أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 59 – صـ 835

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2008

برئاسة السيد القاضي/ محمد جمال الدين حامد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد عثمان، عبد الرحيم زكريا يوسف، عمرو محمد الشوربجي نواب رئيس المحكمة ومحمد جلال عبد العظيم.

(146)
الطعن رقم 18835 لسنة 77 القضائية

(1) نقض "الخصومة في الطعن".
الخصومة في الطعن بالنقض تكون بين خصوم حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. الخصم المطلوب الحكم في مواجهته. الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له على غير أساس.
(2- 5) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: تعلقها بالنظام العام".
(2) السلطة الأدنى في مدراج التشريع. عدم جواز إلغائها أو تعديلها لقاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو إضافة أحكام جديدة إليها إلا بتفويض خاص من السلطة العليا أو من القانون. لا محل لإعمال القرارات الإدارية بإنهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية دون إعمال التشريع الذي يسمح بامتداد تلك العقود. علة ذلك.
(3) أسباب الإخلاء الواردة على سبيل الحصر في تشريعات الإيجار الاستثنائية. تعلقها بالنظام العام. لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها وللخصوم والنيابة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. أن تكون عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من الحكم. أثره. وجوب تحقق محكمة الموضوع من قيام سبب الإخلاء من تلقاء نفسها.
(4) ورود أسباب الإخلاء في قوانين إيجار الأماكن على سبيل الحصر عملاً بالمادة 18 من ق 136 لسنة 1981. مؤداه. عدم جواز إقامة دعوى الإخلاء في غير هذه الأسباب. أثره. وجوب تصدى المحكمة من تلقاء نفسها وإسباغ الوصف الذي ينطبق عليها والحكم بالإخلاء إذا ما ثبت إحداها.
(5) قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء عين التداعي تأسيساً على صدور قرار رئيس مجلس الوزراء برد الوحدات التي تستأجرها الجهات الحكومية بالرغم من كونها سلطة أدنى من القانون وخضوع عقد إيجارها لقوانين الإيجارات الاستثنائية وعدم توافر إحدى حالات الإخلاء المنصوص عليها في المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981. خطأ.

1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض تكون ممن كانوا خصوماً في النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذى لم يطلب سوى الحكم في مواجهته ولم يقضى له أو عليه بشيء ليس خصماً حقيقياً، وإذ كان الثابت من الأوراق أنه وجه إلى المطعون ضده تحت البند ثانياً طلب الحكم عليه بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بإخلاء عين النزاع من الطاعن وقضى عليه بذلك بموجب الحكم المطعون فيه ومن ثم يضحى خصماً حقيقياً يجب اختصامه ويكون الدفع على غير أساس.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكام جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون، ومن ثم فإن صدور قرارات إدارية بإنهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية مما يتعارض مع الأحكام التي تسمح بامتداد تلك العقود ليس من شأنه أن يحول دون إعمال ذلك التشريع دون القرارات الإدارية.
3- المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كانت عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية تخضع للامتداد القانونى لمدة غير محدده إلا أن المشرع قد كفل للمؤجر الحق في إخلاء المكان المؤجر في الحالات التي نص عليها القانون على سبيل الحصر ومن المسلم به أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في تلك القوانين من الأمور المتعلقة بالنظام العام- لمحكمة النقض من تلقاء نفسها- إثارة تلك الأسباب ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء أخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء التي أقيمت على أساسه الدعوى وتتحقق من توافره وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه.
4- النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب الإخلاء إلا لأحد الأسباب التالية:
أ – الهدم الكلي أو الجزئي للمنشآت الآيلة للسقوط.
ب – إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التكليف بذلك.
ج – إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك.
د – إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافيه للآداب العامة ......" يدل على أن المشرع قد حصر أسباب الإخلاء في الأسباب السابقة ويجب على محكمة الموضوع أن تتصدى من تلقاء نفسها للواقعة وتسبغ عليها الحالة التي تنطبق عليها فإذا تحققت من ثبوت إحداها حكمت بالإخلاء.
5- إذا خالف الحكم المطعون فيه أسباب الإخلاء الواردة في المادة 18 ق 136 لسنة 1981 وأقام قضاءه بإخلاء عين النزاع التي يخضع عقد إيجارها المؤرخ 17/8/1964 لأحكام قوانين الإيجار الاستثنائية استناداً إلى قرار رئيس مجلس الوزراء برد الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية وهى سلطة أدنى من القانون بالرغم من عدم توافر حالة من حالات الإخلاء المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة البيان فإنه يكون معيباً.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم في البند أولاً أقاموا على المطعون ضده بالبند ثانياً والطاعن الدعوى رقم ..... لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بإلزامهما بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء وإخلاء العين المؤجرة للطاعن، وقالوا بياناً لذلك إن الشركة الطاعنة تستأجر من مورثهم العين المبينة بالصحيفة ولصدور قرار رئيس مجلس الوزراء برد الوحدات التي تستأجرها الجهات الحكومية فقد أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية التي قيدتها برقم ..... لسنة 2005 ثم حكمت برفض الدعوى. استأنف المطاعون ضدهم في البند أولاً هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 123 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 19/8/2007 بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده تحت بند ثانياً وفي الموضوع بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضده تحت بند ثانياً بصفته لم يكن خصماً حقيقاً في النزاع إذ لم يقضى له أو عليه بشيء فلا يجوز اختصامه في الطعن.
حيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض تكون ممن كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يطلب سوى الحكم في مواجهته ولم يقضى له أو عليه بشيء ليس خصماً حقيقياً، وإذ كان الثابت من الأوراق أنه وجه إلى المطعون ضده تحت البند ثانياً طلب الحكم عليه بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بإخلاء عين النزاع من الطاعن وقضى عليه بذلك بموجب الحكم المطعون فيه، ومن ثم يضحى خصماً حقيقياً يجب اختصامه ويكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإخلاء عين النزاع استناداً إلى صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بإخلاء الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية رغم أنه ليس من بين الحالات التي نصت عليها قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية على سبيل الحصر والتي لا يجوز مخالفتها لتعلقها بالنظام العام مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكام جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون، ومن ثم فإن صدور قرارات إدارية بإنهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية مما يتعارض مع الأحكام التي تسمح بامتداد تلك العقود ليس من شأنه أن يحول دون إعمال ذلك التشريع دون القرارات الإدارية كما أنه ولئن كانت عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية تخضع للامتداد القانوني لمدة غير محددة إلا أن المشرع قد كفل للمؤجر الحق في إخلاء المكان المؤجر في الحالات التي نص عليها القانون على سبيل الحصر، ومن المسلم به أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في تلك القوانين من الأمور المتعلقة بالنظام العام – لمحكمة النقض من تلقاء نفسها – إثارة تلك الأسباب ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء التي أقيمت على أساسه الدعوى وتتحقق من توفره وألا تقضي بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه، ولما كان النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 على أن " لا يجوز للمؤجر أن يطلب الإخلاء إلا لأحد الأسباب التالية أ– الهدم الكلي أو الجزئي للمنشآت الآيلة للسقوط .... ب– إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التكليف بذلك .. ج- إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك ... د- إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة ..." يدل على أن المشرع قد حصر أسباب الإخلاء في الأسباب السابقة ويجب على محكمة الموضوع أن تتصدى من تلقاء نفسها للواقعة وتسبغ عليها الحالة التي تنطبق عليها فإذا تحققت من ثبوت إحداها حكمت بالإخلاء وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإخلاء عين النزاع التي يخضع عقد إيجارها المؤرخ 17/8/1964 لأحكام قوانين الإيجار الاستثنائية استناداً إلى قرار رئيس مجلس الوزراء برد الأماكن المؤجرة للجهات الحكومية وهي سلطة أدنى من القانون بالرغم من عدم توفر حالة من حالات الإخلاء المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة البيان، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم.