أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 55

جلسة 9 من يناير سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ربيع لبنة، أيمن الصاوي، مجدي شبانة ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة.

(6)
الطعن رقم 11066 لسنة 79 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية" "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". ضرر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قيام التزوير على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا. شرطه: ترتب ضرر على ذلك أو احتماله.
انتفاء أركان التزوير في المحرر العرفي. متى كان مضمون المحرر مطابقا لإرادة من نسب إليه معبرا عن إرادته.
(2) تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العقاب على التزوير في المحرر العرفي. مناطه: أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادة أطرافه.
اقتصار العقد على إثبات ما تلاقت عليه إرادة طرفيه. يجعله عقدا عرفيا وينحسر عنه وصف التزوير.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال المحكمة الرد على بعض أدلة الاتهام عند القضاء بالبراءة. صحيح. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
1- من المقرر أن التزوير أيًا كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون بشرط أن يكون الإسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه، أما إذا انتفى الإسناد الكاذب في المحرر لم يصح القول بوقوع التزوير، وإذ كان المحرر عرفيًا وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبرًا عن مشيئته انتفى التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر، وعلى فرض أنه لم يوقع على المحرر ما دام التوقيع حاصلاً في حدود التعبير عن إرادته، سواء كان هذا التعبير ظاهرًا جليًا أو مضمرًا مفترضًا تدل عليه شواهد الحال كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
2- من المقرر أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادة أطرافه، وكان عقد الشركة موضوع الطعن الماثل في تكييف الحق هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه ببراءة المطعون ضدهم صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة في هذا الصدد غير سديد.
3- من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين فإن ما تنعاه الطاعنة من إغفال التحدث عن تقرير أبحاث التزييف والتزوير وأقوال شهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم: المتهمين جميعًا: وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية: (1) اشتركوا بطريق الاتفاق فيما بينهم وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ...... رئيس القلم التجاري بمحكمة ..... الابتدائية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو دفتر القلم التجاري بمحكمة ...... الابتدائية وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثل وكيل المتهم الأول أمامه مقدمًا عقد الشركة العرفي المؤرخ في ..... طالباً تسجيله بالقلم التجاري مع علمهم بتزويره فأثبت الموظف ذلك بدفتره وقام بتوقيعه وبصمه ببصمة القلم التجاري بالمحكمة فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) اشتركوا بطريق الاتفاق فيما بينهم وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية وهو ..... مدير مكتب السجل التجاري ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو السجل التجاري ...... وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثل وكيل المتهم الأول أمامه مقدمًا عقد الشركة المؤرخ في ...... مع علمهم بتزويره فأثبت الموظف ذلك بدفاتره وقاموا بقيده بالسجل التجاري فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (3) اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو عقد شركة التضامن المؤرخ في ...... بأن اتفقوا مع المجهول على إنشائه وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فقام بتحريره ووقع عليها بتوقيع نسبه زوراً إلى المدعو ...... وهو المستأجر الأصلي للعين فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
(4) استعملوا المحرر محل الاتهام الثالث بأن قدموه لموظف القلم التجاري بمحكمة ...... والقلم التجاري ...... محتجين بما دون فيه مع علمهم بتزويره. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا ببراءتهم مما نسب إليهم وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث تنعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وعرفي واستعماله قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أقام قضاءه تأسيسًا على ما قرره ....... من أن التوقيعين المدعى تزويرهما عليه صدرا منه وهو ما لا ينفي حدوث التزوير وأن ما قرره ما هو إلا إصلاح لما اقترفه المتهمون ولم يعول على ما أثبته تقرير أبحاث التزييف والتزوير من أنه لم يكتب أي من التوقيعين سالفي الذكر المنسوبين إليه ولا شهادة التحركات الثابت بها عدم عودته إلى البلاد في تاريخ ذلك العقد وأقوال الشهود، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن التزوير أيًا كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون بشرط أن يكون الإسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه، أما إذا انتفى الإسناد الكاذب في المحرر لم يصح القول بوقوع التزوير، وإذ كان المحرر عرفيًا وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبرا عن مشيئته انتفى التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر، وعلى فرض أنه لم يوقع على المحرر ما دام التوقيع حاصلا في حدود التعبير عن إرادته، سواء كان هذا التعبير ظاهرا جليًا أو مضمرا مفترضًا تدل عليه شواهد الحال - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادة أطرافه، وكان عقد الشركة موضوع الطعن الماثل - في تكييف الحق - هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه ببراءة المطعون ضدهم صحيح القانون، ويكون منعى الطاعنة في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة ليست ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين، فإن ما تنعاه الطاعنة من إغفال التحدث عن تقرير أبحاث التزييف والتزوير وأقوال شهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.