أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 59

جلسة 12 من يناير سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي فرجاني، محمد رضا، محمد عبد الوهاب ومحمد الخطيب نواب رئيس المحكمة.

(7)
الطعن رقم 8644 لسنة 80 القضائية

(1) ضرب "ضرب أفضى إلى موت". فاعل أصلي. اتفاق. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام" "قرائن".
متى يسأل الجاني بصفته فاعلا في جريمة الضرب المفضي إلى الموت؟
الاتفاق. هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
نية الاتفاق. أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوفر لدى القاضي
تدليل الحكم المطعون فيه على اتفاق المتهمين على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى الموت من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهما قصد قصد الآخر في ارتكابها ووحدة الحق المعتدى عليه. أثر ذلك؟
الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع تقديرها. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بعدم تواجد الطاعن على مسرح الحادث. موضوعي. استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد المتعددة ووجه أخذها بما اقتنعت به منها. حسبها إيراد ما تطمئن إليه واطراح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد أطمأنت إليها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن أقوال الشهود. غير مجد. ما دام لم يقم قضاءه على دليل مستمد منها.
مثال.
(5) إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
مثال.
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم المطعون فيه ما له صداه وأصله الثابت في الأوراق. النعي عليه بخلاف ذلك. غير صحيح.
مثال.
(7) إثبات "أوراق رسمية" "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض. مثال.
1- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن الطاعن ومن سبق الحكم عليه باشرا معاً الاعتداء على المجني عليه وأن من سبق الحكم عليه ضربه بفأس على رأسه وضربه الطاعن بعصا على جبهته، ونقل من تقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه تعزى إصابته القطعية الرضية بالرأس بما أحدثته من كسور بالجمجمة وتهتكات وأنزفة بالمخ أدت إلى توقف مراكز المخ الحيوية، مع مساهمة الجرح الرضي بالوجه في الوفاة بما أحدثه من نزيف، وخلص إلى مسئولية الطاعن - والمتهم السابق الحكم عليه - عن الوفاة في قوله "مما يدل على قيام المتهم وآخر سبق الحكم عليه بضرب المجني عليه على رأسه بالأداتين اللتين كانتا بأيديهما وساهمت كل ضربة في إحداث وفاة المضروب" وهو استخلاص سائغ من الحكم وصحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. وكان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهما في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يُعرف. وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود التي لا ينازع الطاعن في أنها ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً قد تم بين الطاعن - ومن سبق الحكم عليه - على ضرب المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض.
2- من المقرر أنه لا على الحكم أن يعرض برد مستقل لدفاع الطاعن بعدم تواجده على مسرح الحادث لكونه دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
3- من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعوّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
4- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال الشاهد الأول لا يتفق وما قرره عمال البناء - المتواجدون بمكان الواقعة - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات دون أن يعوّل على أقوال عمال البناء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول.
5- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
6- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بالكشف على جثة المجني عليه وجد به إصابات حيوية حديثة عبارة عن أولاً: جرح طوله خمسة عشر سنتيمتراً تقريباً يقع بفروة الرأس ...... ويجوز حدوثه من الضرب بفأس. ثانياً: جرح رضي طوله واحد ونصف سنتيمتر تقريباً يقع بجانب وحشية الحاجب الأيمن نتج عنه انسكابات دموية مقابل وحول الجرح ....... ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصى أو ما في حكمها". وكان البيّن من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم المطعون فيه له صداه وأصله الثابت في الأوراق ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له وجه.
7- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الأوراق الرسمية الدالة على مرض الطاعن وأنه لا يقوى على التشاجر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر سبق الحكم عليه: أ: ضربا عمداً المجني عليه ...... بأن قاما بالتعدي على رأسه بالضرب بأداتين "فأس، عصا" فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته.
ب: أحرزا أداتين "فأس، عصا" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازهما مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1, 25 مكررا/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978, 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر سبق الحكم عليه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب. والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه أقام مسئولية الطاعن باعتباره فاعلا أصلياً على أساس صلة القرابة بينه وبين المتهم الأول ودون أن يدلل تدليلاً سائغاً على قيام الاتفاق بينهما أو يرد على دفاعه بعدم تواجده على مسرح الحادث إبان وقوعه، وعوّل الحكم - من بين ما عوّل عليه - على أقوال الشاهد الأول بتحقيقات النيابة العامة ولم يلتفت إلى تناقضها مع أقواله بمحضر الاستدلالات، فضلا عن تناقضها مع أقوال عمال البناء المتواجدين بمكان الواقعة، وعلى تحريات الشرطة رغم تناقضها وكونها جاءت ترديداً لرواية الشاهد الأول، وأثبت الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه به إصابتان ساهمتا في إحداث وفاته في حين أن الثابت بالتقرير أن إصابة واحدة بالرأس ناتجة عن الضرب بفأس هي التي ضربة في إحداث وفاة المضروب. "وهو استخلاص سائغ من الحكم وصحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهما في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلا منهما قصد قصدِ الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يُعرف. وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود التي لا ينازع الطاعن في أنها ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقا قد تم بين الطاعن ومن سبق الحكم عليه على ضرب المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض، ولا على الحكم من بعد أن يعرض برد مستقل لدفاع الطاعن بعدم تواجده على مسرح الحادث لكونه دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعوّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه نتج عنها الوفاة، وأخيراً فقد التفتت المحكمة عن دفاعه المؤيد بالمستندات من أنه مريض ولا يقوى على التشاجر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات وما أورده التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت أن الطاعن - ومن سبق الحكم عليه - باشرا معاً الاعتداء على المجني عليه وأن من سبق الحكم عليه ضربه بفأس على رأسه وضربه الطاعن بعصا على جبهته، ونقل من تقرير الطب الشرعي أن وفاة المجني عليه تعزى إصابته القطعية الرضية بالرأس بما أحدثته من كسور بالجمجمة وتهتكات وأنزفة بالمخ أدت إلى توقف مراكز المخ الحيوية، مع مساهمة الجرح الرضي بالوجه في الوفاة بما أحدثه من نزيف، وخلص إلى مسئولية الطاعن - والمتهم السابق الحكم عليه - عن الوفاة في قوله "مما يدل على قيام المتهم وآخر سبق الحكم عليه بضرب المجني عليه على رأسه بالأداتين اللتين كانتا بأيديهما وساهمت كل - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال الشاهد الأول لا يتفق وما قرره عمال البناء - المتواجدين بمكان الواقعة - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات دون أن يعوّل على أقوال عمال البناء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بالكشف على جثة المجني عليه وجد به إصابات حيوية حديثة عبارة عن أولاً: جرح طوله خمسة عشر سنتيمتراً تقريباً يقع بفروة الرأس. ........ ويجوز حدوثه من الضرب بفأس ثانياً: جرح رضي طوله واحد ونصف سنتيمتر تقريباً يقع بجانب وحشية الحاجب الأيمن نتج عنه انسكابات دموية مقابل وحول الجرح .......... ويجوز حدوثها من مثل الضرب بعصا أو ما في حكمها". وكان البيّن من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أورده الحكم المطعون فيه له صداه وأصله الثابت في الأوراق ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الأوراق الرسمية الدالة على مرض الطاعن وأنه لا يقوى على التشاجر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.