الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر ( أ ) - السنة التاسعة والخمسون
9 شعبان سنة 1437هـ، الموافق 16 مايو سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مايو سنة ٢٠١٦م، الموافق الثلاثين من رجب سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 21 لسنة 37 قضائية "تنازع".

المقامة من

السيد وزير المالية.

ضـد

الممثل القانونى للشركة الدولية للفحم.


الإجراءات

بتاريخ الأول من يوليو سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا, بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية فى الاستئناف رقم 3177 لسنة 65 قضائية بجلسة 22/ 12/ 2009، والمؤيِّد للحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية فى الدعوى رقم 6727 لسنة 2005 مدنى كلى بجلسة 25/ 2/ 2009، وذلك لحين الفصل فى موضوع التنازع، وفى الموضوع الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 27940 لسنة 61 قضائية بجلسة 28/ 4/ 2011، دون الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية المشار إليه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت الدعوى رقم 6727 لسنة 2005 مدنى كلى ضد المدعى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، بطلب الحكم بإلزام مصلحة الجمارك برد مبلغ 470344.81 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، قولاً منها: إنها تزاول نشاطها فى مجال الاستيراد، وأن مصلحة الجمارك قامت بتحصيل نسبة 3% من قيمة الرسائل التى استوردتها فى غضون الأعوام من 2002 حتى 2004 كمقابل الخدمات الإضافية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل، طبقًا لقرار وزير المالية رقم 255 لسنة 1993، وقراره رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997، الصادر جميعها طبقًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وبجلسة 5/ 9/ 2004 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" والذى قضى "أولاً: بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقرار رئيس الجمهورية. ثانيًا: سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. ثالثًا: سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993, وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997"، ونشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم (38) تابع ( أ ) بتاريخ 16/ 9/ 2004، وبالتالى غدا تحصيل المصلحة لهذه الرسوم غير مستند إلى أساس قانونى. وبتاريخ 23/ 9/ 2004 تقدمت الشركة بطلب إلى لجنة فض المنازعات التى التى قررت عدم قبوله، مما حدا بالشركة إلى إقامة دعواها سالفة الذكر توصلاً للقضاء لها بطلباتها. وبجلسة 14/ 1/ 2009 عدلت الشركة طلباتها فى مواجهة الحاضر عن الدولة، وقصرتها على المبالغ الواردة بالشهادتين المقدمتين منها والصادرتين من مصلحة الجمارك. وبجلسة 25/ 2/ 2009 قضت المحكمة بإلزام وزير المالية بصفته بأن يرد للشركة مبلغ 620637 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 9/ 7/ 2005 وحتى تمام السداد، وذلك على سند من أن القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية سند المطالبة بهذه الرسوم, يؤدى إلى انعدام الأساسى القانونى الذى تم تحصيل هذه الرسوم بناءً عليه، بما يوجب القضاء بردها، وإذ طُعن على هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 3177 لسنة 65 قضائية، فقضت بجلسة 22/ 12/ 2009 بتعديل الحكم المستأنف وإلغاء الفوائد القانونية المقضى بها، وتأييده فيما عدا ما تقدم، تأسيسًا على توافر حسن النية لدى مصلحة الجمارك عند تسليمها للمبالغ محل النزاع استنادًا للنصوص المقضى بعدم دستوريتها، وبالتالى لا تلتزم بأداء فوائد قانونية عنها، فطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 2981 لسنة 80 قضائية، ومن جهة أخرى أقامت الشركة المدعى عليها الدعوى رقم 27940 لسنة 61 قضائية ضد المدعى وآخر أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، بطلب القضاء بأحقية الشركة فى استرداد المبالغ التى سددتها كرسوم خدمات إضافية فرضتها مصلحة الجمارك استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك والقرارات المنفذة له والفوائد القانونية، على سند من أنها قامت باستيراد بضائع على شكل رسائل جمركية خلال السنوات من 2002 حتى 3004، وقامت مصلحة الجمارك بفرض مقابل خدمات إضافية عليها بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون. وبجلسة 28/ 4/ 2011 قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسًا على القضاء بعدم دستورية النصوص التى قامت مصلحة الجمارك استنادًا إليها بتحصيل الرسوم، لا يوجب أحقية من سددها فى استردادها فى جميع الأحوال، ذلك أن الاسترداد يكون رهنًا بإثبات عدم التصرف فى الرسائل المستوردة إلى المستهلكين، وإضافة ما سدد من هذه الرسوم إلى ثمنها، وهو ما لم تقدم الشركة الدليل عليه، وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تناقضًا بين الحكمين المار ذكرهما، بما يتعذر تنفيذهما معًا، فقد أقام دعواه الماثلة طالبًا الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 28/ 4/ 2011 فى الدعوى قم 27940 لسنة 61 قضائية.
وحيث إن الشركة المدعى عليها دفعت بعدم قبول هذه الدعوى، تأسيسًا على أن النزاع مازال مرددًا أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع مردود: أولاً: بأن مناطق قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا لنص البند ثالثًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع فى موضوعه، وتناقضًا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما يستوجب أن تتولى هذه المحكمة حسم التناقض الواقع بين الحكمين، بالمفاضلة بينهما على أساس قواعد الاختصاص الولائى، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى، وأحقهما بالتالى بالتنفيذ.
ومردود ثانيًا: بأن الطعن بالنقض فى الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 22/ 12/ 2009 فى الاستئناف رقم 3177 لسنة 65 قضائية، وهو أحد حدى التناقض، لا ينال من نهائية هذا الحكم وقابليته للتنفيذ، إذ لا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذه طبقًا لنص المادة (251) من قانون المرافعات.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشروع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، وذلك بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن مجلس الدولة، الذى أسند البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على ذات النهج، فنص فى البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص البند السادس من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، الذى عقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، وقد أكدت المادة (190) من الدستور هذا الاختصاص حينما عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو فريضة مالية تستأدى جبرًا، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعى الذى فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن طلبها عوضًا عن كلفتها، وإن لم تكن بمقدارها.
وحيث إن النزاع - موضوع الحكمين محل التناقض الماثل - يدور حول أحقية الشركة المدعى عليها فى استرداد قيمة مقابل الخدمات الإضافية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل التى قامت باستيرادها خلال الأعوام من 2002 حتى 2004، وقامت مصلحة الجمارك بإلزامها بسدادها استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك، وقرار وزير المالية رقم 255 لسنة 1993، وكذا قراره رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1999 و752 لسنة 1997، إبان فترة سريان أحكام هذه النصوص والعمل بها، والتى كانت تقضى بتحصيل مقابل الخدمات الإضافية بالموانئ والمنافذ الجمركية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل الواردة للبلاد بنسب محددة أصبحت بمقتضى قرار وزير المالية الأخير بواقع 2% من قيمة الرسائل الخاضعة لفئة ضريبية من 5% حتى 30% و3% من قيمة الرسائل الخاضعة لفئة ضريبة أكثر من 30% ولما كان هذا المقابل يفرض بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضًا, كمقابل للخدمات التى تقدمها الجمارك للرسائل المستوردة، وتستأدى من المستفيدين منها، ومن ثم فإنه يعد بحسب التكييف القانونى الصحيح له رسمًا تكميليًا، تسرى عليه الأحكام الخاصة بالرسوم فى شأن الاختصاص القضائى بنظر المناعات المتعلقة بها والفصل فيها، والذى ينعقد لجنة القضاء الإدارى، ولا يغير من ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المتقدمة، وما يستتبعه ذلك من سقوط الأساس القانونى لفرض هذه الرسوم، ذلك أن إعمال أثر هذا القضاء على وقائع النزاع الموضوعى يظل منعقدًا للقاضى المختص بالفصل فى المنازعات المتعلقة بتلك الرسوم، ومن ثم فإن النزاع الماثل يدخل فى عداد المنازعات الإدارية التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة، باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية، وقاضيها الطبيعى، ومن ثم فإن الحكم الصادر من جهة القضاء الإدارى يكون هو الأحق بالتنفيذ، مما يتعين معه القضاء بالاعتداد به.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية آنف الذكر، فإن من المقرر أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو كليهما - هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذا تهيأ النزاع المعروض للفصل فى موضوعه - على ما تقدم - فإن الفصل فى طلب وقف التنفيذ يكون قد صار غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 28/ 4/ 2011 فى الدعوى رقم 27940 لسنة 61 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 25/ 2/ 2009 فى الدعوى رقم 6727 لسنة 2005 مدنى كلى، والحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 22/ 2/ 2009 فى الاستئناف رقم 3177 لسنة 65 قضائية.

أمين السر رئيس المحكمة