الجريدة الرسمية - العدد 14 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
2 رجب سنة 1437هـ، الموافق 9 إبريل سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنیة المنعقدة یوم السبت الثانى من إبریل سنة ٢٠١٦م، الموافق الرابع والعشرین من جمادى الآخرة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السید المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارین: عبد الوهاب عبد الرازق والسید عبد المنعم حشیش وسعید مرعى عمرو وبولس فهمى إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السید المستشار الدكتور/ عبد العزیز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السید/ محمد ناجى عبد السمیع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضیة المقیدة بجدول المحكمة الدستوریة العلیا برقم ١٢٣ لسنة ٣١ قضائیة "دستوریة ".

المقامة من

ورثة المرحومین/ فتحى سعد إبراهیم وخدیجة محمد محمد إبراهیم، وهم:
1 - السیدة/ لطیفة جاد الكریم فراج عن نفسها وبصفتها وصیة على أولادها
القصر: أحمد ومحمد وإیمان فتحى سعد محمد إبراهیم
2 - السید/ إبراهیم سعد زغلول محمد إبراهیم

ضـد

1 - السید رئیس الجمهوریة
2 - السید رئیس رئيس مجلس الشعب
3 - السید رئیس مجلس الوزراء
4 - السید وزیر المالیة
5 - السید رئیس مصلحة الضرائب المصریة


الإجراءات

بتاریخ التاسع من یونیو سنة ٢٠٠٩، أودع المدعیان صحیفة الدعوى الماثلة قلم كتاب هذه المحكمة؛ طلبًا للحكم بعدم دستوریة نص الفقرة الأولى من المادتین الخامسة والسادسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل.
وقدمت هیئة قضایا الدولة مذكرة, طلبت فیها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضیر الدعوى، أودعت هیئة المفوضین تقریرًا برأیها.
ونُظرت الدعوى, على الوجه المبین بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فیها بجلسة الیوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حیث إن الوقائع تتحصل - على ما یتبین من صحیفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن مأموریة ضرائب الخانكة كانت قد أخطرت مورث المدعیین بتقدیرها لصافى أرباحه عن نشاطه فى مصنع البلاستیك عن السنوات من سنة ١٩٩٧ وحتى سنة ٢٠٠١، فلم یرتض به، وطعن علیه وفقًا لأحكام القانون رقم ١٥٧ لسنة ١٩٨١، بالطعن رقم ٢٥٤ لسنة ٢٠٠٤، أمام لجنة طعن ضرائب القاهرة, وبتاريخ9/ 12/ 2004, أصدرت اللجنة قرارها بتخفیض تقدیرها لصافى أرباحه لیكون عن سنة ١٩٩٧ مبلغ ٤٧٢٥٠ جنیهًا، وعن سنة ١٩٩٨ مبلغ ٦٤٠٠٠ جنیه، وعن سنة ١٩٩٩ مبلغ ٧٠٠٠٠ جنیه، وعن سنة ٢٠٠٠ مبلغ ٧٧٠٩٥ جنیهًا، وعن سنة ٢٠٠١ مبلغ ٨٤٤٨٥ جنیهًا. لم یرتض مورث المدعیین هذا التقدیر, فأقام الدعوى رقم ٦٥٢ لسنة ٢٠٠٥، ضرائب كلى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائیة بصحیفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى ١٩ فبرایر سنة ٢٠٠٥، وأثناء تداول الدعوى توفى مورث المدعیین فتدخلا عنه. وبجلسة 29 ینایر سنة ٢٠٠٨، قضت تلك المحكمة برفض الدعوى، فطعنا علیه أمام محكمة استئناف القاهرة مأموریة شمال القاهرة بالاستئناف رقم ٧٣٥ لسنة ١٢ ق، وأثناء نظر الاستئناف، دفعا بعدم دستوریة نص الفقرة الأولى من المادتین الخامسة والسادسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل، وإذ قدرت المحكمة جدیة هذا الدفع، وصرحت لهما برفع الدعوى الدستوریة، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحیث إن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل تنص على أن "تنقضى الخصومة فى جمیع الدعاوى المقیدة أو المنظورة لدى جمیع المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤ بین مصلحة الضرائب والممولین، والتى یكون موضوعها الخلاف فى تقدیر الضریبة، وذلك إذا كان الوعاء السنوى للضریبة - محل النزاع - لا یجاوز عشرة آلاف جنیه. وتمتنع المطالبة بما لم یسدد من ضرائب تتعلق بهذه الدعاوى".
كما تنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون ذاته على أن "فى غیر الدعاوى المنصوص علیها فى المادة الخامسة من هذا القانون، یكون للممولین فى المنازعات القائمة بینهم وبین مصلحة الضرائب، والمقیدة أو المنظورة أمام المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤، طلب إنهاء تلك المنازعات خلال سنة من تاریخ العمل بهذا القانون، مقابل أداء نسبة من الضریبة والمبالغ الأخرى المستحقة على الوعاء السنوى للضریبة المتنازع علیها، وفقًا للشرائح الآتیة.................".
متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن تقدیرات لجنة الطعن الضریبى قد حددت أرباح مورث المدعیین فى السنوات من عام ١٩٩٧ حتى عام ٢٠٠1 بما یجاوز عشرة آلاف جنیه عن كل سنة منها، وكانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل تشترط للاستفادة من حكمها ألا یتجاوز الوعاء السنوى للضریبة - محل النزاع - عشرة آلاف جنیه، ومن ثم فإن المدعیین لا یكونان مخاطبین بهذا النص، باعتبار أن الفصل فى دستوریته لن یرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، الأمر الذى یتعین معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحیث إن مورث المدعیین كان قد أقام الدعوى ٦٥٢ لسنة ٢٠٠٥ أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائیة بصحیفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاریخ ١9 من فبرایر سنة ٢٠٠٥، وكان نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل یتطلب للاستفادة من حكمه وإنهاء النزاع القائم بین الممولین ومصلحة الضرائب مقابل سداد نسبة من الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة على الوعاء السنوى، أن تكون هذه المنازعات أو الدعاوى مقیدة أو منظورة أمام المحاكم قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤، ومن ثم تتوافر للمدعیین مصلحة مباشرة فى الطعن على عبارة "أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤"، الواردة بهذا النص إذ إن الفصل فى دستوریة هذه العبارة سیكون له أثره المباشر على الفصل فى الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع وبهذه العبارة وحدها یتحدد نطاق الدعوى الماثلة.
وحیث إن الرقابة القضائیة على دستوریة القوانین، من حیث مطابقتها للقواعد الموضوعیة التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غیره، بحسبانه مستودع القیم التى ینبغى أن تقوم علیها الجماعة، وتعبیرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمایته من الخروج على أحكامه، إذ إن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى یقوم علیها النظام العام فى المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشریعات، ومن ثم یتعین التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما یخالفها من تشریعات - أیا كان تاریخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهیم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد فى مضامینها بین نظم مختلفة یناقض بعضها البعض بما یحول دون جریانها وفق المقاییس الموضوعیة ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعیتها الدستوریة، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون علیه فى ضوء أحكام الدستور المعدَّل الصادر سنة ٢٠١٤.
وحیث إن المدعیین نعیا على النص المطعون علیه - فى النطاق المحدد سلفًا - مخالفته لمبدأ تكافؤ الفرص، والعدالة الضریبیة، والحق فى المساواة، وذلك لإقامته تمییزًا تحكمیًّا فى قواعد الإعفاء من الضرائب لا یستند إلى أسس موضوعیة، إذ قصر الاستفادة من حكمه على الممولین الذین أقاموا دعاواهم أمام المحاكم على اختلاف درجاتها للمنازعة فى تقدیر دین الضریبة قبل أول أكتوبر 2004, دون الدعاوى التى قد تقام بعد هذا التاریخ رغم تماثل مراكزهم القانونیة، وهو تمییز تحكم لا یزول إلا بمنح جمیع الممولین الذین قام خلاف بینهم وبین مصلحة الضرائب فى تقدیر دین الضریبة المترتب قبل العمل بقانون الضریبة على الدخل الصادر بالقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥، الحق فى إنهاء تلك المنازعات صلحًا سواء بسواء، كما أن هذا التمییز التحكمى یخل بقاعدة العدالة الضریبیة ومبدأ تكافؤ الفرص، ومن جهة أخرى، فإن هذا القانون بتقریره عفوًا شاملاً فى المادة الرابعة من مواد إصداره لكل من لم یسبق تسجیلهم لدى مصلحة الضرائب قبل العمل بأحكامه وإمهالهم مدة سنة من تاریخ نفاذ هذا القانون، قد جعل المتهربین من أداء الضرائب فى مركز أفضل من الممولین الملتزمین بأدائها، وهو تمییز غیر مبرر ولا یستند إلى أسس موضوعیة.
وحیث إن هذه المناعى سدیدة فى جوهرها، ذلك أن المستقر علیه فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التى یملكها المشرع فى مجال تنظیم الحقوق، وإن كان الأصل فیها هو إطلاقها، إلا أن القیود التى یفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل علیها، هى التى تبین تخوم الدائرة التى لا یجوز أن یتداخل التنظیم التشریعى فیها هادمًا للحقوق التى یكفلها الدستور، أو مؤثر فى محتواها بما ینال منها، ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حیويًّا لا یتنفس الحق إلا من خلالها، ولا یكون تنظیم هذا الحق ممكنًا من زاویة دستوریة إلا فیما وراء حدودها الخارجیة، لیكون اقتحامها مجانبًا لتنظیمه، وعدوانًا علیه أدخل إلى مصادرته أو تقییده، كذلك لا یجوز أن تنفصل النصوص القانونیة التى نظم بها المشرع موضوعًا محددًا عن أهدافها، بل یجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إلیها، وموطئًا لإشباع مصلحة عامة لها اعتبارها، ومرد ذلك، أن كل تنظیم تشریعى لا یصدر عن فراغ، ولا یعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعینها یتوخاها، وتعكس مشروعیتها إطارًا للمصلحة العامة التى أقام المشرع علیها هذا التنظیم باعتباره أداة تحقیقها، وطریق الوصول إلیها.
وحیث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مبدأ المساواة أمام القانون، أساس للعدل، وهو أدخل إلى جوهر الحریة، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى.
ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظیم تشریعى أن یكون منطویًا على تقسیم أو تصنیف أو تمییز من خلال الأعباء التى یلقیها على البعض، أو المزایا التى یمنحها لفئة دون غیرها، إلا أن اتفاق هذا التنظیم مع أحكام الدستور، یفترض ألا تنفصل النصوص القانونیة التى نظم بها المشرع موضوعًا محددًا، عن أهدافها، لیكون اتصال الأغراض التى توخاها، بالوسائل، منطقيًا, ولیس واهیًا أو واهنًا، بما یخل بالأسس الموضوعیة التى یقوم علیها التمییز المبرر دستوريًا.
وحیث إن البادى من استعراض أحكام القانون رقم ٩١ لسنة 2005 بإصدار قانون الضریبة على الدخل، أن المشرع الضریبى وهو فى مقام استشراف نظام ضریبى جدید، شرع فى تسویة الأوضاع الضریبیة المتخلفة عن تطبیق قانون الضرائب على الدخل السابق علیه، الصادر بالقانون رقم ١٥٧ لسنة ١٩81 وذلك فى المادتین الخامسة والسادسة منه والتى نظمت الأولى منهما حالات انقضاء الخصومة بالنسبة للدعاوى المقیدة أو المنظورة لدى جمیع المحاكم على اختلاف درجاتها بین مصلحة الضرائب والممولین والتى یكون موضوعها الخلاف فى تقدیر الضریبة، وذلك إذا كان الوعاء السنوى للضریبة - محل النزاع - لا یجاوز عشرة آلاف جنیه، أما إذا كان الوعاء السنوى المتخذ أساسًا لتقدیر الدین الضریبى یجاوز عشرة آلاف جنیه، فقد أجازت المادة السادسة من القانون ذاته للممولین طلب إنهاء المنازعات القائمة بینهم وبین مصلحة الضرائب والمقیدة أو المنظورة أمام المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤ مقابل سداد نسبة من الضریبة والمبالغ الأخرى المستحقة على الوعاء السنوى للضریبة المتنازع علیها وذلك على النحو الوارد بالشرائح الثلاث الواردة بذلك النص.
متى كان ذلك، وكان نص المادة السادسة من قانون الضریبة على الدخل قد استهدف من الإعفاء الجزئى الذى نص علیه - على ما یتبین من الأعمال
التحضیریة للقانون المذكور - التیسیر على الممولین وتصفیة المنازعات بینهم وبین مصلحة الضرائب، وإنهاء الخصومات بینهم، وتطبیق العفو الضریبى الجزئى علیهم وفقًا للشرائح التى حددها متى كان الوعاء السنوى للضریبة - محل النزاع - یجاوز عشرة آلاف جنیه، مقابل سداد الممول نسبة التخفیض المحددة للتصالح مع مصلحة الضرائب، إلا أنه قصر نطاق تطبیق الحكم الوارد به على الدعاوى المقیدة أو المنظورة أمام جمیع المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤، مستبعدًا من هذا النطاق الطعون المقامة قبل هذا التاریخ أمام لجان الطعن الضریبى والتى یكون موضوعها الخلاف فى تقدیر الضریبة دون مقتضٍ أو مصلحة مشروعة تبرره سوى ما أشار إلیه السید وزیر المالیة - حسب الثابت بمضبطة مجلس الشعب الجلسة الخامسة والستین المعقودة صباح السبت الموافق ٩ أبریل سنة ٢٠٠٥ - من أن اللجان فى ید مصلحة الضرائب ووزیر المالیة، وأن إنهاء النزاع أمامها لا یحتاج إلى قانون، هذا فضلاً عن أن المشرع وإن حدد تاریخ العمل بقانون الضریبة على الدخل الصادر بالقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ فى 10/ 6/ ٢٠٠٥ - الیوم التالى لتاریخ نشره فى الجریدة الرسمیة - إلا أنه عین تاریخًا آخر لتطبیق الحكم الوارد بالنص المطعون فیه وهو انقضاء الخصومة فى الدعاوى المقیدة أو المنظورة أمام المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤ دون أن یستند فى ذلك إلى أساس موضوعى سوى ما أشار إلیه وزیر المالیة بمضبطة مجلس الشعب سالفة الذكر من أن تحدید هذا التاریخ إنما جاء درءًا للخطر الناشئ عن سبق الإعلان فى اجتماع الحزب الوطنى المعقود فى ٢3 سبتمبر سنة ٢٠٠٤ عن العزم على إنهاء المنازعات القضائیة القائمة بین المصلحة والممولین وإسقاطها، والذى قد یشجع بعض الممولین على عدم سداد الضرائب المستحقة علیهم، والدخول فى منازعات قضائیة مع مصلحة الضرائب توصلاً للاستفادة من ذلك النص، وهى جمیعًا لا تكفى مسوغًا لاتخاذ التاریخ المذكور أساسًا لتحدید نطاق تطبیق الأحكام المشار إلیها، وعلى ذلك فإن هذا النص - وقد استبعد من مجال تطبیق أحكامه الدعاوى المقیدة أو المنظورة لدى جمیع المحاكم على اختلاف درجاتها بعد التاریخ المذكور، وكذا الطعون المقامة أمام لجان الطعن الضریبى قبل هذا التاریخ وبعده، والتى ینصب الخلاف فیها على تقدیر قیمة الضریبة المستحقة - یكون متضمنًا إهدارًا للحق فى الحمایة القانونیة المتكافئة التى لا تمییز فیها بین المراكز القانونیة المتماثلة للممولین للضریبة، ومنطویًا على تقسیم وتصنیف بینهم لا یستند إلى أساس موضوع، ومتبنیًا تمییزًا تحكمیًّا یناقض الغایة من وراء تقریره، لیصیر ارتباطه عقلاً بأهدافه، باعتباره الوسیلة التى صاغها المشرع لتحقیقها، واهیًا، ومن ثم یكون مصادمًا لمبدأ المساواة الذى كفله الدستور الحالى فى المادتین (٤ و٥٣) منه، ولمقتضیات العدالة الاجتماعیة التى حرصت المواد (٨ و٢٧ و٣٨) من الدستور على توكیدها، باعتبارها أحد الدعائم الأساسیة التى یقوم علیها الاقتصاد الوطنى، وهدفًا رئيسيًا لخطة التنمیة تسعى إلى تحقیقه، والقاعدة الحاكمة للنظام الضریبى وإنشاء الضرائب وإنفاذها فى حق الممول، فضلاً عن مخالفة هذا النص للمادة (٩٢) من الدستور، التى لا تجیز لأى قانون یتناول بالتنظیم ممارسة الحقوق والحریات أن یقیدها بما یمس أصلها أو جوهرها، الأمر الذى یتعین معه القضاء بعدم دستوریة عبارة "قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤" الواردة بالنص المطعون علیه. وسقوط الأحكام الواردة بالكتاب الدورى رقم ٤ لسنة ٢٠٠٥ الصادر من وزیر المالیة بشأن قواعد إنهاء المنازعات المقیدة أو المنظورة أمام المحاكم وفقًا لحكم المادة السادسة من قانون الضریبة على الدخل، والتى ترتبط فى وجودها وزوالها بذلك النص ارتباطًا لا یقبل الفصل أو التجزئة.
وحیث إنه عما اشترطه المشرع بالنص المطعون علیه لاستفادة الممول من حكمه فى تقدیم طلب إنهاء المنازعة الضریبیة خلال سنة من تاریخ العمل بالقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل، فلما كان تقدیم هذا الطلب فى الأجل المشار إلیه مرتبطًا بالقید الزمنى الوارد بالنص المطعون علیه، فإن زوال هذا القید بالقضاء بعدم دستوریة عبارة "قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤" مؤداه انفتاح السبیل أمام الممول الذى یطلب إنهاء منازعته الضریبیة إعمالاً لحكم المادة السادسة من قانون الضریبة على الدخل المشار إلیه لمدة سنة تبدأ من تاریخ نشر هذا الحكم فى الجریدة الرسمیة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً:
بعدم دستوریة عبارة "قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠٤" الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ بإصدار قانون الضریبة على الدخل.
ثانیًا: بسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب الدورى رقم ٤ لسنة ٢٠٠٥ الصادر من وزیر المالیة بشأن قواعد إنهاء المنازعات المقیدة أو المنظورة أمام المحاكم وفقًا لحكم المادة السادسة من قانون الضریبة على الدخل، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنیه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة