الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر ( أ ) - السنة التاسعة والخمسون
9 شعبان سنة 1437هـ، الموافق 16 مايو سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنیة المنعقدة یوم السبت السابع من مايو سنة ٢٠١٦م، الموافق الثلاثين من رجب سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السید المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السید المستشار الدكتور/ عبد العزیز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السید/ محمد ناجى عبد السمیع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضیة المقیدة بجدول المحكمة الدستوریة العلیا برقم 111 لسنة 32 قضائیة "دستوریة".

المقامة من

السيدة/ ميرفت يوسف محمد فتح الله

ضـد

1 - السید رئیس الجمهورية.
2 - السید رئيس مجلس الوزراء.
3 - السید وزير المالية.
4 - السيد مدير عام مأمورية ضرائب مبيعات المنشية بالإسكندرية.


الإجراءات

بتاریخ السادس والعشرين من مايو سنة 2010، أودعت المدعية صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة فى ختامها الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (25) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001، فيما نصت عليه من أن "تستحق ضريبة إضافية بواقع نصف فى المائة من قيمة الضريبة التى يتأخر سدادها عن المواعيد المحددة بالمادة السابقة عن كل أسبوع أو جزء منه يلى نهاية الفترة المحددة للسداد", وسقوط عبارة "الضريبة الإضافية" الواردة بالفقرة الثانية من المادة ذاتها تبعًا لذلك.
وقدمت هیئة قضایا الدولة مذكرة, طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا برفضها.
وبعد تحضیر الدعوى، أودعت هیئة المفوضین تقریرًا برأیها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فیها بجلسة الیوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حیث إن الوقائع تتحصل - على ما یتبین من صحیفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعية مسجلة لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، وبتاريخ الثالث من مارس سنة 2007، أنذرتها مأمورية ضرائب مبيعات المنشية بالإسكندرية بسداد مبلغ 146.06 جنيهًا ضريبة إضافية عن شيك مرتد، ومبلغ 16170.64 جنيهًا ضريبة إضافية عن الفترة من فبراير سنة 2002 وحتى ديسمبر سنة 2004، وذلك رغم عدم إخطارها بأى تقديرات ضريبية، فضلاً عن عدم استحقاق أية ضريبة أصلية عليها عن تلك الفترات، مما يستحيل معه، تبعًا لذلك، استحقاق ضريبة إضافية عنها، ومن ثم فقد أقامت الدعوى رقم 622 لسنة 2007 تنفيذ الإسكندرية، طلبًا للحكم أصليًا: ببطلان إجراءات المطالبة بالضريبة الإضافية عن الفترات من شهر فبراير 2002 وحتى شهر ديسمبر 2004 لعدم سبق الإخطار بهذا التقدير وفقًا للسبيل المرسوم قانونًا. واحتياطيًا: ببراءة ذمتها من المبلغ المطالب به.
وبتاريخ 14 من مايو سنة 2007 قضت محكمة التنفيذ بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية، حيث قيدت أمامها برقم 6552 لسنة 2007، وحال تداول تلك الدعوى دفعت المدعية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (25) من قرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة، على سند من سبق حسم المحكمة الدستورية العليا للمسألة الدستورية المعروضة وذلك بحكميها الصادر أولهما بجلسة 31 من يوليو 2005 فى القضية رقم 90 لسنة 21 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة الأول من يوليو سنة 2007 فى القضية رقم 70 لسنة 22 قضائية "دستورية".
وحيث إن هذا الدفع مردود؛ بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية لا يفارق نطاقها النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، أما غيرها مما لم يكن مطروحًا عليها ولم تفصل فيه فعلاً فلا تمتد إليه تلك الحجية، لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر فى القضية رقم 90 لسنة 21 قضائية "دستورية"، قد قضى: برفض الدعوى بعد أن حددت المحكمة نطاقها فيما نصت عليه المادة الأولى من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من تعريف للضريبة الإضافية، وكذلك نصًا الفقرة الأولى من المادة (16) والفقرة الثالثة من المادة (32) من القانون ذاته، وكان الحم الصادر فى القضية رقم 70 لسنة 22 قضائية "دستورية"، قد قضى: برفض الدعوى محددًا نطاقها فى المادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، قبل تعديلها بقرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001، فإن هذين الحكمين تقتصر حجيتهما على النطاق المحدد بهما وحده، ولا تتجاوزها إلى ما سواه من مواد اللائحة التنفيذية، مما يتعين معه رفض هذا الدفع.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (25) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001 تنص على أن "تستحق ضريبة إضافية بواقع نصف فى المائة من قيمة الضريبة التى يتأخر سدادها عن المواعيد المحددة بالمادة السابقة عن كل أسبوع أو جزء منه يلى نهاية الفترة المحددة للسداد".
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك؛ وكانت المدعية تبتغى، فى دعواها الموضوعية، الحكم ببطلان إجراءات المطالبة بالضريبة الإضافية وبراءة ذمتها من أدائها، وكانت تلك الضريبة منصوصًا عليها فى الفقرة الأولى من المادة (25) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001، فإن مصلحتها تتحقق فى الطعن على هذا النص.
وحيث إن المدعية قصرت نعيها على النص المطعون عليه؛ فى أنه قد فرض ضريبة إضافية بواقع نصف فى المائة من قيمة الضريبة الأصلية التى لم تسدد، حال كونه صادرًا بقرار من وزير المالية وليس بقانون من السلطة التشريعية، مخالفًا، فى هذا، نص المادتين (119 و120) من دستور سنة 1971، التى أقيمت الدعوى الدستورية فى ظل سريان أحكامه.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها، وأيًا كان تاريخ العمل بها، لأحكام الدستور القائم، لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد فى مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية، ومن ثم فإن هذه المحكمة سوف تباشر رقابتها القضائية على النص المطعون عليه فى ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية، والتى أوجبت المادة (38) منه، فى فقرتها الثانية، أن يكون إنشاء الضرائب العامة، وتعديلها، وإلغاؤها، قانون.
وحيث إن من المقرر أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة؛ إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنًا تحديد وعائها، وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين أصلاً بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها، وتحصيلها وتوريدها،وكيفية أدائها، وضوابط تقادمها، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضًا عليها، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها؛ إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون. وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام، متخذًا من العدالة الاجتماعية، وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور، مضمنونًا وإطارًا، وهو ما يعنى بالضرورة، أن يحق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها، فى تحصلها وفق أسس موضوعية يكن إنصافها نافيًا لتحيفها، وحيدتها ضمانًا لاعتدالها.
متى كان ما تقدم، وكانت الضريبة الإضافية قد تقررت، وعاءً وقدرًا، بالمادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وهو تشريع سنته السلطة التشريعية، حين أبانت الفقرة الثالثة من المادة (32) من القانون ذاته، مقروءة مع باقى فقراتها، قواعد ربطها والملتزم بأدائها والمسئول عنها، وتكلفت باقى مواد القانون ببسط سائر العناصر المتعلقة ببنيانها، ومن ثم تتوافر لهذه الضريبة الإضافية شروطها الموضوعية والشكلية معًا على النحو الذى تطلبته المادة (38) من الدستور.
ومن حيث إن الأصل فى اللوائح التنفيذية أنها تفصل ما ورد إجمالاً النصوص القانونية، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. وكان النص المطعون عليه، وقد ورد فى اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 749 لسنة 2001 بموجب التفويض المنصوص عليه فى المادة الخامسة من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات، وعلى خلاف ما زعمته المدعية، ليس هو النص الذى فرض الضريبة الإضافية، والتى تقررت بقانون على نحو ما سلف، ولم يستحدث حكمًا جديدًا يتعلق ببنيان الضريبة، بل هو محض ترديد لأحكام المادتين (1) و(32/ 3) من قانون الضريبة العامة للمبيعات، ومن ثم يكون ما تنعاه المدعية على النص المطعون عليه غير سديد.
وحيث إن النص المطعون عليه لا يتعارض مع أى نص آخر من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة