الجريدة الرسمية - العدد 10 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
5 جمادى الآخرة سنة 1437هـ، الموافق 14 مارس سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة ٢٠١٦م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ١٥١ لسنة ٣٤ قضائية "دستورية ".

المقامة من

السيد/ نبيل محمد عبد السميع عباسى.

ضـد

١ - السيد رئيس الجمهورية.
٢ - السيد رئيس مجلس الوزراء.
٣ - السيد وزير العدل.
٤ - السيد المستشار النائب العام.
٥ - السيد/ عمرو أمين حمزة النشرتى .


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من سبتمبر سنة ٢٠١٢، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا فى ختامها الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (١٦) و(١٧) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠ فيما لم يتضمناه من اعتبار وجود المتهم خارج البلاد مانعًا تنقطع به مدة التقادم.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم؛ أصلًيا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى بجلسة السادس من فبراير سنة ٢٠١٦؛ وفيها طلب المدعى تقديم مذكرة، فقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوع، فقدم المدعى مذكرة صمم فيها على طلبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام ضد المدعى عليه الخامس، بطريق الادعاء المباشر، الدعوى رقم ٢٢٤٨ لسنة ٢٠٠٤ أمام محكمة جنح قصر النيل؛ بطلب الحكم بمعاقبته بمقتضى المادتين ٣٣٦ و٣٣٧ من قانون العقوبات، وبإلزامه بأن يؤدى إليه تعويضًا مؤقتًا مقداره ٢٠٠١ جنيه، لإصداره للمدعى شيكًا بمبلغ ٨١٥٠٠ دولار، مسحوبًا على المصرف العربى الدولى " فرع القاهرة "، دون رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وبجلسة ٢١/ 4/ 2004 قضت المحكمة غيابيًا بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل، وألزمته أن يؤدى للمدعى ٢٠٠١ جنيه على سبيل التعويض المؤقت، فطعن المدعى عليه الخامس على هذا الحكم بطريق المعارضة، وبجلسة 11/ 7/ 2012 دفع المدعى بعدم دستورية نصى المادتين (١٦) و(١٧) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (١٦) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "لا يوقف سريان المدة التى تسقط بها الدعوى الجنائية لأى سبب كان ".
وتنص المادة (١٧) من القانون ذاته على أن: " تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أُخطر بها بوجه رسمى، وتسرى المدة من جديد ابتداءً من يوم الانقطاع.
وإذا تعددت الإجراءات التى تقطع المدة، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء ".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وكان من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناءً على مخالفة النص التشريعى المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، وبالتالى لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان معًا مفهومها؛ أولهما: أن يقيم المدعى - فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، وليس ضررًا متوهمًا أو نظرًيا أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تُحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا عن هذا النص ومترتبًا عليه؛ فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المشرع الجنائى، وإن خول المدعى بالحقوق المدنية فى بعض الجرائم التى يجوز فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبًا قانونًيا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعى بالحقوق المدنية على دعواه المدنية؛ فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم فى الدعوى المدنية التى يقيمها، أما الشق الجنائى من الدعوى فلا علاقة له به؛ إذ لا يُعد طرفًا من أطراف الخصومة الجنائية التى انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته - باعتباره مدعيًا بالحقوق المدنية - فى طلب تعويضه عن الأضرار التى لحقته من جراء الجريمة التى اقترفها المتهم فى الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذى يراه حولها، وإنما يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التى وقعت، طالبًا تعويضه مدنًيا عن الضرر الذى لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها.
وحيث إن المادة (٢٥٩) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: " تنقضى الدعوى المدنية بمضى المدة المقررة فى القانون المدنى، ومع ذلك لا تنقضى بالتقادم الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة (١٥) من هذا القانون والتى تقع بعد تاريخ العمل به.
وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك فى سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ".
وحيث إن مفاد هذا النص - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن لكل من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية أسباب انقضاء خاصة بها، فأسباب انقضاء الدعوى الجنائية مقصورة عليها وحدها ولا تأثير لها على انقضاء الدعوى المدنية التى تنقضى كأصل عام بمضى المدة المقررة فى القانون المدنى.
وحيث إن الدفع المبدى من المدعى عليه الخامس - المدعى عليه فى الدعوى الجنائية - بانقضاء الدعوى بمضى المدة عملاً بحكم المادة (١٥) من قانون الإجراءات الجنائية والتى تقضى بانقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له من صلة بالدعوى المدنية فلا تسقط تبعًا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر - وفقًا لما تقدم - أن التقادم فى الدعوى الجنائية يسقط حق الدولة فى العقاب، أما حق المدعى بالحقوق المدنية فى التعويض فيظل قائمًا لا ينقضى إلا بانقضاء المدة المقررة لانقضاء الحقوق فى القانون المدنى على النحو الذى قررته المادة (١٧٢) منه، ومن ثم فإن المركز القانونى للمدعى، باعتباره مدعيًا بالحق المدنى - وهو ليس طرفًا من أطراف الدعوى الجنائية لن يتغير حتى ولو قُضى بعدم دستورية النصين المطعون فيهما؛ اللذين ينظمان وقف وانقطاع سريان المدة التى تسقط بها الدعوى الجنائية، وبالتالى لا يكون للمدعى ثمة مصلحة فى الطعن بعدم دستوريتهما؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة