أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 82

جلسة 14 من يناير سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الحفيظ, ربيع شحاتة, نبيل مسعود وعباس عبد السلام نواب رئيس المحكمة.

(9)
الطعن رقم 10985 لسنة 80 القضائية

(1) استيلاء على أموال أميرية. تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. موظفون عموميون. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات. مناط تحققها؟
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟
استخلاص القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً. غير لازم. ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي الاستيلاء على مال عام والتزوير في محرر عرفي.
(2) شروع. استيلاء على أموال أميرية. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". تزوير "أوراق عرفية".
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في استظهار أركان جريمتي الشروع في الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدي. غير مجد. ما دامت المحكمة طبقت حكم المادة 32 عقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد.
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمة التزوير. غير مجد. طالما عاقبته بعقوبة تدخل في حدود المقررة لجناية الاستيلاء على المال العام التي دانه بها مجردة من الظروف المشددة بارتباطها بجريمة تزوير محرر عرفي أو استعماله.
(3) رد. استيلاء على أموال أميرية.
رد الجاني مقابل المال الذي استولى عليه. لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء. علة ذلك؟
(4) رد. استيلاء على أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جزاء الرد يدور مع موجبه مع بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه. أساس ذلك؟
قضاء الحكم المطعون فيه برد الطاعن للمال المستولى عليه رغم ثبوت رده له. يعيبه. أثر ذلك؟
(5) غرامة. استيلاء على أموال أميرية. عقوبة "الإعفاء منها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه. لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 عقوبات. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. أثر ذلك؟ لمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.
(6) استيلاء على أموال أميرية. عزل. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه".
قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن والغرامة دون العزل من وظيفته. خلافاً لما تقضي به المادة 118 عقوبات. خطأ. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في غضون الفترة من عام .... حتى ..... سنة .... وعلى أثر إسناد عمليات غسيل كلى للمرضى المعالجين على نفقة الدولة بمستشفى المتهم قام المذكور بالاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مديرية الشئون الصحية ..... وذلك حيلة بقصد إضاعة المال على ربه والذي يعمل في ذات الحين موظفاً عاماً كبير أطباء بشريين بدرجة مدير عام بمستشفى الكلية التعليمي جامعة .... فقد هداه تفكيره إلى القيام بمطالبة مديرية الشئون الصحية والاستيلاء بغير حق على تلك الأموال وساند طلبه بكتابات مزورة أثبت بها على خلاف الحقيقة القيام بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد ...... مريضاً من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة ...... محتجاً بصحة ما أثبت بها زوراً وصرف مبالغ قدرها ........ وشروعه في الاستيلاء على مبالغ أخرى قدرها ......... وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو وقف صرف المطالبات عقب ضبط الواقعة، كما أن المتهم أضر عمداً بأموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... بلغت قيمته ....... بأن قام بالاستيلاء على مبلغ ....... بغير حق مما أضاع على الجهة المشار إليها سلفاً المبلغ وفوائده كما أنه استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بالغسيل الكلوي". وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال ..... عضو الرقابة الإدارية و....... و...... وأعضاء اللجان المشكلة ومما أثبت بملاحظات النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للقصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر مع المتهم بانتفاء القصد الجنائي فمردود بما هو مقرر قانوناً أن القصد الجنائي العام في جناية الاستيلاء بعنصريه عن علم وإرادة وهو أن يعلم المتهم بصفته كموظف عام وأن المال الذي استولى عليه مال عام أو أنه تحت يد إحدى الجهات التي نص عليها القانون ويتعين أن يعلم بماهية فعله وأن من شأنه الاعتداء على ملكية المال وعلى الأقل إخراج المال من حيازة الجهة العامة التي تحوزه. لما كان ذلك، وكان المتهم موظفاً عاماً كبير أطباء البشريين عالماً تمام العلم بهذه الصفة وقام وهو عالم بهذه الصفة بالاستيلاء على أموال مديرية الشئون الصحية ...... باستخدام طرق احتيالية من خلال قيامه بتزوير مطالبات تضمنت على - خلاف الحقيقة - قيامه بمعالجة مرضى تبين وفاتهم في تواريخ سابقة على تحرير تلك المطالبات وأوهم الجهة الحائزة للمال بأحقيته في هذا المال بمقر عمله في علاج المرضى واستولى بهذه الطريقة من الاحتيال على مبلغ ....... جنيهاً وشرع في الاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً وهو ما تأيد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية وما قرره شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة تمام الاطمئنان وما أقر به المتهم بالتحقيقات بقيامه بتحرير المطالبات المزورة والتوقيع عليها ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد يستوجب الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولى الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها في الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه، وإذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2- لما كان ما يثيره الطاعن بصدد جريمتي الشروع في الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدي لا يجدى به نفعاً لأنه بفرض قصور الحكم في استظهار أركان تلك الجرائم فإن ذلك يوجب نقضه ما دامت المحكمة طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد. هذا إلى انتفاء مصلحته في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله.
3- من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء رد الجاني مقابل المال الذي قام بالاستيلاء عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعي الطاعن بأنه سدد المبالغ المستولى عليها لا يكون له محل.
4- من المقرر أن المادة 118 من قانون العقوبات نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". لما كان ذلك، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن رد ما استولى عليه من مال، فإن الحكم إذ قضى بالرد يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من رد.
5- من المقرر أن قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات، وكان المال الذي استولى عليه الطاعن وأخرجته مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... محدداً بمبلغ ....... جنيه على وجه القطع لا يدخل فيه فوائد أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع، فإنه ما كان للمحكمة - حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة المبلغ المستولى عليه وتقضي بالغرامة على هذا الأساس ما دام أن المبالغ المستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام، أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 الحكم بتصحيح الخطأ، والحكم بمقتضى القانون، وذلك بجعل مقدار الغرامة المقضي بها مبلغ ....... جنيه ما دام تصحيح الحكم لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.
6- لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغاً مساوياً لما تم الاستيلاء عليه إلا أنه لم يقض بعزله من وظيفته على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون في هذا الصدد، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- بصفته موظفا عاما – كبير أطباء وحدة الكلى الصناعية بمستشفى .... التعليمي التابع لجامعة .... إحدى جامعات وزارة التعليم العالي – استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ ..... جنيها من أموال مديرية الشئون الصحية محافظة .... التابعة لوزارة الصحة وكان ذلك حيلة بأن تقدم بمطالبات مزورة بالقيمة آنفة البيان إلى إدارة شئون العلاج الحر بالمديرية سالفة الذكر تضمنت – على خلاف الحقيقة – قيامه بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى قاصدا من ذلك الاستيلاء على المبلغ آنف البيان وقد ارتبطت تلك الجناية بجريمتي تزوير محررات عرفية واستعمالها ارتباطا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان وبصفته سالفة الذكر غير بقصد التزوير موضوع المطالبات المبينة عددا ووصفا بالتحقيقات وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد سبعة عشر مريضا من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة ..... محتجا بصحة ما أثبت بها زورا ولصرف المبلغ آنف البيان وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 215 من قانون العقوبات على النحو المبين بالأوراق. 2- بصفته آنفة البيان شرع في الاستيلاء بغير حق وبينة التملك على مبلغ .... جنيها من أموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... وكان ذلك حيلة بأن تقدم بمطالبات مزورة تضمنت – على خلاف الحقيقة – قيامه بعمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد من المرضى قاصدا من ذلك الاستيلاء على المبلغ المذكور وخاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته به وهو وقف صرف المطالبات آنفة البيان عقب ضبط الواقعة وقد ارتبطت تلك الجناية بجريمتي تزوير محررات عرفية واستعمالها ارتباطا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان وبصفته سالفة الذكر غير بقصد التزوير موضوع المطالبات المبينة عددا ووصفا بالتحقيقات وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت في هذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد من المرضى على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة .... محتجا بصحة ما أثبت بها زورا ولصرف المبلغ آنف البيان وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 215 عقوبات على النحو المبين بالأوراق. 3- بصفته سالفة الذكر استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بعمليات الغسيل الكلوي على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 113/ 1، 2، 116 مكررا/ 1، 116 مكررا ج/ 3، 118، 118 مكررا، 119/ أ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات وبعد إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه برد المبلغ المختلس وبتغريمه مبلغا مساويا له وبحظر بمزاولة النشاط لمدة ثلاث سنوات وبنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه بإحدى الجرائد القومية الرسمية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .......... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاستيلاء على مال عام والشروع فيه المرتبطين بجريمتي التزوير في محررات عرفية واستعمالها مع العلم بتزويرها والإضرار العمدي بالمال العام وجريمة استعمال مادة فاسدة غير عالم بفسادها تنفيذاً لعقد مقاولة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون إذ حرر بصيغة عامة معماة دون أن يعني ببيان جريمة الشروع في الاستيلاء أو يدلل تدليلًا سائغاً على توافر القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء والتزوير إذ استدل على توافره في حق الطاعن من مجرد كون الطاعن كبير أطباء بشريين وهو ما لا يوفر علم الطاعن بالتزوير والتفت الحكم عن دفاع الطاعن بانتفاء الضرر في جريمة الإضرار العمدي أو باقي الوقائع لسداده كافة المبالغ محل الاتهام. هذا إلى أن الحكم قضى بإلزام الطاعن برد مبلغ ...... جنيهات وتغريمه مبلغاً مساوياً له رغم إثبات الحكم بمدوناته سداد الطاعن لهذا المبلغ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في غضون الفترة من عام ... حتى .... سنة .... وعلى أثر إسناد عمليات غسيل كلى للمرضى المعالجين على نفقة الدولة بمستشفى المتهم قام المذكور بالاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مديرية الشئون الصحية ..... وذلك حيلة بقصد إضاعة المال على ربه والذي يعمل في ذات الحين موظفاً عاماً كبير أطباء بشريين بدرجة مدير عام بمستشفى الكلية التعليمي جامعة ....... فقد هداه تفكيره إلى القيام بمطالبة مديرية الشئون الصحية. والاستيلاء بغير حق على تلك الأموال وساند طلبه بكتابات مزورة أثبت بها على خلاف الحقيقة القيام بإجراء عمليات غسيل كلوي وصرف دواء لعدد من المرضى بأن أثبت بهذه المحررات قيامه بإجراء عمليات غسيل كلى وصرف دواء لعدد ...... مريضاً من المرضى الصادر لصالحهم قرارات وزارية بالعلاج على نفقة الدولة على الرغم من وفاتهم في تواريخ سابقة على تواريخ تلك المطالبات واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن تقدم بها إلى إدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية التابعة لوزارة الصحة بمحافظة ...... محتجاً بصحة ما أثبت بها زورا وصرف مبالغ قدرها ....... جنيهاً "وشروعه في الاستيلاء على مبالغ أخرى قدرها ...... جنيهاً وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو وقف صرف المطالبات عقب ضبط الواقعة، كما أن المتهم أضر عمداً بأموال مديرية الشئون الصحية بمحافظة .... بلغت قيمته ...... جنيهات بأن قام بالاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً بغير حق مما أضاع على الجهة المشار إليها سلفاً المبلغ وفوائده كما أنه استعمل مواد فاسدة تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينه وبين مديرية الشئون الصحية بمحافظة ..... التابعة لوزارة الصحة حال كونه غير عالم بفسادها وذلك بأن قام باستخدام مياه غير مطابقة للمواصفات القياسية في الأجهزة الخاصة بالغسيل الكلوي". وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال ..... عضو الرقابة الإدارية و....... و...... وأعضاء اللجان المشكلة ومما أثبت بملاحظات النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للقصد الجنائي لدى الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدي من الحاضر مع المتهم بانتفاء القصد الجنائي فمردود بما هو مقرر قانوناً أن القصد الجنائي العام في جناية الاستيلاء بعنصريه من علم وإرادة وهو أن يعلم المتهم بصفته كموظف عام وأن المال الذي استولى عليه مال عام أو أنه تحت يد إحدى الجهات التي نص عليها القانون ويتعين أن يعلم بماهية فعله وأن من شأنه الاعتداء على ملكية المال وعلى الأقل إخراج المال من حيازة الجهة العامة التي تحوزه. لما كان ذلك، وكان المتهم موظفاً عاماً كبير الأطباء البشريين عالماً تمام العلم بهذه الصفة وقام وهو عالم بهذه الصفة بالاستيلاء على أموال مديرية الشئون الصحية ...... باستخدام طرق احتيالية من خلال قيامه بتزوير مطالبات تضمنت - على خلاف الحقيقة - قيامه بمعالجة مرضى تبين وفاتهم في تواريخ سابقة على تحرير تلك - المطالبات وأوهم الجهة الحائزة للمال بأحقيته في هذا المال بمقر عمله في علاج المرضى واستولى بهذه الطريقة من الاحتيال على مبلغ ...... جنيهاً وشرع في الاستيلاء على مبلغ ....... جنيهاً وهو ما تأيد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية وما قرره شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة تمام الاطمئنان وما أقر به المتهم بالتحقيقات بقيامه بتحرير المطالبات المزورة والتوقيع عليها ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد يستوجب الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكانت الأركان القانونية لجناية الاستيلاء على مال عام المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولي الموظف العام أو من في حكمه على مال الدولة أو غيرها في الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه، واذ كان البين مما سطره الحكم المطعون فيه فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن بصدد جريمتي الشروع في الاستيلاء على مال عام والإضرار العمدي لا يجدي به نفعاً لأنه بفرض قصور الحكم في استظهار أركان تلك الجرائم فإن ذلك يوجب نقضه ما دامت المحكمة طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد. هذا إلى انتفاء مصلحته في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله. لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء رد الجاني مقابل المال الذي قام بالاستيلاء عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، فإن نعي الطاعن بأنه سدد المبالغ المستولى عليها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات نصت على أنه "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112, 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكررا فقرة أولى, 114, 115, 116, 116 مكررا, 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته، كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112, 113 فقرة أولى وثانية ورابعة, 113 مكررا فقرة أولى, 114, 115, بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". لما كان ذلك، وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نفسه أن الطاعن رد ما استولى عليه من مال، فإن الحكم إذ قضى بالرد يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من رد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام المتهم بسداد المبلغ المستولى عليه لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات، وكان المال الذي استولى عليه الطاعن وأخرجته مديرية الشئون الصحيحة بمحافظة .... محدداً بمبلغ ....... جنيه على وجه القطع لا يدخل فيه فوائد أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع، فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة المبلغ المستولى عليه وتقضي بالغرامة على هذا الأساس ما دام أن المبالغ المستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام، أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، واذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين - حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - الحكم بتصحيح الخطأ, والحكم بمقتضى القانون، وذلك بجعل مقدار الغرامة المقضي بها مبلغ ...... جنيه ما دام تصحيح الحكم لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغاً مساوياً لما تم الاستيلاء عليه إلا أنه لم يقضي بعزله من وظيفته على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون في هذا الصدد، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.