الجريدة الرسمية - العدد 39 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
2 المحرم سنة 1438هـ، الموافق 3 أكتوبر سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع والعشرين من سبتمبر سنة ٢٠١٦م، الموافق الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 34 لسنة 37 قضائية "تنازع".

المقامة من

السيد/ أسامة يونان ثروت إبراهيم.

ضـد

1 - السيد المستشار رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.
2 - السيد المستشار/ أحمد إبراهيم سليمان النجار - نائب رئيس محكمة النقض ورئيس دائرة السبت (د) مدنى.
3 - السادة المستشارين نواب رئيس محكمة النقض:
أ - السيد المستشار/ عبد الله لبيب محمود خلف.
ب - السيد المستشار/ محمود محمد محمد العيسوى.
ج - السيد المستشار/ زكريا إسماعيل على عبد العال.
د - السيد المستشار/ د. أحمد مصطفى حسين الوكيل.
هـ - السيد المستشار/ حازم المهندس سيد محمد قنديل.
و - السيد المستشار/ أسامة جعفر محمد السيد إسماعيل.
ز - السيد المستشار/ نور الدين عبد الله جامع السيد.
ح - السيد المستشار/ محمد أمين عبد النبى أحمد.
4 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
5 - السيد المستشار وزير العدل.


الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 2015، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، صحيفة الدعوى الماثلة، طلبًا للحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر الطعن المقام أمام محكمة النقض؛ والمحكمة الإدارية العليا، على قرار رئيس محكمة النقض بإحالته الطعن رقم 18592 لسنة 84ق نقض إلى دائرة السبت (د) المدنية بمحكمة النقض، وطلب الرد المرتبط به رقم 17777 لسنة 85ق.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى، بصفته صاحب مكتب وى أركتيك (المعمارى الصغير) كان مدعيًا بالحق المدنى فى عدد من جنح استئناف أعمال بناء برج سكنى بنطاق حى شرق بمحافظة الإسكندرية، مقيدة ضد أحمد محمد على، وآخرين، ومنظورة أمام محكمة جنح مستأنف الرمل، وقام بتقديم طلبات رد قضاة محكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وذلك أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيدت بالأرقام 47، 69، 70، 72، 73، 74، 76 لسنة 70ق - رد استئناف عالى الإسكندرية، وقد قضى فيها جميعًا بالرفض والغرامة. وإذ لم يرتض المدعى تلك الأحكام، فقد قام بالطعن عليها أمام محكمة النقض بالطعن رقم 18592 لسنة 84ق، وبتاريخ 6/ 12/ 2014، تقدم بطلب إلى رئيس محكمة النقض لتحديد جلسة لنظر الشق المستعجل من ذلك الطعن، فأشر بتاريخ 31/ 1/ 2015، بإحالة الطعن إلى دائرة جلسة السبت (د) المدنية لنظره بجلسة 16/ 5/ 2015، وإذ قدّر المدعى أن هذه الإحالة قد جاءت بالمخالفة لنص المادة (157) من قانون المرافعات، التى توجب نظر طلب الرد فى الحكم الصادر فى الدعوى الأصلية، وهى دعوى جنائية، أمام إحدى الدوائر الجنائية بمحكمة النقض. ومع ذلك، فقد تمسكت دائرة السبت (د) المدنية بمحكمة النقض باختصاصها بنظر ذلك الطعن، مما حدا بالمدعى إلى التقدم، بجلسة 3/ 10/ 2015، بطلب رد قضاة تلك الدائرة، وقيد الطلب برقم 17777 لسنة 85ق أمام دائرة الاثنين (ب) المدنية، بطلب الحكم ببطلان وانعدام قرار رئيس محكمة النقض بتحديد دائرة السبت (د) المدنية لنظر الطعن رقم 18592 لسنة 84ق، والطعن بتزوير هذا القرار، وبعدم دستورية المادة (158 مكرر) من قانون المرافعات، وتعارضها مع قانون السلطة القضائية، وإحالة الطعن إلى إحدى الدوائر الجنائية بمحكمة النقض للاختصاص. كما تقدم إلى تلك الدائرة بعديد من الطلبات إلا أنها التفتت عنها جميعًا، وقررت حجز الطعن للحكم بجلسة 7/ 12/ 2015. ومن جهة أخرى، وبتاريخ 15/ 10/ 2015، أقام المدعى الطعن رقم 2297 لسنة 62ق، "عليا" أمام المحكمة الإدارية العليا، ضد رئيس محكمة النقض، وقضاة دائرة السبت (د) المدنية، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار الصادر من رئيس محكمة النقض بتاريخ 31/ 1/ 2015، بتحديد دائرة السبت (د) المدنية لنظر الطعن رقم 18592 لسنة 84ق، وبطلان هذا القرار، وإحالة الطعن لإحدى الدوائر الجنائية لنظره مع الطعن فى الدعاوى الأصلية. وفى الموضوع، بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ ارتأى المدعى، أن ثمة تنازعًا على الاختصاص بين محكمة النقض، والمحكمة الإدارية العليا، بنظر الطعن على قرار رئيس محكمة النقض الصادر بتاريخ 31/ 1/ 2015، بإحالة الطعن رقم 18492 لسنة 84ق إلى دائرة السبت (د) المدنية، فقد أقام الدعوى الماثلة، طالبًا تحديد جهة القضاء المختصة بنظر النزاع. وإبان تداول الدعوى أمام هذه المحكمة، وبجلسة 7/ 5/ 2016، طلب الحاضر عن المدعى رد السيد المستشار عوض عبد الحميد، الرئيس بهيئة المفوضين بها، وتقدم بمذكرتين، طلب فيهما التأجيل لاتخاذ إجراءات طلب الرد والمخاصمة والتقرير به ودفع الرسوم المقررة، والتصريح له بإيداع مذكرة تكميلية فى الميعاد الذى تحدده المحكمة لذلك.
وحيث إنه عن طلب الرد المبدى من الحاضر عن المدعى بجلسة 7/ 5/ 2016، فمردود: بأن ولاية هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا - وفقًا لما جرى عليه قضاؤها - مختلفة فى طبيعتها ومداها عن ولاية الفصل فى الخصومة. ولا يعتبر أعضاؤها بالتالى مخاطبين بالنصوص التى تحدد الأحوال التى يعتبر فيها القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها. هذا فضلاً عن أن التقارير التى تعدها الهيئة - فيما يعرض عليها من مسائل - لا تعتبر من قبيل قضاء الحكم، وليس من شأ،ها أن تؤثر فى العقيدة التى تطمئن إليها المحكمة فيما تفصل فيه، أو أن توجهها وجهة بذاتها، أو تقيدها فيما تخلص إليه وإنما مرد الأمر إلى قناعتها هى على ضوء ما تراه كاشفًا عن حكم الدستور والقانون. وليس لجهة بالتالى أن تبدل ما تراه حقًا، أو أن تؤثر فى اتجاهها، أو أن تفرض عليها تصورًا يناقض مفهومها للحقائق الموضوعية والحلول القانونية التى تستخلصها بنفسها، وإنما كلمتها هى القول الفصل والحقيقة الراجحة التى يقوم عليها قضاؤها، عائدة - فى منابتها واتصال حلقاتها - إليها. والتقارير التى تعدها هيئة المفوضين، لا تعدو أن تكون أحد عناصر بحثها، بل هى تنحيها إذا بدا لها افتقارها إلى الدعامة التى تحملها.
وحيث إنه عن طلب المخاصمة فمردود: بأن المادة (495) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير فى قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضى أو عضو النيابة يوقعه الطالب أو يوكله فى ذلك توكيلاً خاصًا، وعلى الطالب عند التقرير أن يودع خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة........". ومقتضى ذلك أن المشرع اشترط لقبول دعوى المخاصمة أن يتم التقرير بها فى قلم كتاب المحكمة التى يتبعها القاضى، وأن يتم توقيع التقرير من الطالب نفسه، أو عن طريق من يوكله فى ذلك توكيلاً خاصًا لهذا الغرض يرفق بالتقرير، وأن يودع الطالب عند التقرير الكفالة التى عينها القانون. وغنى عن البيان، أن هذه الإجراءات تعد قواعد حتمية يوجب القانون مراعاتها ضمانًا لضبط سير التداعى فى مثل هذه الدعاوى، ولكفالة حق القاضى فى إبداء دفاعها فيها، ودحض الاتهامات المنسوبة إليه، حتى لا تكون سبيلاً لحصاره فى كل ما يتصل بتصرفاته، على نحو يؤثر سلبًا على سير مرفق العدالة وأدائه لرسالته فى المجتمع. ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن التوكيل الرسمى العام الصادر لوكيل المدعى لا يبيح له التقرير المخاصمة، فضلاً عن أن الدعوى لم يتم التقرير بها فى قلم كتاب المحكمة، ولم يودع المدعى الكفالة المقررة قانونًا؛ وذلك كله بالمخالفة للضوابط الآمرة التى قدرها المشرع فى هذا الشأن؛ فإنه لا مناص من الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى:
أولاً:............................
ثانيًا: الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، وذلك إذا رُفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.........".
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص طبقًا لنص البند "ثانيًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخليان معًا عنها، فإذا كان تنازعهما إيجابيًا؛ لزم أن تكون المنازعة قائمة فى وقت واحد أمام الجهتين القضائيتين أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وأن تستمر كل منهما متمسكة باختصاصها بنظرها إلى وقت رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعى، وإن قدم ما يفيد إقامة الطعن رقم 2297 لسنة 62ق، أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بمجلس الدولة، إلا أنه لم يقدم ما يفيد تمسك هذه المحكمة باختصاصها. ومن ثم، تكون الدعوى الماثلة مفتقدة شرائط قبولها، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

أمين السر رئيس المحكمة