الجريدة الرسمية - العدد 14 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
2 رجب سنة 1437هـ، الموافق 9 إبريل سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنیة المنعقدة یوم السبت الثانى من إبریل سنة ٢٠١٦م، الموافق الرابع والعشرین من جمادى الآخرة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السید المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسید عبد المنعم حشیش وسعید مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السید المستشار الدكتور/ عبد العزیز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السید/ محمد ناجى عبد السمیع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضیة المقیدة بجدول المحكمة الدستوریة العلیا برقم ٣١٣ لسنة 23 قضائیة "دستوریة".

المقامة من

ورثة المرحوم/ أنطونیو فرنسیسكو، وهم:
١ - السیدة/ مارسیل ریتو
٢ - السیدة/ سیلفانا ریتو
٣ - السیدة/ ماریزا ریزو

ضـد

١ - السید رئیس الجمهوریة
٢ - السید رئیس مجلس الشعب
٣ - السید وزیر العدل
٤ - السید/ جورج كوستانتین كانیللى


الإجراءات

بتاریخ الرابع والعشرین من أكتوبر سنة ٢٠٠١، أودعت المدعیات صحیفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستوریة العلیا؛ طلبًا للحكم بعدم دستوریة نص المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجیر وبیع الأماكن وتنظیم العلاقة بین المؤجر والمستأجر.
وقدمت هیئة قضایا الدولة مذكرتین، طلبت فیهما الحكم بعدم قبول الدعوى فیما جاوز الفقرة الرابعة من النص المطعون فیه، ورفض الدعوى بشأن تلك الفقرة.
وقدم المدعى علیه الرابع ثلاث مذكرات، طلب فیها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضیر الدعوى، أودعت هیئة المفوضین تقریرًا برأیها.
ونُظرت الدعوى، على النحو المبین بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فیها بجلسة الیوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حیث إن الوقائع تتحصل - على ما یتبین من صحیفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أنه بموجب عقد إیجار مؤرخ 9/ 7/ 1991، استأجر مورث المدعیات - إیطالى الجنسیة - من المدعى علیه الرابع، عین النزاع المبینة بالأوراق، بغرض استعمالها سكنًا له ولأفراد عائلته، الحاملین للجنسیة الإیطالیة. وبعد وفاته بتاریخ 24/ 3/ 1996، اكتسبت ابنته - المدعیة الثالثة - الجنسیة المصریة اعتبارًا من 16/ 6/ 1998 بموجب القرار الوزارى رقم ٢٢٣٣ لسنة 1998 بتاريخ 26/ 11/ 1998 أقام المدعى علیه الرابع الدعوى رقم ١٩٧51 لسنة ١٩٩٨ إیجارات، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائیة، ضد المدعیات، طلبًا للحكم بطردهن من العین المؤجرة، وتسلیمها له خالیة، لانتهاء عقد الإیجار بوفاة المستأجر. وبجلسة 28/ 3/ 2001، أجابته المحكمة لطلباته، تأسیسًا على أن الخطاب فى الفقرة الرابعة من المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ ینصرف فحسب إلى الزوجة المصریة وأولادها من المستأجر غیر المصرى، فضلاً عن انتهاء العقد بوفاة المستأجر قبل اكتساب ابنته الجنسیة المصریة. فاستأنفت المدعیات ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقید الاستئناف برقم ٢٦35 لسنة ٥ قضائیة، وأثناء نظره بجلسة 31/ 7/ 2001 قدمت المدعیات مذكرة، أبدین فیها دفعًا بعدم دستوریة نص الفقرة الرابعة من المادة (١٧) من القانون المشار إلیه. وإذ قدرت المحكمة جدیة الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستوریة، فقد أقامت المدعیات الدعوى الماثلة.
وحیث إنه عن الدفع المبدى من المدعى علیه الرابع بعدم قبول الدعوى لعدم اتصالها بالمحكمة الدستوریة العلیا على النحو المقرر بقانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، على سند من أن محكمة الاستئناف صرحت للمدعیات بإقامة الدعوى الدستوریة، قبل ضم مفردات الدعوى، بما یكشف عن عدم تقدیرها لجدیة الدفع بعدم الدستوریة الذى أبدى من قبلهن بجلسة 31/ 7/ 2001 فمردود بأن المقرر فى قضاء المحكمة الدستوریة العلیا أن تقدیر محكمة الموضوع لجدیة الدفع بعدم الدستوریة یفترض أمرین، أولهما: أن یكون النص التشریعى محل الدفع لازمًا للفصل فى النزاع الموضوعى، وثانیهما: أن تكون للمطاعن الدستوریة فى شأن هذا النص ما یظاهرها. متى كان ذلك، وكانت مذكرة المدعیات المقدمة بالجلسة المشار إلیها، قد تضمنت فضلاً عما ورد فى صحیفة الاستئناف بشأن قضاء محكمة أول درجة بطردهن من عین النزاع، لعدم توافر شروط سریان عقد الإیجار لهن وفقًا لما یوجبه نص الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المشار إلیه، فقد اشتملت المذكرة أیضًا على دفع بعدم دستوریة ذلك النص، لما ارتأته المدعیات من أوجه عوار شابته ومن ثم، یكون تقدیر محكمة الموضوع لجدیة الدفع المبدى بعدم دستوریة ذلك النص قد انبنى على أساس سلیم، وهو ما تأكد بقضائها الصادر بجلسة 27/ 11/ 2001 بوقف الاستئناف تعلیقًا لحین الفصل فى القضیة الدستوریة الماثلة.
وحیث إن المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجیر وبیع الأماكن وتنظیم العلاقة بین المؤجر والمستأجر، قد اشتملت على أربع فقرات، نصت أولاها على أن"تنتهى بقوة القانون عقود التأجیر لغیر المصریین بانتهاء المدد المحددة قانونًا لإقامتهم بالبلاد ". ونصت ثانیتها على أن "وبالنسبة للأماكن التى یستأجرها غیر المصریین فى تاریخ العمل بأحكام هذا القانون یجوز للمؤجر أن یطلب إخلاءها إذا ما انتهت إقامة المستأجر غیر المصرى فى البلاد ". ونصت ثالثتها على أن "وتثبت إقامة غیر المصرى بشهادة من الجهة الإداریة المختصة، ..............". ونصت الفقرة الرابعة على أن "ومع ذلك، یستمر عقد الإیجار، بقوة القانون، فى جمیع الأحوال، لصالح الزوجة المصریة ولأولادها منه، الذین كانوا یقیمون بالعین المؤجرة، ما لم یثبت مغادرتهم البلاد نهائيًا".
وحیث إن هیئة قضایا الدولة، والمدعى علیه الرابع، دفعا بعدم قبول الدعوى فیما جاوز الفقرة الرابعة من النص المطعون فیه.
وحیث إن هذا الدفع سدید، ذلك أن المقرر فى قضاء المحكمة الدستوریة العلیا أن نطاق الدعوى الدستوریة التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها بموجب نص البند (ب) من المادة (٢٩) من قانونها المشار إلیه، یتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستوریة المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التى تقدر فیه جدیته. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم الدستوریة المبدى أمام محكمة الموضوع - والثابت بمحضر جلسة 31/ 7/ 2001، وفى مذكرة دفاع المدعیات - قد انصرف إلى نص الفقرة الرابعة من المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١، وفى هذه الحدود اقتصر تقدیر الجدیة وتصریح محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستوریة. ومن ثم، فإن نطاق الدعوى الماثلة یتحدد فى تلك الفقرة وحدها، دون باقى فقرات تلك المادة، لتضحى إقامة الدعوى بشأنها، بمثابة دعوى مباشرة، لم تتصل بالمحكمة الدستوریة العلیا على النحو المقرر بقانونها.
وحیث إن المصلحة الشخصیة المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستوریة - مناطها - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستوریة العلیا - أن یكون ثمة ارتباط بینها وبین المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعیة، وذلك بأن یكون الفصل فى المسألة الدستوریة لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ولا تعتبر المصلحة متحققة بالضرورة بناءً على مجرد مخالفة النص المطعون فیه للدستور، بل یتعین أن یكون هذا النص - بتطبیقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك یكون شرط المصلحة الشخصیة المباشرة فى الدعوى الدستوریة مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستوریة، ولیس بهذه المسألة فى ذاتها منظورًا إلیها بصفة مجردة. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، تدور حول طلب استمرار عقد إیجار المسكن لأولاد المستأجر غیر المصرى، من زوجته غیر المصریة، الذین اكتسبوا الجنسیة المصریة، بعد وفاته. وكان النص المطعون فیه قد قصر استمرار عقد إیجار المستأجر الأجنبى بعد انتهاء إقامته بالبلاد، على الزوجة المصریة ولأولادها من زوجها المستأجر غیر المصرى، فإن مصلحة المدعیة الثالثة فى الطعن على ذلك النص تكون متحققة، بحسبان أن الفصل فى دستوریته سیكون له أثره وانعكاسه المباشر على الطلبات فى الدعوى الموضوعیة. ویتحدد نطاق الدعوى الماثلة فیما تضمنه نص الفقرة الرابعة من المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المشار إلیه، من قصر استمرار عقد الإیجار على أولاد الزوجة المصریة من زوجها المستأجر غیر المصرى، عند انتهاء إقامته بالبلاد، فعلاً أو حكمًا، دون أولاده من الزوجة غیر المصریة، الذین اكتسبوا الجنسیة المصریة بعد انتهاء العقد.
وحیث إن المدعیات قصرن نعیهن على النص التشریعى المطعون علیه - فى النطاق السالف تحدیده - مخالفته لمبدأ المساواة المقرر بنص المادة (٤٠) من دستور سنة ١٩٧١، التى أقیمت الدعوى الدستوریة فى ظل العمل بأحكامه؛ إذ قصر استمرار عقد إیجار المسكن على أولاد الزوجة المصریة من زوجها المستأجر غیر المصرى، عند انتهاء إقامته بالبلاد، دون أولاده من الزوجة غیر المصریة، الذین اكتسبوا الجنسیة المصریة، بما یُعد تمییزًا فى الحقوق بین الطائفتین، لا یستند إلى مبرر موضوعى.
وحیث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستوریة القوانین واللوائح من حیث مطابقتها للقواعد الموضوعیة التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غیره، ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون هذا الدستور، وحمایته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التى یقوم علیها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بین قواعد النظام العام التى یتعین التزامها ومراعاتها، وإهدار ما یخالفها من التشریعات، لكونها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون علیه - فى النطاق السالف تحدیده - من خلال أحكام الدستور الصادر سنة ٢٠١٤، باعتباره الوثیقة الدستوریة الساریة؛ والذى ردد مبدأ المساواة فى المادة (53) منه.
وحیث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستوریة العلیا أن الأصل فى السلطة التى یملكها المشرع فى مجال تنظیم الحقوق أنها سلطة تقدیریة، ما لم یقید الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها وتعتبر تخومًا لها لا یجوز تخطیها، تقدیرًا بأن الدستور لا یكفل للحقوق ضمانتها إلا بقصد توكید فعالیتها بما یحول بین المشرع وإهدار الحقوق التى كفلها، أو تهمیشها عدوانًا على مجالاتها الحیویة التى یرتبط وجودها بها، فلا تتنفس إلا من خلالها.
وحیث إن مبدأ المساواة أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التى تباشر فیها هذه المحكمة ولایتها - مؤداه أنه لا یجوز لأى من السلطتین التشریعیة أو التنفیذیة أن تباشر اختصاصاتها التى ناطها الدستور بها، بما یخل بالحمایة المتكافئة التى كفلها للحقوق جمیعها، سواء فى ذلك تلك التى نص علیها الدستور أو التى حددها القانون. وبمراعاة أن الحمایة المتكافئة أمام القانون التى اعتد الدستور بها لا تتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبیر عن سیاسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها، وأنه تغیا بالنصوص التى تضمنها تحقیق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التى حددها. وكلما كان القانون مغایرًا بین أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فیما بینها، وكان تقدیره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعیة، مستلهمًا أهدافًا لا نزاع فى مشروعیتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونیة فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم، بما لا یجاوز متطلباتها، كلما كان القانون واقعًا فى إطار السلطة التقدیریة التى یملكها المشرع، ولو تضمن تمییزًا مبررًا، لا ینال من مشروعیته الدستوریة أن تكون المساواة التى توخاها وسعى إلیها، بعیدة حسابيًا عن الكمال.
وحیث إن التطور التشریعى الذى لحق قوانین إیجار المساكن، یكشف بجلاء عن أن المشرع فى سعیه لمواجهة أزمة المساكن، الناجمة عن قلة المعروض منها، وازدیاد الطلب علیها، كان حریصًا على حمایة الأسرة المصریة بتوفیر المأوى لها. فنص فى المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧، على أنه لا ینتهى عقد إیجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العین المؤجرة، إذا بقى فیها زوجه أو أولاده أو أى من والدیه الذین كانوا یقیمون معه حتى الوفاة أو الترك، إلا أنه نظرًا لما تكشف للمشرع من وجود الكثیر من المساكن المؤجرة لغیر المصریین غیر مستغلة، بعد انتهاء إقامتهم بالبلاد، فقد أورد قیدًا على قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإیجار، ضمنها نص المادة (١٧) من القانون رقم ١36 لسنة ١٩٨١ المشار إلیه، بانتهاء عقد إیجار المستأجر غیر المصرى، بقوة القانون، بانتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد، على أن یستثنى من ذلك حالة الزوجة المصریة وأولادها منه، الذین كانوا یقیمون بالعین، فیستمر العقد لهم، ما لم یثبت مغادرتهم البلاد نهائيًا، وبموجب قضاء المحكمة الدستوریة العلیا الصادر بجلسة 14/ 4/ 2002، فى القضیة الدستوریة رقم ٦ لسنة ٢٠ القضائیة، فقد تم مد نطاق هذا الاستثناء لیشمل الزوج المصرى ولأولاده من زوجته المستأجرة غیر المصریة عند انتهاء إقامتها بالبلاد فعلاً بمغادرتها أو حكمًا بوفاتها. باعتبار أن الغایة التى توخاها المشرع، وسعى إلى تحقیقها من خلال نص الفقرة الرابعة من المادة (١٧) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١، هى حمایة الأسرة المصریة، بتوفیر مكان یأویها تهجع إلیه، ویكفل استقرارها، تلك الأسرة التى یكون على رأسها - فى تاریخ سابق أو معاصر لانتهاء عقد الإیجار - زوجة أو زوج یتمتع بالجنسیة المصریة، فیمتد سریان عقد الإیجار لأى منهما، ولأولاده من المستأجر غیر المصرى الذى انتهت المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد.
وحیث إن ما نعته المدعیات من إخلال النص المطعون فیه بمبدأ المساواة، لقصره امتداد سریان عقد إیجار المستأجر غیر المصرى، عند انتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامته بالبلاد، على أولاده من زوجته المصریة، دون أولاده من زوجته غیر المصریة، الذین اكتسبوا الجنسیة المصریة، فمردود بأن المدعیة الثالثة لم تكتسب الجنسیة المصریة إلا اعتبارًا من 16/ 6/ 1998 بعد انتهاء عقد إیجار مورثها بوفاته بتاریخ 24/ 3/ 1996 فضلاً عن كون والدتها - المدعیة الأولى - حتى تاریخ انتهاء العقد، غیر مصریة، شأنها شأن المدعیة الثانیة - ابنة المستأجر - فكلاهما یتمتع بالجنسیة الإیطالیة، ومن ثم لم یكن أى من أفراد أسرة المستأجر غیر المصرى، یتمتع بالجنسیة المصریة فى تاریخ انتهاء عقد الإیجار بوفاته. ومن ثم، فإن مركزهن القانونى یختلف عن المركز القانونى لأولاد الزوجة أو الزوج مصرى الجنسیة، الذین ینصرف إلیهم الخطاب فى النص المطعون فیه. وعلى ذلك تنتفى قالة أن التنظیم الذى أوجده المشرع بموجب النص المطعون فیه ینطوى على إخلال بمبدأ المساواة، لوقوعه فى إطار السلطة التقدیریة التى یملكها، وابتناء التمییز الذى انطوى علیه على أسس موضوعیة تبرره، لا تنال من مشروعیته الدستوریة، إذ استهدف به حمایة الأسرة المصریة بتوفیر مكان یأویها، ویحمیها، ویكفل استقرارها، وهو التزام یقع على عاتق الدولة على النحو الذى عنته المادة (١٠) من الدستور القائم، من أن "الأسرة أساس المجتمع،............... وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسیخ قیمها ". وفى الحین ذاته، فقد كفل النص المطعون فیه - ضمنًا - حمایة الملكیة الخاصة للمالك المؤجر، على النحو الذى عنته المادة (٣٥) من الدستور - المقابلة لنص المادة (٣٤) من دستور سنة ١٩٧١ - بعدم حرمانه من استغلال العین المؤجرة بعد انتهاء المدة المحددة قانونًا لإقامة المستأجر غیر المصرى بالبلاد.
وحیث إن النص المطعون فیه لا یخالف أى حكم آخر من الدستور، ومن ثم فإنه یتعین القضاء برفض هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعیات المصروفات، ومبلغ مائتى جنیه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة