الجريدة الرسمية - العدد 10 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
5 جمادى الآخرة سنة 1437هـ، الموافق 14 مارس سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة ٢٠١٦م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٤٧ لسنة ٣١ قضائية " دستورية ".

المقامة من

السيد/ مالك محمد عونى.

ضـد

١ - السيد رئيس الجمهورية.
٢ - السيد رئيس مجلس الشعب.
٣ - السيد رئيس مجلس الوزراء.
٤ - السيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من فبراير سنة ٢٠٠٩، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبًا الحكم بعدم دستورية قانون العمل فى مادته (٦٩) وما بعدها، فيما لم يتضمنه من تنظيم الإجازة الخاصة. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد التحق بالعمل بمؤسسة الأهرام فى 1/ 6/ 1998، وحصل على إجازة بدون مرتب لمدة عام اعتبارًا من 1/ 1/ 2004 ثم تجددت هذه الإجازة بناءً على طلبه حتى 30/ 6/ 2008 حيث تم التنبيه عليه بضرورة الانتظام فى العمل اعتبارًا من/ 7/ 2008١ إلا أنه تغيب عن العمل دون إذن أو عذر مقبول، فأنذرته المؤسسة بتاريخ 16، 26/ 7/ 2008 بضرورة الانتظام فى العمل وإلا فسيتم إنها ء خدمته، وأخطرت نقابة الصحفيين بعزمها على إنهاء خدمة المذكور، وإزاء استمراره فى الانقطاع عن العمل، أقامت المؤسسة الدعوى رقم ٨٣٣٩ لسنة ٢٠٠٨ عمال كلى شمال القاهرة طلبًا للحكم بفصل المدعى من الخدمة إعمالاً لنص المادة (69/ 4) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، كما أقام المدعى الدعوى رقم ٨٤٢٣ لسنة ٢٠٠٨ عمال كلى شمال القاهرة طلبًا للحكم بإلزام مؤسسة الأهرام بتجديد الإجازة الممنوحة له لمدة سنة قابلة للتجديد، وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وأثناء نظرهما دفع الحاضر عن المدعى بجلسة 26/ 11/ 2008 بعدم دستورية نص المادة (٦٩) وما بعدها من قانون العمل، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية فقد أقام المدعى دعواه الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى الماثلة، فمردود أولاً: بأن المدعى كشف عن أنه لا يتوخى بدعواه هذه، غير مجرد الحكم بعدم دستورية نص المادة (٦٩) المطعون عليها، فيما لم يتضمنه من تنظيم الإجازة الخاصة، ليكون إبطالها مؤديًا بالضرورة - ودون تدخل تشريعى - إلى مساواته بالعاملين المدنيين فى الدولة الذين يمنحون الإجازة الخاصة دون قيد. ومردود ثانيًا: بأن الدستور، وإن خوّل السلطة التشريعية أصلاً اختصاص إقرار النصوص القانونية، باعتبار أن ذلك مما يدخل فى نطاق الدائرة الطبيعية لنشاطها، إلا أن إقرار هذه النصوص لا يعصمها من الخضوع للرقابة القضائية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا فى شأن دستوريتها، وهى رقابة غايتها إبطال ما يكون منها مخالفًا للدستور، ولا سيما ما كان منها متصلاً بالحقوق التى أهدرتها ضمنًا، سواء كان إخلالها بها مقصودًا ابتداء، أم كان قد وقع عرضًا.
وحيث إن الثابت من مطالعة نص المادة (٦٩) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ يتبين أنه يتعلق بتحديد الحالات التى يجوز فيها فصل العامل، وقد ورد هذا النص ضمن أحكام الفصل الثانى من الباب الخامس من قانون العمل تحت عنوان " التحقيق مع العمال ومساءلتهم " بينما وردت أحكام الإجازات فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من ذلك القانون.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعى - وفى الحدود التى اختصم فيها النص التشريعى المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعى قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستق لا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية. ثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة فى مخاصمته، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن الدفع المبدى من المدعى بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع انصب على نص المادة (٦٩) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ باعتباره النص الذى تطلب مؤسسة الأهرام فصل المدعى من العمل استنادًا إلى البند الرابع منه، لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة الإجازة الخاصة السابق منحها له لرعاية والده المريض، إلا أن مناعيه فى صحيفة دعواه الدستورية خلت من أية مثالب دستورية توجه إلى هذا النص سوى خلوه من تنظيم الإجازة الخاصة، والتى قد يكون موضعها - إذا تضمنها ذلك القانون - الباب الرابع من الكتاب الثانى الوارد تحت عنوان "الإجازات" وهو ما لم يكن محل طعن المدعى، ومن ثم فإن ما يتصوره المدعى من إخلال هذا النص بحقوقه لا يعود إليه، مما تنتفى معه مصلحة المدعى فى الطعن عليه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الشق من الدعوى. وحيث إنه عن الدفع بعدم الدستورية عن المواد التالية للمادة (٦٩) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، فإن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المادة (٣٠) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ توجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها، بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى مخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن هذه البيانات تعد من البيانات الجوهرية التى تنبئ عن جدية الدعوى بما يمكن معها تحديد موضوعها، وإلا كان هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها.
متى كان ما تقدم وكان ما ورد بدفع المدعى أمام محكمة الموضوع، وردده بصحيفة دعواه الدستورية من الطعن بعدم الدستورية على المواد التالية للمادة (٦٩) قد جاء دون تحديد لهذه المواد وأوجه الطعن عليها، ومن ثم يكون هذا الدفع وتلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى أيضًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة