أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 59 – صـ 743

جلسة 24 من يونيه سنة 2008

برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي خالد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي, صلاح الدين كامل أحمد, زياد محمد غازي ومحمود حسن التركاوي نواب رئيس المحكمة.

(130)
الطعنان رقما 340، 341 لسنة 67 القضائية

(1-5) علامة تجارية "ذاتية العلامة التجارية". قانون "تفسيره".
(1) استخدام ذات العلامة المميزة لمنتجات لتميز أخرى مغايرة. جائز. شرطه. امتناع الخلط بينهما. قيام التشابه أو الاختلاف بين المنتجات وبعضها. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. سبيلها إليه. ألا يقام على مجرد اتفاق فئات المنتجات أو اختلافها وفقاً لما ورد بقرار وزير التجارة وإنما بما هو متفق مع حقيقة الواقع في الدعوى وبما يساندها من أدلة وقرائن. قضاء الحُكمان المطعون فيهما على خلاف هذا النظر. خطأ.
(2) تطبيق القانون على وجهه الصحيح. واجب القاضي بغير حاجة لطلب من الخصوم. أثره .
(3) النص الواضح قاطع الدلالة على المراد منه. الاستهداء بالحكمة التي أملته. لا تجيز الخروج عليه أو تأويله.
(4) اللبس بين منتجات تستخدم علامة تجارية ذات شهرة دولية ولو لم تكن مسجلة لدى أحدى دول اتفاقية باريس. كفايته لتقرير الحماية لها ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها. م 16/ 1 (مكرره2) من الاتفاقية المذكورة. مؤداه. عدم خروج أحكام هذه المادة عن مفهوم محكمة النقض للحماية المقررة للعلامات التجارية.
(5) انتهاء الحكمان المستأنفان صحيحين إلى أنه لا يمكن وقوع اللبس أو الخلط بين منتجات الشركتين في استخدامهما للعلامات محل النزاع. لا ينال منه التمسك بحكم م 16/ 3 من اتفاقية التربس. علة ذلك. امتناع تطبيقه لعدم صدور تشريع وطني به.

1- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن استخدام علامة لتميز منتجات معينة لا يمنع الغير من استخدام ذات العلامة لتميز منتجات أخرى مغايرة تختلف عنها اختلافاً يمنع معه الخلط بينهما، وأن تقدير قيام التشابه أو الاختلاف بين المنتجات وبعضها هو مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه يتعين ألا يقيم الحكم قضاءه في هذا التقدير، على مجرد اتفاق فئات المنتجات من السلع التجارية أو اختلافها وفقاً لما ورد بقرار وزير التجارة تنفيذاً للمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1939، إنما بما يراه الحكم متفقاً مع حقيقة الواقع في الدعوى وبما يساندها من أدلة وقرائن. لما كان ذلك، وكان الحكمان المطعون فيهما قد أقاما قضاءهما على مجرد القول بأن العلامات محل النزاع تختلف فئاتها عن فئة علامات الطاعنة، وذلك دون أن يُعمل سلطته التقديرية في شأن مدى اتفاق أو اختلاف المنتجات المستخدمة لهذه العلامات مع المنتجات التي تمتلكها الطاعنة على نحو يتطلب حمايتها فإنه يكون معيباً.
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضي الذي عليه - ومن تلقاء نفسه - أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وأن ينزل هذا الحكم عليها.
3- المقرر أنه متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته.
4- النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة (مكررة 2) من اتفاقية باريس الدولية التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بالقرار الجمهوري رقم 1580 لسنة 1974 على أن "تتعهد دول الاتحاد بأن ترفض التسجيل أو تبطله وأن تمنع الاستعمال، سواء من تلقاء نفسها إذا كان تشريعها يسمح بذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن بالنسبة للعلامات الصناعية أو التجارية المزورة أو المقلدة أو المترجمة والتي من شأنها أن توجد لبساً لعلامة ترى السلطة المختصة في بلد الأصل أو الاستعمال أن لها شهرة خاصة في تمييز منتجات شخص له حق التمتع بالحقوق الواردة بأحكام الاتفاقية ومخصصة لمنتجات مماثلة أو مشابهة ويسرى هذا التعهد في حالة ما إذا كان التزوير أو التقليد ينصب على الجزء الجوهري من العلامة وكان من شأنه أن يحدث لبساً"، يدل على أن أحكام هذه المادة لم تخرج عن مفهوم الحماية المقررة للعلامات التجارية والتي استقر قضاء محكمة النقض عليها، وهي وجوب أن يتوافر التشابه بين المنتجات المستخدمة للعلامات التجارية لتقرير الحماية لها، ولو كان الأمر متعلقاً بعلامة تجارية ذات شهرة خاصة دولياً ولو لم تكن مسجلة لدى أحدى دول هذه الاتفاقية، على أن يسرى ذات المبدأ ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها، وكان من شأنه أن يحدث لبساً.
5- إذ كان الحكمان المستأنفان قد انتهيا صحيحين في حدود سلطتهما التقديرية – وهو ما تساندهما هذه المحكمة في هذا الخصوص - بأسباب سائغة إلى اختلاف منتجات المستأنفة عن منتجات الشركة المستأنف ضدها الأولى اختلافاً لا يمكن معه وقوع اللبس أو الخلط بينهما في استخدام العلامات محل النزاع وهو ما لا ينال منه التمسك بما ورد باتفاقية التربس من أحكام - التي تم التصديق عليها بالقرار الجمهوري رقم 72 لسنة 1995 - التي تضمنت في الفقرة الثالثة من مادتها السادسة عشر ما نصه "تطبق أحكام المادة 6 مكررة من معاهدة باريس 1967 مع ما يلزم من تبديل على السلع أو الخدمات غير المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها علامة تجارية شريطة أن يدل استخدام تلك العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع أو الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات وصاحب العلامة التجارية المسجلة وشريطة احتمال أن تتضرر مصالح صاحب العلامة التجارية المسجلة من جراء ذلك الاستخدام "وهو ما مفاده أن أحكام هذا النص ليست ذاتية التطبيق، إذ ليس لرعايا الدول الأعضاء الحق في طلب تطبيقه ما لم تصدر تشريعات وطنية به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1995 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة المعارضات بإدارة العلامات التجارية الصادرة في المعارضة رقم 4946 الخاصة بتسجيل العلامة رقم 82617 وكف المطعون ضدها الأولى عن استعمال العلامة المذكورة، وذلك على سند من أن المطعون ضدها الأولى تقدمت إلى إدارة العلامات التجارية لتسجيل علامة تجارية بها تقليد الجزء العلوي من علامة الطاعنة (.....) وهو تقليد الجزء الأساسي من هذه العلامة المملوكة للطاعنة المسجلة بجمهورية مصر العربية تحت رقم 31210 في 26 من ديسمبر سنة 1995 عن الفئة 34 ملحق واحد والأرقام 62686، 72687، 62708 عن الفئات أرقام 25، 18 من ذات الملحق السابق، والتي تُعد من العلامات ذات الشهرة المنطبق عليها المادة السادسة من اتفاقية باريس الخاصة بحماية الملكية الصناعية المنضمة إليها مصر بقرار رئيس الجمهورية رقم 1580 لسنة 1974، فتقدمت الطاعنة بالمعارضة رقم 4946 إلا أن المطعون ضده الثالث بصفته أصدر قراراً بقبول تسجيل العلامة، و من ثم أقامت الدعوى، وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1996 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 113 ق، وبتاريخ 8 من أبريل سنة 1997 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها قررت ضم الطعن رقم 241 لسنة 67 ق له ليصدر فيهما حكم واحد، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في الطعنين على الحكمين المطعون فيهما أنهما خالفاً القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره، ذلك بأنه استند في قضائه على أن استخدام علامات الطاعنة لتميز سلعة المنتجة وفقاً لإجراءات التسجيل التي تمت له لا يحول دون استخدام ذات العلامة لتميز سلعة أخرى من فئة تخالفه وتغاير لكل منها، في حين أن فئات المنتجات لا تعتبر معياراً لتميزه منتجات معينة عن أخرى في مجال الحماية القانونية للعلامات التجارية، وإذ خالف الحكمان المطعون ضدهما هذا النظر، فإنهما يكونان معيبين بما يوجب نقضهما.
حيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخدام علامة لتميز منتجات معينة لا يمنع الغير من استخدام ذات العلامة لتميز منتجات أخرى مغايرة تختلف عنها اختلاقاً يمنع معه الخلط بينهما، وأن تقدير قيام التشابه أو الاختلاف بين المنتجات وبعضها هو مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه يتعين ألا يقيم الحكم قضاءه في هذا التقدير، على مجرد اتفاق فئات المنتجات من السلع التجارية أو اختلافها وفقاً لما ورد بقرار وزير التجارة تنفيذاً للمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1939، إنما بما يراه الحكم متفقاً مع حقيقة الواقع في الدعوى وبما يساندها من أدلة وقرائن. لما كان ذلك، وكان الحكمان المطعون فيهما قد أقاما قضاءهما على مجرد القول بأن العلامات محل النزاع تختلف فئاتها عن فئة علامات الطاعنة، وذلك دون أن يُعمل سلطته التقديرية في شأن مدى اتفاق أو اختلاف المنتجات المستخدمة لهذه العلامات مع المنتجات التي تمتلكها الطاعنة على نحو يتطلب حمايتها، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت الشركة المستأنفة قد تمسكت في الاستئنافين بأن العلامة التجارية المملوكة لها، هي من العلامات ذات الشهرة والتي تخضع لقواعد خاصة تحكمها المادة السادسة مكرر (2) من اتفاقية باريس الخاصة بشأن حماية الملكية الصناعية المنضمة إليها جمهورية مصر العربية، وتمسكت بتطبيق أحكام المادة السالفة من هذه الاتفاقية، وإذ خالف الحكمان المستأنفان هذا الدفاع وطبقاً لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية فإنهما يكونا قد طبقاً القانون في غير موضعه.
وحيث إن هذا الدفاع غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضي الذي عليه - ومن تلقاء نفسه - أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وأن ينزل هذا الحكم عليها، كما أن المقرر أنه متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة (مكررة 2) من اتفاقية باريس الدولية التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بالقرار الجمهوري رقم 1580 لسنة 1974 على أن "تتعهد دول الاتحاد بأن ترفض التسجيل أو تبطله وأن تمنع الاستعمال، سواء من تلقاء نفسها إذا كان تشريعها يسمح بذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن بالنسبة للعلامات الصناعية أو التجارية المزورة أو المقلدة أو المترجمة والتي من شأنها أن توجد لبساً لعلامة ترى السلطة المختصة في بلد الأصل أو الاستعمال أن لها شهرة خاصة في تمييز منتجات شخص له حق التمتع بالحقوق الواردة بأحكام الاتفاقية ومخصصة لمنتجات مماثلة أو مشابهة ويسري هذا التعهد في حالة ما إذا كان التزوير أو التقليد ينصب على الجزء الجوهري من العلامة وكان من شأنه أن يحدث لبساً "يدل على أن أحكام هذه المادة لم تخرج عن مفهوم الحماية المقررة للعلامات التجارية والتي استقر قضاء محكمة النقض عليها، وهي وجوب أن يتوفر التشابه بين المنتجات المستخدمة للعلامات التجارية لتقرير الحماية لها، ولو كان الأمر متعلقاً بعلامة تجارية ذات شهرة خاصة دولياً ولو لم تكن مسجلة لدى إحدى دول هذه الاتفاقية، على أن يسري ذات المبدأ ولو اقتصر الأمر على مجرد التزوير أو التقليد على الجزء الجوهري منها، وكان من شأنه أن يحدث لبساً. لما كان ذلك، وكان الحكمان المستأنفان قد انتهيا صحيحين في حدود سلطتهما التقديرية - وهو ما تساندهما هذه المحكمة في هذا الخصوص - بأسباب سائغة إلى اختلاف منتجات المستأنفة عن منتجات الشركة المستأنف ضدها الأولى اختلافاً لا يمكن معه وقوع اللبس أو الخلط بينهما في استخدام العلامات محل النزاع، وهو ما لا ينال منه التمسك بما ورد باتفاقية التربس من أحكام - التي تم التصديق عليها بالقرار الجمهوري رقم 72 لسنة 1995 - التي تضمنت في الفقرة الثالثة من مادتها السادسة عشر ما نصه "تطبق أحكام المادة 6 مكررة من معاهدة باريس 1967 مع ما يلزم من تبديل على السلع أو الخدمات غير المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها علامة تجارية شريطة أن يدل استخدام تلك العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع أو الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات وصاحب العلامة التجارية المسجلة وشريطة احتمال أن تتضرر مصالح صاحب العلامة التجارية المسجلة من جراء ذلك الاستخدام "وهو ما مفاده أن أحكام هذا النص ليست ذاتية التطبيق، إذ ليس لرعايا الدول الأعضاء الحق في طلب تطبيقه ما لم تصدر تشريعات وطنية به.
ولما سلف، فإنه يتعين تأييد الحكمين المستأنفين.