الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر ( أ ) - السنة التاسعة والخمسون
9 شعبان سنة 1437هـ، الموافق 16 مايو سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مايو سنة ٢٠١٦م، الموافق الثلاثين من رجب سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 19 لسنة 37 قضائية "تنازع".

المقامة من

السيد وزير المالية.

ضـد

الممثل القانونى لمكتب كابو للمشروعات الزراعية.


الإجراءات

بتاريخ الثالث والعشرين من يونيو سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا, بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية بجلسة 27/ 11/ 2014، والمؤيِّد للحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 مدنى كلى بجلسة 27/ 2/ 2006، وذلك لحين الفصل فى موضوع التنازع، وفى الموضوع الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 12701 لسنة 62 قضائية بجلسة 29/ 12/ 2009، دون الحكم الصادر من محكمة النقض المشار إليه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث قدمت الشركة المدعى عليها مذكرة بدفاعها التمست فيها الحكم بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى المشار إليه، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 مدنى كلى ضد المدعى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلزام مصلحة الجمارك برد مبلغ 9687550 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، قولاً منها: إنها تزاول نشاطها فى مجال الاستيراد، وأن مصلحة الجمارك قامت بتحصيل رسوم خدمات إضافية عن الرسائل التى استوردتها عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة تلك الرسائل، تنفيذًا لقرارى وزير المالية رقم 250 لسنة 1993، و752 لسنة 1997، الصادرين طبقًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وبجلسة 5/ 9/ 2004 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" والذى قضى "أولاً: بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقرار رئيس الجمهورية. ثانيًا: سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. ثالثًا: سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993, وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997"، ونشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم (38) تابع ( أ ) بتاريخ 16/ 9/ 2004، ومن ثم غدا تحصيل المصلحة لهذه الرسوم غير مستند إلى أساس قانونى. وبتاريخ 18/ 8/ 2005 تقدمت الشركة بطلب إلى لجنة فض المنازعات التى أوصت بسقوط حق الشركة الطالبة فى استرداد رسوم الخدمات المطالب بها، مما حدا بالشركة إلى إقامة دعواها سالفة الذكر توصلاً للقضاء لها بطلباتها، وبجلسة 27/ 2/ 2006 قضت تلك المحكمة بإلزام وزير المالية بصفته بأن يرد للشركة مبلغ 9572601.08 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 1/ 11/ 2005 وحتى تمام السداد، وذلك على سند من أن القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية - سند المطالبة بهذه الرسوم - يؤدى إلى انعدام الأساسى القانونى الذى تم تحصيل هذه الرسوم بناءً عليه، بما يوجب القضاء بردها، وقد طعن على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1071 لسنة 123 قضائية، وبجلسة 16/ 1/ 2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، فطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية, وبجلسة 27/ 11/ 2014 قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 10171 لسنة 123ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، ومن جهة أخرى أقامت الشركة الدعوى رقم 12701 لسنة 62 قضائية ضد المدعى أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، بطلب القضاء بأحقية الشركة فى استرداد المبالغ التى سددتها كرسوم خدمات إضافية فرضتها مصلحة الجمارك استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك والقرارات المنفذة له والفوائد القانونية، على سند من أنها قامت باستيراد بضائع من الخارج السنوات من 1996 حتى 1998، وقامت مصلحة الجمارك بفرض مقابل خدمات إضافية عليها بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، وبجلسة 29/ 12/ 2009 قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسًا على القضاء بعدم دستورية النصوص التى قامت مصلحة الجمارك استنادًا إليها بتحصيل الرسوم، لا يوجب أحقية من سددها فى استردادها فى جميع الأحوال، ذلك أن الاسترداد يكون رهنًا بإثبات عدم التصرف فى الرسائل المستوردة إلى المستهلكين، وإضافة ما سدد من هذه الرسوم إلى ثمنها، وهو ما لم تقدم الشركة الدليل عليه، وإذ لم ترتضِ الشركة المدعية هذا الحكم طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 10129 لسنة 65 قضائية عليا فقضت بجلسة 27/ 2/ 2012 برفض الطعن. وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تناقضًا بين الحكمين المار ذكرهما، بما يتعذر تنفيذهما معًا، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا لنص البند ثالثًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع فى موضوعه، وتناقضًا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما يستوجب أن تتولى هذه المحكمة حسم التناقض الواقع بين الحكمين، بالمفاضلة بينهما على أساس قواعد الاختصاص الولائى، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى، وأحقهما بالتالى بالتنفيذ.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشروع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، وذلك بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن مجلس الدولة، الذى أسند البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على ذات النهج، فنص فى البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص البند السادس من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، الذى عقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، وقد أكدت المادة (190) من الدستور هذا الاختصاص حينما عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو فريضة مالية تستأدى جبرًا، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعى الذى فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن طلبها عوضًا عن كلفتها، وإن لم تكن بمقدارها.
وحيث إن النزاع - موضوع الحكمين محل التناقض الماثل - يدور حول أحقية الشركة المدعى عليها فى استرداد قيمة مقابل الخدمات الإضافية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل التى قامت باستيرادها خلال الأعوام من 1996 حتى 1998، وقامت مصلحة الجمارك بإلزامها بسدادها استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك، وقرارات وزير المالية المنفذة لها، إبان فترة سريان أحكام هذه النصوص والعمل بها، والتى كانت تقضى بتحصيل مقابل الخدمات الإضافية بالموانئ والمنافذ الجمركية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الواردة للبلاد بنسب محددة، لما كان هذا المقابل يفرض بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضًا، كمقابل للخدمات التى تقدمها الجمارك للرسائل المستوردة، وتستأدى من المستفيدين منها، ومن ثم فإنه يعد بحسب التكيف القانونى الصحيح له رسميًا تكميليًا، تسرى عليه الأحكام الخاصة بالرسوم فى شأن الاختصاص القضائى بنظر المناعات المتعلقة بها والفصل فيها، والذى ينعقد لجهة القضاء الإدارى، باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية، وقاضيها الطبيعى، ومن ثم فإن الحكم الصادر من جهة القضاء الإدارى يكون هو الأحق بالتنفيذ، مما يتعين معه القضاء بالاعتداد به.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية بجلسة 27/ 11/ 2014 المؤيِّد للحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 بجلسة 27/ 2/ 2006، فإن من المقرر أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو كليهما - هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذا تهيأ النزاع المعروض للفصل فى موضوعه - على ما تقدم - فإن الفصل فى طلب وقف التنفيذ يكون قد صار غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 29/ 12/ 2009 فى الدعوى رقم 12701 لسنة 62 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 27/ 11/ 2014 فى الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية، المؤيِّد للحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 27/ 2/ 2006 فى الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 مدنى كلى.

أمين السر رئيس المحكمة