الجريدة الرسمية - العدد 10 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
5 جمادى الآخرة سنة 1437هـ، الموافق 14 مارس سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة ٢٠١٦م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى اسكندر والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٧٩ لسنة ٣٥ قضائية " دستورية ".

المقامة من

السيد/ عصام على محمد إسماعيل بكر.

ضـد

١ - السيد رئيس الجمهورية.
٢ - السيد رئيس مجلس الشورى.
٣ - السيد رئيس مجلس الوزراء.
٤ - السيد وزير العدل.
٥ - السيد المستشار النائب العام.
٦ - السيدة/ أمل إبراهيم غانم درويش.


الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من مايو سنة ٢٠١٣، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا صحيفة هذه الدعوى، طالبًا الحكم بعدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٤ .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلًيا: الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى عليها السادسة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم ١١٤ لسنة ٢٠١٢ أسرة سيدى سالم، بطلب الحكم بإلزامه بأن يسلم لها أعيان الجهاز الخاصة بها والموضحة وصفًا وقيمة بقائمة أعيان جهازها الموقع عليها منه، وعند تعذر التسليم دفع قيمتها بمبلغ مقداره خمسة وتسعون ألف جنيه، فقضت تلك المحكمة بجلسة ٣٠ يناير ٢٠١٣، بإلزام المدعى بتسليم أعيان الجهاز المذكورة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. لم يرتض المدعى هذا القضاء، فطعن عليه أمام محكمة الاستئناف مأمورية استئناف كفر الشيخ وقيد برقم ٩١٤ لسنة ٤٦ ق أسرة طالبًا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى، وأمام تلك المحكمة دفع المدعى بعدم دستورية القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٤ لمخالفته نص المادة (١٩٥) من دستور سنة ١٩٧١، فصرحت له محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعى نعى على قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٤، بعدم الدستورية لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، بالمخالفة لنص المادة (١٩٥) من دستور سنة ١٩٧١، كما نعى على نص المادة (١٤) من القانون ذاته أنها تحظر الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محاكم ا لأسرة، بالمخالفة لنص الفقرة (٥) من المادة (١٤) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم ٥٣٧ لسنة ١٩٨١. كما نعى على مجمل أحكامه - دون تعيين لنص بذاته - إيجابه إشراك عنصرين غير قضائيين فى تشكيل محكمة الأسرة، وعدم إن شاء محاكم أسرة استئنافية، وإسناده الاختصاص بنظر استئناف أحكام محاكم الأسرة إلى محاكم الاستئناف العادية، كما نعى على هذا القانون أنه أوجب لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة أن يتقدم المدعى بطلب تسوية قبل رفع دعواه، فضلاً عن مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية برفع سن الحضانة عن الحدود الشرعية، ولعدم توحيد إجراءات التقاضى أمام قاض واحد وهو ما رأى فيه انتهاكًا لنصوص دستور سنة ١٩٧١ أرقام (٢ و٤٠ و٤١ و٦٨ و١٥١ و١٦٥ و١٦٦ و١٦٧ و١٨٨ و١٩٥).
وحيث إنه عما نعى به المدعى من عدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٤، لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، فمردود: بأن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الفصل فيما يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى وقاعدة موضوعية فى الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاءً فى موضوعها منطويًا لزومًا على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، ومانعًا من العودة إلى بحثها مرة أخرى، ذلك أن العيوب الشكلية، وبالنظر إلى طبيعتها لا يتصور أن يكون بحثها تاليًا للخوض فى المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة بالتالى أن تتحراها بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محددًا فى إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دومًا؛ إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأى مطاعن موضوعية.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة سبق أن عرض عليها بعض نصوص القانون ذاته فقضت برفض الطعن بعدم دستورية نص المادة (١٤) منه، فى القضية رقم ٢٤ لسنة ٢٣ قضائية " دستورية " بجلسة ٦ إبريل ٢٠١٤، كما قضت برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (٢)، فى القضية رقم ٥٦ لسنة ٢٧ قضائية " دستورية " بجلسة ١١ إبريل ٢٠١٥، كما قضت برفض الطعن على نص المادتين (2، 9) منه فى القضية رقم ١٧٧ لسنة ٢٧ قضائية " دستورية " بجلسة ٩ مايو ٢٠١٥، فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا - وقد صدر فى شأن مطاعن موضوعية - يكون متضمنًا لزومًا تحققها من استيفاء نصوص هذا القانون لأوضاعه الشكلية، إذ لو كان الدليل قد قام على تخلفها، لامتنع عليها أن تفصل فى اتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور الموضوعية، ومن ثم فإن الادعاء بصدور هذا القانون على خلاف الأوضاع الشكلية التى تطلبها نص المادة (١٩٥) من دستور سنة ١٩٧١ الذى صدر فى ظله، يكون قائمًا على غير أساس حريًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ولايتها فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقًا للأوضاع، المقررة فى المادة (٢٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها بعدم دستورية نص تشريعى وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريًا فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها. متى كان ما تقدم، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة 3/ 5/ 2013 أمام محكمة الاستئناف فى الدعوى الموضوعية التى أثير فيها الدفع، أن المدعى دفع بعدم دستورية القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٤، المشار إليه لمخالفته نص المادة (195) من الدستور، وهو ما انصب عليه تصريح محكمة الموضوع دون غيره، وهو عيب إجرائى يعود إلى كيفية إصدار هذا القانون دو ن أن يستطيل إلى أحكامه الموضوعية، إلا أن المدعى بعد أن أقام دعواه أضاف عيوبًا موضوعية تتعلق بنصوص معينة فى هذا القانون كانت فى غيبة عن محكمة الموضوع وقت أن صرحت بإقامة الدعوى الدستورية، ومن ثم فإن ما أثاره من عيوب موضوعية لا تعدو أن تكون دعوى دستورية مباشرة أقيمت من المدعى دون تصريح من محكمة الموضوع بالمخالفة للقواعد الإجرائية المنظمة للتداعى أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة