الجريدة الرسمية - العدد 10 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
5 جمادى الآخرة سنة 1437هـ، الموافق 14 مارس سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة ٢٠١٦م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى اسكندر - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٣٥ لسنة ٣٠ قضائية "منازعة تنفيذ ".

المقامة من

السيد/ رمزى ناشد سلامة.

ضـد

١ - السيد رئيس الجمهورية.
٢ - السيد رئيس مجلس الشعب.
٣ - السيد وزير العدل.
٤ - السيد المستشار رئيس محكمة النقض.
٥ - السادة المستشارين رئيس وأعضاء دائرة الأربعاء المدنية والتجارية بمحكمة النقض.
٦ - السيد المستشار النائب العام.
٧ - السيدة/ سهير مصطفى سرى.
٨ - السيدة/ ألفت مصطفى سرى.


الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من أغسطس سنة ٢٠٠٨، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا فى ختامها الحكم؛ أصليًا: بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية، بجلسة 18/ 12/ 1997، والقرار الصادر من محكمة النقض فى غرفة مشورة فى الطعن رقم ٣٩٥ لسنة ٦٨ قضائية بجلسة 11/ 6/ 2008، والاستمرار فى تنفيذ مقتضى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما: فى الدعوى رقم ١١٦ لسنة ١٨ قضائية " دستورية "، والصادر ثانيهما: فى الدعوى رقم ٧٠ لسنة ١٨ قضائية " دستورية "، واحتياطيا: القضاء تصديا بعدم دستورية نص المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فيما لم يتضمنه من وضع حد زمنى لامتداد عقد الإيجار قانونًا لمدة تزيد على مدة عقد الحكر أو بانتهاء عقد الإيجار الذى يلزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم أصلًيا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أنه بتاريخ 1/ 10/ 1940 استأجر السيد/ مصطفى سرى والد المدعى عليهما السابعة والثامنة الشقة رقم ١٠ بالعقار رقم ٢ ش الطلمبات بجاردن سيتى، من مالكها سلف المدعى، وفى 9/ 3/ 1969 توفى المستأجر إلى رحمة الله، واستمرت أرملته وابنتاه فى شغل العين، ثم تزوجت الابنتان وانتقلت كل منهما إلى منزل زوجها - واستمرت الأرملة فى شغل العين، وفى 16/ 4/ 1994 توفيت أرملة المستأجر الأصلى إلى رحمة الله، وفى شهر أغسطس ١٩٩٤ أقام شقيقها السيد/ محمد فؤاد الخولى الدعوى رقم ٨٦٥٦ لسنة ١٩٩٤ إيجارات كلى جنوب القاهرة ضد المدعى فى الدعوى الماثلة، بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار باسمه تطبيقًا لنص المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧، على سند من إقامته ومساكنته شقيقته قبل وفاتها. ومن جهة أخرى أقامت السيدة/ نيرفانا صافى ابنة المدعى عليها الثامنة وحفيدة المستأجر الأصلى الدعوى رقم ١١٥٠٠ لسنة ١٩٩٥ إيجارات كلى جنوب القاهرة ضد المدعى فى الدعوى الماثلة بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لها عن عين التداعى ذاتها بقالة أنها كانت تقيم مع جدتها لأمها لرعايتها منذ عام ١٩٩٣ وحتى وفاتها، كما أقامت المدعى عليهما السابعة والثامنة الدعوى رقم ١٣٧٠١ لسنة ١٩٩٦ إيجارات كلى جنوب القاهرة ضد المدعى فى الدعوى الماثلة بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لهما عن العين محل التداعى، على سند من أحقيتهما فى الاستمرار فى شغل العين مع خالهم/ محمد فؤاد الخولى الذى كان يقيم معهما، وذلك بعد وفاة والدهما ووالدتهما، وبجلسة 29/ 2/ 1996 حكمت المحكمة فى الدعوى رقم ٨٦٥٦ لسنة ١٩٩٤ بإلزام المدعى فى الدعوى الماثلة بتحرير عقد إيجار للسيد/ محمد فؤاد الخولى عن العين محل التداعى، وفى الدعوى رقم ١١٥٠٠ لسنة ١٩٩٥ برفضها، فاستأنف المدعى الحكم المار ذكره بالاستئناف رقم ٦٦٨٢ لسنة ١١٣ قضائية استئناف القاهرة، كما استأنفته السيدة/ نيرفانا صافى بالاستئناف رقم ٦٩٥٥ لسنة ١١٣ قضائية, وبجلسة 29/ 2/ 1997 قضت المحكمة بعد أن ضمت الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المدعى على ذلك الحكم بالنقض رقم 1092 لسنة ٦٧ قضائية، وبجلسة 23/ 4/ 1997 حكمت المحكمة فى الدعوى رقم ١٣٧٠١ لسنة ١٩٩٦ إيجارات كلى جنوب القاهرة المقامة من المدعى عليهما السابعة والثامنة بالرفض، فاستأنفت المدعى عليهما السابعة والثامنة ذلك الحكم بالاستئناف رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية استئناف القاهرة، وبجلسة ١٩٩٧ حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المدعى فى الدعوى الماثلة، بتحرير عقد إيجار للمستأنفتين، مع خالهما السيد/ محمد فؤاد الخولى، فطعن المدعى على ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ٣٩٥ لسنة 395 لسنة 68 قضائية، وبجلسة 11/ 6/ 2008 قضت محكمة النقض منعقدة فى غرفة مشورة بعدم قبول الطعن.
وأضاف المدعى أن الحكم الأخير قد تجاهل حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما: فى الدعوى رقم ١١٦ لسنة ١٨ قضائية "دستورية" بجلسة 2/ 8/ 1997 والذى قضى بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن " وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسبًا حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين، والصادر ثانيهما: فى الدعوى رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 3/ 11/ 2002 والذى قضى " بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، وتحديد اليوم التالى لنشر الحكم تاريخًا لإعمال أثره "، وإذ يرى المدعى أن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الطعن رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية، والذى أكده القرار الصادر من محكمة النقض منعقدة فى غرفة مشورة فى الطعن رقم ٣٩٥ لسنة ٦٨ قضائية يمثل عقبة فى سبيل تنفيذ الحكمين سالفى الذكر، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التى تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص المادة (٥٠) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، أن تعترض تنفيذ أحكامها أو قراراتها عوائق تحول قانونًا - بمضمونها - دون اكتمال مداها، أو تقيد اتصال حلقاتها، بما يعرقل جريان آثارها كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هى محل منازعة التنفيذ التى تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التى يُفترض أن تكون قد حالت فعلاً، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها وقراراتها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها فى ذلك الأمر بالمضى فى تنفيذ أحكامها وقراراتها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراه. بيد أن تدخل هذه المحكمة لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها وقراراتها، وتنال من جريان آثارها ف ى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز يفترض أمرين؛ أولهما: أن تكون هذه العوائق سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها حائلة دون تنفيذ أحكامها وقراراتها أو مقيدة لنطاقها، ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام والقرارات وربطها منطقيًا بها ممكنًا. فإذا لم تكن لها بها من صلة؛ فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الخصومة فى الدعوى الدستورية، وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريًا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام والقرارات الصادرة فى تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت فى مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضى لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتمًيا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن البين من أسباب حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر فى الاستئناف رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية، ومنطوقه، أنه قضى بإلزام المدعى بتحرير عقد إيجار لكل من المدعى عليهما الأخيرتين عن شقة التداعى، لتوافر شروط تطب يق نص الفقرة الأولى من المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فى حقهما، باعتبارهما نجلتى المستأجر الأصلى، وأنهما كانتا تقيمان بتلك الشقة قبل وفاة والديهما. وهو القضاء الذى أكده قرار محكمة النقض منعقدة فى غرفة مشورة الصادر فى الطعن رقم ٣٩٥ لسنة ٦٨ قضائية. ولما كان حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم ١١٦ لسنة ١٨ قضائية "دستورية " بجلستها المنعقدة بتاريخ 2/ 8/ 1997، قد قضى فى منطوقه "بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن (وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسبًا حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل)، ومن ثم فإن هذا القضاء يكون منبت الصلة بموضوع المنازعة الموضوعية التى كانت معروضة أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية، والذى يتمحور حول مدى أحقية المدعى عليهما الأخيرتين بصفتهما نجلتى المستأجر الأصلى فى امتداد عقد الإيجار إليهما، وبالتالى أحقيتهما فى تحرير عقد إيجار لهما عن العين محل التداعى. وهو ما أقرته هذه المحكمة بحكمها الصادر فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 3/ 11/ 2002، حيث قضت برفض الدعوى طعنًا على نص الفقرة الأولى من المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والتى تنص على أن "........... لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك "، وبعدم دستورية " نص الفقرة الثالثة من هذه المادة فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين، بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك"، ومن ثم يغدو القول بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف فى الطعن رقم ٧٣٨٠ لسنة ١١٤ قضائية يمثل عقبة فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية السالفى الإشارة، مجافيًا للحقيقة، وغير قائم على سند يبرره.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن المنازعة المعروضة تغدو غير قائمة على سند صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث إنه عن الطلب الاحتياطى، المتمثل فى إعمال المحكمة لرخصة التصدى المقررة بالمادة (٢٧) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، للقضاء بعدم دستورية نص المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما لم يتضمنه هذا النص من وضع حد أقصى لامتداد عقد الإيجار لمدة تزيد على مدة الحكر أو بانتهاء هذا العقد بوفاة أو ترك من تحرر العقد لصالحه أيهما أقرب. فإن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن إعمال المحكمة رخصة التصدى المقررة لها طبقًا لنص المادة (٢٧) من قانونها، منوط بأن يكون النص الذى يرد عليه التصدى، متصلاً بنزاع مطروح عليها، فإذا انتفى قيام النزاع أمامها، فإنه لا يكون لرخصة التصدى سند يسوغها. ولما كان الطلب الأصلى بهذه الدعوى غير مقبول، فمن ثم - والحال هذه - لا يكون لطلب التصدى من سند أو أساس قانونى لقبوله، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة