الجريدة الرسمية - العدد 14 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
2 رجب سنة 1437هـ، الموافق 9 إبريل سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنیة المنعقدة یوم السبت الثانى من إبریل سنة ٢٠١٦م، الموافق الرابع والعشرین من جمادى الآخرة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السید المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسید عبد المنعم حشیش وسعید مرعى عمرو ورجب عبد الحكیم سلیم ومحمود محمد غنیم والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السید المستشار الدكتور/ عبد العزیز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السید/ محمد ناجى عبد السمیع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضیة المقیدة بجدول المحكمة الدستوریة العلیا برقم 21 لسنة 37 قضائیة "منازعة تنفيذ".

المقامة من

السید/ محمد شریف عبد الغنى وشاحى، عن نفسه وبصفته
صاحب مركز مصر الهندسى للاستشارات والتوكیلات التجاریة

ضـد

١ - السید وزیر المالیة
٢ - السید مدیر عام مأموریة ضرائب مبیعات الدقى


الإجراءات

بتاریخ الخامس من مارس سنة ٢٠١٥، أودع المدعى صحیفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستوریة العلیا؛ طلبًا للحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفیذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم ٢٦٨ لسنة ٢٠٠٩ جنح مستأنف التهرب الضریبى، المقیدة برقم ١٩٣ لسنة ٢٠٠٩ جنح التهرب الضریبى، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار فى تنفیذ الحكم الصادر فى القضیة رقم ٣ لسنة ٢٨ قضائیة "دستوریة".
وقدمت هیئة قضایا الدولة مذكرة، طلبت فیها الحكم بعدم اختصاص المحكمة الدستوریة العلیا بنظر الشق العاجل من الدعوى، وفى الموضوع بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضیر الدعوى، أودعت هیئة المفوضین تقریرًا برأیها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبین بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فیها بجلسة الیوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حیث إن الوقائع تتحصل - على ما یتبین من صحیفة الدعوى وسائر
الأوراق - فى أن النیابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائیة، فى الجنحة رقم ١٩٣ لسنة ٢٠٠٩ جنح التهرب الضریبى، بوصف أنه خلال الفترة من يناير 2001، وحتى 31/ 12/ 2004 تهرب من أداء ضریبة المبیعات المبینة قدرًا بالأوراق، المستحقة عن نشاطه فى المقاولات وتورید وتركیب أجهزة التكییف، وذلك بتقدیم بیانات خاطئة عن مبیعاته تزید بنسبة ١٠ % عما ورد بإقراراته الضریبیة، دون الإقرار عنها وسداد الضریبة المستحقة فى المواعید القانونیة، وطلبت عقابه بالمواد (2/ 1، 2 و3/ 1 و5 و6/ 1 و16 و32/ 1، 3 و43/ 1 و44/ 6 و46) من قانون الضریبة على المبیعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١. وبجلسة 25/ 10/ 2009 قضت المحكمة بتغریم المتهم - المدعى - خمسة آلاف جنیه، وإلزامه بأداء الضریبة والضریبة الإضافیة. وإذ لم یرتض المدعى هذا الحكم، فقد طعن علیه بالاستئناف رقم ٢٦٨ لسنة ٢٠٠٩ جنح مستأنف التهرب الضریبى بالقاهرة، والتى ندبت خبیرًا فى الدعوى، باشر المأموریة المنوطة به، وأودع تقریره عنها، انتهى فیه إلى أن الضریبة - محل الاتهام خلال الفترة المشار إلیها - تبلغ 20600.30 جنیه، وأن أسلوب التهرب یتمثل فى عدم قیام المتهم بالإقرار عن مبیعاته من قطع الغیار، وبیع سلعة رأسمالیة (سیارة)، بالمخالفة لأحكام المادة (44/ 2، 6) من قانون الضریبة العامة على المبیعات. وحال نظر الاستئناف أمام المحكمة، ردد المتهم دفاعه المبدى أمام الخبیر بشأن سقوط حق مصلحة الضرائب فى تعدیل إقراراته الضریبیة، إعمالاً لأثر الحكم الصادر فى القضیة الدستوریة رقم ١١٣ لسنة ٢٨ قضائیة. وبجلسة 17/ 5/ 2014 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بتغریم المتهم مبلغ خمسة آلاف جنیه، وإلزامه بأداء مبلغ 20600.360 جنیه؛ قیمة الضریبة المستحقة؛ وبأداء الضریبة الإضافیة بواقع نصف فى المائة عن كل أسبوع تأخیر أو جزء منه حتى تمام السداد. وإذ تراءى للمدعى أن الحكم الصادر بإدانته یمثل عقبة فى تنفیذ الحكم الصادر فى القضیة رقم ١١٣ لسنة ٢٨ قضائیة "دستوریة"، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحیث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفیذ التى تختص المحكمة الدستوریة العلیا بالفصل فیها وفقًا لنص المادة (٥٠) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، أن تعترض تنفیذ أحد أحكامها عوائق تحول قانونًا - بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقید اتصال حلقاته، بما یعرقل جریان آثاره كاملة أو یحدّ منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هى محل منازعة التنفیذ التى تستهدف إنهاء الآثار القانونیة الناشئة عنها أو المترتبة علیها. وتتدخل المحكمة الدستوریة العلیا لإزاحة هذه العوائق التى یفترض أن تكون قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول، دون تنفیذ أحكامها تنفیذًا صحیحًا مكتملاً، وسبیلها فى ذلك الأمر بالمضى فى تنفیذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراها.
وحیث إن قرار رئیس الجمهوریة بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ قد نص فى مادته الأولى على أن "یستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة (٤٩) من قانون المحكمة الدستوریة العلیا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، النص الآتى:
"ویترتب على الحكم بعدم دستوریة نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبیقه من الیوم التالى لنشر هذا الحكم ما لم یحدد الحكم لذلك تاریخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستوریة نص ضریبى لا یكون له فى جمیع الأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستوریة هذا النص".
وحیث إن مفاد هذا النص - وفقًا لما جرى علیه قضاء هذه المحكمة - تعطیل قوة نفاذ النص الضریبى المحكوم بعدم دستوریته من الیوم التالى لنشر الحكم، وعدم جواز تطبیقه على المراكز القانونیة للخصوم فى الأنزعة الضریبیة المتداولة أمام جهات القضاء، حتى ما كان قائمًا فى تاریخ سابق على نشر الحكم فى الجریدة الرسمیة، ما لم تكن الحقوق الضریبیة والمراكز القانونیة التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناءً على حكم قضائى بات، صدر قبل قضاء المحكمة الدستوریة العلیا.
وحیث إن حكم المحكمة الدستوریة العلیا فى القضیة الدستوریة رقم ١13 لسنة ٢٨ قضائیة، الصادر بجلسة 13/ 11/ 2011 والمنشور بالجریدة الرسمیة بالعدد رقم (47 مكررًا) بتاريخ 27/ 11/ 2011 قضى: " أولا:ً بعدم دستوریة نص الفقرة الثالثة من المادة (١٧) من قانون الضریبة العامة على المبیعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، قبل تعدیله بالقانون رقم ٩ لسنة ٢٠٠٥، فیما تضمنه من تخویل وزیر المالیة سلطة مد المدة التى یجوز فیها لمصلحة الضرائب تعدیل الإقرار المقدم من المسجل. ثانیًا: بسقوط قرارى وزیر المالیة رقمى ٢31 لسنة ١٩٩١ و ١٤٣ لسنة ١٩٩٢
وحیث إنه لما كان ما تقدم، وكانت محكمة جنح مستأنف التهرب الضریبى بالقاهرة قد قضت فى القضیة رقم ٢٦٨ لسنة ٢٠٠٩ جنح مستأنف، بجلسة 17/ 5/ 2014 بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بتغریم المتهم - المدعى - مبلغ خمسة آلاف جنیه، وإلزامه بأداء مبلغ 20600.360 جنیه قیمة الضریبة، أداء الضریبة الإضافیة، ومن ثم یكون هذا الحكم قد طبق فى شأن المدعى بأداء الضریبة الإضافیة، ومن ثم یكون هذا الحكم قد طبق فى شأن المدعى النص التشریعى المشار إلیه، بالرغم من عدم جواز تطبیقه على المراكز القانونیة للخصوم فى الأنزعة الضریبیة المتداولة أمام جهات القضاء - على ما سلف بیانه - مخالفًا بذلك ما قضت به المحكمة الدستوریة العلیا فى القضیة الدستوریة رقم 113 لسنة ٢٨ قضائیة، وتبعًا لذلك فإن الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف التهرب الضریبى بالقاهرة، ومن قبله حكم محكمة التهرب الضریبى الصادر فى الجنحة رقم ١٩٣ لسنة ٢٠٠٩ المشار إلیه یُعدَّان عقبة عطلت تنفیذ هذا الحكم، مما یتعین معه القضاء بإزالتها.
ولا ینال مما تقدم، قالة أن الحكم الصادر بإدانة المدعى قد صدر فى اتهام جنائى منبت الصلة بالنص التشریعى الذى قضى بعدم دستوریته فى القضیة الدستوریة رقم ١١٣ لسنة ٢٨ قضائیة، ذلك أن الحكم الأخیر قد أزال السند القانونى الذى جرى على أساسه تعدیل الإقرارات المقدمة من المدعى إلى مصلحة الضرائب، ومن ثم ینهار الأساس القانونى للاتهام الجنائى المسند إلیه، ویكون الحكم الذى انبنى علیه عقبة فى تنفیذ حكم المحكمة الدستوریة العلیا المشار إلیه.
وحیث إنه عن طلب المدعى وقف تنفیذ حكم محكمة جنح مستأنف التهرب الضریبى المشار إلیه، فإنه یُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفیذ الماثلة، بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة - طبقًا لنص المادة (٥٠) من قانونها - اختصاص البت فى أصل النزاع، یجعل طلب وقف التنفیذ المقدم من المدعى قد بات غیر ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفیذ الحكم الصادر من المحكمة الدستوریة العلیا بجلسة 13/ 11/ 2011 فى القضیة رقم ١١٣ لسنة ٢٨ قضائیة "دستوریة"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف التهرب الضریبى بالقاهرة بجلسة 17/ 5/ 2014 فى القضیة رقم ٢٦٨ لسنة ٢٠٠٩ جنح مستأنف، المقیدة برقم ١٩٣ لسنة ٢٠٠٩ جنح التهرب الضریبى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنیه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة