فيها إلى طلب الحكم ببراءة ذمته من الديون التي سجلها الطاعن عليه عن الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 وإلزامه بالتعويض، وذلك على سند من القول إنه قام بفتح الاعتمادين سالفي البيان طرف الطاعن لتنفيذ عقود مقاولة مع المطعون ضدهما الثاني والثالث، وأن الطاعن أرسل إليه كشف حساب أدرج فيه مديونية غير مستحقة بمقولة إنها ناتجة عن هذين الاعتمادين، ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره ادعى الطاعن فرعياً بطلب إلزام المطعون ضده الأول، بأن يؤدي له مبلغ 9350863.4 جنيه، وبتاريخ 28 من مارس سنة 1998 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للطاعن مبلغ 9350863.4 جنيه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 115 ق، وبتاريخ 26 من أغسطس سنة 1999 قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بعدم قبول الدعويين الأصلية والفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
أولاً: الطعن رقم 4779 لسنة 69 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع والقصور في التسبيب، ذلك بأنه استند في قضائه بعدم قبول الدعوى الأصلية ودعواه الفرعية إلى أن الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 بعد أن أصبحا ضمن مفردات الحساب الجاري الذي لم يغلق بعد، فإنه لا يجوز أن يكونا محلاً لطلب براءة الذمة في حين أن ما انتهى إليه المطعون ضده الأول في دعواه من طلبات بإلزامه بقيمة هذين الاعتمادين، وطلبه براءة ذمته من الالتزامات المترتبة عنهما لا يمنع من المطالبة بتسويتهما إيجاباً وسلباً ورود مفرداتهما ضمن مفردات الحساب الجاري كما لا يعد ذلك تجزئة لهذا الحساب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه وإن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحساب الجاري هو عقد بمقتضاه يتعهد طرفاه بأن يدرجا في الحساب العمليات التي تتم بينهما خلال مدة معينة أو غير معينة وتفقد هذه العمليات ذاتيتها واستقلالها بمجرد إدراجها وتتحول إلى مفردات دائنة ومدينة تتقاص عند إقفال الحساب لاستخراج الرصيد النهائي الذي يكون وحده مستحق الأداء ويصبح الأساس في سند المطالبة بناتج تصفية الحساب، إلا أنه متى كان عقد فتح الحساب الجاري عقداً تابعاً بأن كانت هناك علاقات قانونية بين طرفيه سابقة عليه قصداً الاتفاق على فتحه لتصفيتها من خلاله، فإن ذلك لا يحول دون قيام أحدهما أو كليهما بطلب إجراء تصفية لهذه العلاقات مع استمرار سريان الحساب الجاري وبما قد يؤدي إلى زوال مفرداتها بالحساب تبعاً لانقضاء هذه الحقوق باعتبار أن القيد فيه ليس من شأنه أن ينهي الحقوق الناتجة عنه، وهو ما قننه المشرع في قانون التجارة في مادته رقم 363 بالنص على أن "قيد الدين في الحساب الجاري لا يحول دون استعمال الحقوق المتعلقة بالعملية المنشئة لهذا الدين". لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن هناك حساباً جارياً بين الطاعن والمطعون ضده الأول وأنه لم يقفل بعد، إلا أن مفردات الاعتمادين المستندين رقمي 2636، 2637 محل طلب براءة الذمة قد تم قيدها بهذا الحساب بما يحق للمطعون ضده الأول طلب تصفيتها لتحديد حقوقه الناجمة عنها، بما قد يؤديه ذلك من زوال مديونية هذين الاعتمادين وبالتالي زوال القيد المتعلق بهما من الحساب الجاري، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بعدم قبول الدعوى الأصلية والفرعية، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 5769 لسنة 75 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن السند لأمر المقدم من البنك المطعون ضده الأول سبب الدعوى، إنما حرر ضماناً للتسهيلات الائتمانية الممنوحة له من البنك، وأن هذا السند لأمر لا يمثل مديونية حقيقية ويفتقر إلى سببه، إذ يوجد حساب جارٍ ثابت به العمليات التي تمت بموجب هذه التسهيلات الائتمانية دون غيرها، وإذ لم يعرض الحكم لهذا الدفاع الجوهري الذي من شأن تحقيقه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إثبات المديونية في السند لأمر لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين، ذلك بأن السند لأمر يشترط فيه الأركان العامة الأربعة المعروفة في التعاقد وهي الرضا والأهلية ومشروعية المحل والسبب، ويقصد بالسبب سبب التزام مُحرر السند لأمر، والذي يكمن في العلاقة القانونية بينه وبين المستفيد وهي العلاقة الأصلية التي ترتب عليها إنشاء السند لأمر، مما يكون معه الالتزام الصرفي فيما بين المدين والمستفيد مُستنداً على العلاقة الأصلية التي من أجلها حُرر السند لأمر، باعتبار هذه العلاقة ذاتها هي مصدر الالتزام الأصلي فيصدران من أصل واحد، كما يستندان على سبب واحد، بما يكون معه للمدين الحق في أن يتمسك في مواجهة المستفيد بجميع الدفوع التي يمكن أن يتمسك بها في مواجهة دائنيه ومنها أن يدفع بانعدام السبب أي انعدام مديونيته قبل المستفيد وما يترتب على ذلك من بطلان هذا الالتزام، وكان من المقرر أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، متى أقام مدعيه الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب منها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن أبدى دفاعاً بانعدام سبب السند لأمر - موضوع الدعوى - واستند في ذلك على ما أثبته تقرير الخبير المنتدب من أن هذا السند لا يمثل مديونية حقيقية باعتبار أن التسهيلات الائتمانية التي أبرمها الطاعن مع المطعون ضده الأول كانت محلاً لحساب جارٍ ولم يغلق بعد، بما يحول دون وجود مديونية مصدرها هذا السند، وإذ كان هذا الدفاع هو دفاعاً جوهرياً لو صح تحقيقه وبحثه لأصبح الالتزام الصرفي الوارد في هذا السند مجرداً عن سببه مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عنه، ولم يرد عليه، ومن ثم يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم، يتعين نقض الحكمين المطعون فيهما مع الإحالة على أن يصدر فيهما حكم واحد من محكمة الإحالة.